في الوقت الحالي، لا شيء يحول بيننا وبين الكارثة العالمية لرئاسة دونالد ترمب سوى وجود نيكي هايلي.
ليس جو بايدن، الذي صارت عيوبه كمرشح معروفة جيداً. وليس بالطبع، رون ديسانتيس، الرجل الذي يجعل ترمب يبدو أنموذجاً للتواضع المتحفظ. لا، إنها هايلي، هذا كل ما في الأمر. هي أو دونالد. هذا هو الخيار، وينبغي للأميركيين الذين يخشون فترة رئاسة أخرى لترمب ويخشون دورة أخرى من الفوضى والنار والغضب أن يأخذوا بعين الاعتبار دعمها.
إذا كنتم تعتقدون أن الديمقراطية الأميركية واستقرار العالم يمكن أن يصمد أمام انقضاض آخر لهذا الرجل والطفل المدفوع بالانتقام، فعليكم مباشرة التصويت لمرشح "اجعل أميركا عظيمة مجدداً" MAGA. وإذا كنتم تعتقدون أن أميركا في حاجة إلى تغيير حقيقي من حكم المسنين المزمن، فأنتم في حاجة إلى بذل كل ما في وسعكم لإنجاح ترشيح هايلي. وبفعلكم هذا يمكن أن تنقذوا الحزب الجمهوري وأميركا والعالم.
بالطبع من غير اللائق، وقد يعطي نتائج عكسية، أن يقدم الأجانب للأميركيين المشورة في شأن قيادة أمتهم العظيمة. يبدو الأمر بسهولة وكأنه أستذة وتعالٍ، وإذا كانوا يرغبون في وضع أميركا أولاً على سبيل التغيير، فهذا هو خيارهم.
إلا أن العالم كله لديه مصلحة في هذه الانتخابات، ورئاسة ترمب ستؤذينا جميعاً. إلى جانب ذلك، فإن هايلي نفسها، مثل عديد من الأميركيين الآخرين، هي التي تعتقد أن ترمب غير مناسب لهذا الدور، فقد عملت معه سفيرة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، لذلك فهي تعرف عيوبه أكثر من غيرها.
شخصياً، أخشى أنني أميل إلى وجهة النظر التي أعرب عنها ترمب نفسه في مقابلته مع تاكر كارلسون في أغسطس (آب) الماضي، عندما ناقش أحداث السادس من يناير (كانون الثاني) 2021. حينها سئل عن إمكانية نشوب "صراع مفتوح"، إن لم يكن حرباً أهلية، ليرد ترمب: "لا أعرف، لأنني لا أعرف ماذا، كما تعلمون، يمكنني أن أقول هذا: هناك مستوى من المشاعر الجياشة لم أره من قبل. هناك مستوى من الكراهية لم أره من قبل. ربما يكون هذا مزيجاً سيئاً".
في هذا، كان ترمب ولا يزال على حق، بدرجة كبيرة، وهذا سبب إضافي لمنعه من أن يكون رئيساً للولايات المتحدة. وبوسع الناس أن يكونوا واثقين من أن هايلي لن تحاول تدمير الدستور.
لحسن الحظ، لا تخشى هايلي من ترمب، وهذا مؤهل لمنصب رفيع في حد ذاته، لأننا نعرف العقوبة التي يمكن أن ينزلها هو ومؤيدوه المتفانون في قاعدة دعمه الكبيرة، والتي لا يمكن إنكارها، بأي شخص يقف في طريقه. حتى أنهم سيغزون مبنى الكابيتول من أجله ويحاولون إطاحة الحكومة، لذا فإن اقتراف بعض الإساءات في حق هايلي ليس بالأمر الجلل. إنهم، في الواقع، "يقاتلون باستماتة" عندما يطلب منهم ذلك.
ومع ذلك، تظل هايلي ثابتة في التزامها، وتتعهد مواصلة حملتها باستمرار. ويبدو واضحاً أن ترمب هو الشخص الأوفر حظاً لنيل ترشيح الحزب، ويمكن أن ينتهي كل شيء في غضون أسبوعين. وليس من الواضح تماماً ما إذا كان لدى هايلي الأموال اللازمة للحفاظ على حملة انتخابية، حتى وإن بدا جلياً أن لديها الروح القتالية اللازمة للقيام بذلك. قد لا تبلي بلاء حسناً حتى في ولاية كارولينا الجنوبية، لكنها فعلت أفضل مما كان متوقعاً في نيو هامبشير، على رغم عدم فوزها.
