Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التضخم "وجبة حارة" على مائدة معرض القاهرة للكتاب

إقبال كبير وشراء محدود وفعاليات ثقافية متنوعة وظهور لنجوم التيك توك يثير الانتقادات

سجل مهرجان القاهرة للكتاب حضورا مميزا لكن حركة الشراء مقيضة بالأوضاع الاقتصادية (حساب المعرض على إكس)

ملخص

إقبال كثيف وشراء ضعيف صاحب الدورة الحالية من معرض القاهرة الدولي للكتاب وسط مبادرات متنوعة لدعم القراء ودور النشر.

تعيش الدورة الحالية لمعرض القاهرة الدولي للكتاب التي انطلقت في الـ25 من يناير (كانون الثاني) الجاري، في أجواء اقتصادية شديدة الصعوبة، يعاني معها الناشرون والجمهور أثر الأزمة الاقتصادية وارتفاع سعر الدولار الذي انعكس بدوره على صناعة النشر بكاملها، وأدى إلى ارتفاع كبير في أسعار الكتب مع قدرة شرائية محدودة لمعظم الجماهير التي ستقلص موازنات الشراء لصالح أولويات أخرى.

يحمل المعرض هذا العام شعار "نصنع المعرفة... نصون الكلمة"، ويضم ناشرين من 70 دولة، فيما حلت دولة النرويج ضيف شرف تحت شعار "الحلم الذي نحمله" المستوحى من قصيدة "هذا هو الحلم" للشاعر النرويجي أولاف أتش هاوجه (1908- 1994).

لا تتوقف فعاليات معرض الكتاب على بيع الكتب فهناك برنامج ثقافي حافل بالندوات والمناقشات وحفلات التوقيع ووجود كثير من الكتاب المصريين والعرب، وتضمنت الفعاليات اهتماماً كبيراً بمرور 50 عاماً على حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، كما كان هناك اهتمام كبير بتقديم فعاليات متنوعة تكريماً لشخصيتي المعرض المحتفى بهما الكاتب يعقوب الشاروني وعالم الآثار سليم حسن.

لم يغفل المعرض القضية الفلسطينية، إذ شهد البرنامج الثقافي عديداً من الندوات التي تناقش الوضع الراهن، وفي الوقت ذاته حرص كثير من دور النشر على إعادة طبع أعمال تعنى بالقضية الفلسطينية وتقديم أعمال جديدة لكتاب مصريين وعرب في ما يتعلق بهذا الشأن.

من المشاهد اللافتة في المعرض هذا العام هو حضور "البلوجرز" ونجوم "تيك توك" الذين أطلق بعضهم مؤلفات في المعرض صاحبها حفلات توقيع شهدت حضوراً كبيراً للغاية من جماهير معظمها مراهقين وصغار في السن، مما مثل ظاهرة لاقت ترحيباً من البعض وانتقاداً من قطاعات أخرى من المعنيين بالشأن الثقافي.

مليون زائر في ثلاثة أيام

منذ انطلاق المعرض شهد إقبالاً كبيراً من الجمهور ففي يومه الأول زاره 200 ألف شخص ثم ارتفع إلى مليون زائر بعد ثلاثة أيام فقط من افتتاحه، لكن هذا العدد الضخم من الزوار لم ينعكس على المبيعات بالصورة المتوقعة، فارتفاع أسعار الكتب وضعف القوة للشرائية للجمهور ألقيا بظلالهما الثقيلة على الحدث الثقافي الأبرز ليس في مصر وحدها وإنما في المنطقة العربية كلها.

وعلى رغم ارتفاع الأسعار في أجنحة دور النشر الكبرى فإن هناك أجنحة أخرى شهدت رواجاً كبيراً لوجود مجموعات قيمة من الكتب تناسب كل الأذواق بأسعار معقولة، من بينها الهيئة المصرية العامة للكتاب التي شهدت إقبالاً كبيراً ونسبة أعلى للشراء مقارنة بغيرها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من زائري المعرض أحمد مجدي (مدرس) يقول "منذ أن كنت في المرحلة الجامعية وأنا حريص على زيارة معرض الكتاب واقتناء الجديد من الإصدارات وداومت على هذه العادة لأكثر من 20 سنة، ولكن في الفترة الأخيرة الأزمة الاقتصادية كان لها تأثير في كل شيء، ففي العام الماضي كان هناك ارتفاع كبير في أسعار الكتب، وفي العام الحالي فالوضع أسوأ من جهة ارتفاع الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية عند الجمهور وهذا ملحوظ جداً عند معظم المترددين على المعرض".

ويضيف "زيارة المعرض هي عادة يحرص عليها كل محبي القراءة للاطلاع على الجديد والشراء باعتبار أنها الفرصة الأفضل في العام، من ناحية وجود كل هذا الكم من دور النشر ووجود تخفيضات وعروض كثيرة، ولكن الظرف الحالي يدفعنا إلى الانتقاء جيداً باعتبار أن ما سنشتريه سيكون محدوداً عن الأعوام السابقة".

بينما تقول هالة ماهر (ربة منزل وأم لطفلين) "اعتدنا على زيارة معرض الكتاب سنوياً للاطلاع على الجديد وشراء الكتب التي كنا نقرأها طوال العام، وفي السنوات الأخيرة حرصت على اصطحاب أطفالي وشراء مجموعات كبيرة من كتب الأطفال ليعتادوا على القراءة، ولكن هذا العام مع الغلاء الذي طال كل شيء تقلصت بشدة ميزانيتنا للكتب وجعلنا كتب الأطفال هي الأولوية، ففي جميع الأحوال الشراء من المعرض سيكون أقل كلفة باعتبار وجود كثير من التخفيضات والعروض التي تقدمها دور النشر".

