Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الخلافات المالية بين بغداد وأربيل تشعل الاحتجاجات في كردستان

سياسيون ونواب أكراد يتهمون السلطة الاتحادية بممارسة "ازدواجية المعايير"

تواصلت التظاهرات في مناطق السليمانية بإقليم كردستان   (صفحة معلمي السليمانية على فيسبوك)

ملخص

تواصلت التظاهرات في مناطق السليمانية بإقليم كردستان بموازاة اتساع رقعة الإضرابات في أكثر من قطاع احتجاجاً على تفاقم أزمة الرواتب على أثر استمرار الخلافات بين حكومتي أربيل وبغداد

على رغم بدء السلطات تطبيق عقوبات إدارية فقد تواصلت التظاهرات في مناطق السليمانية بإقليم كردستان، بموازاة اتساع رقعة الإضرابات في أكثر من قطاع احتجاجاً على تفاقم أزمة الرواتب على أثر استمرار الخلافات بين حكومتي أربيل وبغداد، وفي وقت تتصاعد الأصوات الداعية إلى إنهاء الإضرابات، تعرض رئيس المجلس الأعلى للإفتاء في الإقليم إلى انتقادات شعبية عقب دعوته موظفي القطاع العام إلى "التحلي بالصبر".  

ومنذ 45 يوماً لم يتقاض موظفو القطاع في عموم الإقليم رواتبهم الشهرية، فضلاً عن عدم تلقيهم نظيرتها خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، في ظل إضرابات متواصلة للمعلمين منذ انطلاق العام الدراسي الحالي أواسط سبتمبر (أيلول) الماضي، مشترطين على دعوات تعليق الإضراب صرفاً فورياً للرواتب وإعادة العمل بنظام الترقية المعلق منذ سنوات وتعيين ما يعرف بـ"المحاضرين المجانيين" على الملاك الحكومي الدائم.

تحد للإجراءات

وجابت مسيرات احتجاجية في مركز محافظة السليمانية، معقل نفوذ حزب "الاتحاد" بزعامة بافل طالباني الشريك الرئيس في حكومة الإقليم التي يقودها الحزب "الديمقراطي" بزعامة مسعود بارزاني، وكذلك في مناطق حلبجة وكلار وإدارة رابرين وبلدات أخرى، في موازاة اتساع رقعة الإضراب الذي كان اقتصر على قطاع التربية، إلى بعض موظفي مديريات المرور والصحة والكهرباء، إلا أن المناطق الخاضعة لحزب بارزاني وأبرزها محافظتا أربيل ودهوك لم تشهد أي تظاهرات أو إضرابات، على رغم صدور بيان من نشطاء هددوا فيه بتنظيم احتجاجات مماثلة.

ومنذ أكثر من أربعة أشهر حرمت الإضرابات نحو 700 ألف طالب من التعليم، أي ما يربو على 40 في المئة من مجموع العدد الكلي للطلاب في الإقليم والبالغ نحو مليون و800 ألف طالب.

وأقر مجلس الوزراء العراقي في وقت سابق على تمويل إقليم كردستان وفق الموازنة الاتحادية وبحسب الإنفاق الفعلي بمبلغ 618 مليار دينار أو ما يعادل 412 مليون دولار لشهر يناير (كانون الثاني) الجاري، ضمن حصة الإقليم البالغة 12.67 في المئة من الموازنة، إلى حين التوصل إلى اتفاق على تعديل قانون الموازنة، وعلى رغم أن القرار لقي ترحيباً كردياً على رغم التحفظات على "قلة المبلغ" بعد طي مرحلة "آلية القروض" التي اعتمدت لتغطية رواتب أشهر الصيف الماضي، فإن وزارة المالية الاتحادية تتحفظ على إطلاق التمويل "بسبب ورود جملة من المخالفات في قوائم الملاكات الوظيفية المرسلة من قبل الإقليم".

