ملخص
معظم طلاب المدارس الدينية ليس لديهم إلمام بعلوم الكمبيوتر والجغرافيا واللغات الأجنبية
أعلنت وزارة التعليم العالي في حكومة "طالبان" بدء الاختبارات النهائية لـ 50 ألف طالب في المدارس الدينية في مختلف أنحاء أفغانستان. واللافت أن معظم هؤلاء الطلاب وخريجي المدارس الدينية لا علم لهم بالعلوم غير الدينية، وفي بعض هذه المدارس يتم تدريس مواد تعليمية تركز على التطرف الديني.
وتمنح "طالبان" شهادات لهؤلاء الطلاب وخريجي المدارس الدينية من دون معرفة أو إلمام بالتعليم العلماني، وكانت الحكومة الأفغانية السابقة ضدّ عملية كهذه يعتمدها "طالبان" في المدارس الأفغانية.
وسيتمكن طلاب المدارس الدينية الذين يحصلون على شهادات من وزارة التعليم العالي في حكومة "طالبان"، إذا ما رغبوا، من الالتحاق بالجامعات الحكومية أو إيفادهم لمواصلة دراستهم خارج أفغانستان.
وفي هذا السياق، قال وزير التعليم العالي في حكومة "طالبان" ندا محمد نديم، الذي يعتبر من معارضي تعليم الفتيات الأفغانيات، "إن إجراء هذا الاختبار ومنح الشهادات التعليمية لطلبة المدارس الدينية يؤثر إيجاباً في التخلص من تزوير الشهادات التعليمية، واختبار طلاب المدارس الدينية يجعل من النظام التعليمي في أفغانستان شفافاً وذا مصداقية".
وأشار الوزير الأفغاني، في ديسمبر (كانون الأول) 2022، أثناء زيارته ولاية هرات، إلى اختبار مقاتلي حركة "طالبان" لتحديد مستوى تعليمهم، وقال إن "أي مقاتل من حركة طالبان كان قد زرع ألغاماً أرضية أكثر، فهو يحصل على درجة ممتاز ولا ينبغي اختبار هؤلاء المقاتلين".
وهذا المسؤول المتشدد الذي كان قد نعت النساء والفتيات الأفغانيات بألفاظ نابية في أكثر من مناسبة، قال "لقد عمل مقاتلو حركة طالبان بجدّ لمدة 20 عاماً، والآن تطلب منهم أن يشاركوا في الاختبارات؟ هؤلاء المقاتلون لا يتذكرون شيئاً. وليس ذنبهم أنهم واجهوا وحاربوا الكفار (في إشارة إلى الوجود العسكري لأميركا وحلفائها في أفغانستان) لمدة 20 عاماً. إن رتبتهم وامتيازاتهم تتحدد من خلال الألغام التي زرعوها، وأي واحد منهم زرع ألغاماً أكثر فيحصل على امتياز أكثر".
وتقوم حركة "طالبان" بإجراء الاختبارات على هؤلاء الطلاب في المدارس الدينية في الوقت الذي لا يتم، في معظم هذه المدارس، تدريس المواد غير الدينية، ويتعلم هؤلاء الطلاب العلوم الدينية والفقه فقط.
وكانت وزارة التعليم في الحكومة الأفغانية السابقة تمنح الشهادات لطلاب المدارس الدينية التي كانت تعمل تحت إشراف هذه الوزارة فقط، لكن حكومة "طالبان" تمنح المتخرجين من أي مدرسة تدعي تدريس العلوم الدينية، درجة تعادل درجة ممن درسوا وتخرّجوا من المدارس الرسمية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إن معظم طلاب المدارس الدينية ليس لديهم إلمام بعلوم الكمبيوتر والجغرافيا واللغات الأجنبية وغيرها من المواضيع العلمية الأخرى، لكن الآن، وبعد اجتيازهم الاختبارات، فيمكنهم الحصول على شهادة تعليمية رسمية.
