Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأكلات الشعبية السودانية... زاد الحرب

غلاء الأسعار أعادها من جديد سيدة لموائد الفقراء ومتخصصون: صحية ومشبعة وقليلة الكلفة

ظل جمهورها يزداد باستمرار ما اعتبره كثيرون واحداً من تجليات الأزمة الاقتصادية في البلاد (اندبندنت عربية - حسن حامد)

ملخص

باتت لها سوق في مدن البلاد الآمنة نظراً إلى قلة كلفتها مما يجعلها في متناول الجميع... ماذا نعرف عن أكلات السودان الشعبية؟

ألقت الحرب في السودان بظلالها على الأوضاع الاقتصادية، وأجبر الضغط المعيشي وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية المواطنين على البحث عن بدائل ووجبات خفيفة وزهيدة الثمن لحل أزمة الغذاء، وضم أصناف جديدة إلى لائحة الأطعمة المنزلية بعد الاستغناء عن أطباق رئيسة بسبب الغلاء. ولم تقتصر هذه الأكلات على المنازل فحسب، بل باتت لها سوق في مدن البلاد الآمنة، نظراً إلى قلة كلفتها، مما يجعلها في المتناول، إذ تحرص النسوة وبعض الشباب على تحضيرها، بينما ظل جمهورها يزداد باستمرار في مشهد اعتبره كثر واحداً من تجليات الأزمة الاقتصادية في السودان.

تدبير وابتكار

إزاء هذا الوضع لجأت الأسر إلى العودة للوجبات التقليدية المحلية والشعبية مثل "المديدة" و"العصيدة" و"القراصة"، وكذلك الـ"بليلة" (اللوبيا البيضاء) و"الكبكبي". تقول مريم حسين، وهي ربة منزل بمنطقة الثورات في أم درمان، إن "أسراً عدة اتجهت إلى بدائل متوفرة ومعقولة السعر خصوصاً للرغيف واللحوم، وحلت "الكسرة" محل الخبز، كما تعد "المديدة" وجبة مهمة، فضلاً عن بليلة العدس الأحمر مع شرائح البصل وسلطة الطماطم بالدكوة، وكل هذه الأصناف تصنع منزلياً ولا تحتاج إلى مواد من الأسواق".

 

 

وأضافت أن "الحرب فاقمت الضائقة المعيشية بسبب توقف الأعمال اليومية وعدم صرف رواتب العاملين بالقطاعين العام والخاص لأكثر من ثمانية أشهر، مما جعل المواطن أمام خياري الجوع أو الاستنجاد بتلك الوجبات"، منوهة بأن "الأزمة الاقتصادية التي يمر بها السودان أثرت في كل الطبقات الاجتماعية، وتحديداً الفقيرة والمتوسطة، مما دفعها إلى ابتكار نوع من التدبير والاقتصاد المنزليين".

صحية وزهيدة

وشهدت أسواق بعض المدن الآمنة، بخاصة كوستي وعطبرة والدمازين وبورتسودان انتعاش الوجبات الشعبية مثل "الباكمبا" و"العدسية" والمانجو الخضراء، والبطاطا و"التبش".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تقول عيدة محمد زين، وهي بائعة مأكولات شعبية، إن "هذه الوجبات تمتاز بالبساطة وقلة الكلفة، إذ تصنع من المواد المحلية، وفي الآونة الأخيرة زاد الإقبال عليها بصورة ملحوظة، كونها صحية وزهيدة الثمن وطبيعية خالية من أية مواد ومحسنات أو أسمدة".

وتضيف زين، "هذا العمل بات مصدر رزق جيد بالنسبة إليَّ، ويزداد زبائني في كل يوم، ونجحت في توفير حاجاتي اليومية لي ولأسرتي من دون الدخول في مشكلات تتعلق بالاستدانة من أي شخص".

وأوضحت بائعة المأكولات أن "العدسية" و"الباكمبا" بمثابة "وجبة نص" تقع بين الإفطار والغداء بحسب النمط الغذائي في السودان، ويحرص كثر من الزبائن على طلب توصيل هذه الوجبات إلى منازلهم "ديليفري" نظراً إلى أنها الأقل كلفة بين جميع الوجبات في ظل هذا الغلاء.

