Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل ترفض ترتيبا موقتا خشية أن "يتحول إلى حال دائمة"

أبلغ المسؤولون الأمنيون بلينكن أن الهدف الأساسي خلق واقع جديد يعيد 60 ألف مواطن إلى بلداتهم في الشمال

دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إسرائيل إلى دراسة إمكان فتح معبر آخر لإدخال الإمدادات إلى قطاع غزة (أ ف ب)

ملخص

بلينكن يغادر تل أبيب والجبهة الشمالية على برميل من بارود وغزة من دون أفق ما بعد الحرب

توقع سياسيون وخبراء مطلعون على سير الجلسات الداخلية بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والقادة الإسرائيليين أن يعود بلينكن بخيبة أمل كبيرة لعدم حصوله على توضيحات أو عدم الاتفاق على مختلف القضايا التي أدرجت في برنامج لقاءاته مع متخذي القرار في إسرائيل، وفي مقدمتها غزة وما بعد الحرب، إذ لا خطة لإسرائيل لعرضها أمام بلينكن، لا سيما مع تأزم الوضع على الحدود مع لبنان.

فغادر بلينكن تل أبيب وسط أجواء ضبابية ونتائج غير محسومة تنذر بمزيد من التصعيد بعد إبلاغ مستشفيات الشمال بالاستعداد لحال طوارئ والتحضر لاستقبال عدد كبير من الجرحى.

أما قضية عودة سكان غزة لبيوتهم التي طرحها بلينكن، فأجمع الإسرائيليون خلال لقائهم وزير الخارجية الأميركية سواء على المستوى السياسي أو العسكري، على رفضها وبشدة، وطرحوا تبريرات عدة بينها أنها الورقة القوية والوحيدة اليوم للضغط على حركة "حماس" للتقدم في صفقة تضمن إعادة الأسرى الإسرائيليين في غزة، حتى إن كانت صفقة صغيرة تشمل كبار السن والمرضى والنساء.

 الجيش، ووفق ما أبلغ وزير الأمن يوآف غالانت ومسؤولون في جهاز الأمن، يرفض عودتهم لأسباب عملياتية أيضاً ولأن سكان الغلاف لم يعودوا بعد لبيوتهم، "ما دام لم يحصل هذا، فلا يوجد ما يبرر تعريض الإنجاز الأكبر للجيش في غزة حتى الآن للخطر بإعادة السكان ومعهم مقاتلون من حماس"، وفق ما تلقى بلينكن من رد.

لكن ما اتضح من محادثات الطرفين، فإن الحكومة الإسرائيلية لم تبلور، أصلاً، أي خطة حول الطريقة التي ستتم فيها إدارة عودة حوالى مليون فلسطيني لمناطق سكنهم، ولا يوجد أي قرار حول من سيدير المنطقة التي ستبقى تحت السيطرة الأمنية للجيش الإسرائيلي، إلى حين إنهاء القتال في غزة، وأكد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وغالانت أمام بلينكن أن الوضع يتطلب بقاء الجيش الإسرائيلي لأشهر طويلة.

وبالنسبة إلى إسرائيل، ووفق ما تسرب من خلافات بين الطرفين، فإنها ترفض أصلاً وضع خطة في الوقت الحالي خشية أن يتحول أي ترتيب موقت إلى حال دائمة، فضلاً عن عدم وجود أي آلية أو قدرة للمنظمات المحلية التي تهتم بتوزيع المواد الغذائية على السكان، على إدارة المدن أو عدد كبير من السكان، وعليه يجري العمل حالياً على إيجاد آلية تنسيق، سواء مع مصر أو مع الدول المانحة الأخرى وإسرائيل التي ستحتفظ بصلاحية إعطاء المصادقة على أي نشاطات مدنية تجري في القطاع، كما أكد الإسرائيليون.

خفض قوات الجيش

في ميدان غزة، طمأن الإسرائيليون بلينكن أنهم سيعملون على خفض قوات الجيش هناك وأطلعوه على مجريات المرحلة الثالثة من العملية البرية التي في مركزها خفض قوات الجيش وسحب سبعة ألوية في الأقل، حتى نهاية الأسبوع الماضي. ووافق نتنياهو على طلب بلينكن إدخال ممثلي الأمم المتحدة لفحص البنى التحتية ووضعية السكان في غزة، ووضع الطرفان خطة تتولى تنفيذها الأمم المتحدة، تنص على تقييم ودراسة ما يجب القيام به للسماح للنازحين بالعودة إلى ديارهم.

ونُقل عن مسؤولين كبار شاركوا في الاجتماعات أن بلينكن ضغط على الإسرائيليين للعمل على تخفيف الوضع الإنساني الصعب في قطاع غزة والسماح برفع مستوى المساعدات الإنسانية التي تدخل إليه بصورة كبيرة.

وبحسب بلينكن، يحتاج 80 في المئة من الفلسطينيين في القطاع إلى مساعدات إنسانية، لكن ما يتسلمه لا يتجاوز الـ20 في المئة، ودعا إسرائيل إلى دراسة إمكان فتح معبر آخر لإدخال الإمدادات إلى قطاع غزة والعمل على تحسين أوضاع معبر رفح الذي يواجه صعوبة في إدخال العدد المتفق عليه من آليات شحن تنقل مساعدات إنسانية وطبية إلى الفلسطينيين.

