Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اهتمام الناخبين البريطانيين منصب على الاقتصاد لا على الهجرة

خبير في الاستطلاعات يرى أن حكومة المملكة المتحدة تركز على أولويات في غير محلها في وقت تضاعفت فيه أعداد الذين يعانون أزمة مالية 3 مرات منذ عام 2019

يتخلف حزب "المحافظين" عن حزب "العمال" المعارض بنحو 27 نقطة في استطلاعات الرأي (شاترستوك)

ملخص

رأى متخصص بارز في استطلاعات الرأي في المملكة المتحدة أن الناخبين البريطانيين سيعطون الأولوية للوضع الاقتصادي المقلق بالنسبة إليهم في الانتخابات المقبلة على حساب المخاوف المتعلقة بمسألة الهجرة

رأى السير جون كورتيس المتخصص البارز في استطلاعات الرأي في المملكة المتحدة أن الناخبين البريطانيين سيعطون الأولوية للوضع الاقتصادي المقلق بالنسبة إليهم في الانتخابات المقبلة على حساب المخاوف المتعلقة بمسألة الهجرة.

وأوضح السير جون أن البريطانيين يعانون في الوقت الراهن حالة "تشاؤم اقتصادي عميق"، منبهاً إلى أن حكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك - التي انشغلت طوال الأسبوع الماضي بـ"مشروع قانون رواندا" Rwanda Bill الجديد (الذي يقضي بترحيل مهاجرين إلى رواندا، كانوا قد وصلوا بطرق غير شرعية إلى بريطانيا) - إنما تركز على القضية الخاطئة، وتصرف انتباه الناخبين عن القضية الرئيسة التي تهمهم. وشدد كذلك على أن "السباق الانتخابي المقبل سيتأثر بصورة كبيرة بمخاوف الناس المتعلقة بالاقتصاد وبارتفاع كلفة المعيشة. ومن المرجح أن تعطى هذه القضايا الأولوية، وأن تؤثر في قرار عدد أكبر من الناخبين في الاقتراع، مقارنة بالتركيز الأخير للحكومة على ملف الهجرة، كما ظهر خلال الأسبوع الماضي".

يشار إلى أن حكومة ريشي سوناك تعاني خلافات بين أعضائها حول "مشروع قانون رواندا"، الذي يهدف إلى إرسال طالبي اللجوء إلى الدولة الواقعة في شرق أفريقيا، بدلاً من السماح لهم بالاستقرار في المملكة المتحدة.

وكان رئيس الوزراء قد عقد مؤتمراً صحافياً الخميس لمناشدة "مجلس اللوردات" دعم خطته المتعلقة بترحيل طالبي لجوء إلى رواندا، مشدداً على اعتبارها "أولوية وطنية".

إلا أن السير جون كورتيس قال في إحاطة إعلامية لمؤسسة "سيتيزينس أدفايس" Citizens Advice الخيرية (وهي منظمة مستقلة تقدم المشورة لمساعدة الأشخاص الذين يواجهون مشكلات قانونية أو يعانون ديوناً أو من مصاعب في مسائل كالإسكان وغيرها من المشكلات)، إن الناخبين يشعرون بتشاؤم كبير حيال مواردهم المالية وكذلك وضع الاقتصاد، بحيث تشير استطلاعات الرأي إلى أن هذه المسألة ستكون عاملاً حاسماً في توجيه خيارهم، عندما يقومون بالتصويت في الانتخابات.

وقد كشفت مؤسسة "سيتيزينس أدفايس" الخميس الماضي، أن عدد الأشخاص الذين ساعدتهم في أزماتهم خلال عام 2023 قد تضاعف 3 مرات تقريباً منذ عام 2019، ليصل إلى أكثر من 220 ألف شخص. ويشمل ذلك إحالة البعض إلى بنوك الطعام للحصول على المساعدة الغذائية، وتقديم دعم مالي طارئ للبعض الآخر.

وأضاف السير جون المتخصص في مجال السياسة في "جامعة ستراثكلايد"، أنه "لم يحدث في عهد أي برلمان بريطاني سابق أن كان الناس عموماً على هذا النحو من التشاؤم، الذي يبدو مترسخاً وعميقاً في ما يتعلق بوضع الاقتصاد".

وبحسب آخر استطلاع أجرته مؤسسة "يوغوف" YouGov (المتخصصة بأبحاث السوق في المملكة المتحدة) فإن حزب "المحافظين" يتخلف عن حزب "العمال" المعارض بنحو 27 نقطة في استطلاعات الرأي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعزو كورتيس السبب في هذا التراجع لحزب "المحافظين"، إلى حدثين محوريين ساهما في تآكل الدعم العام له، الأول، ما كشف عنه في فضيحة "حفلات الإغلاق" partygate خلال حكومة بوريس جونسون، والثاني، "الموازنة المصغرة" التي طرحتها رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس، والتي أدت إلى تراجع كبير في قيمة الجنيه الاسترليني، وارتفاع في أسعار الفائدة على الرهن العقاري. وأشار إلى أن هذا الحدث الثاني "وضع الاقتصاد في مقدم القضايا الأخرى وفي صلب اهتمام الناس"، مما منح حزب ’العمال‘ الأسباب الكافية لربط ليز تراس بالفشل، وإلقاء اللوم عليها في الوضع الاقتصادي السيئ الملحوظة". وشدد السير جون على أن "هذا هو السبب وراء سوء أداء الاقتصاد".

