Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

بماذا تكافئ روسيا جنودها في حرب أوكرانيا باهظة الكلفة؟

يتلقون الطعام المناسب والملابس والدعم النقدي الذي يبدأ للجندي العادي بما يساوي 2400 دولار أميركي في المتوسط

الرئيس الروسي قال إن العسكريين المشاركين في العملية العسكرية بأوكرانيا يحصلون شهرياً على ما متوسطه 2500 دولار (رويترز)

ملخص

يحصل المجندون على مزايا غير محدودة ومنها الحق في السفر مجاناً في وسائل النقل العام وقسائم دخول إلى المصحات الحكومية من دون مقابل وتوفير الأدوية والتأمين على الحياة والتأمين الصحي الحكومي.

منحت الحكومة الروسية بتوجيه من الرئيس فلاديمير بوتين شخصياً حقوقاً ومزايا وأفضليات للأفراد العسكريين المحترفين ومجندي التعبئة الجزئية والمتطوعين المشاركين في العملية العسكرية الخاصة التي تشنها في أوكرانيا منذ عامين، تتيح لهم الحصول على كثير من المزايا والبدلات والمدفوعات المالية التي لم يحلموا بمثلها قبل بدء الحرب، لدرجة أن الروس صاروا يتندرون ويطلقون على المشاركين في هذه الحرب صفة "محاربين من فئة خمس نجوم" على اعتبار أن من تكتب له النجاة والحياة بعد انتهاء الحرب سيعيش في نعيم تقديماتها مدى الحياة، هو وأسرته وأولاده.

وتشمل هذه الحقوق الفائقة والمزايا والتقديمات والأفضليات المتعددة، ليس فقط العسكريين المشاركين في الحرب، بل أيضاً أفراد أسرهم الذين يحصلون أيضاً على تفضيلات ومزايا يحسدهم عليها أولئك الذين ليس لديهم من يتطوع للحرب.

وعلاوة على ذلك فإن الفرص الخاصة متاحة للروس المشاركين في الحرب ليس فقط أثناء استمرار الأعمال العدائية بل ستظل قائمة حتى بعد انتهائها وصمت مدافعها.

التفضيلات الشخصية

وجميع الذين حشدوا من المدنيين وتعبئتهم للقتال في أوكرانيا متساوون مع الأفراد العسكريين النظاميين الذين أبرموا عقوداً قبل بدء الحرب، ويتلقون الطعام المناسب والملابس والدعم النقدي الذي يبدأ للجندي العادي من مبلغ 195 ألف روبل شهرياً (2400 دولار أميركي) في المتوسط، وينظم ذلك مرسوم وقّعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الـ 21 من سبتمبر (أيلول) 2022.

كما يحصل المجندون على مزايا غير محدودة مثل الحق في السفر مجاناً في وسائل النقل العام وقسائم دخول إلى المصحات الحكومية من دون مقابل، وتوفير الأدوية والتأمين على الحياة والتأمين الصحي الحكومي.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 حصل المتطوعون المشاركون في الحرب في أوكرانيا أيضاً على وضع الأفراد العسكريين وحقوق متساوية معهم في الرواتب التقاعدية وغيرها من التقديمات.

الضمانات الوظيفية والمالية

وخلال فترة التعبئة يحتفظ المواطنون الذين استدعوا للخدمة العسكرية بوظائفهم سواء في القطاع العام أو الخاص، ولا تنهى عقود العمل معهم بل تعلق فقط، ويستمرون في اكتساب الخبرة الوظيفية والمهنية مثل التدريس والطب ومراكمتها، وتؤخذ في الاعتبار عند احتساب معاش التأمين المستقبلي، وعلاوة على ذلك تحتسب مدة الخدمة بمعدل مضاعف أثناء المشاركة في الحرب في أوكرانيا.

وأكثر من ذلك تعفى المدفوعات المجانية للأفراد العسكريين المعبأين والمتطوعين والمتعاقدين المشاركين في الخدمة العسكرية وكذلك أفراد أسرهم من ضريبة الدخل الشخصي، كما لا تخضع البدلات اليومية لأولئك الذين يرسلون إلى المناطق الأوكرانية الأربع التي ضمتها روسيا لضريبة الدخل.

وإضافة إلى ذلك لا تفرض غرامات على المشاركين في العملية الخاصة وأقاربهم بسبب التأخر في دفع كلف الإسكان والخدمات المجتمعية والإسهامات في الإصلاحات الرئيسة.

