Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما جدية مساعي إيران لتبريد ساحة الحرب في سوريا؟

يتأرجح موقف طهران بين دعم "الحلفاء" وعدم الرغبة في قطع الشعرة مع "الأعداء"

بات واضحاً ما حملته حقيبة الوزير الإيراني إلى المنطقة من رسائل تهدئة (أ ف ب)

ملخص

مساع إيرانية لتبريد ساحة الحرب... هل تفلح في وقف التصعيد؟

من بيروت إلى الدوحة مروراً بدمشق مضت رحلة للدبلوماسية الإيرانية على وقع قرع طبول الحرب ودخان متصاعد من منطقة تعيش أجواء توتر وتنذر بحرب إقليمية تلوح في الأفق وسط تسارع التطورات الميدانية، بينما جميع الأطراف يضع يده على الزناد.

وكما تبدو جولة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان داعمة لقادة محور المقاومة بعد لقاء جمعه في لبنان مع "حزب الله" وقادة الفصائل الفلسطينية في سوريا، لكنه يدرك أن بلاده لا ترغب في قطع الشعرة مع الأعداء، وقد تكون المفاوضات بالتوصل إلى اتفاق تسوية توصل إلى برّ الأمان بعد كل هذا الخراب الحاصل، النافذة التي تعيد الأمور إلى نصابها.

وبعدما رأى الساسة الإيرانيون أن اللعب بالنار منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في غزة ليس سوى بركان لن يحيل دبابة "الميركافا" الإسرائيلية وحدها إلى حطام فحسب، بل ستصل حممه إلى أبعد من ذلك، ولعل أقربها تصفية قادة من الصف الأول بالحرس الثوري بقلب دمشق في حي المزة، وضاحية "السيدة زينب" الحاضنة الشعبية الآمنة للمستشارين الإيرانيين، فإن ذلك يؤشر لتهدئة.

الانزلاق إلى الحرب

وبات واضحاً ما حملته حقيبة الوزير عبداللهيان من رسائل تهدئة يرى مراقبون أنها تأتي في توقيت حرج بالتوازي مع إلحاح البيت الأبيض على تسوية لوقف الحرب، خصوصاً في أكثر الأوقات حرجاً بالنسبة إلى الرئيس الأميركي جو بايدن، فإذا لم يستطِع إدارة هذا الملف بالشكل الأمثل يمكن أن تذهب أصوات الناخبين في الانتخابات الرئاسية أدراج الرياح.

في المقابل يصرّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على إكمال عمليات رد الاعتبار بعد هجوم حركة "حماس" بالتوجه إلى عملية رفح البرية علها تنقذ شيئاً من مركب يواصل الغرق طوال تلك الأشهر، وسط انتقادات أعضاء من حكومته والبيت الداخلي للأحزاب المعارضة.

ويرجح المتخصص في الشأن السياسي الإيراني سعد الشارع أن إيران لا تريد الحرب أو توسيع رقعة المعركة، مما يمكن قراءته من خطاب يتجنب الانزلاق إلى الصراع، لا سيما المباشر، وبحسب وصفه فقد التقطت طهران الضربة الأولى التي نفذتها الولايات المتحدة بعد مقتل جنودها الثلاثة بشن غارات على أهداف موالية لإيران في المنطقة.

وتأتي هذه التحركات الدبلوماسية عبر تلك الدول لإيصال رسائل ضغط، وفق ما يراه الشارع، بإعطاء أوامر لإيقاف أي هجمات من قبل الميليشيات الإيرانية، خصوصاً تلك التي كانت تستهدف القواعد الأميركية في سوريا، مضيفاً أنها "زيارة تحمل رسالة تبريد لأوضاع المنطقة الساخنة وعودتها لما كانت عليه".

ويعتقد الشارع بأنه في ما يخص خطابهم تجاه جمهور الممانعة، فإن إيران ربما تكون في مأزق فهي لم تستطِع أن تقدم شيئاً إلى "حماس" والقضية الفلسطينية بصورة عامة، والشعارات التي كانت تطلقها لم تستطِع ترجمتها إلى أفعال وخير دليل ما يحصل في غزة، بحسب رأيه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع أن "هناك خشية ربما من أن يفرط عقد المقاومة والممانعة أو على أقل تقدير بين ’حماس‘ وإيران كما كانت عليه سابقاً في ظل إدراك الحركة أن طهران لم تقدم لها شيئاً كبيراً، في الوقت ذاته ترغب إيران في أن تحافظ على قواعد الاشتباك بينها وواشنطن وعدم الانزلاق إلى حرب واسعة وإقليمية مفتوحة، أما إطلاق القذائف من قبل الميليشيات فهي ما زالت خارج قواعد الاشتباك المتفق عليه".

