ملخص
اتهمت حسينة المعارضة بالتحريض على الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي هزت العاصمة دكا منذ أواخر أكتوبر الماضي وأسفرت عن مقتل 14 شخصاً في الأقل
أعلنت مفوضية الانتخابات في بنغلاديش اليوم الإثنين أن رئيسة الوزراء الشيخة حسينة فازت برابع فترة ولاية على التوالي بعد أن حصل حزبها على الغالبية المطلقة وسط انخفاض نسبة الإقبال على الانتخابات العامة التي قاطعتها المعارضة الرئيسة.
ومن بين 264 مقعداً من أصل 300 مقعد صدرت نتائجها، فاز حزب "رابطة عوامي" بزعامة حسينة بـ204 مقاعد، وحزب "جاتيا" المتحالف معه بتسعة مقاعد أخرى، وفقاً لنتائج جمعتها قناة "سوموي تي في"، أكبر شبكة إخبارية خاصة في البلاد. ولم تعلن نتائج بقية المقاعد بعد.
وقال مسؤولون محليون إن بين الفائزين قائد فريق الكريكت البنغلاديشي، شكيب الحسن، الذي فاز بمقعده عن حزب حسينة بغالبية ساحقة.
دعوة إلى المقاطعة
وقاطع حزب المعارضة الرئيس "الحزب القومي البنغلاديشي" (شارك في انتخابات عام 2018، لكنه لم يشارك في 2014)، بعد أن رفضت حسينة مطالبه بالاستقالة والسماح لسلطة محايدة بإدارة الانتخابات.
ودعا الحزب القومي إلى إضراب لمدة يومين في جميع أنحاء البلاد حتى أمس الأحد، مطالباً الناس بمقاطعة الانتخابات.
واتهمت حسينة المعارضة بالتحريض على الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي هزت العاصمة دكا منذ أواخر أكتوبر (تشرين الأول) وأسفرت عن مقتل 14 شخصاً في الأقل.
وعزف البنغلاديشيون إلى حد كبير عن المشاركة في الانتخابات العامة التي جرت أمس الأحد، وشابتها أعمال عنف. وقال قاضي حبيب الأول، كبير مفوضي الانتخابات، إن نسبة المشاركة بلغت نحو 40 في المئة عند إغلاق صناديق الاقتراع، مقارنة بأكثر من 80 في المئة في الانتخابات الأخيرة في عام 2018.
نمو اقتصادي
وشهدت بنغلاديش، الدولة الثامنة في العالم لجهة عدد السكان (نحو 170 مليون نسمة) نمواً اقتصادياً قوياً تحت قيادة حزب "رابطة عوامي" بزعامة حسينة، وكانت تعاني فقراً مدقعاً، لكن الحكومة واجهت اتهامات بانتهاكها حقوق الإنسان مرات عدة وقمعها المعارضة بأساليب عنيفة.
ولم يواجه حزب "رابطة عوامي" أي معارضين تقريباً في الدوائر الانتخابية التي تنافس فيها، لكنه أحجم عن تسمية مرشحين في عدد منها، لكي لا يعد البرلمان أداة يتحكم بها حزب واحد.
ودعت حسينة (76 سنة) المواطنين إلى الاقتراع تعبيراً عن إيمانهم بالعملية الديمقراطية، لكن المسؤولين عن الانتخابات قالوا إن التقارير الأولية تشير إلى نسبة مشاركة ضئيلة بلغت نحو 40 في المئة.
تهمة الإرهاب
وقالت حسينة للصحافة بعيد الإدلاء بصوتها "الحزب القومي البنغلاديشي منظمة إرهابية. أبذل قصارى جهدي لضمان استمرار الديمقراطية في هذا البلد".
وقال أميت بوز (21 سنة) الذي اقترع للمرة الأولى، إنه أدلى بصوته لصالح "مرشحه المفضل"، حاضاً الآخرين على أن يحذوا حذوه، لكن كثراً أكدوا أنهم لم يشاركوا نظراً إلى أن النتيجة محسومة سلفاً.
وقال محمد سيدور (31 سنة)، "عندما يشارك حزب ولا يشارك الآخر، لِمَ أصوِّت؟".
اتهامات بالتزوير
بدوره، أعرب زعيم "الحزب القومي" طارق رحمن متحدثاً من منفاه في بريطانيا عن قلقه من حشو صناديق الاقتراع. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية، "أخشى أن ترفع لجنة الانتخابات نسب المشاركة باستخدام أصوات زائفة".
