Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يصل النفط الروسي إلى أوروبا عبر مرفأ تركي على رغم العقوبات؟

مشتقات محظورة تستخدم في تموين الأسطول الأميركي تثير قلق المشرعين في الكونغرس

حظرت أوروبا استيراد النفط الروسي منذ ديسمبر 2022 (أ ف ب)

في سياق التفاف روسيا على العقوبات الأميركية والغربية غير المسبوقة منذ بداية حرب أوكرانيا العام قبل الماضي، تكشف التحقيقات والتقارير عن بعض طرق تفادي تلك العقوبات، بخاصة أنه وعلى رغم حظر أوروبا للنفط الروسي إلا أن الخام والمشتقات من أصل روسي لا تزال تتدفق على أوروبا بطرق مختلفة.

وسبق أن كشفت وسائل إعلام بريطانية عن استيراد البلاد لديزل وبنزين روسي المصدر من مصافي هندية تعمل على النفط الروسي.

ومن بين الدول التي لم توقف تعاملاتها مع روسيا تركيا التي طالما كانت التصريحات الغربية تنتقد إمدادها روسيا بمكونات للصناعات العسكرية قد تكون مساعدة في المجهود الحربي الروسي في أوكرانيا.

أما الجديد فهو التحقيق الذي نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية واستندت فيه إلى زيارة أحد محرريها لمرفأ نفطي تركي، وأيضاً إلى بيانات وأرقام شركات تتبع الشحن البحري.

وسبق أن نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية تقريراً عن مساعدة تركيا في وصول النفط الخام والمشتقات الروسية إلى أوروبا، حتى إن بعضها يستخدم في تموين قطع عسكرية أميركية.

إلى ذلك ركز التحقيق المطول للصحيفة البريطانية على مرفأ دورتيول التركي الواقع في محافظة هاتاي بلواء الإسكندرون، وهو مرفأ غير بارز على السواحل الجنوبية في تركيا ويقع ضمن منطقة صناعية تركية كبيرة، واقتصر نشاطه في ما سبق على تصدير شحنات من النفط العراقي تصل إلى حاويات تخزين المرفأ محملة على شاحنات نقل بري.

مشتقات روسية إلى أوروبا

وتغير الحال في مرفأ دورتيول بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا نهاية فبراير (شباط) 2022، فبحسب بيانات شركة "كيبلر" التي تتابع حركة السفن والناقلات البحرية فقد استقبل المرفأ ثلاثة شحنات نفط عبر البحر في الفترة ما بين مارس (آذار) ويونيو (حزيران) 2022 من مصر واليونان وإسرائيل.

ومع بدء تنفيذ أولى العقوبات الغربية على موسكو في يوليو (تموز) 2022 ارتفعت معدلات تناول الميناء لشحنات النفط بصورة كبيرة، كما تشير بيانات شركات مراقبة الشحن البحري.

وبحسب المحللين الذين راجعوا بيانات الشحن فإن معظم ما يصل إلى المرفأ التركي مشتقات مكررة روسية يعاد شحنها إلى أوروبا.

وسبق أن انتقد مشرعون أميركيون استخدام سفن الأسطول الأميركي لوقود أصله من الخام الروسي عبر مرفأ دورتيول ويكرر في اليونان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي رسالة لوزير الدفاع الأميركي قال عضوا مجلس الشيوخ ماركو روبيو وماغي حسن إن "الطريقة الخفية لوصول النفط من المرافئ الروسية إلى سفن أسطول الولايات المتحدة تحدث بصورة مقصودة من جانب روسيا للالتفاف على العقوبات".

ويذكر أن أوروبا بدأت الحظر التام لاستيراد مشتقات النفط الروسي في فبراير 2023، كما حظرت استيراد النفط الخام الروسي من ديسمبر (كانون الأول) 2022.

إلا أن أرقام وبيانات تجارة المشتقات الروسية من وإلى مرفأ دورتيول التركي تظهر أن مشتقات النفط الروسي تدخل إلى أوروبا على رغم العقوبات والحظر.

وفي غضون ذلك تقول شركة "غلوبال ترمينال يرفيسز" المالكة لمرفأ دورتيول إن الميناء ليس سوى "مرفأ تخزين مستقل، ولا علاقة له بتجارة الخام والمشتقات".

