Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا يعني فوز ترمب الساحق في أيوا؟

ديسانتس ما زال متفائلاً على رغم صعوبة طريقه وهايلي تراهن على سباق ثنائي مستقبلاً

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب   (أ ف ب)

ملخص

يكشف فوز الرئيس السابق دونالد ترمب بصورة غير مسبوقة في ولاية أيوا عن مدى دعم الحزب الجمهوري له واحتشاده حوله

لم يخيب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب آمال أنصاره بعدما حقق فوزاً ساحقاً في أول اختبار حقيقي على طريق ترشيح حزبه له للمرة الثالثة على التوالي لخوض الانتخابات الرئاسية الأميركية، حيث أظهرت نتائج التصويت في المؤتمرات الانتخابية للحزب الجمهوري بولاية أيوا، فوزه بنحو 51 في المئة من الأصوات، وهو أكبر هامش انتصار في تاريخ أول تنافس لترشيح الحزب الجمهوري، فما الذي يعنيه هذا الانتصار لترمب ولأكبر منافسيه نيكي هايلي ورون ديسانتس اللذين تصارعا على المركز الثاني، وللرئيس بايدن الذي ينتظر مواجهته في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل؟

موسم انتخابي قصير

يكشف فوز الرئيس السابق بصورة غير مسبوقة في ولاية أيوا، مدى دعم الحزب الجمهوري لترمب واحتشاده حوله، على رغم مشكلاته القانونية واتهامه بـ91 تهمة جنائية في أربع قضايا تتعلق غالبيتها بتعامله مع وثائق سرية وجهوده لإلغاء الانتخابات الرئاسية لعام 2020 التي يدعي أنها سرقت منه، إذ توافقت استطلاعات الرأي قبل التصويت مع النتيجة النهائية تقريباً لتؤكد موقعه المهيمن داخل الحزب في أول مسابقة رئاسية للجمهوريين عام 2024.

يعني فوز ترمب الكثير، فمن المرجح أن يتسبب ذلك في مشكلات لمنافسيه الرئيسين، حاكمة ولاية ساوث كارولينا السابقة نيكي هايلي وحاكم فلوريدا رون ديسانتس، حيث يشير هذا الانتصار إلى موسم انتخابات تمهيدية قصير للغاية للحزب الجمهوري إذا تمكن ترمب من الحفاظ على قوة الدفع التي انطلق بها من أيوا خلال المنافسات المقبلة وحتى الخامس من مارس (آذار) المقبل الذي سيحسم السباق في 16 ولاية في الأقل، بينها أكبر ولايتين أميركيتين من حيث عدد السكان والناخبين هما كاليفورنيا وتكساس.

سبب نشوة الانتصار

تعود نشوة الانتصار لدى ترمب إلى أنه فاز بـ98 مقاطعة من مقاطعات الولاية التي يبلغ عددها 99 رغم دعم حاكمة الولاية كيم رينولدز وكبار القادة الإنجيليين منافسيه، وحصد من الأصوات أكثر من جميع منافسيه وتفوق بهامش واسع على حاكم فلوريدا رون ديسانتس وسفيرة الأمم المتحدة السابقة نيكي هايلي، اللذين كانا يتنافسان على المركز الثاني، مما يعني مزيداً من الزخم للرئيس السابق، حيث كان أكبر هامش انتصار في تاريخ المؤتمرات الحزبية للجمهوريين بأيوا عام 1988 عندما تغلب السيناتور بوب دول على بات روبرتسون، المبشر التلفزيوني السابق، بنسبة 12.8 نقطة مئوية.

كان اكتساح ترمب للتجمعات الحزبية واسعاً وعميقاً، فقد تفوق على ديسانتس في معاقل المحافظين، بما في ذلك شمال غربي ولاية أيوا، التي تعد موطنا لعديد من الناخبين الإنجيليين الذين سعى حاكم فلوريدا إلى استمالتهم بشدة، وحتى في مقاطعات الضواحي الأكثر اعتدالاً المحيطة بمدينة دي موين، التي كانت تعتبر منطقة مواتية لنيكي هايلي، فاز ترمب أيضاً بهامش ضيق، ولم يكن هذا غريباً فقد عبر نحو 62 في المئة من المشاركين المتوقعين في المؤتمرات الحزبية في أيوا أنهم يدعمون حركة ماغا "اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" التي تحمل مجموعة أفكار وسياسات ترمب.

وبهذه النتيجة المذهلة للجميع، محا خسارته عام 2016 في آخر تجمع انتخابي تنافسي للحزب في أيوا عندما احتل المركز الثاني بنسبة 24.3 في المئة، خلف سيناتور ولاية تكساس تيد كروز الذي حصد 27.6 في المئة من الأصوات.

المنافسة البعيدة

بدا ترمب في كلمته لأنصاره عقب الإعلان عن النتائج واثقاً من نفسه لدرجة أنه وصف أداء ديسانتس وهايلي بأنه كان جيداً، وأشاد بما حققه رائد الأعمال فيفيك راماسوامي الذي قرر الخروج من السباق ودعم ترمب، وبدلاً من انتقاد خصومه فضل الرئيس السابق التركيز على خصمه الديمقراطي الذي سينافسه غالباً في نوفمبر المقبل على رئاسة أميركا وهو جو بايدن الذي وصفه بأنه أسوأ رئيس في تاريخ الولايات المتحدة، مكرراً زعمه بأن غالبية الأميركيين يعتقدون أن انتخابات 2020 لم تكن نزيهة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هجوم ترمب ضد بايدن، دفع الرئيس الحالي إلى وصف الرئيس السابق بعد فوزه في ولاية أيوا بأنه المرشح الجمهوري الأوفر حظاً، قائلاً في نداء لجمع التبرعات لصالح حملته الانتخابية، إن هذه الانتخابات ستكون دائماً مقابل الجمهوريين من ماغا الذين وصفهم بالمتطرفين، وهو اعتراف ضمني بأن الطريق أصبح مفتوحاً بنسبة كبيرة لصالح ترمب الذي يتقدم حالياً على بايدن في استطلاعات الرأي بعدما وصلت نسبة تأييد الرئيس الحالي إلى أدنى 33 في المئة فقط وهي أدنى مستويات تأييد يحظى بها رئيس في الحكم منذ نهاية عهد جورج دبليو بوش بين عامي 2006 و2008.

ويعتقد بايدن أن ترمب أفضل من يمكن الفوز عليهم بين المرشحين الجمهوريين في انتخابات نوفمبر المقبل على اعتبار أنه يواجه مشكلات قانونية سابقة ويمكن تشويه سمعته من خلال وصفه بأنه تهديد للديمقراطية الأميركية، وأنه يسعى إلى الانتقام، كما يعتقد أن الديمقراطيين والمستقلين الذين تخلوا عن دعم بايدن، سيعودون إلى تأييده عندما يرون أن ترمب يمكن أن يعود إلى البيت الأبيض.

ماذا ينتظر ديسانتس؟

جعل رون ديسانتس ولاية أيوا محور اهتمامه منذ البداية على رغم أنه لن يقول ذلك، فقد استثمر كثير من المال والوقت والجهد هناك، وأنفق عشرات الملايين وزار جميع مقاطعات الولاية البالغ عددها 99، وصور نفسه على أنه الزعيم الجمهوري الجريء للجيل المقبل المستعد ليحل محل دونالد ترمب، لكنه بعد مخاوف عديدة من أن يحل ثالثاً بحسب ما توقعت استطلاعات الرأي، أبلى بلاءً حسناً بحصوله على المركز الثاني بشق الأنفس وجذب 21.2 في المئة من أصوات التجمعات الانتخابية، مما قد يساعده على الاستمرار في المنافسة عبر الولايات المستقبلية بعدما منحته أيوا التي تضم تياراً قوياً من الجمهوريين المحافظين فرصة أفضل لتجاوز هايلي والظهور على أنه بديل مناسب لترمب بمزيد من الزخم.

لكن على رغم تفوقه على هايلي، وتفاؤله إزاء المستقبل وتأكيده عقب الإعلان عن النتيجة أنه سينجز المهمة للولايات المتحدة ولن يقدم أعذاراً في إشارة واضحة إلى ترمب، من الصعب رؤية طريق واضح بعيد المدى بالنسبة إلى حاكم ولاية فلوريدا، إذ من غير الواضح إلى متى سيتوفر لديه ما يكفي من التمويل للاستمرار في السباق.

ويبدو أن واحدة من أهم العقبات التي تواجه ديسانتس أنه حاول التنافس بخطاب سياسي على يمين ترمب، فصوره على أنه غير محافظ بما فيه الكفاية، مما أدى إلى فشل هذه الاستراتيجية لأنه لم يكن هناك عدد كافٍ من الجمهوريين الذين يريدون التخلي عن ترمب وتأييد ديسانتس بدلاً منه.

وبعد أيوا، يتوجه ديسانتس إلى ولايات لا يتمتع فيها بأي من المزايا الأيديولوجية التي كان يستحوذ عليها في ولاية أيوا، حيث ينتظر أن يواجه ناخبين أكثر اعتدالا في نيو هامبشاير، حيث يحتل فيها المركز الثالث أو حتى الرابع، ومن المتوقع حسب استطلاعات الرأي أن يخسر بشدة أمام ترمب في ولاية نيفادا، التي ستعقد مؤتمراتها الحزبية التالية، وإذا استمر ديسانتس في السباق بعد تلك النقطة، فإنه سينتقل إلى ولاية ساوث كارولينا التي يحظى فيها ترمب بشعبية واسعة، ويعرف الناخبون هناك جيداً حاكمتهم السابقة هايلي.

نيكي هايلي

على رغم أن نيكي هايلي حلت ثالثاً في ولاية أيوا بنسبة 19.1 في المئة بعد ديسانتس بفارق ضئيل، فإنه قياساً على توقعات الصيف الماضي، كانت هذه ليلة مشجعة، حتى لو كان أنصارها الأكثر تمنيا فقط يريدون لها تأييداً أفضل بما يكفي لرؤية الطريق إلى النصر النهائي، ففي معظم فترات العام الماضي، كانت نسبة استطلاعات الرأي تمنح هايلي في ولاية أيوا أقل من 10 في المئة، وكان لديها القليل من المال، ولم يكن بحوزتها تنظيم جيد في أيوا، مقارنة بديسانتس الذي تمتع ببداية قوية في أيوا من حيث المال والموظفين والدعم المحلي.

لكن هايلي تمكنت خلال فترة وجيزة من تعزيز كتلة الحزب المهمشة المناهضة لترمب وتشكيل ائتلاف من الجمهوريين الحاصلين على تعليم جامعي والمستقلين وحتى بعض الديمقراطيين الذين يعيشون في المناطق الحضرية والضواحي، وانتقدت ديسانتس بشدة على شاشة التلفزيون، وأنفق حلفاؤها أكثر من 20 مليون دولار على إعلانات هجومية ضده.

وعلى رغم أن هايلي مرت بأسبوعين مريرين قبل انتخابات أيوا بسبب تركيز الإعلام على انتقادها عقب تجاهلها توضيح أن العبودية هي أحد أبرز أسباب الحرب الأهلية الأميركية مما أضعف الزخم الذي كانت تحظى به، فإن فوزها بتأييد نحو ربع أصوات أيوا يعد خطوة ليست سيئة تماماً، بينما تستعد لولايتين تعتقد أنها ستحقق فيهما نتائج أفضل بكثير، حيث يعد الناخبون الجمهوريون في أيوا أكثر تحفظا من نيو هامبشاير، التي تجرى بها الانتخابات بعد أسبوع واحد.