 

 

تحفظات قانونية

وكانت الدوائر المعنية أصدرت دعوات إلى إنهاء الإضرابات وهددت باتخاذ إجراءات قانونية في حق المخالفين "مع بدء تطبيق نظام تسجيل أسماء الغائبين". وقال أحد المضربين من المعلمين ويدعى محمود سعيد إن "عديداً من المعلمين اضطروا منذ أيام إلى تعليق إضرابهم خشية من العقوبات الإدارية، لكنهم قد لا يلتزمون تقديم المحاضرات"، مشيراً إلى أن "احتجاجات اليوم شهدت زخماً، وهذا مؤشر إلى أن الإجراءات قد لا تجدي في ثني المعلمين عن المطالبة بحقوقهم".

من جانبه، أكد الناشط عثمان كلبي أن "عدداً من المدارس في مركز السليمانية فقط علقت إضرابها، لكن معظم المعلمين إلى الآن ما زالوا مصرين على الإضراب، وقد شاركوا بكثافة في الاحتجاجات".

وحول الموقف من اتخاذ عقوبات بالغياب ضد المضربين من المعلمين، يقول القانوني النائب السابق لطيف أمين إن "على كل موظف حقوق وواجبات، لكن الالتزام واجب على الطرفين المعنيين، على الحكومة صرف المستحقات مقابل التزام الموظف واجباته، وعندما لا يلتزم الطرف الأول فإن رد فعل الطرف الثاني سيكون بالمثل"، موضحاً أن "الإضراب غير محصور بعدد محدود من الموظفين لكي يتم تطبيق إجراءات إدارية في حقهم ويسجل عليهم الغياب، بمعنى أن الأمر ليس تقصيراً وظيفياً وإدارياً من دون عذر مشروع، بل هو احتجاج مدني مكفول دستورياً وقانونياً على ظلم وانتهاك غير محدود في حقهم، من دون تلقي أي استجابة لمطالبهم".  

تلويح بالقضاء

لكن في المقابل أعلن نائب رئيس "اتحاد المعلمين" عبدالواحد محمد إن نحو 70 في المئة من مدارس السليمانية وحلبجة استأنفت منذ أيام العملية التعليمية"، لافتاً إلى أن "الإضراب يتراجع وتزداد معه عودة الطلاب إلى المدارس، بخاصة مع صدور الدعوات من جميع الأطراف لضرورة عدم التضحية بمستقبل الطلاب التعليمي"، لكنه أقر بأن "التعليم في بعض المدارس في القرى ما زال معلقاً".  

 ولاقت العقوبات الإدارية المتخذة ضد المضربين استهجاناً من قبل قوى سياسية، إذ اعتبرت حركة "التغيير" المشاركة في الحكومة بأن "البدء بتسجيل المضربين كغائبين يعد ظلماً وهو تصرف بعيد من القيم التربوية والعملية"، وهددت "باللجوء إلى القضاء"، في حين دعا "الاتحاد الإسلامي" المعارض السلطات إلى "الكف عن ممارسة سياسة التجويع واللامبالاة تجاه متقاضي الرواتب"، كما أعلنت "جماعة العدل" المعارضة عن رفضها "استخدام أية وسيلة ضغط أو عنف لإنهاء الإضرابات".

في المقابل حض رجال دين وشخصيات في السليمانية المعلمين على "العودة لمهامهم الوظيفية طواعية"، وقالوا خلال مؤتمر صحافي "نحن نقدر جهودكم وتضحياتكم وندعم مطالبكم الشرعية، لكن المتضرر الوحيد من ضياع التعليم هم أبناء الطبقة الفقيرة غير القادرين على الدراسة في المدارس الخاصة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إجراء عاجل

وبهدف إيجاد مخرج للخلاف، كشفت عضو اللجنة المالية النيابية عن حزب "الاتحاد" نرمين معروف، أمس الأحد، عن "تشكيل لجنة خاصة بغية متابعة إطلاق مستحقات الإقليم المالية بصورة عاجلة"، مبينة أن "اللجنة ستقوم بالمتابعة ومن ثم رفع تقرير حول إجراءات وزارة المالية الاتحادية في ما يتعلق بقرار مجلس الوزراء، وكذلك التزام الإقليم بنود الموازنة". 