وأضافت بحسب ما نقلت "فايننشال تايمز" أنه ليست لديها "السلطة ولا المسؤولية لمراقبة الوجهة النهائية للنفط الذي يمر عبر المرفأ".

وكان تاجر النفط الهولندي نيلز تروست اشترى حصة 40 في المئة في الشركة المالكة للمرفأ التركي في يوليو 2022، قائلاً إلى الصحيفة إنه "لا يستطيع التعليق على وجهات الشحنات عبر المرفأ، إذ إنه لم يكن يملك حصة الغالبية في الشركة المالكة له"، ويشار إلى أن تروست باع حصته في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

استفادة تركيا

وبحسب تقرير الصحيفة فإنه منذ بدأت عقوبات أوروبا ومجموعة الدول السبع على موسكو، بخاصة عقوبات قطاع الطاقة، أصبحت تركيا مركزاً مهماً لتجارة النفط الخام ومشتقات التكرير الروسية، إذ إن أنقرة الآن ثالث أكبر مستورد للنفط الخام الروسي بعد الهند والصين، وأكبر سوق لمشتقات التكرير الروسية.

وتستفيد تركيا أيضاً من أنها في معظم الأحيان تستخدم مشتقات تكرير روسية تستوردها بأسعار مخفضة للاستهلاك المحلي، مما يمكنها من زيادة الأرباح بتصدير المشتقات المكررة في المصافي التركية إلى أوروبا بأسعار السوق.

أما عبر مرفأ دورتيول فإن مشتقات التكرير القادمة من روسيا تشحن ثانية إلى أوروبا من دون أي تدخل، وهو ما يتعارض مع العقوبات المفروضة على موسكو والتي تحظر دخول تلك المنتجات إلى أوروبا.

ويمتلئ المرفأ الذي أنشأ عام 1984 بالأنابيب والمضخات لكن ليس لديه إمكان تكرير النفط ولا يستخدم في استيراد النفط إلى تركيا، بل يعمل كمركز شحن وتفريغ وحسب، مستفيداً من حاويات عدة لتخزين النفط والوقود الذي يصل إليه عبر الشاحنات البرية أو عبر البحر، قبل أن يشحن للمشترين في بلدان أخرى.

وقبل حرب أوكرانيا كان العمل الرئيس للمرفأ هو تصدير النفط العراقي الذي يصل إليه في شاحنات من طريق البر،

ومن بين المستوردين إسرائيل التي تعتمد في وارداتها النفطية على نفط شمال العراق وتستقبله في مرافئ على البحر المتوسط.

لكن ما بين يناير (كانون الثاني) ونوفمبر 2023 لم تشكل شحنات النفط والمشتقات العراقية سوى أقل من نصف ما تناوله المرفأ.

وذكرت الشركة المالكة للمرفأ أن 3.2 مليون طن من النفط شحنت عبره في تلك الفترة، وبحسب بيانات "كيبلر" فإن البقية وصلت إلى المرفأ من طريق البحر، و90 في المئة منها مصدرها روسيا.

وخلال العام الماضي كانت وجهة ما نسبته 85 في المئة من النفط المشحون من ميناء دورتيول إلى أوروبا، بزيادة كبيرة عن عام 2022، إذ كانت نسبة النفط إلى أوروبا من المرفأ عند 53 في المئة.

وتذهب معظم تلك الشحنات إلى اليونان وبلجيكا وهولندا التي فيها أكبر مرفأ تجارة نفط ومشتقات مكررة في روتردام، وبعض الشحنات، وبخاصة من مشتقات التكرير، تذهب أولاً إلى اليونان ثم إلى وجهات أوروبية أخرى.

في المقابل تصر الشركة المالكة للمرفأ على أن الأرقام ليست دقيقة، وأنه بحسب بيانات المصدر التي تعتمدها سلطات الجمارك التركية فإن الشحنات التي مصدرها روسيا لم تشكل سوى خمس ما تناوله المرفأ عام 2022، ونحو 10 في المئة عام 2023.

ويقول المحللون إنه إما أن سلطات الجمارك التركية لا تدقق في مصدر الشحنات، أو أن التجار يقدمون وثائق ليست سليمة تخفي المنشأ الروسي للنفط والمشتقات.

المزيد من البترول والغاز