ونبه في المقابل إلى أن توقعات الحكومة بأن "تؤدي التخفيضات الضريبية إلى النتائج المرجوة قد تكون في غير محلها". وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن الناخبين هم أكثر انشغالاً بوضع الخدمات العامة في البلاد، من حجم الضرائب.

وكانت مؤسسة "سيتيزنس أدفايس" قد ساعدت في عام 2023 عدداً من الأفراد غير القادرين على تحمل كلفة زيادة مدفوعات عدادات الطاقة مسبقة الدفع الخاصة بهم، مما جعلهم يعيشون بلا كهرباء في منازلهم. وفي ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، وجد 38111 شخصاً أنفسهم في هذا الوضع المحفوف بالأخطار. وفي الوقت نفسه وصل الطلب على دعم حالات التشرد إلى ذروته منذ نحو 8 أعوام، عندما تقدم قرابة 70 ألف شخص بطلب المساعدة.

يضاف إلى ذلك أن الكلف المعيشية الأساسية، كارتفاع الإيجارات وأسعار المواد الغذائية، تسببت في تراكم ديون أولئك الذين طلبوا المساعدة من الجمعيات الخيرية. وقبل جائحة كورونا كانت غالبية طالبي المساعدة من المستأجرين الاجتماعيين [المنازل المستأجرة من المجالس البلدية]، الذين تجاوز في عددهم المستأجرين من القطاع الخاص. ومع ذلك، فقد انعكس هذا الاتجاه الآن، مع تحول مزيد من المستأجرين من القطاع الخاص إلى الجمعيات الخيرية للحصول على الدعم.

وتوقعت المؤسسة الخيرية أن يشهد شهر يناير (كانون الثاني) من السنة الجارية 2024، ارتفاعاً قياسياً في الطلب على الدعم، قبل أن تبدأ الأمور بالتحسن بعض الشيء في الربيع المقبل، مع إقرار دفع كلفة معيشة إضافية من الحكومة، وزيادة "الحد الأدنى الوطني للأجور" National Minimum Wage.

ولفت السير جون كورتيس، الخميس، إلى أنه حتى الناخبون الذين هم أفضل حالاً من الناحية المالية، سيكونون قلقين في شأن الآخرين الذين يواجهون صعوبات في التأقلم. وقال "عندما يتعلق الأمر بالطريقة التي يدلي بها الناخبون بأصواتهم، في وقت تعد فيه الاعتبارات الشخصية مهمة، فإنه غالباً ما يقوم الناخبون بتقييم الأمور من خلال منظور أوسع لواقع الأداء الاقتصادي". ورأى أنه ليس فقط الأفراد الذين يطلبون المساعدة من مؤسسة "سيتيزنس أدفايس" هم من سيتأثرون بحال الاقتصاد. فحتى المتسوقين مثلاً في متاجر "ويتروز" [مثال عن الطبقة المتوسط وما فوق]، شعروا بتأثير تضخم أسعار الغذاء. وأوضح السير جون وجهة نظره بإعطاء مثال عن الأهالي الذين يمتلكون منازلهم الخاصة، لكنهم يشعرون بقلق من معاناة أبنائهم من تحمل كلفة الإيجارات أو أقساط الرهن العقاري. وقال "قد تكون الشبكات العائلية الأوسع للناس أكثر اتصالاً بهذه القضايا".

وشدد على أن "التحديات المتعلقة بحالة الاقتصاد ليست معزولة عن الأشخاص الذين يطلبون المساعدة، بل تمتد إلى أفراد أسرهم الذين يتأثرون بصورة مباشرة بهذه الأزمة".

ونبه المتخصص في استطلاعات الرأي أيضاً إلى أن الانتخابات المقبلة قد تشهد مشاركة ضعيفة في الاقتراع من جانب الناخبين، لأن "الفارق بين ما تطرحه الأحزاب هو ضئيل". وقال إن الناخبين وجدوا أن الأحزاب "مملة للغاية"، وهم يعتبرون أن جميع زعماء الأحزاب الرئيسة الثلاثة "يفتقرون للصفات المقنعة والديناميكية".

وأوضح أنه إلى جانب استطلاعات الرأي المستمرة التي تشير إلى تقدم كبير لحزب "العمال"، فإن هذا الجانب يمكن أن يسهم في خفض نسبة إقبال الناخبين على التصويت.

كلير موريارتي رئيسة مؤسسة "سيتيزنس أدفايس" قالت: "لقد لاحظنا توسعاً في نطاق الحاجات، لكن الأهم من ذلك هو تفاقم هذه الحاجات، إذ نشهد تزايداً حاداً في التحديات التي يواجهها الأفراد الذين يطلبون المساعدة. ويشير عدد متزايد من الأفراد الذين يعودون لطلب مزيد من المساعدات، إلى أن الناس الآن يعانون الآن من ظروف أكثر صعوبة بكثير من ذي قبل".

ورأت أخيراً أن كلف الإسكان وأسعار الطاقة والديون وانخفاض الدخل الحقيقي، يجب أن "تحظى بالأولوية، وأن تكون في صلب ما هو مدرج في الأجندات السياسية لجميع الأحزاب، مع اقترابها من سنة الانتخابات".

© The Independent

المزيد من دوليات