Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السعودية تحصن في قانون جديد شهود الجرائم والمبلغين عنها

النائب العام: النظام يؤسس لمرحلة جديدة من الحماية العدلية ويعزز حس المسؤولية الوطنية لدى الأفراد

نظام حماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا يؤسس مرحلة جديدة في الحماية العدلية (اندبندنت عربية - علاء رستم)

ملخص

وافق مجلس الوزراء السعودي على نظام حماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا عن الفساد المالي والإداري بعد مصادقة مجلس الشورى عليه

"أنت محمي بقوة القانون"، هكذا جاءت موافقة مجلس الوزراء السعودي، أمس الثلاثاء، على نظام حماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا عن الفساد المالي والإداري، الذي صادق عليه مجلس الشورى، وحصلت "اندبندنت عربية" على نص المشروع.

وبمقتضى النظام الجديد، تكفل الدولة السرية والحماية للمبلغين، وتتحمل علاجهم وتعويضاتهم وإعالة أسرهم في حال الوفاة، كما تمنحهم حصانة من الدعاوى المدنية.

ماذا نعرف عن "حماية الشهود"؟

تتردد الأنباء والقصص في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، عن نظام حماية الشهود الذي يختص بعض القضايا المهمة وعالية المستوى بينها قضايا الإرهاب، إذ تلجأ النيابة العامة إلى محاولة إدانة المتهمين لتقديم أدلة عديدة من أهمها الشهود، التي أحياناً تكون الوسيلة الوحيدة للإثبات وإدانة المجرمين.

هذا الشاهد المهم تغير شهادته مسار القضية إما بالإدانة، وإما بالبراءة لعدم كفاية الأدلة، ولهذه الأهمية فإن الشاهد بكل تأكيد معرض لعمليات انتقامية، لأن المتهمين غالباً ما يكونون نافذين ولديهم علاقات وأنشطة إجرامية واسعة.

وفقاً للنظام الأميركي لحماية الشاهد يمنح بيتاً وبعض المال واسماً جديداً في منطقة مختلفة عن التي عاش بها ونشأ ليبدأ حياة جديدة، ولضمان سلامته فإن اسمه الجديد ومعلوماته توضع بجميع الجهات الأمنية، ولا يعرف أنه منضم للبرنامج إلا جهة أمنية لها تصاريح عالية المستوى. كما أن الشرطة المحلية على سبيل المثال لا تستطيع معرفة أن هذا الشخص يخضع لبرنامج حماية الشهود، وهناك سبب وجيه لذلك، وهو أن المتهمين في هذا النوع من القضايا ذوو علاقات واسعة، وربما يستطيعون شراء بعض المعلومات بطرق غير مشروعة لمعرفة أين يقطن الشاهد لينتقموا منه، وغالباً بالقتل، بل إنه أثناء المحاكمات فإن الشرطة تلجأ لأخذ الشاهد قبل المحاكمة وخلالها لحمايته لمدة 24 ساعة متواصلة في اليوم، وعلى مدى سبعة أيام كاملة في الأسبوع، لأن قتل الشاهد قد يغير مسار القضية لصالح هذا المتهم.

النظام السعودي لـ"حماية الشهود"

وفقاً لمشروع مجلس الشورى التي لدى "اندبندنت عربية" نسخة منه، فقد تضمن 39 مادة وتكفل الدولة للمشمولين بأحكام هذا النظام كما تتحمل علاجهم وتعويضهم عن آثار ذلك، وإذا كان الاعتداء أو الوفاة للأسباب التي قررت الحماية من أجلها فتتحمل الدولة تعويض وإعالة أسرته بما يكفل لهم حياة كريمة، على أن يتم التزام أحكام وإجراءات الحماية التي طلبتها الجهة المتخصصة التي لها اتخاذ الإجراءات النظامية بالرجوع بالتعويضات على الأشخاص الذين ألحقوا الضرر بالشخص المشمول بالحماية.