وكتب على وسائل التواصل الاجتماعي "ما حدث لم يكن انتخابات، بل وصمة عار على تطلعات بنغلاديش الديمقراطية"، مؤكداً أنه شاهد "صوراً ومقاطع فيديو مقلقة" تدعم أقواله.
وانتشرت تقارير على نطاق واسع أشارت إلى لجوء السلطات لتكتيكات الترغيب والترهيب لدفع الناخبين إلى المشاركة في التصويت بهدف تعزيز شرعية الاقتراع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ضغوط على الناخبين
وذكر بعض الناخبين في وقت سابق أنهم تلقوا تهديدات بمصادرة بطاقات الإعانات الحكومية الخاصة بهم، والتي تعد ضرورية للحصول على مساعدات اجتماعية، إذا رفضوا التصويت لحزب "رابطة عوامي".
وقال لال ميا (64 سنة) الذي أدلى بصوته في منطقة فريدبور في وسط البلاد لوكالة الصحافة الفرنسية، "قالوا لي إنهم سيصادرون بطاقتي إذا لم أصوِّت. قالوا إن علينا التصويت لصالح الحكومة لأنها تعيلنا".
ونظم "الحزب القومي البنغلاديشي" وغيره من الأحزاب احتجاجات على مدى أشهر العام الماضي للمطالبة بتنحي حسينة قبل الانتخابات.
وفضت الشرطة في مدينة شيتاغونغ الساحلية احتجاجاً للمعارضة، الأحد، بإطلاق النار وقنابل الغاز المسيل للدموع، لكن المسؤولين عن الانتخابات قالوا إن عملية التصويت جرت بسلام إلى حد كبير، مع نشر نحو 800 ألف من عناصر الشرطة والجيش في كل أنحاء البلاد.
وقالت ميناكشي غانغولي من منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الأحد، إن "الحكومة فشلت في طمأنة أنصار المعارضة بأن الانتخابات ستكون نزيهة"، محذرةً من أن "كثراً يخشون مزيداً من القمع".
لمحة تاريخية
ولطالما هيمنت على المشهد السياسي في بنغلاديش، المنافسة بين حسينة، ابنة مؤسس للبلاد، وخالدة ضياء، وهي زوجة مسؤول عسكري سابق تولت رئاسة الحكومة مرتين.
وعادت حسينة إلى السلطة في عام 2009 إثر انتخابات حققت فيها فوزاً كاسحاً وتخللتها مخالفات واسعة واتهامات بالتزوير.
وأدينت ضياء (78 سنة) بالفساد في عام 2018 وتخضع حالياً للعلاج في مستشفى في دكا فيما يتولى نجلها طارق رحمن قيادة "الحزب القومي" مكانها من منفاه في لندن. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن حزبه وعشرات الأحزاب الأخرى رفضت المشاركة في انتخابات نتائجها "محسومة سلفاً".
واتهمت الشيخة حسينة "حزب بنغلاديش القومي" المعارض بإشعال حرائق وبأعمال تخريب خلال احتجاجات قتل فيها عدد كبير من الأشخاص في مواجهات مع الشرطة.
ولطالما اتهمت قوات الأمن الحكومية بتنفيذ عمليات قتل غير مشروعة والضلوع في حالات اختفاء قسري، وهو أمر تنفيه.
صعوبات اقتصادية
وفرضت الولايات المتحدة، أكبر سوق لصادرات بنغلاديش، عقوبات على وحدة من الشرطة والقادة التابعين لها.
وأدت الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها البلاد إلى استياء في أوساط كثيرة، من حكومة حسينة بعد ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية وانقطاع الكهرباء لفترات طويلة في عام 2022.
وأثار بقاء الأجور على حالها في قطاع صناعة الملابس، الذي يسهم في نحو 85 في المئة من صادرات البلاد السنوية، البالغ قدرها 55 مليار دولار، اضطرابات في القطاع أواخر العام الماضي، أضرمت النيران خلالها في بعض المعامل فيما أغلقت مئات المصانع الأخرى.
وقال بيار براكاش من "مجموعة الأزمات الدولية" إن شعبية حكومة حسينة "تراجعت عما كانت عليه قبل بضع سنوات، لكن الخيارات الانتخابية الفعلية أمام البنغلاديشيين محدودة"، وهو ما اعتبره "مزيجاً ينذر بالخطر".