ويعتبر الشارع أن الزيارة تندرج ضمن سياسة "تبريد الجبهة"، فمن المرجح أن نشاهد خفضاً من حدة التصعيد والعودة للوضع السابق، مضيفاً أن "هناك معلومات عن قرب اتفاق معين بالنسبة إلى حل قضية غزة، وتفاهم قريب ستؤيده إيران وأمامها بعد ذلك سلسلة طويلة لحملات إعلامية لإظهار أنها كانت الفاعل واللاعب الأكبر في عملية غزة بينما تشير الوقائع إلى عكس ذلك".

وخلال مؤتمر صحافي في ختام زيارته للعاصمة اللبنانية أشار عبداللهيان إلى أن المنطقة ذاهبة نحو الاستقرار والأمن والحل السياسي بخلاف ما يريده رئيس الحكومة الإسرائيلية، وأردف أن "نتنياهو يريد أخذ البيت الأبيض رهينة له وعلى واشنطن الاختيار بين ذلك أو الذهاب إلى الحل السياسي".

ترتيب قواعد الاشتباك

مع كل الخلافات السياسية والميدانية يتفق أطراف النزاع الدولي في الساحة السورية على التزام قواعد اشتباك محددة وخطوط حمراء لا يمكن تجاوزها على أراضي بلد تتقاسم ترابه مناطق نفوذ أجنبي وميليشيات محلية برزت مع تطورات الحرب قبيل عقد من الزمن.

أربعة جيوش أجنبية رئيسة هي الأميركي والروسي والتركي والإيراني، علاوة على قوات التحالف الدولي لمكافحة تنظيم "داعش" تنشب أظافرها بالأرض السورية متشبثة بها، وهذا يفسر طول أمد الأزمة السورية الآخذة بالتطور أو عدم الوصول إلى حل.

وفي وقت تنظر القوى الدولية المنضوية ضمن النزاع السوري إلى هذا المكان الجغرافي كمركز لوجستي ومنطقة نفوذ وساحة تصفية الحسابات، تشتعل حرب من نوع آخر بالوكالة بين فصائل محلية مدعومة من تلك القوى الدولية، وإحداها الفصائل الإيرانية ويبلغ تعدادها عشرات الآلاف تنتشر في قواعد ونقاط بريف دير الزور الشرقي، وتعمل على تأمين طريق بري بين طهران وبغداد ودمشق وصولاً إلى بيروت، بل جعل هذا الطريق البري يصل إيران بالبحر المتوسط ونافذة على مياهه.

اختلال قواعد الاشتباك بين طهران وواشنطن عاد لمكانه وحجمه الطبيعي بعدما صب القصف الأميركي جام غضبه في الثالث من فبراير (شباط) الجاري بالثأر من استهداف ميليشيات موالية لإيران في سوريا والعراق قاعدة "تي 22" على الحدود الأردنية- السورية ومقتل ثلاثة جنود، وسبقها تصعيد غير مسبوق في الشرق والشمال السوري، تحديداً أماكن انتشار قواعد الولايات المتحدة.

مقابل ذلك تشير المعلومات الأولية عن حال استقرار تعيشها العاصمة السورية بعدما سحبت طهران كبار مستشاريها أمام تصفيات عدة منها استهداف إسرائيلي لقياديين أبرزهم رئيس استخبارات فيلق القدس وكبير المستشارين العسكريين في دمشق، فتراوحت التقديرات عن هرب الفريق الإيراني المتخصص تجنباً للوقوع في خسائر بشرية ليترك الفصائل الموالية له مثل "حزب الله" اللبناني وفصائل المقاومة العراقية أمام مدفع الحرب، بينما تذهب ترجيحات إلى إجراء عملية "تنفيس" لغضب واشنطن.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير