Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رفح تترقب الاجتياح البري على وقع قذائف جنوب غزة

إسرائيل تتوعد بعملية "قوية" في المدينة وتداهم المستشفى الرئيس بالقطاع و"حماس" تنفي وجود رهائن أو مقاتلين به والأمم المتحدة تحذر من تدفق اللاجئين إلى مصر

ملخص

وزارة الصحة في غزة تؤكد ارتفاع عدد القتلى في القطاع إلى 28663 و"أونكتاد": غزة ستحتاج إلى خطة مارشال جديدة لإعادة الإعمار

شنت إسرائيل اليوم الخميس غارات مكثفة على جنوب قطاع غزة، وتوعدت بتنفيذ عملية برية "قوية" في مدينة رفح المكتظة بالنازحين على رغم الضغوط الدولية المتزايدة.

بعد أكثر من أربعة أشهر من الحرب على "حماس" في كل أنحاء قطاع غزة المحاصر، يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى تدمير "المعقل الأخير" للحركة في رفح، المدينة التي أصبحت ملاذاً أخيراً لمئات آلاف المدنيين الفارين من القتال.

وفي وقت تواصل الدول الوسيطة مفاوضاتها في القاهرة لمحاولة التوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة، تتزايد الدعوات الدولية المطالبة بعدم شن العملية على رفح نظراً إلى تبعاتها المدمرة المحتملة.

وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن الولايات المتحدة تعمل مع مجموعة من حلفائها العرب على خطة لإرساء سلام دائم بين إسرائيل والفلسطينيين، على أن تشمل وقف القتال وإطلاق سراح الرهائن ووضع جدول زمني لإقامة دولة فلسطينية في نهاية المطاف.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين وعرب أن تنفيذ هذه الخطة سيبدأ بوقف لإطلاق النار "يتوقع أن يستمر ستة أسابيع في الأقل"، على أمل التوصل إلى اتفاق قبل الـ10 من مارس (آذار)، موعد بدء شهر رمضان.

حتى النصر الكامل

لكن هذه الخطة لقيت استنكاراً من وزيرين إسرائيليين من اليمين المتطرف اعتبرا أن "دولة فلسطينية تشكل تهديداً وجودياً لدولة إسرائيل".

وبعد أن أبدت الولايات المتحدة، حليف إسرائيل الرئيس، معارضتها لشن هجوم على رفح من دون "ضمانات" في شأن أمن المدنيين، حذرت أستراليا وكندا ونيوزيلندا اليوم الخميس، إسرائيل من النتائج "الكارثية" لمثل هذا الهجوم.

وحضت دول الكومنولث الثلاث في بيان مشترك نادر من نوعه، حكومة نتنياهو "على عدم سلوك هذا المسار"، مؤكدة أن "نحو 1.5 مليون فلسطيني لجأوا إلى هذه المنطقة، ولا يوجد ببساطة أمام المدنيين أي مكان آخر يذهبون إليه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن نتنياهو كتب على حسابه الرسمي بتطبيق "تيليغرام"، "سنقاتل حتى النصر الكامل، وهو ما يتضمن تحركاً قوياً في رفح، بعد السماح للسكان المدنيين بمغادرة مناطق القتال".

ويتجمع بحسب الأمم المتحدة نحو 1.4 مليون شخص، معظمهم نزحوا بسبب الحرب، في هذه المدينة التي تحولت إلى مخيم ضخم، وهي المدينة الكبيرة الوحيدة في القطاع التي لم يقدم الجيش الإسرائيلي حتى الآن على اجتياحها برياً.

وتعد رفح أيضاً نقطة الدخول الرئيسة للمساعدات الإنسانية من مصر، وهي غير كافية لتلبية حاجات السكان المهددين بالمجاعة والأوبئة.

