أثار خروج المنتخب السعودي لكرة القدم من دور الـ 16 في بطولة "كأس آسيا 2023" كثيراً من التساؤلات حول مدى تماشي فلسفة المدير الفني الإيطالي روبرتو مانشيني الدفاعية والمتحفظة مع الهوية الكروية السعودية التي تحمل في داخلها منذ أعوام طويلة صفات الهجوم والجرأة، وتقديم كرة قدم ممتعة تنتزع آهات الجماهير في المدرجات وأمام الشاشات.
وعلى رغم عدم تعرض المنتخب السعودي للهزيمة لكنه ودع منافسات البطولة القارية التي تستضيفها قطر بين الـ12 من يناير (كانون الثاني) الجاري والـ 10 من فبراير (شباط) المقبل بالخسارة من كوريا الجنوبية بركلات الترجيح بنتيجة (4-2) بعد التعادل بنتيجة (1-1) في الوقتين الأصلي والإضافي لمباراة كانت السعودية الطرف الأقوى والأكثر هيمنة فيها حتى منتصف الشوط الثاني تقريباً.
وبدت سيطرة المنتخب السعودي جلية على الكرة خلال غالبية فترات الشوط الأول، وكانت له الأسبقية في محاولة زيارة مرمى كوريا الجنوبية مرات عدة من بينها كرتين ارتطمتا بالعارضة.
ومع بداية الشوط الثاني ونزول عبدالله رديف بديلاً لمصلحة الشهري تمكن "الأخضر" من افتتاح السجل التهديفي في الدقيقة الـ 46، واستمر المد الهجومي السعودي حتى منتصف الشوط قبل أن يلاحظ جميع الحضور في إستاد "المدينة التعليمية" تراجع مفاجئ للفريق الأخضر تزامن بصورة تلقائية مع مد هجومي كوري جنوبي استمر حتى أدرك تشو غو سونغ من معادلة النتيجة في الدقيقة الثامنة من الوقت بدل الضائع لينتهي الوقت الأصلي للمباراة بنتيجة (1-1).
وخلال الشوطين الإضافيين استمر التفوق الكوري الجنوبي إلا في مشهد واحد كاد خلاله المنتخب السعودي أن يخطف الفوز، ثم تم اللجوء إلى ركلات الترجيح التي شهدت تصدي حارس مرمى كوريا الجنوبية تشو هيون وو لركلتي ترجيح من سامي النجعي وعبدالرحمن غريب.
وتولى مانشيني (59 سنة) تدريب المنتخب السعودي في الـ27 من أغسطس (آب) الماضي، ووعد ببناء فريق قادر على تحقيق كبرى البطولات القارية والإقليمية والمنافسة دولياً، وخلال 10 مباريات دولية قادها حتى الآن حقق "الصقور" أربعة انتصارات وثلاثة تعادلات وثلاث هزائم، ولم يخسر أي مباراة رسمية لكنه فشل في بلوغ ربع نهائي كأس آسيا.
وتتمحور فلسفة المدرب المخضرم الذي قاد إيطاليا لتحقيق لقب "يورو 2020" حول الدفاع بقوة والاعتماد على أقل هامش تهديفي ممكن للفوز بالمباريات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكانت "اندبندنت عربية" واجهت مانشيني بسؤال عقب الفوز على قيرغيزستان في الجولة الثانية بدور المجموعات بمقارنة عدد أهداف المنتخب السعودي في أول جولتين وعدد محاولاته على مرمى المنافسين، فقال "بالفعل نحن نقوم بعمل هجومي كبير ونصنع كثيراً من الفرص، لكن لو كنا سنسجل هدفين في كل مباراة سأكون راضياً جداً".
وتكرر السؤال عقب التعادل مع تايلاند سلبياً في الجولة الثالثة، فقال المدرب الإيطالي لـ "اندبندنت عربية" مازحاً "قررنا الاحتفاظ بهدفي اليوم إلى المباراة المقبلة أمام كوريا"، وهو ما لم يحدث نظراً لقوة المنتخب الكوري، واستمرار اعتماد مانشيني على العقيدة المتحفظة.
وانعكس مدى تأثر مانشيني بالضغط على تصرفه غير المفهوم بمغادرة الملعب قبل تنفيذ هوانغ هي تشان ركلة الترجيح الأخيرة أمام الحارس السعودي أحمد الكسار، في مشهد أثار غضب الجماهير السعودية والعربية، واستفز الصحافيين والإعلاميين ودفع رئيس الاتحاد السعودي للعبة ياسر المسحل للتعليق إذ قال في تصريحات إعلامية "لا نقبل تصرفه، لكن المدرب اجتمع مع اللاعبين وشكرهم على الأداء المشرف، لأن اللاعبين كانوا متأثرين بهذه الهزيمة، وكعمل فني نشعر بالرضا التام".
وأضاف، "سنجتمع مع المدرب ونعرف ما الذي حصل، ويحق له توضيح وجهة نظره، وسنرى بعدها الإجراء المناسب".
وعن تكهنات إقالة المدرب قال المسحل "هذا الكلام من السابق لأوانه ونشعر بالرضا التام عن العمل الفني للمدرب لكن سنبحث التصرفات ونقيمها، ولا نريد الاستعجال في أي شيء لكننا في مجلس الإدارة نشعر بالرضا عن أداء المدرب والجهاز الفني".
وخلال المؤتمر الصحافي عقب المباراة اعتذر مانشيني عن تصرفه غير اللائق وقال "أعتذر عن ذلك، ولم أقصد التقليل من أي أحد، وأريد أن أشكر كل اللاعبين على ما قدموه أثناء المباراة".
وأضاف، "عندما تخسر بركلات الترجيح يكون الأمر كذلك، ولكن هذه هي كرة القدم، وعلينا أن نستريح الآن لأننا نستحق ذلك، وبعد ذلك سنفكر ونستعد للمرحلة المقبلة".