أكد رئيس وزراء السودان عبدالله حمدوك في مؤتمر صحافي عقده مساء الخميس الخامس من سبتمبر (أيلول) بمناسبة إعلان حكومة الفترة الانتقالية، أن أولويات حكومته تتمثل في تحقيق السلام وتأسيس لبنة قوية لبناء اقتصاد مبني على الإنتاج، والالتزام بسياسة خارجية تقوم على الاحترام المتبادل مع المجتمع الدولي والإقليمي، واحترام مبدأ الحكم الرشيد، وبناء مشروع وطني يخاطب جذور المشكلة السودانية منذ الاستقلال.
واعتبر سياسيون سودانيون، بحسب ما نقلت عنهم "اندبندنت عربية"، أن التشكيل الوزاري لحكومة حمدوك جاء معبراً عن واقع وطموحات الشعب السوداني وملبياً لمتطلبات الثورة التي نادت باتباع معايير الكفاءة والبعد من المحاصصة والمجاملة، مقللين من تأخر فترة إعلان الحكومة ما دام أنه يصب في خانة التدقيق في اختيار الطاقم الوزاري وفقاً للمعايير المتفق عليها.
وحدد السياسيون أنفسهم مهام وأولويات الحكومة الجديدة، لا سيما تأمين الثورة، وتحقيق السلام، ووقف التدهور الاقتصادي، وإيجاد علاقات دبلوماسية متوازنة مع المجتمعين الدولي والإقليمي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ظواهر إيجابية
وقال نائب رئيس حزب الأمة القومي اللواء فضل الله برمة ناصر "ما أعلن من تشكيل وزاري جرى بناء على أسس ومبادئ أجمعت عليها كل القوى السياسية داخل قوى الحرية والتغيير، وتضمنت معايير اختيار الوزراء على أساس الكفاءة والخبرة والاستقلالية، وأضاف عليها رئيس الوزراء التمثيل النوعي والجغرافي، وكذلك الالتزام بنسبة مشاركة المرأة والتي حددت بـ 40 في المئة"، منوهاً إلى أن إعلان الوزارة بهذا الشكل يظهر أن هناك حرصاً وتدقيقاً بأهمية أن تكون هذه الحكومة ذات مستوى عال وتستطيع قيادة البلاد إلى بر الأمان.
أضاف "من الظواهر الإيجابية في هذه الحكومة الابتعاد من مسألة المحاصصة السياسية وهي كانت من سمات النظام السابق وسبب فشله في معالجة المشكلات التي يعاني منها الشعب السوداني"، وقلل من تأخر إعلان الوزارة بقوله "صحيح أن تشكيل هذه الحكومة استغرق وقتاً طويلاً، لكن ما دام الأمر كان مرتبطاً بالتدقيق في المرشحين والتشاور حولهم، فهذا شيء مقبول لأن النتائج ستكون جيدة ومفيدة وسيلاحظها المواطن منذ الوهلة الأولى لبدء الحكومة مهامها".
التحدي الأول
وتناول ناصر تحديات الحكومة الجيدة قائلاً "من وجهة نظري أن التحدي الأول لهذه الحكومة هو تأمين الثورة من العناصر التي لا تريد خيراً لهذا البلد، ثم تحقيق السلام في أرجاء السودان لأن الاستقرار هو العامل المهم والداعم لأي حكومة، كذلك مسألة المعيشة، فلا بد من العمل على تخفيف معاناة المواطن السوداني وعدم إرهاقه بالضرائب والجبايات، إضافة إلى وقف التدهور الاقتصادي، وإيجاد علاقات خارجية متوازنة قائمة على الحياد والمصالح المشتركة مع دول العالم لاستعادة السودان مكانته الطبيعية على المستويين الدولي والإقليمي".
توافق ورؤية وبرامج
وفي السياق ذاته، أوضح القيادي في قوى الحرية والتغيير بابكر فيصل "لقد حدث توافق حقيقي بين مكونات قوى الحرية والتغيير حول الفريق الوزاري لحكومة حمدوك، إذ جرى استقطاب كفاءات على مستوى عال كل في مجاله، فضلاً عن الالتزام بمعايير أخرى شكلت إضافة حقيقية مثل التنوع الولائي (المناطقي)، والجانب النوعي، وتمثيل المرأة والشباب، بالتالي يعتبر التشكيل الوزاري معبراً عن الواقع ومتطلبات الثورة"، لافتاً إلى أنه على الرغم من التحديات الكبيرة والتركة الثقيلة التي خلفها النظام السابق إلا أن هناك آمالاً وطموحات كبيرة ينتظر أن تحققها هذه الحكومة لما تمتلكه من رؤية وبرامج ذات أهداف واضحة ومحددة بفترة زمنية، كما أن هناك تعويلاً على مقدرات رئيس الوزراء عبدالله حمدوك والعلاقات الدولية والإقليمية التي ستلعب دوراً مهماً في إنجاح المرحلة الانتقالية.
وأكد أيضاً أن من أهم مقومات نجاح هذه الحكومة هي الإرادة التي يتمتع بها المسؤولون في هذه الحكومة والدعم الجماهيري المؤيد لكل الخطوات والخطط التي سيتم تنفيذها لإنقاذ البلاد من حالة التردي الاقتصادي والعزلة الدولية التي شهدتها طيلة 30 عاماً الماضية.
