Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يرى البريطانيون "بريكست" بعد 4 سنوات؟

الاقتصاد خسر نحو نصف تريليون دولار منذ الانفصال عن أوروبا في 2020

ثلاثة أرباع البريطانيين يرون أن الانفصال عن أوروبا أضر ببلادهم (أ ف ب)

في الـ31 من يناير (كانون الثاني) عام 2020 خرجت بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي (بريكست) رسمياً، إثر استفتاء عام 2016 صوت فيه الناخبون بنسبة 52 في المئة لصالح "بريكست" ونسبة 48 في المئة للبقاء في أوروبا.

أمس الأربعاء مر أربع سنوات على "بريكست"، لم تتحقق فيها الوعود التي روج لها قيادات حزب المحافظين في حملة الاستفتاء.

وسبق الخروج الرسمي انتخابات عامة في 2019، وصفت بأنها "انتخابات بريكست" فاز فيها بوريس جونسون بأغلبية كبيرة على أساس أنه "رئيس وزراء بريكست". لكن كل فترة رئاسته للحكومة وبعده ليز تراس لم تشهد أي إنجاز من الإنجازات التي وعدوا البريطانيين بها إذا خرجوا من الاتحاد الأوروبي. على العكس واصل الاقتصاد البريطاني التراجع ليصبح الأسوأ أداءً ضمن مجموعة الدول الـ7 ودول أوروبا الـ27 ودول منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي.

تتزامن الذكرى الرابعة لـ"بريكست" مع بدء تطبيق قواعد جديدة للجمارك على الحدود، للمنتجات النباتية والحيوانية بين بريطانيا وأوروبا، يتوقع أن تؤدي إلى أزمة غذاء في بريطانيا مع بدء تنفيذها الكامل في غضون شهرين. مع أنه يصعب حساب الكلفة الإجمالية لـ"بريكست" على الاقتصاد البريطاني، إلا أن تقريراً أعده محللو وكالة "بلومبيرغ" العام الماضي خلص إلى خسارة الاقتصاد البريطاني 100 مليار جنيه استرليني (126 مليار دولار) سنوياً نتيجة "بريكست"، أي أن اقتصاد بريطانيا خسر نحو نصف تريليون دولار في السنوات الأربع الماضية نتيجة انفصاله عن الشريك التجاري الأكبر له. وفي أغلب التحليلات أن الاقتصاد البريطاني بشكل عام أصبح أقل بنسبة خمسة في المئة سنوياً عما كان عليه قبل "بريكست".

ندم جماهيري

كما يحدث كل عام في الذكرى تجرى استطلاعات رأي بين المواطنين العاديين وبين الشركات والأعمال لمعرفة تأثير "بريكست" على حياة الناس ومكاسب وخسائر الأعمال. وفي ظل التراجع الاقتصادي واستمرار الزيادة في كلفة المعيشة للمواطنين، تشير كل تلك الاستطلاعات إلى ما يشبه ندم البريطانيين على "بريكست" مع عدم تحقق أي من الوعود بالانتعاش والتحسن بعد الانفصال عن أوروبا.

صحيح أن بريطانيا واجهت أزمة وباء كورونا وارتفاع معدلات التضخم عالمياً، لكن تلك المشكلات لم تكن قاصرة على بريطانيا وإنما عاناها العالم كله، لذا جاءت نتيجة أحدث استطلاعات الرأي قبل يومين لتعكس مدى الإحباط البريطاني من "بريكست" بشكل عام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ففي استطلاع حصري أجرته مؤسسة "إبسوس" لصالح صحيفة "إيفننغ ستاندرد" رأت نسبة 57 في المئة من البريطانيين البالغين أن "بريكست" كان فشلاً ذريعاً، مقابل نسبة 13 في المئة فقط رأت أنه كان نجاحاً. ومن أكثر الفئات التي عبرت عن خيبة الأمل من "بريكست" البالغين وسكان العاصمة لندن وخريجو الجامعات. فنسبة من قالوا إن "بريكست" كان فشلاً من الفئة العمرة 18 إلى 34 عاماً هي نسبة 70 في المئة، ومن الفئة العمرية 35 إلى 54 عاماً نسبة 64 في المئة. وبين الخريجين كانت نسبة الرأي السلبي في "بريكست" 73 في المئة. وهكذا يبدو أن عدد الذين يعارضون "بريكست" تضاعف أربع مرات عن عدد مؤيديه في استفتاء 2016.

