Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بتقنية الواقع الافتراضي... شباب الموصل يوثقون معالم البصرة

تسمح تلك الطريقة بحفظ الموروث الثقافي العراقي من الدمار والتلف

فريق عمل التوثيق داخل متحف البصرة الحضاري (اندبندنت عربية)

ملخص

يقول معنيون إن عملية التوثيق بتقنية الواقع الافتراضي في البصرة جزء من مشروع كبير لتمكين الشباب العراقي

بعد أن دمر تنظيم "داعش" مواقع أثرية وتاريخية مهمة إبان احتلاله ثلثي مساحة العراق زادت المخاوف على ما تبقى منها في ذلك الوقت، لكن العمليات العسكرية لتحرير المناطق من سيطرة التنظيم كانت من أول أولويات السلطات العراقية بمساعدة التحالف الدولي، وبعد أن تحررت المدن العراقية، وآخرها مدينة الموصل في يوليو (تموز) من عام 2017، انطلقت حملات إعادة إعمار المدن وعودة الحياة والناس إليها، بمساهمة من المنظمات المحلية والدولية، التي وجدت ضرورة في دعم توثيق المواقع الأثرية المدمرة بتقنية الواقع الافتراضي Virtual Reality إلى جانب إعادة إعمار المدن.
إن العمل على توثيق مبانٍ هي بالأصل مدمرة ولا وجود لها سوى أرشيف معظمه دمر أيضاً من قبل التنظيم لمحو تاريخ مدينة الموصل، ومع ذلك كافح شباب مدينة الموصل من أجل إعادة إعمار عدد من المواقع الأثرية، والتي لحقها الدمار افتراضياً بتقنية الواقع الافتراضي، مستعينين بعملهم بما تبقى من الأرشيف الورقي ومساعدة الأهالي، الذين زودوهم بما لديهم من صور ومعلومات عن تلك المواقع المدمرة، بعد رحلة شاقة خاضها شباب المدينة.

نسخ تجربة الموصل

وتدخل تقنيات الواقع الافتراضي في قطاعات حيوية من الحياة، منها في مجال الترفيه والتعليم والأعمال وغيرها، فيما استثمر شباب الموصل تلك التقنية في جانب السياحة والآثار وتوثيق المباني والمواقع الأثرية، كما فعل شباب مؤسسة تراث الموصل، وبالتعاون مع شركة "قاف لاب"، في خطوة تهدف إلى تحسين الوصول على المواقع التراثية وتعريف المجتمعات المحلية والدولية بالتاريخ بعد نجاح تجربتهم في الموصل.
في مقابلة مع مدير مؤسسة تراث الموصل أيوب ذنون المسؤول عن مشروع التوثيق في محافظة البصرة، قال لـ"اندبندنت عربية"، إنه "بعد نجاح التجربة في مدينة الموصل من خلال إنشاء أول متحف افتراضي خاص بالتراث وبالشراكة مع شركة (قاف لاب)، وجدنا ضرورة إكمال رحلة التوثيق لتشمل مدناً خارج البصرة، وذلك بتقنيات الواقع الافتراضي لنقدم فرصة للجيل الجديد للاطلاع على تاريخ مدينته وتراثها".
وقال ذنون، "في محافظة البصرة، نعمل الآن على توثيق متحف البصرة الحضاري ومسجد خطوة الإمام علي افتراضياً لما لهذين الموقعين من أهمية تاريخية، وبعد إكمال العمل سيتمكن الزوار والسائحون للدخول إلى الموقع الإلكتروني لمن يريد المشاهدة من بعد، أو من خلال الاستمتاع بتقنية الواقع الافتراضي من خلال لبس النظارة، ومشاهدة تلك المواقع بتقنية ثلاثية الأبعاد 3D".


وعمل ذنون في مدينة الموصل على توثيق 10 مواقع أثرية منذ فترة ما بعد تحريرها بالتعاون مع شركائه، مشيراً إلى أن عمله كان يحظى باهتمام المنظمات الدولية، مثل "اليونيسكو"، إضافة إلى الشركاء المحليين، أما مشروع التوثيق في محافظة البصرة، فهو من دعم الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، وتنفيذ شركة "قاف لاب".
ويكمل ذنون حديثه قائلاً إن "عملية التوثيق بتقنية الواقع الافتراضي هو جزء من مشروع كبير لتمكين الشباب، من ضمنه تدريب 20 شاباً وشابة على الإرشاد السياحي، يتركزون في قضاء الزبير وشط العرب، مع فعاليات تتضمن بازارات ومسابقات للناس توزع على ضوئها جوائز، إضافة إلى كتابة دليل سياحي يتضمن المواقع الأثرية والتراثية والسياحية في المدينة، باللغتين العربية والإنجليزية، يستخدمه كل الزوار والسائحين، وكذلك الشباب الذين يرغبون في أن يكونوا مرشدين سياحيين، بعد انفتاح مدينة البصرة على العالم في الآونة الأخيرة".
ويقول أيوب عن أهم التحديات أو المعوقات في عملية التوثيق إن "أبرزها المعوقات بسبب البيروقراطية للحصول على الموافقات الرسمية وتحديات التصوير في المواقع الأثرية، لكن تغلبنا على هذه التحديات من خلال العلاقات والثقة المكتسبة لدى مؤسستنا، سواء في الموصل أو بقية مدن العراق، وبتعاون السلطات المعنية بالتراث في مدينة البصرة، مما سهل كثيراً من عملنا".