مطالب الجماهير
في غضون ذلك، جدد عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني صديق يوسف رفض حزبه المشاركة في التشكيلة الحكومية التي أعلن عنها، وفي المجلس التشريعي المقترح تشكيله خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، حاصراً مشاركته في السلطة الانتقالية بالبلاد على مستويات الحكم المحلي، لكنه أكد دعم الحزب الشيوعي لأي برنامج وسياسات إيجابية تصب في مصلحة المواطن السوداني. ووصف الوثيقة الدستورية التي وقعت عليها قوى الحرية والتغيير مع الجيش بأنها "تفرض هيمنة العسكر على الحكومة المدنية"، واعتبر أنها لا تحقق مطالب الجماهير.
وأكد مواصلة حزبه في النضال الجماهيري لأجل تحقيق عدد من المطالب على رأسها تشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق في "مجزرة فض الاعتصام والعمل على متابعة المفقودين"، إلى جانب وقف الحرب، والترتيبات الأمنية لحل "كل الميليشيات وتحقيق قومية القوات النظامية"، منوهاً إلى أن هذه القرارات اتخذها الحزب بناء على مواثيق إعلان الحرية والتغيير، ونداء السودان، والبديل الديمقراطي، التي اتفق حولها مع القوى السياسية في أوقات سابقة.
ثلاث قضايا عاجلة
وحول التحديات والمهام التي يجب على حكومة حمدوك القيام بها، أكد يوسف أن هناك ثلاث قضايا عاجلة تنتظر الحكومة المدنية الانتقالية لبحثها والتوصل فيها إلى حلول سريعة، وهي الحريات والسلام والمعيشة، لافتاً إلى أنه لا بد من أن يتم في مجال الحريات إطلاق المعتقلين السياسيين وأسرى الحرب خصوصاً حاملي السلاح، كما يجب إلغاء قانون أمن الدولة واستبداله بما ورد من تشريعات وقوانين في الوثيقة الدستورية على أن يكون جهاز الأمن والاستخبارات مجرد جهاز لجمع المعلومات وتحليلها من دون أن تكون لدية قوات نظامية لممارسة القتل والإرهاب، فضلاً عن أهمية مراجعة كل ما يتعلق بممتلكات الجهاز وأصوله وما لديه من تقارير ومعلومات.
ودعا يوسف في مجال السلام إلى إصدار عفو عن حاملي السلاح من الحركات المسلحة ودعوتهم للتفاوض من أجل العودة إلى الخرطوم للمساهمة في العملية السياسية بجانب القوى السياسية الأخرى، مؤكداً أنه من المهم جداً وقف الحرب ومعالجة آثارها وحشد الهمم لتحقيق السلام العادل والشامل، والعمل على معالجة موضوع الميليشيات المسلحة، لا سيما أن في البلاد ثمانية جيوش غير نظامية مثل قوات الدعم السريع والقوات الأخرى التابعة للحركات المسلحة، على أن يكون هناك جيش واحد في نهاية فترة الحكم الانتقالي.
البرنامج الإسعافي الاقتصادي
وشدد على أهمية الإسراع في تنفيذ البرنامج الإسعافي الاقتصادي العاجل الذي وضعته قوى الحرية والتغيير لمعالجة الوضع المعيشي المستفحل والهادف إلى رفع وتخفيف المعاناة عن كاهل الشعب السوداني الذي عانى من ويلات ارتفاع أسعار السلع الأساسية بمعدلات عالية طيلة فترة النظام السابق، مشيراً إلى أنه من المهم جداً التفكير مبكراً في ميزانية العام المقبل والتي يجب أن تكون مختلفة عن الميزانيات السابقة من ناحية توجيه 75 في المئة من نفقاتها لمصلحة المواطن بدعم مجال الخدمات والتعليم والصحة.
التشكيلة الوزارية
وضمت حكومة حمدوك 18 وزيراً من أصل 20 وزيراً وهم: عمر منسي لشؤون مجلس الوزراء، الفريق جمال عمر لوزارة الدفاع، الفريق شرطة الطريفي إدريس دفع الله للداخلية، نصرالدين الباري للعدل، أسماء محمد عبدالله للخارجية، انتصار صغيرون وزارة التعليم العالي، إبراهيم البدوي للمالية والتخطيط الاقتصادي، أكرم علي التوم للصحة، محمد الأمين التوم للتربية والتعليم، عادل إبراهيم لوزارة الطاقة والتعدين، ياسر عباس للري والموارد المائية، عيسى عثمان شريف للزراعة، لينا الشيخ للعمل والتنمية الاجتماعية، مدني عباس مدني للتجارة والصناعة، يوسف آدم الضي للحكم الاتحادي، نصرالدين مفرح للشؤون الدينية والأوقاف، ولاء عصام البوشي للشباب والرياضة وفيصل محمد صالح للثقافة والإعلام.
وأُرجئ تعيين وزيري البني التحتية والثروة الحيوانية لمزيد من التشاور مع قوى الحرية والتغيير ومجلس السيادة.