واستهدفت غارات اليوم الخميس مدينة خان يونس الواقعة على مسافة كيلومترات قليلة شمال رفح، التي تحولت إلى ساحة خراب حيث يتركز حالياً الهجوم الإسرائيلي.

وأفادت وزارة الصحة في حكومة "حماس" الخميس عن سقوط 107 قتلى معظمهم من النساء والأطفال جراء القصف الليلي على قطاع غزة، مضيفة أن القصف الذي استهدف مستشفى ناصر في خان يونس خلف قتيلاً وعدداً من الجرحى.

وأعلنت الوزارة سقوط قتيل وعدد من الجرحى جراء قصف طاول قسم العظام في مجمع ناصر الطبي بخان يونس الذي لجأ إليه آلاف النازحين.

وقالت منظمة "أطباء بلا حدود" التي يواصل فريقها العمل في المستشفى، إن معظم النازحين فروا في الأيام الأخيرة استجابة لأمر إخلاء من الجيش ليجدوا أنفسهم "بلا مكان يذهبون إليه" في "مشهد مروع"، إذ أصبح القصف "جزءاً من الحياة اليومية".

وقالت جميلة زيدان (43 سنة) التي نزحت مع عائلتها من بلدة خزاعة إلى شرق خان يونس، لوكالة الصحافة الفرنسية "غادر زوجي وابني محمد أمس (الأربعاء) مع آلاف آخرين، لكن لا أدري ما حل بهما، انقطع الاتصال بيننا".

وتابعت اللاجئة التي بقيت مع بناتها الست في المستشفى خوفاً مما ينتظرهن في الخارج، "إننا خائفون. لم يعد لدينا طعام منذ أيام، ونشرب ماءً ملوثاً".

وأعلن الجيش الإسرائيلي الخميس "مواصلة غاراته المستهدفة" في خان يونس. وأضاف أن سلاح الجو الإسرائيلي نفذ "سلسلة من الضربات" دعماً للقوات البرية في أنحاء القطاع، وصلت إلى "منشآت تحت الأرض وقواعد عسكرية ونقاط إطلاق نار تابعة لـ(حماس)".

واندلعت الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عقب هجوم غير مسبوق شنته "حماس" على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصاً، معظمهم مدنيون، بحسب حصيلة أعدتها وكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى أرقام رسمية إسرائيلية.

وردت إسرائيل بحملة قصف مركز أتبعتها بهجوم بري واسع في القطاع، مما أسفر عن مقتل 28663 شخصاً، غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة التابعة لحركة "حماس".

وتقول إسرائيل إن 130 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة، بينهم 29 يعتقد أنهم لقوا حتفهم، من أصل نحو 250 شخصاً خطفوا في السابع من أكتوبر. وسمحت هدنة مدتها أسبوع في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بإطلاق سراح 105 رهائن و240 أسيراً فلسطينياً من النساء والقصر.

من جهتها، أعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر اليوم الخميس، مجدداً عن "قلقها البالغ على حياة وسلامة الرهائن المحتجزين في غزة منذ أكثر من أربعة أشهر".

على الجبهة الأخرى

على جبهة أخرى، نفذت إسرائيل أمس الأربعاء، غارات جوية على جنوب لبنان أوقعت عشرة قتلى في الأقل من بينهم مسؤول في "حزب الله" وفق مصادر لبنانية ومصدر أمني، بعد مقتل جندية في إسرائيل جراء صاروخ أطلق من الجانب الآخر من الحدود، وسط دعوات دولية لتفادي اتساع رقعة الحرب.

وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي بعد لقائه قادة عسكريين قرب الحدود اللبنانية، إن "الحملة المقبلة لإسرائيل ستكون هجومية للغاية"، بعد أربعة أشهر من القصف اليومي المتبادل عبر الحدود بين الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" المدعوم من إيران وحليف حركة "حماس".

في الأثناء، تتواصل المفاوضات بوساطة قطرية ومصرية سعياً إلى التوصل إلى هدنة بين إسرائيل و"حماس" تشمل إطلاق سراح رهائن جدد.