وعد المروجون "بريكست" قبل استفتاء 2016 بأن الخروج من الاتحاد الأوروبي سيعني استعادة بريطانيا السيطرة على حدودها، وزيادة تمويل الخدمة الصحية الوطنية بمقدار 350 مليون جنيه استرليني (444 مليون دولار) أسبوعياً وإبرام اتفاقيات تجارة حرة مع الولايات المتحدة وغيرها ومستقبل أكثر رخاءً للبريطانيين عموماً.

اليوم، سبعة من كل 10 بريطانيين يرون أن "بريكست" كان له تأثير سلبي بالغ في الاقتصاد، وحسب استطلاع "إبسوس" يقول أكثر من نصف البريطانيين (نسبة 55 في المئة) إن "بريكست" أضر بفرص النمو المستقبلية مقابل خمس البريطانيين (نسبة 21 في المئة ترى أن المستقبل أفضل. وتقول نسبة 51 في المئة إن "بريكست" أثر سلباً في الإنفاق على الخدمة الصحية الوطنية مقابل نسبة 11 في المئة تقول العكس. وترى نسبة 50 في المئة أن "بريكست" أضر بقدرة بريطانيا على التحكم في حدودها، مقابل نسبة 13 في المئة تقول العكس.

الهجرة والتجارة

كانت القضية الأكثر إثارة في الترويج للتصويت بنعم عام 2016 لصالح "بريكست" هي قضية المهاجرين، مستغلة مشاعر متصاعدة بخاصة بين المحافظين واليمين عموماً ضد الهجرة والمهاجرين. ومع أن عدد مواطني الدول الأوروبية ينخفض باضطراد منذ الاستفتاء إلا أن صافي الهجرة إلى بريطانيا العام قبل الماضي وصل إلى مستوى غير مسبوق بنحو ثلاثة أرباع المليون شخص (745 ألفاً).

على رغم اتفاق "بريكست" للتعاون بين بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي، فإن الشركات والأعمال البريطانية تتكبد مزيداً من الخسائر مع الشروط الجديدة للتعامل مع أوروبا. وكشف استطلاع للرأي بين مسؤولي الشركات والأعمال نشرت نتائجه صحيفة "الفايننشيال تايمز" الثلاثاء أن نسبة 81 في المئة من تلك الشركات والأعمال تواجه مزيداً من التعقيدات والمشكلات عما كان عليه الوضع قبل "بريكست". وتتكلف أي شركة تتعامل مع أوروبا ما يصل إلى 100 ألف جينه استرليني (126 ألف دولار) إضافية بسبب القيود الجديدة التي فرضها "بريكست" على التعامل مع أوروبا.

المثير في نتائج الاستطلاع أن نسبة 70 في المئة من الذين صوتوا لصالح "بريكست" في استفتاء 2016 يرون أن أعمالهم "أصبحت أقل ربحية نتيجة بريكست"، مقابل نسبة 79 في المئة من الذين صوتوا ضد "بريكست" ولصالح البقاء ضمن الاتحاد الأوروبي.

ربما تكون الأضرار على القطاع المالي البريطاني بعد أربع سنوات من "بريكست" أقل مما كان متوقعاً بكثير، لكن ذلك لا يعد إنجازاً في رأي عدد من المحللين. بخاصة إذا قورن ذلك بالتعامل مع شركاء بريطانيا الآخرين من خارج الاتحاد الأوروبي. ففي الفترة من 2018 إلى 2021 انخفضت صادرات الخدمات المالية البريطانية إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 18 في المئة، في المقابل زادت صادرات تلك الخدمات للدول من خارج الاتحاد الأوروبي في الفترة ذاتها بنسبة أربعة في المئة فقط.

حتى الآن، لم تتوصل بريطانيا إلى اتفاقية تجارة حرة مع شريك تجاري كبير خارج الاتحاد الأوروبي. وعلى رغم الوعود بإبرام اتفاق مع أميركا فور الخروج من أوروبا لم يحدث ذلك حتى الآن. وأخيراً انهارت مفاوضات التوصل إلى اتفاقية تجارة حرة مع كندا. صحيح أن بريطانيا توصلت إلى اتفاقات عدة مع شركاء تجاريين، لكنها لم تعوض القدر اليسير من خسارة التجارة مع الشريك الأكبر - أوروبا. وبانتظار إتمام اتفاقية تجارة حرة مع الهند وكوريا الجنوبية وغيرهما تظل خسائر بريطانيا من الانفصال التجاري عن أوروبا أكبر بكثير من أي تعويض.