تغييرات سريعة قد تدفع بالتضخم للارتفاع مرة أخرى وتغير كل حسابات "وول ستريت" تجاه ملف الفائدة في الفترة المقبلة، فقد أظهر الاقتصاد الأميركي نمواً بصورة أسرع من المتوقع في الربع الرابع من العام الماضي، وسط إنفاق استهلاكي قوي، ويعني ذلك أن الاقتصاد ما زال يقاوم كل الارتفاعات المتواصلة للفائدة من قبل مجلس الاحتياط الفيدرالي (المركزي الأميركي) التي زادت منذ مارس (آذار) 2022، بمقدار 525 نقطة أساس.
نمو قوي للاقتصاد
وكانت التوقعات بأن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة اثنين في المئة في الربع الرابع من العام الماضي، لكنه فاجأ الأسواق بنموه بنسبة 3.3 في المئة، وهي نسبة زيادة تعني مقاومة قوية ومستمرة لأكبر اقتصاد في العالم.
ويتوسع الاقتصاد بوتيرة أعلى مما يعتبره مسؤولو بنك "الفيدرالي" بأنه معدل نمو غير تضخمي يبلغ 1.8 في المئة، أي إن الاقتصاد ينمو بضعفي تقديرات "الفيدرالي"، وهو ما يعني أن مسؤولي السياسة النقدية سيستمرون في رؤية الوضع الاقتصادي على أنه متضخم ولن يقوموا بتخفيض الفائدة.
خفض الفائدة
وبدأت الأسواق تراجع توقعات للمرحلة التي سيبدأ فيها "المركزي الأميركي" في خفض أسعار الفائدة، إذ أصبح الموعد الذي كان متوقعاً قبل أسابيع قليلة، وهو مارس المقبل، بعيداً من الواقع، لكن ظلت التوقعات بأن خفض الفائدة آت لا محالة خلال هذه السنة، وعلى الأرجح في النصف الثاني من 2024.
وتراجعت احتمالات خفض سعر الفائدة في مارس 2024 إلى أقل من 50 في المئة، بعد أن كانت فوق 80 في المئة في الأسابيع الأخيرة، وارتفعت الاحتمالات حول خفض الفائدة إلى مايو (أيار) 2024.
وعلى رغم من بيانات الاقتصاد القوية، فإن التوقعات ترجح أن يبقي "الفيدرالي" سعر الفائدة دون تغيير عند النطاق الحالي بين 5.25 في المئة إلى 5.50 في المئة في اجتماعه الأسبوع المقبل.
قفزات "وول ستريت"
ودفع ذلك إلى مواصلة "وول ستريت" ارتفاعاتها التاريخية، إذ أغلق مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" عند أعلى مستوى على الإطلاق للجلسة الخامسة على التوالي، إذ رفعت بيانات الاقتصاد القوي معنويات المستثمرين بأن النمو مستمر وسينعكس على الشركات في الفترة المقبلة، بينما هناك شبه يقين بأن أسعار الفائدة ستنخفض في منتصف السنة، مما يعني أن ذلك سيعطي دفعة إيجابية أخرى للشركات عندما تتراجع كلف القروض لديها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
والعامل الجديد الذي دخل على موجة الارتفاعات في "وول ستريت" هي التوقعات المتزايدة لاستطلاعات الرأي بعودة الرئيس السابق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في الانتخابات الرئاسية المقبلة، إذ يتوقع أن يأتي ترمب بأجندة مشابهة لأجندته في ولايته الأولى التي أدت إلى خفض الضرائب على الشركات والأفراد، والإسهام في رفع إنتاجية الشركات الأميركية وتعزيز قطاعي النفط والغاز.
وكانت ولاية ترمب أدت إلى خفض الضرائب على الشركات بنسبة قياسية من 35 في المئة إلى 21 في المئة، وكانت وقتذاك أقل ضريبة على الشركات في العالم.
ربحية الشركات
ودفعت كل هذه الإشارات الإيجابية لموجة صعود تاريخية في الأسهم الأميركية، هي الأعلى منذ عامين، إذ تشهد كل الشركات التكنولوجية الكبرى صعوداً كبيراً من "أبل" إلى "مايكروسوفت" و"أمازون" و"ألفابت" و"ميتا" و"إنفيديا" وغيرها، مدعومة بالرهان على الذكاء الاصطناعي وقطاع الرقائق الإلكترونية، لكن بالوقت نفسه فتحت أسئلة إذا كانت أسعارها قد وصلت لمستويات غير مبررة من ناحية السعر إلى الربحية، إذ تسير في مسار صعودي منذ أدنى مستوياتها في عام 2022.
وأظهرت بيانات شركة "بورصة لندن" أنه من بين الشركات المدرجة على مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" التي أعلنت عن أرباح حتى الآن، فإن 82 في المئة منها فاقت التوقعات، وذلك مقارنة مع متوسط عند 67 في المئة في السنوات السابقة، ويظهر ذلك حجم النمو الكبير في الأرباح الذي يبرر قفزات أسعارها.