دعت اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي إلى بيع النفط العراقي بغير الدولار الأميركي لمواجهة العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على البنوك العراقية وللتخلص من الهيمنة الأميركية.
ويأتي طلب اللجنة المالية بعد أيام من إدراج وزارة الخزانة الأميركية مصرف "الهدى" العراقي على لائحة العقوبات في ما يتعلق بغسل الأموال، كما فرضت عقوبات على رئيسه التنفيذي.
حزمة عقوبات أميركية
وبعد نحو 10 أيام من حزمة عقوبات أميركية طاولت شركة "فلاي بغداد" (شركة طيران عراقية)، إضافة إلى شخصيات عدة وصفها البيان الأميركي بأنها مرتبطة بعلاقات مع "فيلق القدس" الجناح المنفذ لعمليات "الحرس الثوري الإيراني" الخارجية، عزت الإدارة الأميركية العقوبات لتعاون شركة الطيران العراقية مع "الحرس الثوري الإيراني" عبر قيامها بنقل المقاتلين والأسلحة، وتسهيل عمليات غسل الأموال، وتهريب العملة الصعبة إلى إيران وحلفائها في مناطق نفوذها في سوريا ولبنان.
وبحسب بيان للجنة المالية في البرلمان العراقي "لم تزل وزارة الخزانة الأميركية تتحجج بذريعة غسل الأموال لفرض عقوبات ضد البنوك العراقية، مما يتطلب موقفاً وطنياً يضع حداً لهذه القرارات التعسفية"، وأشارت إلى أن "فرض العقوبات على المصارف العراقية من شأنه أن يقوض ويعرقل الخطوات التي اتخذها البنك المركزي لتكييف استقرار سعر صرف الدولار وتقليل فجوة البيع بين السعر الرسمي والموازي".
إجراءات سريعة
ودعت اللجنة "الحكومة والبنك المركزي العراقي إلى اتخاذ إجراءات سريعة، للتخلص من هيمنة الدولار، عبر تنويع احتياطنا النقدي من العملات الأجنبية، وإلزام وزارة النفط بيع النفط العراقي بالعملات الأجنبية الأخرى".
ولم تكن العقوبات الأولى التي يفرضها الفيدرالي الأميركي، فهناك سلسلة عقوبات شملت عدداً كبيراً من المصارف العراقية آخرها، في يوليو (تموز) عام 2023، على 14 مصرفاً عراقياً بينها مصارف مؤثرة في مزاد العملة بالبنك المركزي وعمليات التحويل من العراق وإليه، لقيامها، بحسب الفيدرالي الأميركي، بعمليات غسل أموال واحتيال على العقوبات المالية على إيران.
وتحاول اللجنة المالية في البرلمان العراقي أن تعتمد على عملات أخرى غير الدولار في تعاملاتها التجارية، لا سيما مع إيران، إذ قيدت واشنطن التعاملات المالية معها ووضعت العراق بحرج في إيجاد صيغ تفاهم لتحويل الأموال إليها نتيجة الغاز المورد إلى العراق.
التعامل مع الدول المحظورة
وعزا عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي مصطفى الكرعاوي طلب اللجنة المالية إلى زيادة تعاملات العراق المالية مع الدول المحظور التعامل معها بالدولار. وقال "طلب اللجنة المالية زيادة تعاملات العراق المالية خارج الدولار هو من أجل عدم إحراج بغداد في تعاملاتها المالية، باعتبار أن العراق لديه تعاملات مالية مع دول عليها عقوبات مالية مثل إيران التي نستورد منها الغاز"، ولفت الكرعاوي إلى أن إيجاد البدائل والحلول لإفساح المجال للحكومة العراقية لاستيراد حاجاتها، بحسب التنافس، وألا تكون محددة بفرض التعاملات، مبيناً أن نوعية العملات التي يمكن أن تكون بديلة عن الدولار متروكة للحكومة، "وطلب اللجنة هو لإيجاد بديل وللحكومة مساحة واسعة في تحقيق ذلك، وهذا يعتمد على الدول التي يمكن التعامل معها مثلاً الصين بالين الصيني والهند بالروبية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واستبعد عضو اللجنة المالية أن يكون طلب اللجنة هو استفزاز لواشنطن، مبيناً أن العلاقات الجيدة مع واشنطن لا تعني أن تكون علاقاتك سيئة مع الآخرين "ويجب أن تكون هناك تعاملات واسعة للعراق لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وجلب حاجاتك الضرورية، وعلى الدول الأخرى احترام العراق ووضعه السياسي الخاص".
ثالث أكبر البلدان
واحتل العراق ثالث أكبر البلدان المصدرة للنفط إلى الصين خلال العام الماضي 2023، وبلغ إجمالي واردات الصين من النفط مستوى قياسياً بحدود 563.99 مليون طن متري أو ما يعادل 11.28 مليون برميل يومياً، كما شكل مجموع الصادرات النفطية للهند، للعام نفسه، معدل 908 آلاف برميل يومياً.
لا تفريط بالعلاقة بواشنطن
وشدد المتخصص في الشأن الاقتصادي صفوان قصي على ضرورة عدم التفريط بعلاقات العراق مع الولايات المتحدة واستفزازها من أجل علاقات اقتصادية وقتية. أضاف "اقتصاد العراق دولاري والتفكير في بيع النفط العراقي بعملات أخرى غير الدولار سيكلف الخزانة مبالغ كبيرة"، مشيراً إلى أن العقوبات الأميركية في ما لو تم فرضها، ستفرض على النفط نفسه "والتفكير أن يذهب العراق بهذا الاتجاه في محاولة لإبعاد الهيمنة الأميركية على الواردات الناتجة من مبيعات النفط الذي يباع بالدولار، هو تفريط بعلاقاتنا الاستراتيجية مع واشنطن، في وقت علينا تطوير هذه العلاقات".
تنويع التصدير
ودعا قصي إلى ضرورة التفكير بتنويع مصادر تصدير النفط نحو شمال العراق، وعبر أراضي السعودية، والأردن، ولا سيما أن المنطقة تشهد حالة من التوترات "وعلينا التفكير بتنويع مصادر تصدير النفط باعتبار أن العراق يعتمد على تصديره بصورة أساسية"، وشدد قصي على ضرورة عدم التفريط بثقة الفيدرالي الأميركي بالاقتصاد العراقي، مشيراً إلى وجود مخاوف ترافق التنويع الاقتصادي من خلال وجود عملات مختلفة لا سيما مع زيادة قيمة الدولار الحالية بالأسواق العالمية، وهذا يعني أن احتياطات العراق قد جنت أرباحاً نتيجة ارتفاع قيمة الدولار.
وقال إن وجود سلات مختلفة من العملات يمكن أن يتم "لو أن العراق لديه محافظة استثمارية مولدة للدخل مما يسمح له باقتناء عملات باليورو والين"، موضحاً أن أي خلل في علاقة العراق مع واشنطن والفيدرالي الأميركي سينعكس سلباً "لا سيما أن الدول الأخرى لن تفرط بمصالحها في سبيل العراق بخاصة روسيا والصين"، وتابع "علينا ترسيخ العلاقة مع واشنطن، وأن يكون لدينا اتفاق على مستوى التنمية الاقتصادية، إذ نحن في حاجة إلى إيرادات غير نفطية من دول العالم المختلفة حتى لا تتعرض إيرادات الموازنة للتهديد في حال خفض أسعار النفط".