حملت الأمطار الغزيرة هذا العام الخير للأراضي الزراعية وجاءت بغلّة وفيرة من المحاصيل السورية وعلى رأسها القمح، أحد أبرز محاصيل البلاد التي يُعوَّل عليها، على الرغم من إحراق آلاف هكتارات الشعير والقمح، بداية فصل الصيف المنصرم.
تحسن الإنتاج
وينبئ الموسم الزراعي هذا العام بتزايد تدريجي في المحاصيل، مقارنة بالعام الماضي وما سبقه من سنوات الحرب، وفق تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو" في الخامس من سبتمبر (أيلول) 2019.
وقدّرت المنظمة إنتاج القمح خلال عام 2019 بحوالى 2.2 مليون طن، وهو موسم مضاعف، سجل تصاعداً عن العام الماضي، وصل حينها إلى 1.2 مليون طن.
ورصدت منظمة الأغذية في تقريرها الذي شمل عشر محافظات سورية من أصل 14، باستثناء محافظتي الرقة وإدلب بسبب انعدام الأمن، زيادة في إنتاج محصول الشعير بخمسة أضعاف مقارنة بإنتاج عام 2018.
في المقابل، تستهلك سوريا ما معدله 2.5 مليون طن من القمح سنوياً، وتشير مصادر مطلعة إلى أنها تسد هذه الحاجات من الإنتاج المحلي في معظمه وتستورد الباقي، وأكثر الشحنات التي تصلها آتية من الدولتين الحليفتين روسيا وإيران.
وكانت الأراضي السورية قبل النزاع المسلح الأخير عام 2011، مكتفية ذاتياً وتنتج ما يفوق أربعة ملايين طن سنوياً، وتستطيع أن تصدّر جزءًا منه يفوق المليون طن.
تحديات وميزات
ويرى مراقبون في الشأن الزراعي أن وفرة الإنتاج هذا العام حددته عوامل عدة، أبرزها تتعلق بالطبيعة وغزارة الأمطار وعوامل أمنية، دفعت وقتها حالة الاستقرار المزارعين إلى زيادة العمل والزراعة واتساع مساحة الأراضي المستثمرة.
وعلى الرغم من تحسن إنتاجه الزراعي، يواجه الأمن الغذائي السوري صعوبات جمّة في كثير من المناطق التي لا تزال تشهد توترات كبيرة، ومنها إدلب والجزيرة السورية وشرق البلاد.
ذخائر متفجرة في الحقول
أما تفاؤلُ المهندسِ الزراعي رفعت البوشي بأرقام إنتاج موسم هذا العام، فتشوبه غصّة حول واقع الزراعة السورية المتردّي ومشاكل عدم إنتاج أراضٍ زراعية. وقال في تصريح لـ "اندبندنت عربية" إن "ندرة البذور وغلاءها وزيادة أسعار المحروقات المشغّلة للآلات الزراعية وعدم توفرها، إضافةً إلى انعدام التسويق بعد جني المحاصيل، كلّها تحديات يعاني منها المزارعون، والحلول في مجملها فردية وتقتصر على مساعدات محدودة من الجمعيات الفلاحية".
وعلى الرغم من أنّ البوشي يتحدث عن مزارعي محاصيل القمح في مناطق تسيطر عليها قوات النظام، إلاّ أنّ واقع الحال ليس أفضل في مناطق تشهد توترات، كما وضع المزارعين في الشمال السوري.
مايك روبسون، ممثل منظمة "الفاو" في سوريا مايك روبسون قال من جهته "على الرغم من الأمطار الجيدة، لا يزال المزارعون في المناطق الريفية يواجهون تحديات عدة... بما في ذلك وجود ذخائر متفجرة في حقولهم".
الأمن الغذائي
في السياق ذاته، يشهد الأمن الغذائي تحدياً خطيراً بسبب استمرار الأعمال العدائية المحلية والنزوح الجديد ولفترات طويلة، إضافةً إلى وجود 6.5 مليون سوري، أمنهم الغذائي مهدد إلى جانب دخول مليونين إضافيين إلى القائمة.
وتراجعت المساحات المزروعة منذ عام 2011 من 4.5 مليون هكتار إلى 4.1 مليون هكتار عام 2017، وفق دراسة أعدها الباحث حسان قطنا، الذي قال "تراجعت المساحات المزروعة المروية من 1.4 مليون هكتار إلى 948 ألف هكتار عام 2017، وتراجع بذلك الإنتاج الزراعي من 18 مليون طن عام 2011 إلى 10 ملايين طن".
وأعلن المركز الوطني للسياسات الزراعية في وزارة الزراعة في فبراير (شباط) 2019، وجود 29 في المئة من الأسر السورية، تعاني حالة انعدام في الأمن الغذائي، وفق إحصاءات رسمية صدرت عام 2018، لافتاً إلى أنّ النسبة كانت أعلى عام 2015، إذ وصلت إلى 35.8 في المئة.