وجبات مفضلة

من جهتها تشير كلتوم الحاج، وهي صاحبة محال مأكولات شعبية، إلى أن الشباب السوداني من الجنسين يفضل "العدسية" التي يمكن أكلها بالسكر أو الملح والبصل والشطة معاً، فضلاً عن تميز المانغو الخضراء بمذاق مالح بعد أن تقطع إلى شرائح وتعبأ في أكياس صغيرة وتضاف إليها الشطة المسحونة بـ"دكوة" الفول السوداني.

ولفتت الحاج إلى أن هناك وجبات بديلة مطلوبة في الأسواق ولا تكلف مالياً مثل "القراصة بالتقلية"، وهي عبارة عن طبيخ يصنع من اللحم المجفف مع إضافة "الويكا"، إضافة إلى "سلطة الطماطم بالكسرة" و"بليلة اللوبيا الأبيض" والعدس الأحمر، وتضاف شرائح البصل وبعض التوابل.

ومضت صاحبة محال المأكولات بالقول، "هذه الأصناف من الطعام باتت الأكثر تداولاً لشعبيتها ومذاقها المحبب لدى معظم السودانيين، كما أن أسعارها الزهيدة تجعلها في متناول الغالبية".

تحول كبير

في مدينة كوستي وسط السودان يزدحم كشك فيصل فضل المتخصص في بيع الأطعمة الشعبية بالزبائن، إذ يقدم أصنافاً مثل "التبش والبطاطا بالشطة"، ولا تعد هذه الأكلات سائدة بصورة كبيرة قبل اندلاع الحرب، لكنها بفعل الظروف الاقتصادية تحولت إلى وجبات شعبية يتم تناولها من جانب شريحة واسعة من محدودي الدخل. ويقول فضل إنه "يكسب من عمله ما يعين أسرته على توفير حاجاتها اليومية، ويشعر بالرضا لكونه أسهم في حل الأزمة المعيشية من خلال توفير وجبات خفيفة وزهيدة الثمن لطيف واسع من السودانيين وبصورة يومية".

 

 

ويشير فضل إلى أن "الظروف الاقتصادية الصعبة أجبرت كثراً من رواد السوق على الاتجاه إلى الأكلات الشعبية وصرف النظر عن الذهاب إلى المطاعم نظراً إلى ارتفاع الأسعار". وتابع "تغيرت نظرة الأسر في الآونة الأخيرة، وبات كثر من الناس يتجهون إلى التدبير المنزلي وإعداد وجبات أقل كلفة، إلى جانب البحث عن بدائل ملائمة من حيث الثمن والنوع".

تحكم في المدخرات

يقول المتخصص في الشأن الاقتصادي عمر التجاني إن "الأسر السودانية اتجهت للإنفاق بحسب الأولويات وتخلت عن النمط السابق، وتغيرت صور الموائد والأصناف المنزلية، ولجأ كثر إلى التدبير والاستهلاك بعقلانية، مع الميل إلى التقشف والاقتصاد لمواجهة الضائقة المعيشية". وأضاف أن "الوجبات الشعبية السودانية تتضمن قيمة غذائية كبيرة، وتعد طبيعية بنسبة 100 في المئة وتخلو من المواد الحافظة والأسمدة، من ثم تضمن للأسر أكلاً صحياً ومشبعاً وأقل كلفة مالية مقارنة ببقية الأطباق الأخرى التي تتضمن اللحوم والمواد الاستهلاكية"، منوهاً بأن "ترشيد النفقات اليومية يحتاج إلى التحكم في المدخرات الشحيحة لدى العائلات، بخاصة عقب توقف الأعمال اليومية وعدم صرف الرواتب".

وأوضح المتخصص في المجال الاقتصادي أن "استمرار الحرب يفاقم معاناة السودانيين بسبب ارتفاع أسعار السلع وعدم وجود دخل يومي، علاوة توقف المصانع وفشل الموسم الزراعي".

المزيد من متابعات