وعلقت الإجراءات القانونية ضد المجندين والمتطوعين، ومع ذلك لا يزال يتعين عليهم دفع النفقة والتعويض عن الأضرار الناجمة عن وفاة العائل.

الدعم الأسري

وتتقدم أسر الأفراد العسكريين بطلب للحصول على إعانات الأطفال بطريقة مبسطة من دون مراعاة دخل الشخص المعبأ، وإضافة إلى ذلك تقوم وزارة التعليم والعلوم في الاتحاد الروسي بإعداد تغييرات على قواعد القبول في الجامعات، وعند اعتماد الأمر ستظهر حصة منفصلة لأطفال المشاركين في الأعمال العدائية في البلدان الأجنبية  ما لا يقل عن 10 في المئة من حصص القبول المحددة في المؤسسة التعليمية.

وفي حال الإصابة أو الصدمة أو الارتجاج يحق للأفراد العسكريين والمتطوعين وموظفي الخدمة المدنية وغيرهم من الأشخاص الذين أرسلوا إلى منطقة العمليات العسكرية للحصول على دفعة لمرة واحدة قدرها 3 ملايين روبل (35 ألف دولار)، أما إذا مات المجند لأي سبب أو قتل فتوزع 5 ملايين روبل بالتساوي بين أفراد أسرته (55 ألف دولار).

وإضافة إلى ذلك يحصل أزواج ووالدي الشخص المتوفى أو المفقود على معاش تقاعدي وتعويض نقدي شهري، كما يعوضون أيضاً بـ 60 في المئة من كلف دفع الخدمات الشهرية لمنازلهم مثل فواتير المياه والكهرباء وخدمات الكهرباء والسباكة لمرة وتركيب هاتف أرضي، وعدا عن ذلك يدفع الصندوق الاجتماعي لروسيا بدلاً شهرياً للأطفال مقداره 2.8 ألف روبل.

بعد التسريح

وبعد التسريح يحصل المشاركون في العملية العسكرية بأوكرانيا على وضع المحاربين القدامى، ولهم الحق في الحصول على جميع المزايا وتدابير الدعم الاجتماعي المنصوص عليها في القانون الاتحادي ذي الصلة، وعند الفصل من الخدمة في الاحتياط تصرف مكافأة لمرة واحدة بمقدار راتبين لوظيفة عسكرية، وإذا حدث هذا بسبب الإصابة أو الارتجاج أو المرض فإن المبلغ هو مليونا روبل، ويدفع الصندوق الاجتماعي الروسي للمحاربين القدامى 3.9 ألف روبل شهرياً.

ويحق للأفراد العسكريين السابقين أيضاً الحصول على تعليم وتدريب مهني إضافي على نفقة صاحب العمل، كما يقبل العسكريون الروس المشاركون في الحرب الأوكرانية لدى الجامعات من دون امتحانات القبول.

رعاية شخصية

وخلال حديثه في رسالة إلى الجمعية الفيدرالية في الـ 21 من فبراير (شباط) 2023 اقترح بوتين إنشاء صندوق حكومي خاص مهمته المساعدة الشخصية لعائلات الجنود الذين سقطوا والمحاربين القدامى في الحرب في أوكرانيا، ومنها تنسيق تقديم الدعم الاجتماعي والطبي والنفسي، وحل قضايا العلاج وإعادة التأهيل في المصحات والمساعدة في التعليم والرياضة والتوظيف وريادة الأعمال والتدريب المتقدم والحصول على مهنة جديدة.

وستكون المهمة المنفصلة للمؤسسة هي تنظيم رعاية منزلية طويلة الأمد وأطراف صناعية عالية التقنية لكل من يحتاج إليها، وسيعين اختصاصي اجتماعي شخصي لكل عائلة متوفى وكل محارب قديم، كما سيقوم المنسق بحل جميع المشكلات الناشئة أثناء الاتصال الشخصي في الوقت الفعلي.

واقترح الرئيس الروسي أن تصبح مراكز الدعم الفردية مكاناً ليس فقط للحصول على المساعدة بل للتواصل ببساطة مع الأشخاص ذوي التفكير المماثل وقضاء وقت ممتع، وعلى سبيل المثال يوجد في فرع في موسكو بالفعل مقهى ومكتبة وصالة إعلامية مزودة بمعدات للرياضات الإلكترونية وقاعة للمحاضرات وعروض الأفلام وغرفة ألعاب للأطفال، وافتتحت صالة ألعاب رياضية ونادي بلياردو وورشة نجارة في المبنى المجاور، ويشارك في العمل المتطوعون والمنظمات غير الربحية والمؤسسات الخيرية.

