لا يزال الحديث عن انسحاب القوات الأميركية في البلاد يشغل الأجواء العراقية بعد موجة تصعيد هي الأكبر منذ سنوات، بين واشنطن والجماعات المسلحة الموالية لإيران، مما أعاد أجواء التوتر بشدة إلى الساحة العراقية.
وتثير تلك التوترات عديداً من التساؤلات في شأن مستقبل تلك القوات، وما إذا كانت حكومة محمد شياع السوداني عازمة على إنهاء الوجود الأميركي كما صرحت، أم أن ما يجري يمثل محاولات لامتصاص غضب الفصائل المسلحة من جهة، ودفع واشنطن إلى التقليل من حدة التصعيد من جهة أخرى.
في السياق، يعتقد رئيس المركز "العراقي - الأسترالي" أحمد الياسري أن قضية خروج القوات الأميركية من العراق تشوبها مسارات عدة، لعل أبرزها "المحددات الداخلية، التي ترتبط بعملية التوازن السياسي والاجتماعي، والتي يجب أن تكون حاضرة"، مبيناً أن الثنائية الأميركية - الإيرانية باتت "تتمظهر بشكل يضبط حالة التوازن بين المكونات العراقية".
ويضيف لـ"اندبندنت عربية" أن ذهاب الحكومة باتجاه إخراج القوات الأميركية من البلاد "قد يحظى بقبول برلماني من قبل الكتلة الداعمة للحكومة، إلا أنه سيواجه رفضاً من قبل القوى السنية والكردية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتمثل محاولات إخراج القوات الأميركية من البلاد في الفترة الحالية "إخلالاً بفكرة التوازن الداخلي"، بحسب الياسري، الذي يلفت إلى أن هذا السياق سيدفع الحكومة إلى "عدم الذهاب نحو إخراج القوات الأميركية في الوقت الحالي".
إضافة إلى ذلك، تبدو المخاوف حاضرة من احتمالات تفجر الأوضاع في العراق في حال إخراج التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش"، حيث يقول الياسري إن "برقية السوداني التي سربتها الصحافة الأميركية تشير بوضوح إلى المخاوف من احتمالية أن يعيد إخراج القوات الأميركية أنشطة التنظيم في البلاد".
ولا تتوقف المخاوف عند هذا الحد، إذ يشير الياسري إلى أن أي انسحاب أميركي "سيؤدي إلى احداث فراغ استراتيجي قد يوسع من وجود الجماعات التي تريد واشنطن احتواءها في المنطقة"، مردفاً أن الأولوية الاستراتيجية بالنسبة إلى واشنطن في الفترة الحالية هي "عدم حصول فراغ تملؤه القوى المناوئة لها، وتحديداً الصين وروسيا وإيران".
ويتابع أن وجود القوات الأميركية في المنطقة "يبقي النفوذ الإيراني متصدعاً من خلال خلق مصدات له"، مبيناً أن تلك القوات "تعزز إرادة واشنطن في بعثرة النفوذ الإيراني".
ويختم بأن موقف الحكومة العراقية في التلويح بإنهاء ملف التحالف الدولي يمكن قراءته في مسارين، يرتبط الأول بـ"محاولة امتصاص ضغط الفصائل على القوات الأميركية"، أما المسار الآخر فيتعلق بـ"السعي إلى تقليل عمليات الاستهداف الأميركي على قادة الفصائل بالتلويح بملف سحب تلك القوات".
Listen to "محاولات إخراج القوات الأميركية من العراق" on Spreaker.