وبعد اجتماع الثلاثاء في القاهرة شارك فيه مدير وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي أي) ويليام بيرنز، ورئيس الموساد ديفيد برنيع، ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، ومسؤولون مصريون، تتواصل المفاوضات حتى الجمعة المقبل.

وقال نتنياهو الأربعاء، في بيان "أصر على أن تتخلى (حماس) عن مطالبها الوهمية. وعندما تتخلى عن مطالبها، سنكون قادرين على المضي قدماً"، من دون كشف مزيد من التفاصيل.

وأعلن الجيش الإسرائيلي اليوم الخميس أنه داهم أكبر مستشفى عامل في غزة، فيما أظهر مقطع مصور نشر على الإنترنت فوضى وصراخاً وأصوات إطلاق نار في ممرات مظلمة امتلأت بالغبار والدخان.

ووصف المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري مداهمة مستشفى ناصر بأنها "دقيقة ومحدودة". وقال إنها استندت إلى معلومات موثوقة بأن المستشفى يحوي مخبأ لحركة "حماس"، وأنها تحتجز رهائن به كما أن من المحتمل وجود جثث لرهائن هناك.

ونفى متحدث باسم "حماس" ذلك، ووصفه بأنه "أكاذيب".

وقالت سلطات الصحة في القطاع إن إسرائيل أجبرت النازحين وعائلات الطواقم الطبية الذين لجأوا إلى مستشفى ناصر على الخروج، وإن نحو 2000 وصلوا إلى مدينة رفح جنوب غزة خلال الليل بينما اتجه البعض شمالاً إلى دير البلح في وسط القطاع.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أمس الأربعاء إن القوات الإسرائيلية تحاصر مستشفى ناصر مع وجود اتهامات بتعرض المنشأة لإطلاق نار من قناصة، مما يعرض حياة الأطباء والمرضى وآلاف النازحين للخطر.

ويأتي القتال في المستشفى في وقت تواجه إسرائيل ضغوطاً دولية متزايدة لإظهار ضبط النفس في حربها على غزة، بعد أن توعدت بالتوسع في الهجوم ليشمل مدينة رفح، آخر مكان آمن نسبياً للمدنيين في القطاع.

وتتهم إسرائيل "حماس" باستغلال المستشفيات وسيارات الإسعاف وغيرها من المرافق الطبية بانتظام لأغراض قتالية، وعرضت لقطات التقطتها قواتها أنفاقاً تحوي أسلحة أسفل بعض المستشفيات.

وقال الجيش الإسرائيلي اليوم الخميس إنه اعتقل عدداً من المشتبه فيهم في مستشفى ناصر، وإن عملياته هناك مستمرة.

وأوضح سامي أبو زهري رئيس الدائرة السياسية في "حماس" بالخارج أن "ما تقوله إسرائيل هو أكاذيب لتبرير جرائمها لتدمير المستشفيات وقتل المدنيين، وكل ادعاءات إسرائيل السابقة بخصوص المستشفيات ثبت بطلانها".

عملية مستشفى ناصر

في تعليقات عن مداهمة المستشفى، قال هاغاري "تم الإعداد لهذه العملية الحساسة بدقة، وتنفذها قوات خاصة تابعة للجيش الإسرائيلي خضعت لتدريبات معينة".

وقال إن أحد أهداف العملية هو ضمان قدرة المستشفى على مواصلة علاج مرضى غزة. مضيفاً "أبلغنا بذلك خلال التواصل مرات عدة مع طاقم المستشفى"، وليس هناك أي إلزام بالإخلاء.

وذكر المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة أن إسرائيل أجبرت الأطباء في مستشفى ناصر على ترك المرضى وحدهم في العناية المركزة هناك، مما يعرض حياتهم للخطر.

وأظهرت مقاطع مصورة، تحققت "رويترز" اليوم الخميس من أنها صورت داخل مستشفى ناصر لكنها لم تتمكن من التحقق من توقيت تصويرها، مشاهد من الفوضى والرعب.

وفي المقاطع كان رجال يسيرون عبر ممرات مظلمة باستخدام أضواء هواتفهم، بينما يحيط بهم الغبار والحطام المتناثر في الممرات، وفي وقت ما كانوا يدفعون سريراً عبر مكان متضرر.

وقال أحد الرجال في المقطع إن الجيش الإسرائيلي طوق المستشفى وليس بإمكان أي أحد الخروج.

وسبق أن أعلنت منظمة الصحة العالمية أن نصف أفراد الطاقم الطبي في مستشفى ناصر فروا بالفعل.

وحذر مارتن غريفيث منسق المساعدات بالأمم المتحدة اليوم الخميس من احتمال تدفق الفلسطينيين المكدسين في رفح إلى مصر إذا شنت إسرائيل عملية عسكرية على المدينة الحدودية.

ويعيش أكثر من مليون فلسطيني في رفح عند الطرف الجنوبي لقطاع غزة على الحدود مع مصر. ويقيم عديد منهم في مخيمات وملاجئ موقتة بعد فرارهم من القصف الإسرائيلي في أماكن أخرى بالقطاع.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يريد إخراج المسلحين الفلسطينيين من مخابئهم في رفح وتحرير الرهائن المحتجزين هناك منذ الهجوم الذي شنته "حماس" في أكتوبر، لكنه لم يقدم تفاصيل عن خطة مقترحة لإجلاء المدنيين.

ولم يعط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يواجه ضغوطاً دولية متزايدة لتأجيل الهجوم المزمع، أية إشارة في شأن الموعد المحتمل للهجوم.

وقال غريفيث للدبلوماسيين بالأمم المتحدة في جنيف "احتمال القيام بعملية عسكرية في رفح، مع احتمال إغلاق المعبر الحدودي وتدفق النازحين، نوع من أنواع الكوابيس لمصر، وهو حقيقة ماثلة أمام أعيننا".

وأضاف أن فكرة انتقال الناس في غزة إلى مكان آمن "محض وهم". متابعاً "دعونا نتعشم في أن يقدم لهم أصدقاء إسرائيل وأولئك الذين يهتمون بأمن إسرائيل نصيحة جيدة في هذه اللحظة".

وقالت الأمم المتحدة إن أي هجوم إسرائيلي على رفح قد "يؤدي إلى مذبحة". وأكدت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ميريانا سبولياريتش، في الاجتماع نفسه الذي تحدث فيه غريفيث، أن غياب خطة إجلاء واضحة تشمل المرضى وكبار السن من شأنه أن يدفع بالمعاناة إلى مستوى جديد.

وأضافت سبولياريتش "المعاناة على الجانبين، المذبحة التي نشهدها منذ السابع من أكتوبر ستصل إلى مستوى لا يمكن تصوره إذا تم تكثيف العمليات على رفح بالطريقة التي أعلن عنها".

خطة مارشال جديدة

وقال مسؤول في مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) اليوم الخميس إن غزة ستحتاج إلى "خطة مارشال" جديدة للتعافي من الصراع بين إسرائيل وحركة "حماس"، مضيفاً أن الأضرار تعادل بالفعل نحو أربعة أمثال ما تعرض له القطاع في حرب سابقة.

وذكر المدير في "أونكتاد" ريتشارد كوزول رايت خلال اجتماع للأمم المتحدة في جنيف "هذا سيحتاج إلى خطة مارشال جديدة"، في إشارة إلى خطة للتعافي الاقتصادي لأوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.

وأضاف أن الأضرار تبلغ بالفعل أربعة أمثال تلك التي لحقت بغزة خلال الحرب التي استمرت سبعة أسابيع في عام 2014.

المزيد من متابعات