اقرأ المزيد

وبحسب مصدر سياسي إسرائيلي، بذل بلينكن جهوداً في محادثاته لإضفاء الطابع الرسمي على التعاون بين إسرائيل وسيغريد كاخ، وزيرة المالية الهولندية المنتهية ولايتها التي تم تعيينها أخيراً في منصب منسقة شحنات المساعدات الإنسانية إلى غزة وإعادة إعمار القطاع، نيابة عن الأمم المتحدة.

وقال المصدر السياسي إن وزير الخارجية الأميركي أوضح لنتنياهو أنه على رغم الانتقادات الإسرائيلية لعمل وكالة "أونروا" في غزة، لا توجد حالياً أية هيئة دولية أخرى قادرة على توجيه المساعدات داخل القطاع.

أما في جانب تحويل أموال الضرائب المخصصة إلى السلطة الفلسطينية، فلم يتلقَّ بلينكن رداً على ذلك المطلب، موضحاً أمام الإسرائيليين أن خطوة كهذه ستعود بالمصلحة على إسرائيل. ووفقاً له، "هذه هي عائداتهم، وينبغي أن يحصلوا عليها. وعليهم أن يدفعوا لشعبهم ويقدموا الخدمات الأساسية، بما في ذلك العمل الأساسي لقوات الأمن الفلسطينية التي تقوم بدور مهم للغاية في الجهود المبذولة للحفاظ على الاستقرار في الضفة الغربية".

أما وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، فلم يتأخر بالرد على هذا المطلب رافضاً إياه بصورة قاطعة، وهذا الملف سيتم بحثه في اجتماعات الكابينت والحكومة الإسرائيلية مساء اليوم الأربعاء وغداً الخميس.

حرب إقليمية؟

إن مهمة بلينكن الأساسية هي تدارك وعدم اتساع القتال في الشمال منعاً لانزلاق المنطقة إلى حرب إقليمية، لكن تلك المهمة لحظت بعض العراقيل بعد إعلان إسرائيل إصرارها على استمرار العمليات المحدودة في لبنان، وإدخال مستشفيات الشمال في حال الطوارئ وتجهيزها لاحتمال وصول عدد كبير من الجرحى، وهي تعليمات أبقت الوضع الأمني في حال من الترقب والقلق.

ففي حين أبلغت تل أبيب بلينكن أنها تفضل الحل الدبلوماسي ولا تريد توسيع القتال في الشمال إلى حرب إقليمية، أكدت أنها ستواصل عمليات الاغتيال وملاحقة كل من تعتبره تهديداً لأمنها، كما أكدت أن الهدف الجوهري الآن هو إعادة 60 ألف إسرائيلي إلى بلداتهم في الشمال، وذلك يتم فقط عند ضمان أمنهم وخلق واقع جديد في المنطقة يكفل تراجع عناصر "الرضوان" إلى ما بعد نهر الليطاني، وحصول إسرائيل على تأكيدات بتنفيذ القرار 1701. حالياً، ووفق تل أبيب، ستتواصل العمليات الأمنية المحدودة عند الحدود مع لبنان، ولن تتوقف الاغتيالات للشخصيات التي يدرجها الجيش ضمن "بنك أهدافه".

في هذا الجانب، حذر أمنيون وعسكريون سابقون في إسرائيل من استمرار التوتر في منطقة الشمال، فنتائج المحادثات بين بلينكن ونتنياهو وغالانت لا توحي بقرب التوصل إلى اتفاق دبلوماسي مع الجانب اللبناني، وأي تصعيد بين الطرفين سيشعل الجبهة وسيكون من الصعب معرفة تداعيات تلك الحرب واستمراريتها، وقد تتوسع إلى حرب إقليمية "لا يريدها أي طرف"، وفق الإسرائيليين.

وفي جلسة تقييم للأجهزة الأمنية في إسرائيل، خلُص المسؤولون إلى أن "إسرائيل ستبذل كل جهد لمنع اتساع القتال وإفساح المجال للجهود الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق يمنع حرباً لا يريدها أي طرف".

في هذا الجانب يرى الخبير العسكري عاموس هرئيل أنه عندما تكون المنطقة متوترة جداً، لا ضمانات تحول دون انتهاء القتال المتبادل بمواجهة شاملة، ويقول "الجهود التي تبذلها واشنطن ولقاءات بلينكن مع القادة الإسرائيليين وجهات رفيعة في جهاز الأمن لوقف التصعيد بين إسرائيل وحزب الله لن تحقق نتيجة، وحتى الآن لا توجد أي دلائل على نجاح محتمل للمبادرة التي يدفعها قدماً مبعوث الإدارة الأميركية في المنطقة آموس هوكشتاين، من أجل ترتيب وقف لإطلاق النار بواسطة الاتفاق حول نقاشات جديدة في شأن ترسيم الحدود بين إسرائيل ولبنان، وهذا بحد ذاته يبقي المنطقة في حال تصعيد أمني خطر".

وعلى رغم ما تعتبره إسرائيل إنجازات لها في الشمال وإبعاد قوات "الرضوان" إلى 15 كيلومتراً في الأقل من الحدود، وهي إنجازات وصفها أمنيون بأنها "تكتيكية"، لم تنجح بعد بترجمتها إلى "إنجازات استراتيجية"، بحسب هؤلاء.

أما رد غالانت، فأخرج إسرائيل من دائرة المسؤولية في اتساع القتال إلى حرب إقليمية، إذ قال لبلينكن في لقائهما في وزارة الأمن بتل أبيب إن "زيادة الضغط على إيران ضرورية، وقد تمنع تصعيداً إقليمياً على جبهات مختلفة".

المزيد من تقارير