حظر الإجراء التعسفي

كما يحظر اتخاذ أي إجراء تعسفي وإنهاء عقد الموظف بسبب بلاغه أو اتخاذ أي قرار إداري يغير من مركزه القانوني أو الإداري يترتب عليه الانتقاص من حقوقه أو حرمانه منها أو تشويه مكانته أو سمعته، كما يحظر اتخاذ أية إجراءات أو دعاوى أو عقوبات تأديبية وتدابير سلبية أخرى، وعلى الجهة المتخصصة حال تلقيها وقوع أي حالة من الإجراءات الوظيفية المشار إليها أن تتخذ اللازم لتوفير الحماية للمبلغ والشاهد والخبير بالتنسيق مع الجهة المعنية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب المادتين الخامسة والسابعة، فإن للنائب العام أو رئيس الجهة المتخصصة بالتحقيق صلاحية قبول المشمولين بالنظام في برنامج الحماية وتحديد نوعها وتوفيرها في الحالات الطارئة عند الاعتقاد بإمكانية التعرض لخطر وشيك لتوفير الحماية للمبلغ أو الشاهد أو المتخصص أو الضحية دون موافقته لمدة لا تزيد على 30 يوماً ويجوز للنائب العام تمديدها. كما يقرر النائب العام أو رئيس جهة التحقيق الإجراءات الضرورية لحماية الشخص المعني من الإصابة الجسدية وضمان صحة وسلامة ورفاهية ذلك الشخص، بما في ذلك الرفاه النفسي والتكيف الاجتماعي طوال فترة الحماية المقررة، إلى جانب توفير الدعم المالي لبرنامج حماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا وتخصيص موازنة ضمن موازنة النيابة العامة يصرف منها وفقاً للوائح المالية المعدة بهذا الشأن.

ووفقاً للنظام، يمنع الكشف عن هوية المبلغ والشاهد والخبير وعن المعلومات التي قد تدل على شخصيته ويستثنى من ذلك طلب الجهات القضائية أو بموجب قرار وحكم قضائي بقضية قائمة لديها، إضافة إلى طلب جهة عليا في الدولة المعلومات لأغراض تتعلق بالأمن الوطني على أن تكون المعلومات التي يتم الإفصاح عنها في أضيق نطاق، كما يسمح بالكشف عن الهوية حال موافقة المبلغ أو الشاهد أو الخبير.

عقوبات وغرامات

ويعاقب حسب المادة 29 بالسجن مدة لا تتجاوز 12 شهراً وبغرامة مالية لا تزيد على 200 ألف ريال (54 ألف دولار) كل من تعمد كشف هوية من يشمله هذا النظام بأي وسيلة كانت، وفي حال عدم ثبوت أن البلاغ كيدي أو أن الشهادة والخبرة غير صحيحتين فيعاقب مقدمها بغرامة مالية لا تقل عن 10 آلاف ريال (2600 دولار) ولا تزيد على 100 ألف ريال (27 ألف دولار) والسجن لمدة لا تزيد على ستة أشهر، ويلزمون بجميع الأحوال بإعادة جميع النفقات التي دفعتها الدولة مقابل سفرهم وإقامتهم وتنقلاتهم وتلغى عنهم الحماية، كما يجوز للمتضرر من البلاغ الكيدي أو الشهادة أو الخبرة غير الصحيحة، اللجوء للقضاء للمطالبة بالتعويض عن الضرر المادي أو المعنوي الحاصلين له.

حصانة من الملاحقة القضائية

ويتمتع المبلغ بحصانة ضد تحريك أي دعوى مدنية أو جزائية بسبب بلاغه ما لم يكن كيدياً، كما يتمتع الشاهد بالحصانة ما لم يثبت عدم صحة شهادته وتمتد الحماية إلى الخبير.

الحماية تبدأ من وقت صدور قرار من الجهة المتخصصة بالموافقة عليها، وتنقضي بطلب من المستفيد منها أو بقرار من الجهة ذاتها، ولا يجوز إلغاء الحماية إذا كانت دواعيها قائمة ما لم يطلب المشمول بها خطياً الاستغناء عنها أو يظهر عدم التزاماته بتعليماتها أو إدلائه عمداً بمعلومات خاطئة للجهة المتخصصة، أو ارتكابه لجريمة أو رفضه التعاون معها أو المحكمة ناظرة القضية أو مع النيابة العامة أو هيئة الرقابة ومكافحة الفساد.

يشار إلى أن أحكام الحماية تمتد إلى زوجة المبلغ والشاهد والخبير وأصوله وفروعه من الدرجة الثانية، ويعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، وبغرامة مالية لا تزيد على نصف مليون ريال (134 ألف دولار) أو بالعقوبتين معاً، كل من استعمل القوة أو العنف تجاه من يشمله هذا النظام لحمله على الامتناع عن قول الحقيقة أو كشفها، ويسجن مدة لا تتجاوز سنتين وبغرامة 300 ألف ريال (80 ألف دولار) من استعمل التهديد أو الابتزاز أو الوعد بعطية أو منفعة أو ميزة من أي نوع تجاه من يشمله هذا النظام، لحمله على الامتناع عن قول الحقيقة أو كشفها.