وتبدو نيكي هايلي على أنها المرشحة الأقوى من ديسانتس في نيو هامبشاير، حيث يمكن للمستقلين التصويت، وينظر إلى الناخبين من الحزب الجمهوري على أنهم أكثر اعتدالاً، ولهذا يجب عليها أن تثبت قدرتها على هزيمة ترمب أو في الأقل الاقتراب منه بما يكفي لتبرير إبقاء حملتها على قيد الحياة حتى الانتخابات التمهيدية في ولايتها الأصلية ساوث كارولينا في 24 فبراير (شباط) المقبل التي من المرجح أن تكون أرضاً أكثر خصوبة بحكم معرفتها بالولاية من كثب وانتمائها إليها لسنوات طويلة على رغم أن ترمب لا يزال يتقدم عليها هناك.

وتعكس تصريحات هايلي الأكثر تفاؤلاً عقب الإعلان عن نتائج أيوا، مدى رهانها على سباق ثنائي فقط بينها وبين ترمب، حيث قالت بوضوح إنها ستجعل المنافسة بين شخصين فقط، كما انتقدت ترمب عندما اعتبرت أنه والرئيس بايدن متشابهان في السن الذي يتأرجح حول الـ80 سنة قائلة إن الأميركيين يريدون جيلاً جديداً من القادة.

ماذا تعني أيوا لباقي أميركا؟

على رغم التاريخ الذي صنعه ترمب، فإن النتائج في ولاية أيوا التي ينتمي معظمها إلى المحافظين من المسيحيين الإنجيليين، وتعد ولاية ريفية يغلب عليها تقليدياً اللون الأحمر الذي يرمز للحزب الجمهوري، فإن الولاية لا تقدم أدلة واضحة لما يمكن أن تكون عليه الانتخابات الرئاسية في الخامس من نوفمبر المقبل.

وفي حين لا تظهر علامات شك في أن ترمب تمكن من تحقيق اصطفاف سياسي كبير داخل الحزب الجمهوري، وأظهر مدى التزام مؤيديه بعدما خاطر عديد منهم بالخروج للتجمعات الانتخابية من أجل دعمه وسط ظروف جوية شديدة البرودة، فإن المؤتمرات الحزبية التي تميز أيوا وقليل من الولايات الأخرى، لا تشبه إلى حد كبير التصويت في معظم أنحاء الولايات الأخرى، كما أن المؤتمرات الحزبية لا تجتذب سوى جزء صغير من المشاركين، فقد شارك ما يقارب 110 ألف ناخب جمهوري يمثلون نحو 15 في المئة من 720 ألف جمهوري مسجل في ولاية أيوا هذا العام.

وحتى في السنوات التي شهدت إقبالاً أكبر على المشاركة، تتمتع المؤتمرات الحزبية بسجل سيئ في اختيار المرشح الجمهوري، وعلى سبيل المثال لم يتمكن خلال السباقات الجمهورية السبعة الأكثر تنافساً منذ عام 1980، سوى اثنين ممن فازوا بولاية أيوا من الحصول على ترشيح الحزب وهما السيناتور بوب دول من كانساس في عام 1996، وحاكم تكساس جورج دبليو بوش في عام 2000.

وبينما يتوقع أن تعود الغالبية العظمى من الناخبين الجمهوريين إلى الخروج من أجل دعم الرئيس السابق في الانتخابات العامة، فإنه من الصعب استخلاص ما تعنيه شعبيته في أيوا بالنسبة إلى الناخبين الجمهوريين المتأرجحين والمستقلين الآخرين والذين يحتاج إليهم بقوة للفوز بالانتخابات الرئاسية في نوفمبر.

المزيد من تقارير