ملخص
متى يصبح الممثلون أبطالاً صفاً أول؟
أي ممثل أو ممثلة عندما يدخل إلى عالم التمثيل يدور في ذهنه سؤال: متى سأكون بطل العمل الدرامي التلفزيوني أو السينمائي الذي أشارك فيه؟ ولكن النجومية والبطولة المطلقة لها مراحل متعددة يجب أن يجتازها أي طامح، أما من يصل إلى البطولة بضربة حظ فربما تستمر النجومية أو تتلاشى بعد أول عمل.
الكاتبة السورية ريم حنا تقول إن "مواصفات البطل والبطلة يمكن أن نعنونها بشخصية هرقل وفينوس إلهة الجمال عند الإغريق، ففي المسرح الإغريقي كان البطل دائماً صاحب مواصفات خاصة وخارقة، أما البطلة فمن أهم مواصفاتها أن تكون جميلة جداً، ومن هنا بدأت فكرة الأبطال في الفن. وإذا عدنا إلى المسرح القديم سنجد أن الأبطال هم ملوك دائماً، مثل الملك لير، وريتشارد الثالث، والملك أوديب وغيرهم".
مفاهيم شارلي شابلن
وتضيف حنا "ثم بقي البحث عن مواصفات البطل الخارقة، لذلك ترسخت فكرة البطل لعقود بل لعصور ومئات السنين، وحتى عندما بدأت السينما كان اختيار الممثلين ينصب على الممثل الوسيم، إلى أن وصلنا إلى عصر شارلي شابلن الذي قلب مفاهيم البطولة، وسمي بـ(الرجل الصغير) لأنه ارتبط بالثورة الصناعية وكيف تحول الإنسان إلى آلة عاملة، فقد جسد شابلن واقع المجتمع في ذلك الوقت، إلى أن عادت السينما الأميركية بعد الحروب لتبحث عن البطل الخارق، سواء المحارب أو العاشق، الذي يجب أن يتمتع بمواصفات تثير الإعجاب، وكذلك البطلة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتتابع "هذا الأمر جاء إلينا جاهزاً ومكرساً حتى في الأساطير الشرقية والعربية، مثل أبو زيد الهلالي، وعنترة بن شداد وغيرهما، وعندما كانت تحكى الحكاية تكرست فكرة البطل، ومن يحبها عليها أن تكون جميلة حتى يتعاطف الجمهور مع قصة الحب".
في الأعمال الدرامية التلفزيونية أصبحت المحطات التلفزيونية هي التي تطلب أشخاصاً بعينهم لأنها تعرف من سيحقق لها نسب مشاهدة عالية. وفي سوريا مثلاً كان المخرجون يحضرون المسرحيات التي تقام في معهد الفنون الجميلة، ومتى يشعرون أن هذا الممثل أو الممثلة يمتلكون مواصفات البطل أو البطلة يستعينون بهم، ومن يملك موهبة أثبت وجوده واستمر، أما من لم يملكها فربما تمت الاستعانة به لوسامته فقط. وبالنسبة إلى ممثلي الصف الثاني، فهم أساسيون في أي عمل درامي كي تكتمل العملية الفنية. ومنهم من لا يمتلك مواصفات البطل الأول فيبقى ثانياً دائماً".
ضوء من الآلهة
الناقد الفني المصري أحمد السماحي، يتحدث عن وجهة نظره في مسألة البطل المطلق، قائلاً "كان الفن دائماً شكلاً آسراً من أشكال التعبير يتجاوز الحدود ويأسر خيال الإنسان ويحظى نجومه بمكانة كبيرة في المجتمعات، لهذا أقبل على نجومية الفن وشهرته كثير من الطامعين والطامعات، وأحياناً يعتقد بعض صناع الفن، سواء منتجين أم مخرجين، أنهم بعلاقاتهم بالطامعات نحو الشهرة يمكنهم أن يخلقوا نجمة بين يوم وليلة لتصبح نجمة شباك، لكن الحقيقة أن الممثل كي يستحق البطولة المطلقة لا بد أن ينصهر ويذوب في مهنة التمثيل ويبدأ السلم من أوله عبر أدوار صغيرة، ثم أدوار ثانية، وفي نهاية رحلته التي يمكن أن تتجاوز السنوات العشر يرتقي ليصبح بطلاً مطلقاً. وخلال هذه الرحلة يخلق الفنان علاقة وطيدة مع الجمهور، وكثير من النجوم والنجمات بدأوا مشوارهم بهذا التسلسل الطبيعي، ومن هؤلاء نادية الجندي، وليلى علوي، وهشام سليم، وإلهام شاهين، ومنى زكي وغيرهم".
