ملخص
وصل الدين الأميركي مستوى تاريخياً بعد تجاوزه 33 تريليون دولار للمرة الأولى في تاريخ أميركا
بشكل مفاجئ، حسم الحزبان الجمهوري والديمقراطي أزمة الموازنة الفيدرالية الأميركية للسنة المالية الحالية 2024، وجنبا الاقتصاد الأميركي إغلاقاً حكومياً كان متوقعاً في منتصف يناير (كانون الثاني) الجاري.
اتفق الحزبان على مستوى إنفاق فيدرالي يبلغ 1.6 تريليون دولار بعد أسابيع من المفاوضات، وأنهيا المخاوف من إغلاق المؤسسات الحكومية وعدم تمكن الموظفين من الحصول على رواتبهم وإعاناتهم الشهرية أو توقيف دورة المشاريع الحكومية.
مخاوف الإغلاق
سيطرت مخاوف الإغلاق في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي قبل أن يتفق الحزبان في اللحظات الأخيرة على تمرير قانون موقت يضمن تمرير موازنة لتجنب الإغلاق، لكن الاتفاق الجديد هو الأهم باعتباره حسم أزمة الموازنة للمتبقي من هذه السنة التي ستشهد انتخابات رئاسية.
وتعتبر قوانين الموازنة من الملفات الشائكة في الولايات المتحدة وتحدث انقساماً كبيراً بين الحزبين واستقطاباً سياسياً، إذ يريد الجمهوريون ضبط الإنفاق في الموازنة كي لا تتفاقم القروض الأميركية المطلوبة لتمويل عجز الموازنة، بينما يطالب الديمقراطيون بالتوسع في الإنفاق الرأسمالي الضروري لتحفيز الاقتصاد.
مستوى تاريخي للديون
وصل الدين الأميركي مستوى تاريخياً بعد تجاوزه 33 تريليون دولار للمرة الأولى في تاريخ أميركا، ويعتبر هذا المستوى ضخماً جداً، إذ يعادل تقريباً ديون ثلاث من الدول المصنفة كأعلى مديونية في العالم هي اليابان والصين وإيطاليا.
وسيضيف مبلغ الموازنة الجديد البالغ 1.6 تريليون دولار ديوناً جديدة، إذ تلجأ الحكومة إلى الاقتراض من طريق إصدار سندات لتمويل العجز في الموازنة، وسيشمل مبلغ الموازنة 886 مليار دولار للإنفاق الدفاعي و704 مليارات دولار للإنفاق غير الدفاعي.
اتفاق يزيح المتطرفين
وفي بيان مشترك، قال زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر وزعيم الديمقراطيين في مجلس النواب حكيم جيفريز إن "من خلال ضمان مبلغ يتجاوز 700 مليار دولار للتمويل التقديري غير الدفاعي يمكننا حماية الأولويات الوطنية الضرورية مثل إعانات قدامى المحاربين والرعاية الصحية والمساعدات الغذائية من التخفيضات الصارمة التي يريدها المتطرفون اليمينيون".
ويظهر ذلك حجم الاستقطاب السياسي في الكونغرس بفرعيه مجلس النواب ومجلس الشيوخ، إذ يتم عزل ما يسمى بـ"المتطرفين اليمينيين" وهم غالباً من الحزب الجمهوري المعادين لرفع سقف الإنفاق الحكومي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال الرئيس الأميركي إن الاتفاق "يرفض التخفيضات العميقة في البرامج التي تعتمد عليها العائلات الكادحة، ويوفر طريقاً لتمرير مشاريع قوانين تمويلية لمدة عام كامل تلبي حاجات الشعب الأميركي وتكون خالية من أي سياسات متطرفة".
إدارة بايدن تكسب الرهان
وكان من المنتظر أن يناقش الكونغرس مع الحكومة هذا الأسبوع الميعادين النهائيين المقررين في الـ19 من يناير والثاني من فبراير (شباط) لتسوية مسألة الإنفاق الحكومي حتى سبتمبر (أيلول) المقبل، وسط مطالبات من الجمهوريين بخفض الإنفاق التقديري للعام المالي 2024 إلى ما دون الحدود القصوى المتفق عليها في يونيو (حزيران) الماضي، حين اتفق بايدن مع رئيس مجلس النواب آنذاك كيفن مكارثي على إنفاق تقديري يبلغ 1.59 تريليون دولار في المجالين الدفاعي وغير الدفاعي، وهو ما تم تمريره من دون وجود تأثير للجمهوريين المعادين للاتفاق.
وعلى رغم الاتفاق التريليوني الضخم فلا يزال يتعين على مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون ومجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون الاتفاق على كيفية تخصيص هذه الأموال.
صراعات سياسية وتعثر
وكانت الصراعات على الاقتراض والإنفاق وكيفية تخصيصه بلغت أقصاها في العام الماضي عندما ظلت مفاوضات رفع سقف الدين أشهراً بين الحزبين، وكادت تؤدي إلى تعثر أميركا عن سداد ديونها لأول مرة في تاريخها.
وأزاحت الولايات المتحدة شبح التعثر عن سداد ديونها بعد صفقة أبرمها بايدن مع مكارثي بالموافقة على مشروع قانون لتعليق سقف الدين الحكومي البالغ 31.4 تريليون دولار، قبل خمسة أيام فقط من الموعد النهائي لعدم تمكن وزارة الخزانة من دفع التزاماتها تجاه المقترضين، الذي يعني تقنياً تعثر الدولة عن السداد.
وأدت الصراعات السياسية إلى تخفيض تصنيف الولايات المتحدة من قبل وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني في أغسطس (آب) الماضي، علماً أن هذه ليست المرة الأولى التي تشهد تراجع تصنيف أكبر اقتصاد في العالم، إذ سبق أن خفضت وكالة "ستاندرد أند بورز" التصنيف الائتماني عام 2011 للأسباب ذاتها.
وأصبح الدين الأميركي يعادل 1.5 مرة حجم الاقتصاد للولايات المتحدة، إذ باتت نسبته 150 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي البالغ 22 تريليون دولار تقريباً، ويعني ذلك أن نصيب الفرد من الدين يقارب 100 ألف دولار على افتراض أن عدد السكان يبلغ 330 مليون نسمة.