يشير مستوى الحنق في خطاب فوز ترمب إلى أن لدى هايلي زخماً أكثر مما يرغب، وهو مستاء من ذلك، لم يكن موفقاً أبداً في إخفاء انفعالاته أو غروره الهش للغاية. لذا فهي لا تزال في السباق، وهناك سببان وجيهان للغاية لما عليها البقاء لأطول فترة ممكنة.
الأول هو أنها الآن المنافس الوحيد لترمب، وأنه لا بد من وجود أحد يتحداه، وأن أي شيء قد يقوله أو يفعله يمكن أن يغير ديناميكيات هذه المنافسة. ولا بد من الإقرار بأن أي شيء يقوله ويفعله أو سبق له قوله أو فعله لم يكن كافياً على الإطلاق لتنفير قاعدة مؤيديه. كما قال هو نفسه في عام 2016، "يمكنني الوقوف في منتصف الجادة الخامسة وإطلاق النار على شخص ما، ولن أخسر أي ناخب".
لذلك، قد يحدث شيء ما، وعلى هايلي أن تثبت أن هناك بديلاً، وأن بمقدورها أن تثبت جاذبيتها وقدرتها على الاستمرار بشكل مقنع بالنسبة إلى شريحة الناخبين المستقلين والمتأرجحين الذين يحتاج إليهم الجمهوريون لاستعادة البيت الأبيض (بصورة شرعية) وإطاحة بايدن.
ما الذي يمكن أن يحدث لتغيير الأمور؟ ما يبعث على قدر كبير من الأمل أن ترمب يواجه 91 تهمة جنائية متنوعة، وأي منها أو جميعها يمكن أن يجعل ترشيحه غير مستدام بأي منطق، إذ لا يمكن أن يقود الولايات المتحدة مجرم مدان أو أن تقاد من زنزانة السجن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في مثل هذه الظروف، التي يصعب تصورها، يجب أن يكون هناك بديل واضح لترمب يمكن للحزب اللجوء إليه. إذا كانوا في حاجة إلى استدعاء شخص ليحل محل ترمب، فسيكون من الأسهل التخلص منه إذا كان هناك بديل واضح. كلما كان دعم هايلي أقوى، كان ترمب أقل أماناً كمرشح، وهو يعرف ذلك.
لكن مع كل ما أسلفت ذكره، هايلي ليست ليبرالية. وهي محافظة اجتماعية وقد دعت ذات مرة إلى استخدام قوات خاصة لغزو المكسيك للتعامل مع أزمة الهجرة. أكبر نقطة ضعف لها كمرشحة هي موقفها المؤيد لحق الجنين في الحياة والمناهض للإجهاض. قالت هايلي إنها ستؤيد قانون مكافحة الإجهاض. وفي حين أن هذا قد يتردد صداه داخل بعض الدوائر الجمهورية، إلا أنه من المحتمل أن يؤدي إلى تنفيرهم في سياق أوسع، بخاصة بين الناخبات اللاتي يعطين الأولوية لحقوقهن في الاستقلال الجسدي. وقد تطغى هذه القضية على اعتبارات أخرى لدى جمهور الناخبين الأوسع.
يعمل بايدن وكامالا هاريس على استغلال هذه القضية، وموقف ترمب ضعيف في شأن موضوع الإجهاض مع اقتراب الانتخابات العامة. إذا أرادت هايلي حقاً الفوز بالترشيح، فإن موقفاً أكثر استنارة وعملانية يؤيد الحق في الاختيار سيساعدها على الحصول على الدعم في الأماكن التي تخلى عنها الجمهوريون منذ فترة طويلة. إذا حصلت على ترشيح حزبها، فقد تجد نفسها وقد أجبرت بايدن على فقدان التذكرة الديمقراطية كرد فعل على جاذبيتها الشبابية (تبلغ من العمر 52 سنة).
حتى إننا قد نجد هايلي تواجه هاريس وجهاً لوجه. ستواجه أميركا فجأة اختيار امرأتين قويتين من الملونين بدلاً من المعادل السياسي لستاتلر ووالدورف كما هو الحال الآن. سيكون ذلك في صالح أميركا وجميع أصدقائها حول العالم.
© The Independent