أعداد المحاربين الروس في أوكرانيا

وبحسب الرئيس الروسي فإن هناك 617 ألف جندي روسي في منطقة "العمليات العسكرية الخاصة" في أوكرانيا، وقال "يبلغ طول خط التماس أكثر من 2000 كيلومتر، وهناك 617 ألف شخص في منطقة القتال".

ومن بين هؤلاء جهز 244 ألفاً خلال الموجة الأولى التي بدأت خريف عام 2022.

وقال بوتين، "انظر لقد قمنا بتعبئة جزئية، ثم قمنا باستدعاء 300 ألف شخص الآن، وفي رأيي فهناك 244 ألف شخص موجودون مباشرة في منطقة القتال"، وقال إن 41 ألفاً آخرين "فصلوا بسبب بلوغهم الحد الأقصى للعمر ولأسباب صحية وما إلى ذلك".

وفي بداية نوفمبر 2023 أعلن بوتين أن "عدد الروس الذين حشدوا خلال الموجة الأولى 300 ألف تعبئة، لكن لدينا 318 ألفاً لأنهم متطوعون".

وإذا طرحنا من هذا الرقم 41 ألفاً من المفصولين، فضلاً عن 244 ألفاً ممن هم في منطقة القتال، نحصل على 33 ألفاً، وكان حديث بوتين عن ذلك خلال "الخط المباشر" في الـ 14 من ديسمبر (كانون الأول) 2023.

ولم يعلق الرئيس الروسي على مصير هؤلاء الأشخاص، وهذا لا يعني بالضرورة عدد الخسائر، فقد تحدث بوتين عن منطقة قتال، مما يعني أن بعض هؤلاء الـ33 ألفاً الذين حشدوا ربما يكونون ببساطة على الأراضي الروسية.

وإذا قمت بجمع عدد الأشخاص المعبأين الذين بقوا في الجبهة (244 ألفاً) مع عدد أولئك الذين وقعوا عقداً عام 2023 (486 ألفاً)، فستحصل على 730 ألف شخص، وربما يكون هذا هو الرقم الوحيد الذي يمكن اعتباره محدداً إلى حد ما، لأن ما تبقى غير معلوم حتى إشعار آخر.

ومن الصعب حساب الحجم الفعلي للقوات المسلحة الروسية على هذا الأساس إذ لا توجد بيانات حول عدد القوات التي كانت على الجبهة خريف عام 2022 عندما بدأت التعبئة.

وقدر حجم القوة الروسية المهاجمة عند بداية الحرب ليس فقط من كثير الجيش الروسي، ولكن أيضاً من التشكيلات المسلحة لما يسمى جمهورية دونيتسك وجمهورية لوغانسك، وغالباً ما يستخدم الخبراء العسكريون الرقم 300 ألف، لكن هذه البيانات تقريبية للغاية بحيث يصعب استخدامها للحصول على أية نتائج، ولا يزال العدد الدقيق للقتلى غير معروف، وكل المحاولات لتحديدها غير ممكنة إلا من مصادر مفتوحة، واعتباراً من الـ 11 من نوفمبر 2022 كان من الممكن التأكد من معلومات عن مقتل 8712 جندياً وضابطاً، ومع ذلك فإن هذه البيانات بعيدة من الاكتمال، وقد يكون العدد الدقيق للخسائر أعلى بمرتين، وإضافة إلى ذلك فإن هذه البيانات لا تشمل القتلى من التشكيلات المسلحة الموالية لروسيا في الدونباس.

وفي الأول من ديسمبر 2023 أصدر فلاديمير بوتين مرسوماً يقضي بزيادة عدد الأفراد العسكريين في القوات المسلحة الروسية من 1.150.628 إلى 1.320.000، ومنذ بداية عام 2023 وبعد الانتهاء من الموجة الأولى من التعبئة كثفت السلطات الروسية حملة إبرام عقود الخدمة العسكرية، ووفقاً لبوتين فبحلول منتصف ديسمبر الماضي جند ما مجموعه 486 ألف شخص بهذه الطريقة، وبحلول نهاية العام الماضي من المفترض أن يكون هذا الرقم قد تجاوز نصف مليون مجند.

ويؤكد بوتين أنه لن تكون هناك تعبئة جديدة في روسيا أقله لغاية الآن، "لماذا نحتاج إلى التعبئة؟ اليوم ليست هناك حاجة إلى ذلك".

وهناك ظرف آخر يجعل من الصعب تحليل الأرقام التي ذكرها بوتين في مؤتمره الصحافي السنوي الذي عقد في الـ 14 من ديسمبر الماضي.

وتخفي روسيا كثيراً من البيانات حول قواتها المسلحة، وعلى وجه الخصوص لا تنشر معلومات حول الخسائر، كما أخفي حجم المجموعة في المقدمة لفترة طويلة، ولذلك سيكون من المنطقي الافتراض أن بوتين غير مهتم بالكشف عن البيانات الحقيقية.

ماذا تعني هذه الأرقام؟

ويؤكد الرئيس الروسي أن العسكريين المشاركين في العملية العسكرية في أوكرانيا يحصلون شهرياً على ما متوسطه 200 ألف روبل (2500 دولار) أي أربعة أضعاف متوسط الرواتب في البلاد، ووفقاً له فيمكن اعتبار مستوى المدفوعات لمقاتلي العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا "لائقاً جداً".

وذكرت نائبة وزير الدفاع الروسي تاتيانا شيفتسوفا أن الراتب الشهري للمشاركين في العملية العسكرية في أوكرانيا بعد الفهرسة لا يقل عن 210 آلاف روبل، ووفقاً لها فإن آخر مرة فهرست فيها المدفوعات للأفراد العسكريين كانت في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وفي الخلاصة فإن الحروب لا تجلب إلا المآسي والدمار والخراب والقتل، ونتائج الدمار الاقتصادي والسياسي الذي أحدثته الحرب في أوكرانيا ستظهر بعد فترة، وسيعبر عن ذلك في التضخم وارتفاع الأسعار والبطالة والمتاجر الفارغة وفي الملاحقات المتزايدة باستمرار.

وربما لهذا قال بوتين أخيراً إن روسيا لا تريد القتال إلى ما لا نهاية، لكنها لن تتخلى عن مواقعها في منطقة العمليات العسكرية الخاصة في أوكرانيا، وأخبر الجرحى في الحرب بهذا الأمر في مستشفى فيشنفسكي.

وأضاف، "أولئك الذين قالوا بالأمس إنه من الضروري إلحاق هزيمة إستراتيجية بروسيا يبحثون الآن عن تعبيرات حول كيفية إنهاء الصراع بسرعة، ونريد أيضاً إنهاء الصراع وفي أسرع وقت ممكن لكن بشروطنا فقط".

ومن المفارقات أن تأييد الحرب يتعايش في أذهان الروس مع إدراكهم للثمن الباهظ الذي تدفعه البلاد في مقابل هذه الحرب، وحرفياً "لن نقف عند السعر".

ويتفق ما يقارب من ثلثي الروس (66 في المئة) على أن روسيا تدفع ثمناً باهظاً لمشاركتها في الحرب، فـ 32 في المئة "يوافقون بالتأكيد" و34 في المئة "يوافقون إلى حد ما"، بحسب ما أظهر استطلاع للرأي أجراه "مركز ليفادا" في يناير.

وحتى من بين المعجبين بأوضاع البلاد ممن يعتقدون أنها تسير في الاتجاه الصحيح، فإن 63 في المئة يعتقدون أنها باهظة الثمن، ومن بين الذين يعتقدون أن البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ تبلغ هذه النسبة 75 في المئة.

وهناك كثير من الأشياء المجهولة الآن بحيث لا يمكن تحديد متى وأين وكيف ستنتهي هذه الحرب؟ وستعتمد نتيجة القتال على عوامل عدة منها مستوى ونوع الدعم الغربي والقرارات التي ستتخذ في أوكرانيا وروسيا في ما يتعلق بتعبئة قوات وقدرات إضافية، ومتى تتخذ هذه القرارات.

ويقال إن روسيا تعمل على تكثيف إنتاجها من الصواريخ وأنظمة المدفعية والطائرات من دون طيار، وهذا يعني أنه من الواضح أن الحكومة الروسية تستعد لحرب أطول فترة ممكنة من دون تقويض الاستقرار الداخلي.

المزيد من تقارير