وعن مواصفات النجم الذي يستحق البطولة أكد السماحي، "لا بد أن يمتلك مواصفات عدة، أولها القبول الرباني الذي منحه رب العالمين لبعض النجوم ومنعه عن غيرهم، ثانياً الحضور، فلا بد أن يكون النجم مشعاً مثل النجوم في السماء، وهذا الأمر اختفى منذ السبعينيات في الفن المصري والعربي، فلم يعد نجم اليوم يمتلك هالة النجوم التي كانت موجودة في مثل عمر الشريف، ورشدي أباظة، وصلاح ذو الفقار، وأحمد رمزي وغيرهم. والحال نفسها بالنسبة إلى النجمات، فلا توجد نجمة الآن يمكن أن تملأ الشارع أو المكان الذي توجد فيه بالضوء كما كانت هند رستم، وفاتن حمامة، ومريم فخر الدين، ونادية لطفي وسعاد حسني، وغيرهن".
ونفى السماحي أن الوساطة يمكن أن تخلق نجوم صف أول أو نجوم شباك، مؤكداً "تكتسب صناعة نجوم الفن أهمية كبيرة كونها ليست نبتاً منزوعاً من سياقات يجب وضعها في الاعتبار، في مقدمتها البيئة الفنية نفسها التي تعمل على إفراز الموهوبين لينخرطوا بعد ذلك في أعمال يمكن أن تؤهلهم للصعود، ومن ثم يصبحون نجوماً في عالم الفن، فيمكن أن يدفع نجم أم نجمة شهيرة بابنتهما أو ابنهما نحو البطولة المطلقة وينتجا لهما، وهذه الوساطة يمكن أن تضع النجم الشاب أو النجمة الشابة في دائرة الضوء لكنها لا يمكن أن تضمن استمراره إذا لم يكن موهوباً".
الكاريزما والوسامة والموهبة
أما بالنسبة إلى سؤال: لماذا يظل كثير من النجوم في دائرة الأدوار الثانية ولا يصعدون إلى أدوار البطولة المطلقة؟ فيجيب السماحي بأن "هذه الظاهرة ليست وليدة اليوم ولكنها قديمة، فالنجم الكوميدي عبد السلام النابلسي فشل بقوة عندما قام ببطولة فيلمين هما (حلاق السيدات) و(عاشور قلب الأسد)، وكذلك الفنان عبد المنعم إبراهيم، وعمر الحريري، وزهرة العلا، وغيرهم من نجوم الماضي، والآن فشل نجوم مثل ماجد المصري، وأحمد زاهر، وفتحي عبد الوهاب وآخرين على رغم موهبتهم الطاغية، وكثيرون قاموا بالبطولة المطلقة لكنهم لم يتوهجوا وظلوا في المنطقة الرمادية، ويرجع ذلك إلى افتقاد هؤلاء إلى التوهج الرباني، وهذا ليس بأيديهم".
النجم اللبناني باسم مغنية الذي قدم عديداً من البطولات في الدراما التلفزيونية اللبنانية والعربية المشتركة، يقول إن "البطل من المفترض أنه ذلك الذي يباع العمل الفني باسمه وتحبه الناس وتتابعه، لكن هذا لا يعني أن النجم يجب أن يكون أهم فرد في المسلسل، حيث إن بعض النجوم تسوق الأعمال على حجم اسمهم لكن تمثيلهم يكون ضعيفاً، على عكس ممثل آخر يشارك في خمس حلقات ويكون دوره مؤثراً بسبب أدائه المحترف".
أما عن مواصفات النجم فيؤكد مغنية أنها "تختلف بسبب نوعية الأدوار سواء أكان طيباً أم شريراً، لكن لا شك أن بطل العمل يكون محور الأحداث. كما ينبغي أن يتمتع بالكاريزما، وموهبة التمثيل، واختيار الأدوار، والعمل مع المخرجين المميزين والكتاب الموهوبين. أما بالنسبة إلى الأدوار التي تمنح بالوساطة فيمكن أن يكون شخص موهوباً ويستحق الدعم، أما من يفتقد الموهبة فهذا الدعم لا ينفعه".
الناقدة الفنية السعودية سهى الوعل، كانت لها وجهة نظر أخرى في مسألة البطل المطلق، إذ "يصبح الممثل بطلاً عندما يبدأ الناس في المطالبة بوجوده في الأعمال الدرامية، السينمائية والمسرحية وغيرهما، وتكون لديه قاعدة جماهيرية تنقذ العمل وتحقق النجاح في الواقع. فمثلاً لدينا النجم يعقوب الفرحان يتصدر المشهد التمثيلي، والناس تثق به وبأعماله، وأيضاً إبراهيم الحجاج".
وأكدت الوعل أن "مؤهلات البطل في الأعمال الفنية تختلف بين التلفزيون والسينما، فنجم السينما يجب أن يحقق أرباحاً في شباك التذاكر، أم بطل العمل التلفزيوني فقد يوجد في الصورة بدعم من المنتج، وهناك أمثال لنجمات يقوم أزواجهن بإنتاج الأعمال لهن، وتقدم مجاناً للمحطات التلفزيونية بهدف الوجود فحسب".