قانونيون يتحدثون

بحسب قانونيين، تأتي حماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا ضد كل إجراء تعسفي في حقه أو اعتداء جسدي أو معنوي أو التهديد بهما والتسلط ضده أو ضد كل شخص وثيق الصلة به بسبب البلاغ أو الشهادة أو الخبرة بأمر مرتبط بالنظام.

يقول المستشار القانوني محمد الوهيبي، يتخذ الانتقام أو التمييز أشكالاً عديدة من المبلغ أو الشاهد أو الخبير، بينها إجراءات مثل إنهاء العلاقة الوظيفية وأي قرار يغير من مركزه القانوني أو الإداري ويترتب عليه الانتقاص من حقوقه أو حرمانه منها، أو تشويه مكانته وسمعته، وأي إجراءات أو دعاوى أو عقوبات تأديبية وتدابير وظيفية تعسفية أخرى، وتمنع مواد النظام الكشف عن هوية المبلغ والشاهد والخبير وعن المعلومات التي قد تدل على شخصيته.

يشير الوهيبي إلى أنه يستثنى من ذلك طلب الجهات القضائية، أو بموجب قرار وحكم قضائي بقضية قائمة لديها، إضافة إلى طلب جهة عليا المعلومات لأغراض تتعلق بالأمن الوطني على أن تكون المعلومات التي يتم الإفصاح عنها في أضيق نطاق، ويسمح بالكشف عن الهوية حال موافقة المبلغ أو الشاهد أو الخبير.

في السياق، سلمح المستشار القانوني محمد الغامدي إلى أن النظام منح المبلغ التمتع بحصانة من التهديد والابتزاز أو الفصل، حيث تمتد أحكام الحماية إلى زوجة المبلغ والشاهد والخبير وأصولهم وفروعهم من الدرجة الثانية.

في السياق، أكد النائب العام عضو هيئة كبار العلماء الشيخ سعود بن عبدالله المعجب، في تصريح صحافي، أن نظام حماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا يؤسس مرحلة جديدة في الحماية العدلية الرفيعة للمتصلين بالإجراءات القضائية.

وأضاف النائب العام أن الحماية الواردة في هذا النظام تشمل جميع الإجراءات والتدابير والضمانات الهادفة إلى حماية الضحايا أو المبلغين أو الشهود أو الخبراء، وجميع أقاربهم وغيرهم ممن قد يكون عرضة للضرر بسبب ذلك.

وأوضح أن صدور هذا النظام يأتي معززاً لأهمية تطبيق الأنظمة بجدية من خلال تدابير فعاله، ما يعزز ثقافة التبليغ في المجتمع وتعزيز حس المسؤولية الوطنية لدى الأفراد.

يشار إلى أن هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة) تعلن من حين لآخر القبض على متهمين في قضايا متعددة يتجدد معها الحديث عن قضايا الفساد، خصوصاً مع نشرها عبر منصات التواصل الاجتماعي والصحف، كان آخرها إلقاء القبض على الرئيس التنفيذي المشرف على الهيئة الملكية السعودية لمحافظة العلا عمرو بن صالح عبدالرحمن المدني، بتهم الفساد وغسل الأموال فيما يتعلق بعقود تبلغ قيمتها 206.6 مليون ريال (تعادل نحو 55 مليون دولار).

وكانت الهيئة الرقابة أجرت خلال يناير (كانون الثاني) الماضي 2181 جولة رقابية، والتحقيق مع 360 مشتبهاً فيه، بينهم موظفون من وزارات الداخلية، والتعليم، والشؤون البلدية والقروية والإسكان، والبيئة والمياه والزراعة، وأوقفت 149 متهماً وفقاً لنظام الإجراءات الجزائية، منهم من أطلق سراحه بالكفالة الضامنة لتورطهم في تهم "الرشوة، واستغلال النفوذ الوظيفي وغسل الأموال والتزوير"، وأشارت إلى أنه يجري استكمال الإجراءات النظامية تمهيداً لإحالتهم إلى القضاء.

المزيد من تقارير