تجربة مميزة وفريدة

وتعتمد متاحف عدة حول العالم تقنية الواقع الافتراضي لإنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد للمواقع الأثرية، لإنتاج تجربة مميزة وفريدة للسائحين الذين يزورون المكان والحفاظ على مواقع التراث الثقافي المادي دون التسبب في تلفها من خلال لمسها.
ويقول مدير مفتشية آثار وتراث محافظة البصرة، مصطفى الحصيني، "إن خطوة توثيق تلك المواقع التاريخية افتراضياً تعد خطوة مهمة جداً، أولاً من أجل حفظ تلك المباني التراثية، وثانياً، لأنها تسهل عملية الوصول إلى تلك المواقع الأثرية للذين لا يمكنهم زيارة مدينة البصرة، والعراق، سواء من سياح أو علماء، للاطلاع على تراث البصرة ومتاحفها ومواقعها الأثرية، فأصبح بإمكانهم زيارة تلك المناطق بضغطة زر على الموقع الإلكتروني والاطلاع عليها افتراضياً".
وعن أهمية عملية التوثيق تلك، يجد الحصيني أن "توثيق تلك المواقع الأثرية افتراضياً سيحافظ على شكلها والقياسات والهندسة الكاملة لكل موقع أثري، فيما لو تعرضت تلك المواقع إلى ظروف قاهرة أو لسقوط أو دمار". ويضيف، "نتمنى من جميع المؤسسات المعنية بالتراث أن تتبع عمل مؤسسة تراث الموصل في توثيقها للمباني في محافظة البصرة افتراضياً، إذ يساعد ذلك على تحسين واقع السياحة في المدن العراقية، كما يمكن نقل المتحف افتراضياً إلى جميع الناس من خلاله وضع أجهزة الواقع الافتراضي في أماكن يوجد فيها الناس، ستسهل عليهم مشاهدة تلك المواقع، دون الحاجة إلى الذهاب إليها، وذلك فقط من خلال ارتداء النظارة والتمتع بالمشاهد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تاريخياً، تعد مدينة البصرة من أهم وأشهر مدن العراق، فهي أول مدينة إسلامية بنيت خارج الجزيرة العربية في زمن الفتوحات الإسلامية، لذلك يقع فيها أهم المواقع التاريخية والإسلامية، التي تستحق الاهتمام وتعريف المجتمعات بها، وهذا ما يقوم به شباب الموصل، في رحلتهم التوثيقية.
ويقول مسؤول فريق الواقع الافتراضي في شركة "قاف لاب"، عبدالله بشار، "كانت الرحلة إلى مدينة البصرة مشوقة وجميلة، حاولنا التجول فيها خلال فترة إقامتنا، لكن للأسف لم يكن لدينا الوقت الكافي لذلك، لكن في علمنا، استطعنا توثيق متحف البصرة الحضاري ومنارة جامع خطوة الإمام علي (عليه السلام)، وقد استغرق التوثيق فيها نحو 5 ساعات".

طموح كبير

ودرس عبدالله بشار تخصص الهندسة المعمارية، وتعلم خلال دراسته كيفية توثيق المباني، مما شكل حجر أساس ومدخلاً إلى مجال العمل في عالم الواقع الافتراضي بالنسبة إليه. وحاول من خلال تعلمه تلك التقنية، توثيق مدينته، الموصل، من خلال العمل مع مجموعة من المهندسين على توثيق بسيط لأحد المباني، وبعدها استمر العمل ليحقق إنجازات كبيرة وبصمة تركها لأبناء الموصل وباقي مدن البلاد.
ويشرح بشار آلية توثيق المواقع التاريخية، بالقول إنه "تتم عملية التوثيق من طريق التقاط مجموعة كبيرة من الصور بأسلوب تصوير معين، بعدها نقوم بفرز الصور وتعديلها للحصول على صور متناسقة الإضاءة، ثم نستخدم برامج خاصة لعملية تحويل الصور إلى غيوم نقطية تحوي معلومات من الصور، تنتج هذه الغيوم النقطية النماذج ثلاثية الأبعاد، والتي تتحول إلى جولات افتراضية من طريق برنامج الـunreal engine". كما يحتاج فريق العمل إلى كاميرات محمولة على طائرة (درون)، التي تكون ضرورية في عملية مسح الهيكل الخارجي للمبنى والسقوف والمساحات الكبيرة.
ويتألف فريق العمل، الذي يعمل على توثيق المواقع التاريخية بتقنية الواقع الافتراضي، من مصورين ومبرمجين وفريق من المهندسين، يعمل كل منهم بحسب تخصصه، لإخراج العمل بصورة نهائية. ويضيف بشار، "تكمن أهمية التوثيق في الحفاظ على الآثار والتراث، بخاصة في حالات الحروب، وإعطاء فرصة لإمكانية إعادة بناء تلك المواقع الأثرية في حالة دمارها، كما حصل في مدينة الموصل من تخريب ودمار تسبب في اختفاء مبانٍ أثرية بالكامل، ولا نملك ما نستند إليه لإعادة بنائها". وختم بالقول "ما نقوم به الآن في مدينة البصرة، ما هي إلا خطوة انطلقنا منها بعد مدينة الموصل، ونحاول أن نكمل عملنا ليشمل بقية مدن العراق، وهذا هدف كبير نتمنى الوصول إليه".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات