Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معارك شرسة في أم درمان والجيش يعلن إحباط هجوم على سلاح المهندسين

التصعيد العسكري سيد الموقف بين طرفي النزاع وعودة تدريجية للاتصالات بالسودان

جنود سودانيون يقودون شاحنة صغيرة مزودة بمدفع رشاش في أحد شوارع مدينة القضارف  (أ ف ب)

ملخص

نفى بيان للجيش السوداني دخول قوات "الدعم السريع" إلى سلاح المهندسين مؤكداً "تصديه لمحاولة يائسة من الميليشيات لاقتحام المقر، وتعرضها لهزيمة ساحقة".

في خضم الحرب المحتدمة بين الجيش وقوات "الدعم السريع" على مدى 10 أشهر مضت، منذ اندلاعها منتصف أبريل (نيسان) الماضي، لا يزال الطرفان يراهنان على الحسم العسكري ونصر حاسم بضربة قاضية من أحدهما للآخر.

وعاد التصعيد العسكري من جديد سيداً للموقف في جبهات القتال المختلفة، واشتعلت المواجهات والقصف بين الجانبين خارج وداخل العاصمة السودانية (الخرطوم)، بخاصة في محور سلاح المهندسين جنوب أم درمان الذي يتصارع الجانبان على السيطرة عليه وسط أنباء متضاربة حول مصيره.

مصير المهندسين

وفي غمار تصعيد المواجهات المسلحة تبادل الجانبان بيانات بالسيطرة على سلاح المهندسين المحاصر منذ أشهر عدة ماضية، فبينما تزعم قوات "الدعم السريع" دخولها إلى مقر هذه الحامية العسكرية الاستراتيجية المهمة التابعة للجيش السوداني، ينفي الأخير بصورة قاطعة تلك الأنباء ويؤكد سيطرته التامة عليه.

وكان قائد "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو (حميدتي) هنأ قواته في خطاب مسجل على انتصاراتها في سلاح المهندسين، كما بثت قواته على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تزعم فيها توغلها داخل الحامية العسكرية وسيطرتها عليها، وظهر الجنود في المقاطع وهم يعبثون ببعض المهام العسكرية وقالوا إنها تخص جنوداً يتبعون للجيش.

الجيش ينفي

من جانبه، نفى بيان للجيش السوداني دخول قوات "الدعم السريع" إلى سلاح المهندسين، مؤكداً "تصديه لمحاولة يائسة من الميليشيات لاقتحام المقر، وتعرضها لهزيمة ساحقة وخسائر بشرية كبيرة".

وهاجم البيان "حميدتي" واتهمه بالكذب وتهنئة ميليشياته بانتصارات وهمية ومزعومة في كل من أم درمان وبابنوسة، في وقت تتلقى فيه قواته الضربات والهزائم الموجعة والمستمرة من قبل الجيش في تلك المناطق على وجه التحديد، إلى جانب مناطق أخرى وتكبدهم فيها خسائر كبيرة ومتواصلة.

ووصف ما ورد بتسجيل (حميدتي)، بأنه محاولة يائسة لرفع معنويات ميليشياته المنهارة والمندحرة، و"يتماشى مع نهجه المألوف في الكذب والتلفيق منذ ظهوره المشؤوم في الحياة العامة بالبلاد".

هجمات مدفعية

وتواصل أمس الإثنين تبادل القصف المدفعي في محيط القيادة العامة للجيش وسط الخرطوم وسلاح المدرعات جنوب العاصمة، حيث دارت اشتباكات برية أيضاً في مناطق جبرة واللاماب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابعت مدفعية الجيش هجماتها المدفعية من قاعدة وادي سيدنا العسكرية على مواقع قوات "الدعم السريع" في كل من مناطق شمال مدينة الخرطوم بحري وفي عمق منطقة أم درمان القديمة.

وإلى جانب مواصلة توسيع نطاق سيطرته وسط أم درمان وتحريره مباني جامعة الإمام المهدي، استأنف الجيش بحسب مصادر ميدانية، تقدمه في وسط مدينة الخرطوم بوصوله إلى محيط كبري ألمك نمر في قلب المدينة، وعلى امتداد الطرق الفرعية المؤدية إلى شارع الجامعة، وكلاهما يقع على بعد أمتار قليلة من القصر الجمهوري.

تعقب وقصف

وواصلت طائرات ومسيرات الجيش تعقب وقصف نقاط ارتكاز ومتحركات وأفراد قوات "الدعم السريع" في مواقع عدة غرب وجنوب ووسط أم درمان، وتصاعدت على أثرها سحب وأعمدة الدخان في تلك المناطق.

كذلك واصل الطيران الحربي قصفه مواقع "الدعم السريع" في ضاحية حنتوب على مشارف مدخل مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة.

وبث الجيش مقاطع مصورة لعمليات توضح نشر قواته في مناطق جنوب مدينة أم درمان تظهر استقبال وترحيب وتفاعل المواطنين مع وصول تلك القوات.

تحرير ود مدني

من جانبه، أكد العميد القذافي محمد أحمد، قائد متحرك تحرير مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، اكتمال استعدادات قواته والمقاومة الشعبية للزحف نحو هدفها.

 

 

وعد أحمد، لدى مخاطبته حشد القوات في مدينة سنار بحضور والي الولاية، بدخول وتحرير المدينة في وقت قريب.

من جانب آخر، عزت مصادر عسكرية بطء عمليات تقدم قوات الجيش وفرق العمل الخاص وهيئة العمليات في أم درمان لحرصها وحذرها الشديد لتفادي أي شراك أو مكامن عسكرية من جانب العدو، الذي ظل منتشراً وسط أحياء المدينة ونشره مجموعات من القناصين في مواقع عدة داخلها.

تحرك الجيش الشعبي

في سياق تصعيد العمليات الحربية، تحركت من إقليم النيل الأزرق قوات الجيش الشعبي التابعة للحركة الشعبية لتحرير السودان/ شمال برئاسة مالك عقار رئيس الحركة ونائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، إلى كل من ولايتي الخرطوم والجزيرة من أجل المشاركة في دحر ميليشيات "الدعم السريع" المتمردة واستعادة الأمن والاستقرار في البلاد.

وأوضح الناطق الرسمي باسم الحركة، سعد محمد عبدالله، أن تحرك القوات التي يقودها العميد الركن فريد الفحل، لخوض معارك التحرير، يجيء تنفيذاً لتوجيهات رئيس الحركة والقائد أحمد العمدة حاكم إقليم النيل الأزرق ورئيس هيئة أركان الجيش الشعبي.

أضاف عبدالله أن الحركة ستواصل استنهاض المقاومة الوطنية ودعم ومساندة القوات المسلحة والعمل على توحيد الصف الوطني لمقاومة الأجندة الخبيثة التي يحاول المتمردون والمستعمرون تنفيذها لتفكيك السودان.

عودة الاتصالات

في هذا الوقت شهدت أزمة انقطاع الاتصالات التي استمرت زهاء أسبوع كامل انفراجاً نسبياً بعودة شبكة اتصالات شركة "سوداتل" (سوداني) لمدن كسلا وشندي وبورتسودان وجزئياً إلى عطبرة، بعد أن تمكنت الشركة من تشغيل مركز معلومات ومقسم بديل للذي بالخرطوم، بينما تستمر المساعي والجهود لإعادة شبكات الشركات الأخرى.

وأصدرت الشركة تنويهاً بعودة خدماتها تدريجاً إلى كل أنحاء السودان، في وقت جددت مصادر رسمية، الاتهام لقوات "الدعم السريع" بتعطيل مقسم ولاية الجزيرة مرة أخرى عقب عودة الشبكة إلى مدينة ود مدني، مما سيؤدي بدوره إلى إضعاف التغطية بمعظم مناطق الولاية الأخرى.

وكان جهاز تنظيم الاتصالات والبريد حمل "الدعم السريع" مسؤولية تعطيل شبكات الاتصالات في عموم السودان، واتهمها بإجبار الفنيين بشركة "زين" للاتصالات على إيقاف الخدمة عن ولايتي نهر النيل وبورتسودان، مهددة بإيقافها بشكل كلي.

المساهمات الإنسانية

في مدينة الفاشر التي تشهد توتراً أمنياً مطرداً وظروفاً إنسانية متأزمة نتيجة تكدسها بالنازحين الفارين من جحيم الحرب والقتال في مدن ومناطق الإقليم الأخرى، بحث والي شمال دارفور المكلف، الحافظ بخيت، مع المنظمات الأممية والدولية والوطنية، مساهمات المانحين في تقديم المساعدات الإنسانية، خصوصاً في قطاعات المياه والصحة والتغذية، بوصفها تشكل أولوية قصوى في الفترة الراهنة.

 

 

ولفت بخيت إلى أن المدينة تستضيف أعداداً مقدرة من النازحين، بينما لا تتعدى مصادر المياه العاملة ثلاثة فقط، نتيجة تسبب انقطاع الكهرباء في خروج محطات المياه المغذية للخطوط الناقلة إلى المنازل عن الخدمة، مما يتطلب تزويدها بطاقة بديلة.

وأكد الوالي أهمية تضافر الجهود والتنسيق المشترك بين الأجهزة الرسمية بالدولة، والمنظمات الإنسانية العاملة بالولاية لاستدامة خدمات المياه بمدينة الفاشر خلال فصل الصيف المقبل.

المشهد المفتوح

في السياق، حذر المتخصص في مجال العلوم السياسية علي الأمين من أن حرب السودان وهي تخطو بصورة حثيثة نحو إكمال عامها الأول تنبئ بانفتاح المشهد العسكري بالبلاد على مصير مرعب ومخيف، أبرز ملامحه الانزلاق إلى أتون حرب أهلية شاملة تبدو شاخصة للعيان، بعد أن وفرت عمليات التسليح الشعبي الواسعة أدواتها، ويكفل الشحن الجهوي وتفشي خطاب الكراهية أهم ظروفها وبيئتها الخصبة.

وأشار الأمين إلى أن الخطابين التصعيديين الأخيرين لكل من قائدي الجيش و"الدعم السريع" تزامناً مع الأنباء المتواترة حول استئناف مساعي الوساطة السعودية - الأميركية لعودة الطرفين من جديد إلى مائدة منبر جدة التفاوضي، يقدح في مدى صدق نواياهما تجاه الوصول إلى اتفاق ينهي الحرب.

وحذر الأكاديمي من أن استمرار تجاهل الجنرالين كل الدعوات والمناشدات الأممية والدولية بوقف التصعيد والتزام المواثيق والقوانين الدولية بخاصة في ما يخص حماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية، قد يدفع المجتمع الدولي ومؤسساته إلى اللجوء إلى خيارات فرض حلول لصالح المدنيين السودانيين وفق آلياتها، رداً على استمرار ومماطلة وتعنت طرفي القتال.

محفزات التصعيد

لفت الأمين إلى أن إصرار وتعويل الطرفين على الحسم العسكري بعيد المنال يعني بالضرورة الاتجاه بالحرب نحو اشتعال أكثر في مناطق القتال وفتح جبهات جديدة، بخاصة أن التطورات الميدانية الراهنة تمنح كل طرف شعوراً زائفاً بقرب انتصاره، فضلاً عن أن التقدم الذي يحرزه الجيش هذه الأيام على الأرض بخاصة في العاصمة يحفزه أكثر على التصعيد بغرض تحسين وضعه الميداني.

أردف "إلى جانب مخاوف فقدان السيطرة على السلاح والمقاتلين، فإن طول أمد الحرب وتصاعد وتيرتها يدفعان بالبلاد بشكل متسارع على طريق التحول إلى مسرح لصراع إقليمي دولي تتقاطع فيه المصالح والأيديولوجيات، خصوصاً بعد ظهور مقاتلين من عدد من الحركات المسلحة بالإقليم، إلى جانب التقارير المتواترة حول وجود قوات خاصة أوكرانية في السودان تقاتل إلى جانب الجيش ضد مرتزقة (فاغنر) الروس المتحالفين مع قوات (الدعم السريع) المتمردة".

توسيع (تقدم)

في الأثناء تنطلق غداً الأربعاء بالعاصمة الأوغندية كمبالا ورش عمل المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، وسط مساع إلى مزيد من توسيع التنسيقية لبناء أكبر تحالف مدني مناهض للحرب.

تمثل ورشتا العدالة الانتقالية والترتيبات الدستورية فاتحة التحضيرات، تتبعها ست ورش عمل أخرى، تستمر حتى بداية مارس (آذار) المقبل، بينما تم تأجيل ثلاث ورش إلى ما بعد انعقاد المؤتمر التأسيسي.

وأوضحت مصادر سياسية أن التنسيقية تسعى إلى مشاركة أطراف مدنية خارج التنسيقية في هذه الورش، متوقعة أن ينعقد المؤتمر التأسيسي لـ(تقدم) في الأسبوع الثالث من مارس المقبل بحضور 600 مشارك من داخل وخارج السودان، بمن فيهم قوى سياسية ولجان المقاومة والمجتمع المدني ومجموعات من الطرق الصوفية والإدارة الأهلية والنازحين من معسكرات النزوح والرعاة والمزارعين لتمثيل أوسع طيف من السودانيين.

وستشكل مخرجات وتوصيات تلك الورش مصفوفة وبرنامج عمل، لإعداد وثيقة متوافق عليها تقود عمل تنسيقية (تقدم).

فعاليات جوبا

سياسياً يجري نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي مالك عقار، خلال زيارة رسمية لمدينة جوبا عاصمة جنوب السودان تستغرق أياماً عدة، مشاورات مع الرئيس سلفاكير ميارديت، حول تطورات الأوضاع الراهنة في السودان وأهمية توحيد المنابر، إلى جانب بحث مسار العلاقات والقضايا المشتركة بين البلدين.

على الصعيد نفسه اختتم تحالف "الكتلة الديمقراطية" بمشاركة تيارات سياسية ومدنية ودينية اجتماعات تشاورية والتقت الرئيس ميارديت في جوبا، في إطار البحث عن مخرج لإنهاء الحرب بالسودان.

وأوضح حاكم إقليم دارفور والقيادي في "الكتلة الديمقراطية" مني أركو مناوي أن التحالف تقدم للرئيس ميارديت برؤية مشتركة حول سبل إيقاف الحرب وتأسيس مستقبل البلاد، التي تبلورت على ضوء نقاشات مكثفة جرت حول أزمة الحرب وإفرازاتها السيئة إنسانياً وسياسياً، إلى جانب انعكاساتها على كل المنطقة.

المزيد من متابعات