ملخص
مع دخول حرب غزة شهرها الرابع... ماذا تحمل زيارة بلينكن إلى السعودية؟
التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، اليوم الإثنين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، قبيل توجهه إلى إسرائيل، في إطار جولته المكثفة في المنطقة للسعي إلى تجنب تحول الحرب في قطاع غزة إلى صراع إقليمي.
وجاء اللقاء في مدينة العلا التاريخية التي تضم مواقع مدرجة على لائحة التراث العالمي لمنظمة الـ"يونيسكو".
تأتي زيارة بلينكن التي سبقتها تصريحات أميركية حول أهميتها، حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، الخميس الماضي، إن هذه الزيارة "ستناقش التعاون الاستراتيجي الأميركي- السعودي في القضايا الإقليمية والعالمية ومجموعة من القضايا الثنائية، بما في ذلك التعاون الاقتصادي والأمني".
وتعد زيارة السعودية ضمن جولة إقليمية بدأها بلينكن من تركيا، وشملت أيضاً اليونان والأردن وقطر والإمارات، للتحذير من أن الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" الفلسطينية التي دخلت شهرها الرابع قد "تنتشر".
ولهذه الجولة، وهي الرابعة لبلينكن منذ اندلاع الحرب في غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ثلاثة أهداف بحسب مسؤولين أميركيين، وهي تجنب تصعيد الصراع، وخصوصاً منع التوترات بين إسرائيل و"حزب الله" اللبناني من الخروج عن السيطرة، والضغط على إسرائيل للدخول في مرحلة جديدة من حملتها العسكرية على غزة، والدخول في حوار "صعب" حيال مرحلة ما بعد الحرب.
وينتظر أن يصل بلينكن، مساء اليوم الإثنين، إلى تل أبيب حيث يلتقي، غداً الثلاثاء، مسؤولين إسرائيليين، قبل أن ينتقل إلى الضفة الغربية المحتلة، الأربعاء، ومن ثم مصر.
البحر الأحمر
وبحسب توقعات المراقبين فإنه في العلا حازت هجمات الحوثيين اليمنيين على السفن في البحر الأحمر التي تعكر صفو التجارة العالمية على موضع نقاش بين بلينكن وولي العهد السعودي.
ومنذ أسابيع، يشن الحوثيون هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ تستهدف سفناً يعتبرونها مرتبطة بإسرائيل أو تلك التي يشتبهون في أنها متجهة إلى موانئ إسرائيلية، قرب مضيق باب المندب الاستراتيجي عند الطرف الجنوبي للبحر الأحمر.
ووضعت هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر مشغلي ناقلات النفط في مواجهة حسابات غير مرحب بها، إما قبول أخطار الإبحار عبر باب المندب وبحر العرب أو خسارة أعمالهم.
وعلى رغم الهجمات وأخطار وقوع مزيد، تصر بعض شركات النفط على أن السفن التي تستأجرها تسلك هذا الطريق بدلاً من القيام برحلة حول أفريقيا، مما قد يتطلب أسبوعين إضافيين بكلفة أعلى.
وقال رئيس الأبحاث العالمية في شركة "برايمار"، وهي شركة وساطة للسفن في لندن، هنري كورا، لصحيفة "نيويورك تايمز"، إن مالكي الناقلات "يمكنهم القيام بالرحلة أو عدم القيام بها".
وحذرت 12 دولة على رأسها الولايات المتحدة، الحوثيين المدعومين من إيران من عواقب لم تحددها، ما لم يوقفوا فوراً هجماتهم على السفن في البحر الأحمر.
عودة المفاوضات
وفي سياق متصل، وعلى رغم ضبابية مسألة العودة إلى المناقشات بين إسرائيل والسعودية حيال احتمالية وصل العلاقات برعاية أميركية، يبقى الموضوع في الأروقة الخلفية لزيارة بلينكن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
فقبل نشوب الحرب في غزة، شهدت المفاوضات بين الطرفين تقدماً ملحوظاً، حتى إن بلينكن كان منتظراً حينها في السعودية لإجراء مناقشات تفصيلية حول هذا الموضوع.
لكن الولايات المتحدة، بحسب مسؤول أميركي رفيع المستوى طلب عدم كشف هويته، لم تفقد هدفها على المدى الطويل، مشيراً إلى أن اللقاء مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان سيتيح معرفة رأي السعوديين بالمسألة حالياً.
لم تعترف السعودية أبداً بإسرائيل، ولم تنضم إلى اتفاقات أبراهام الموقعة في 2020 برعاية أميركية بين إسرائيل، وكل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب.
وقبيل توجهه إلى السعودية، التقى بلينكن، اليوم الإثنين، في أبوظبي الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وأفادت وكالة أنباء الإمارات "وام" أنه جرى البحث في "التطورات في منطقة الشرق الأوسط بخاصة المستجدات في الأراضي الفلسطينية المحتلة والتداعيات الخطرة للأزمة في قطاع غزة على السلام والاستقرار والأمن في المنطقة".
وأمام أكثر من 22800 قتيل في غزة غالبيتهم نساء وأطفال، بحسب وزارة الصحة التابعة لحركة "حماس" في القطاع المحاصر منذ أكثر من 16 عاماً، يرى بلينكن أن "الأكثر أهمية أن تهدف العمليات العسكرية في ظل استمرارها، إلى حماية المدنيين والسماح بوصول المساعدات الإنسانية لمن يحتاج إليها وليس العكس".
ويبذل وزير الخارجية الأميركي جهوداً كبيرة في جولته، لمعرفة كيف يمكن لكل دولة المساهمة في مرحلة ما بعد الحرب، إن كان في ما يتعلق بإعادة الإعمار في غزة أو بالحوكمة فيها، ويشير إلى أنه "خلال المناقشات حتى الآن، يبدي شركاؤنا استعدادهم لخوض هذه المحادثات الصعبة واتخاذ القرارات الصعبة".
الزيارة الراهنة
وحول أهمية الزيارة، وصف رئيس مركز الخليج للأبحاث عبدالعزيز بن صقر "الزيارة الراهنة بأنها تأتي في سياق مختلف، حيث تجاوز الواقع الحديث عن التهدئة أو إدخال المساعدات، فالأيام الأخيرة شهدت اتساع نطاق الحرب، وهي المخاوف التي كانت مثارة منذ اليوم الأول للعدوان".
وأشار في مقاله بصحيفة "الشرق الأوسط"، أمس الأحد، إلى أن من بين ما سيطلبه بلينكن من القيادة السعودية، الضغط على إيران لعدم اتساع نطاق الحرب وعدم تهديد المصالح الأميركية، في المقابل أن المطالب السعودية حاسمة في تأكيد الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل لإيقاف الحرب على غزة، والكف نهائياً عن موضوع تهجير سكان القطاع، وتعزيز أمن البحر الأحمر كونه مسؤولية أممية ودولية.