ويتهم الأكراد حكومة بغداد ومن خلفها القوى الشيعية الحاكمة الموالية لإيران بالعمل على تقويض "كيان الإقليم" من خلال إجراءات وقرارات "غير دستورية" ومنها إطلاق حصتهم في الموازنة الاتحادية، في حين تقول الحكومة برئاسة محمد شياع السوداني إن الإقليم "لم يف بالتزاماته وفق ما تمليه القوانين والمواد الدستورية".

ونفت وزارة مالية الإقليم في وقت سابق على مزاعم المالية الاتحادية "ورود أي مخالفة قانونية في قائمة الموظفين بدليل أن فريقاً مشتركاً من الجانبين كان أجرى تدقيقاً استمر لمدة شهر بعد تفقده الوزارات والمؤسسات المعنية".

 وشددت على أن "إثارة وافتعال أعذار بين الحين والآخر يهدف إلى عرقلة إطلاق الرواتب، ونؤكد أننا سنرد على كل ما هو ضروري في إطار القانون كما فعلنا دائماً".

 يذكر أن بافل طالباني كان دعا خلال لقائه القنصل البريطاني في الإقليم جيمس كولدمان "جميع الأطراف إلى التزام الدستور، وعدم جعل موظفي الإقليم ضحية للصراعات السياسية".

 

 

 ازدواجية المعايير

وحول رده على مزاعم وزارة المالية الاتحادية من عدم التزام حكومة الإقليم تسليم الإيرادات لنظيرتها الاتحادية قال عضو "الديمقراطي" وفاء كريم إن "الإقليم لم يصدر النفط منذ أبريل (نيسان) من العام الماضي، ولا يمتلك سوى إيرادات المعابر التي يتم استقطاعها من حصته في الموازنة والتي تصل إلى 9 تريليونات دينار إلى جانب ما تم استقطاعه في ما يتعلق بتصدير النفط للأشهر الثلاثة من العام الماضي".

 وتساءل "من أين إذاً نأتي بالإيرادات؟"، أما النائب السابق في البرلمان الاتحادي هوشيار عبدالله فقد اتهم حكومة بغداد في منشور عبر منصة "إكس" بأنها "تمارس سياسة ازدواجية المعايير" قائلاً إن "حكومة السوداني من جانب تعمل عبر وزيرة المالية طيف سامي إلى التدقيق في كل صغيرة وكبيرة في ملف رواتب الإقليم، وهذا حق". واستدرك "لكن يجب اتباع نفس الإجراء في ملف رواتب عموم موظفي العراق".

وأخفقت حكومة أربيل منذ عام 2015 على أثر تعرضها لأزمة مالية خانقة وما زالت قائمة في دفع 15 راتباً لكل موظف، فيما طبقت نظام "الاستقطاع" على 44 راتباً، فضلاً عن تعليقها نظام الترقية الوظيفي. ووفقاً لوزارتها المالية فإن تأمين مجمل الرواتب يتطلب توفير أكثر من 900 مليار دينار، أي أكثر من 600 مليون دولار.

سجال شرعي

من جهة أخرى تعرض رئيس المجلس الأعلى للإفتاء في الإقليم حسن مفتي إلى موجة انتقادات عقب رده على سؤال من مواطن حول الموقف من أزمة الرواتب، عندما قال إن "على الموظف أن يتحلى بالصبر في حال لم تمتلك الحكومة الأموال"، واستدرك "لكن على الحكومة أيضاً التزام صرف الرواتب، وبخلافه فإن عليها أن تودعها في حساب بنكي لكل موظف لكي يسددوا ديون خدمات الماء والكهرباء"، وقد لاقت الإجابة سجالاً حامياً في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي فيما إذا كانت تعتبر فتوى شرعية، إلا أن "اتحاد علماء الدين الإسلامي" قال في بيان إن "هذا الموقف لا يعبر عن الرأي والموقف الرسمي للاتحاد"، ووجه انتقاداً لإعلام حزب "جماعة العدل" الإسلامي المعارض "لنشره موقف السيد مفتي باعتباره فتوى رسمية، وهذا تضليل، لأن أي فتوى تصدر من المجلس ولها صيغة خاصة وتكون مختومة بتوقيع وترقيم تكون مؤرخة وتنشر في موقع الاتحاد".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير