على رغم سلسلة الأزمات التي تحاصر الاقتصاد العالمي في الوقت الحالي رجح تقرير حديث أن تسجل الاقتصادات العربية أداء أفضل في عام 2024، ليتخطى الناتج العربي الإجمالي حاجز الـ3.5 تريليون دولار.
وكشفت المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات "ضمان" عن أن الناتج المحلي الإجمالي العربي نما بنسبة 1.8 في المئة ليصل إلى 3.4 تريليون دولار عام 2023، وفق تقديرات صندوق النقد الدولي في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 تزامناً مع نمو الاقتصاد العالمي بمعدل ثلاثة في المئة خلال العام نفسه.
وأشار التقرير إلى أن توقعات أداء الاقتصاد العربي في مجملها جاءت إيجابية بالنسبة إلى عام 2024، بمعدل نمو متوقع يبلغ نحو 3.6 في المئة مدفوعاً بالنمو المرجح لتسعة اقتصادات نفطية تسهم بنحو 78 في المئة من الناتج العربي، والذي يمكن أن يعوض احتمالات انكماش اقتصادات أخرى.
وتأتي هذه التوقعات الإيجابية على رغم تراجع الإنتاج النفطي بنسبة 5.2 في المئة، وأسعار الخام العالمية بنحو 16.5 في المئة، وظهور الآثار السلبية لتشديد السياسات النقدية ومعايير الإقراض، وتصاعد تطورات الوضع الجيوسياسي وأزمة المديونية والتغيرات المناخية.
نمو كبير في متوسط نصيب الفرد من الناتج الإجمالي
وأشار التقرير إلى خفض متوسط نصيب الفرد من الناتج في الدول العربية بمعدل 4.7 في المئة ليبلغ 7482 دولاراً مع توقعات بأن يرتفع بمعدل 1.2 في المئة ليبلغ 7573 دولاراً في المتوسط عام 2024، فيما ارتفع متوسط نصيب الفرد من الناتج وفق القوة الشرائية بمعدل 3.2 في المئة ليبلغ 18.1 ألف دولار خلال عام 2023، وذلك مع استمرار التفاوت الكبير في ما بين الدول النفطية والأخرى الأقل دخلاً.
وارتفع عدد السكان في المنطقة العربية بنسبة اثنين في المئة ليتجاوز 456 مليون نسمة عام 2023، كما ارتفع متوسط معدل البطالة على المستوى العربي إلى 9.4 في المئة خلال العام نفسه، وارتفع متوسط معدل تضخم أسعار المستهلك في المنطقة العربية إلى 12.1 في المئة عام 2023، مع توقعات بتراجعه إلى 11.7 في المئة عام 2024، وتراجع الفائض الافتراضي المجمع للموازنات العربية إلى 3.3 مليار دولار مع توقعات بتحوله إلى عجز بقيمة 26.9 مليار دولار خلال 2024 ليمثل 0.8 في المئة من الناتج العربي الإجمالي.
وتحسنت مؤشرات المديونية العربية باستقرار نسبة الدين الحكومي عند 47 في المئة من الناتج العربي، مع توقعات بتراجعها إلى 46.1 في المئة خلال عام 2024، أيضاً تراجعت نسبة الدين الخارجي لتبلغ 50.8 في المئة من الناتج العربي في 2023، مع توقعات بأن تنخفض إلى 49.6 في المئة من الناتج العربي عام 2024.
وحول التجارة الخارجية العربية، فتراجعت بمعدل 5.7 في المئة إلى أقل من ثلاثة تريليونات دولار خلال 2023، كمحصلة لتراجع الصادرات العربية بنسبة 9.7 في المئة، وتراجع الواردات بمعدل 0.4 في المئة، ليتراجع فائض الميزان التجاري بمعدل 39 في المئة إلى 262 مليار دولار خلال عام 2023.
إلى ذلك، تراجع فائض الحساب الجاري للدول العربية بمعدل 52.3 في المئة خلال عام 2023 ليبلغ 180 مليار دولار، بنسبة 5.3 في المئة من الناتج العربي، مع توقعات بمواصلة الخفض إلى 157 مليار دولار خلال عام 2024 مع تراجع نسبته إلى 4.4 في المئة من الناتج العربي. فيما تجاوزت الاحتياطات العربية من العملات الأجنبية حاجز التريليون دولار، بما يكفي لتغطية الواردات العربية من السلع والخدمات لمدة 8.6 شهر، مع توقعات بمواصلة الارتفاع لتتجاوز 1.1 تريليون دولار عام 2024.
البنك الدولي يحذر من حالة عدم اليقين
وقبل أيام، أشار البنك الدولي في تقرير حديث إلى أن الصراع القائم في الشرق الأوسط أدى إلى زيادة حالة عدم اليقين على المستوى الجيوسياسي، وعلى مستوى السياسات في المنطقة، وأدى إلى ضعف النشاط المرتبط بالسياحة، لا سيما في البلدان المجاورة. وأشار إلى أن دول المنطقة واجهت بالفعل عديداً من التطورات السلبية، منها خفض إنتاج النفط، وارتفاع معدلات التضخم، وضعف نشاط القطاع الخاص في البلدان المستوردة للنفط.
وفي عام 2023، تباطأ معدل النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشدة ليصل إلى 1.9 في المئة، أما في البلدان المصدرة للنفط، شهد قطاع النفط ضعفاً ملحوظاً بسبب خفض الإنتاج.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن معدل النمو في دول مجلس التعاون الخليجي تباطأ بشدة في عام 2023 بسبب خفض إنتاج النفط، إذ تجاوز هذا التباطؤ النشاط القوي في القطاع غير النفطي.
وفي البلدان الأخرى المصدرة للنفط، رأى البنك أن النمو انتعش في البلدان التي تم إعفاؤها من اتفاق "أوبك" لخفض الإنتاج، مشيراً إلى تباطؤ معدل النمو في البلدان المستوردة للنفط إلى حد ما في العام الماضي، مما يعكس ضعف نشاط القطاع الخاص.
وقال البنك إن تضخم أسعار الغذاء بقي مرتفعاً على نحو مستمر، وفي الوقت نفسه أدى الخفض الكبير في قيمة العملة إلى ارتفاع معدل التضخم العام. ورأى أن الصراع في الشرق الأوسط أدى إلى زيادة حالة عدم اليقين في شأن توقعات النمو في المنطقة، موضحاً أنه بافتراض عدم تصاعد الصراع، توقع البنك الدولي أن يزيد معدل النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 3.5 في المئة في عامي 2024 و2025، مرجحاً أن يرتفع معدل النمو في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 3.6 في المئة في 2024 و3.8 في المئة في 2025.
وأوضح البنك الدولي أن أحد الأخطار السلبية الشديدة التي تهدد النمو في المنطقة تتمثل في اشتداد حدة الصراع، ويشمل ذلك الآثار والتداعيات غير المباشرة على البلدان المجاورة وارتفاع أعداد اللاجئين، في وقت تتعرض فيه بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للكوارث الطبيعية، ويستمر تغير المناخ في زيادة معدلات حدوث وشدة الظواهر المناخية الأشد ضرراً.
وفي البلدان المصدرة للنفط، قال البنك الدولي، إنه إذا انخفضت أسعار النفط أو ضعف الطلب عليه، فقد يكون الإنتاج محدوداً، وقد يطول أمد خفض الإنتاج، أما في البلدان المستوردة للنفط، سيؤدي تشديد الأوضاع المالية العالمية إلى إضعاف آفاق النمو بسبب الحاجة إلى التمويل الكبير من مصادر خارجية.