ويعتقد المسؤولون في حكومة "طالبان" أنه، خلال العقدين الماضيين من الوجود الأميركي والغربي بشكل عام، بُذلت جهود حثيثة وكبيرة لمحاربة علماء الدين والمدارس الدينية ومنعوا من النمو. والآن بعد أن سيطروا على الحكم في أفغانستان، مكّنوا علماء الدين والمدارس الدينية ودعموا نشاطهم. كما أن احتكار السلطة في نظام "طالبان" عادة ما يكون في أيدي الأشخاص الذين تلقوا تعليمهم في المدارس الدينية فقط، ولهذا السبب هم ضد العلوم غير الدينية.
وعدا عن قيام نظام "طالبان" بتوظيف خريجي المدارس الدينية وعلماء الدين في النظام التعليمي في أفغانستان، فقد قاموا بحذف عدد من المواد والمواضيع والدروس وإضافة عدد من العلوم الدينية إلى المواضيع التعليمية. واعتبر بعض الخبراء في الشؤون التعليمية هذا الإجراء الذي قامت به "طالبان" بمثابة خطوة إلى الوراء في التعليم المدرسي والجامعي في البلاد، كما أنهم يعتقدون أن نظام "طالبان" أدخل معتقداتهم المتشددة ونظرتهم للإسلام إلى المواضيع التعليمية التي من المفترض أن تدرس في المدارس والجامعات.
وإذا ما قورن الوضع الحالي في ظل سيطرة الحركة على البلاد بالوضع في ظل الحكومة السابقة التي كانت مدعومة من قبل الدول الغربية، نجد أن الاهتمام بالدراسة الجامعية انخفض بين الشباب الأفغاني الذي لم يعد متفائلاً بمستقبل البلاد في ظل حكم "طالبان"، ولهذا السبب بات يفضل الذهاب إلى الدول الأوروبية وأميركا للدراسة بدلاً من الذهاب إلى الجامعات الأفغانية.
وتشكل المدارس الدينية والمساجد في أفغانستان والمناطق القبلية في باكستان، منذ فترة طويلة، القاعدة الرئيسية لحركة "طالبان" لتجنيد الشباب، وذلك من خلال الدعاية المكثفة، وبالتالي تحويلهم إلى عناصر انتحارية ومقاتلين في صفوف الحركة في أفغانستان. والآن، وبعد مرور نحو عامين ونصف العام على حكم الحركة، فإن هذا النظام مديون ببقائه للمدارس الدينية والمساجد، ولهذا السبب، اتخذت حكومة "طالبان" إجراءات لتوسيع المدارس الدينية والمساجد.
والعديد من سكان المناطق الحضرية في أفغانستان غير راضين عن سيطرة "طالبان" واحتكار السلطة بيد هذه المجموعة العرقية. وتحظى هذه المجموعة بشعبية أكبر بين علماء الدين وطلاب المدارس الدينية. ومن ناحية أخرى، فإن جزءاً كبيراً من الشعب الأفغاني محافظ ومتدين، ولهذا السبب، فإنهم سعداء ببناء المساجد والمدراس الدينية وزيادة عدد الطلاب في هذه المدارس. وعادة الشعب لا يأخذ في الاعتبار التهديد المتزايد لانتشار التطرف الديني، ويعتقد أن الغاية من دعم العلماء وطلبة الدين من قبل "طالبان" هي السيطرة على المزيد من المساجد والمنابر من أجل تعزيز شعبيتهم بين المواطنين، كما أن الحركة تستخدم الشريعة الإسلامية وتستغل مكانة العلماء لتحقيق هذه الغاية.
وكما هو معلوم، فإن تجنيد خريجي المدارس الدينية أسهل بكثير من تجنيد خريجي الجامعات الذين تلقوا في الحكومة الأفغانية السابقة، تعليماً دينياً عدا عن التعليم غير الديني.