معاناة الناشرين

صناعة النشر بصورة عامة ترتبط بكثير من العوامل التي تؤثر في منتجها النهائي وهو الكتاب الذي ينتظره محبو القراءة بشغف في المحافل الثقافية الكبرى مثل معرض الكتاب، إلا أن الناشرين أنفسهم الذين ينتظرون معرض الكتاب سنوياً لتسويق منتجهم باعتباره المحفل الثقافي الأكبر أصبحوا يعانون للاستمرار والصمود في ظل هذه الأوضاع، وإلقاء اللوم عليهم وحدهم في ارتفاع سعر الكتب أصبح أمراً غير عادل لأن هناك متغيرات كثيرة خارجة عند إرادتهم.

يقول مؤسس دار فصحى للنشر أحمد صالح "في هذه الدورة من معرض الكتاب يعاني الناشر والقارئ على السواء، فالناشرون يعانون الارتفاع غير المسبوق في أسعار الورق والطباعة ومستلزمات الإنتاج، مما ينعكس على سعر الكتاب، فارتفاع أسعار الكتب بدرجة كبيرة خارج عن إرادة الناشر، ومن الجانب الآخر القدرة الشرائية هذا العام للجمهور محدودة بسبب الغلاء الذي طال كل شيء، ومن ثم جعل الشراء ليس بالأولوية عند كثير من الناس، فلم يعد لدى زوار المعرض قائمة مطولة للمشتريات وإنما أصبح لديهم اختيارات محدودة".

 

 

ويضيف "على رغم كل شيء نحاول تقديم تخفيضات وعروض وتقليل هامش الربح لأقل حد، حتى نتمكن من بيع الكتب حتى يتمكن القارئ من الشراء، فمعرض القاهرة الدولي للكتاب هو المعرض الأهم والأشهر على مستوى الشرق الأوسط، وهو أفضل فرصة للناشر لتسويق كتبه وللقارئ للشراء".

بينما يشير مؤسس دار إبداع للنشر عيد إبراهيم قائلاً "هذه الدورة هي الأصعب لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، فالكتب سلعة ليست أساسية ومن ثم سيقلل كثير من الناس الموازنات المخصصة لها أو يلغونها من الأساس لتوجيهها إلى بنود أهم وهذا ظاهر بصورة كبيرة حالياً، فالمبيعات أقل بكثير من أي عام آخر، فالناشر يعاني انعكاس ارتفاع سعر الدولار على أسعار خامات الإنتاج مثل الورق والطباعة، وفي الوقت ذاته ارتفعت هذا العام أسعار إيجار الأجنحة في معرض الكتاب مما مثل عبئاً إضافياً على الناشرين".

وتابع "جميع دور النشر تقدم عروضاً وتخفيضات، ولكن في النهاية القدرة الشرائية للجمهور محدودة وأقل بكثير من الأعوام السابقة على رغم اهتمام قطاع كبير من المصريين بشراء الكتب، ولكن صناعة النشر بصورة عامة تعاني بشدة أزمات متلاحقة، فالوضع أصبح صعباً على الجميع".

عروض عربية ومصرية

مبادرات متعددة جرى اعتمادها هذا العام لدعم القارئ والناشر على السواء، فإلى جانب التخفيضات الكبيرة التي استهدفت تشجيع القراء على الشراء، أطلق اتحاد الناشرين المصريين مبادرة لمساعدة دور النشر الصغيرة التي قد لا تتمكن من المشاركة في المعرض بجمعها في جناح واحد، حتى يمكنها تسويق إنتاجها في المحفل الثقافي الذي يشهد أكبر فرصة للبيع طوال العام.

 

 

يقول رئيس اتحاد الناشرين المصريين سعيد عبده "تواكباً مع الظروف حاولنا من خلال الاتحاد تقديم الدعم بخاصة لدور النشر الصغيرة، إذ نظمنا جناحاً مجمعاً تشترك فيه الدور الصغيرة التي يقل عدد إصداراتها عن 50 إصداراً والتي تهتم بالوجود في المعرض باعتباره الأهم في المنطقة والفرصة الأكبر لتسويق إنتاجهم، في الوقت ذاته معظم دور النشر المصرية والعربية تقدم عروضاً وتخفيضات كبيرة بهدف جذب القارئ وترويج المعروض من الإصدارات الجديدة والقديمة".

ويضيف "نحاول دعم صناعة النشر بجميع السبل، وأخيراً أطلقنا منصة تهدف من ناحية التعريف بدور النشر وإصداراتها وسبل التواصل معها، وفي الوقت نفسه تكون ملتقى لجميع مدخلات الصناعة مثل منتجي ومستوردي الورق والمطابع المختلفة، وكذلك المهن المرتبطة بصناعة النشر مثل المصححين اللغويين ورسامي الأغلفة الذين نحرص على إظهار مواهب شابة منهم، فنهدف لجمع كل أطراف الصناعة ونبذل كل الجهود لدعمها بعد أزمات متلاحقة تعرضت لها في السنوات الأخيرة".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات