ملخص
توفي زعيم المعارضة الروسية والعدو الأول للكرملين أليكسي نافالني في سجن الدائرة القطبية الشمالية حيث كان يقضي عقوبة مدتها 19 عاماً
قالت جماعة "أو في دي - إنفو" الحقوقية إن أكثر من 110 أشخاص اعتقلوا خلال فعاليات في روسيا لتأبين المعارض الروسي البارز أليكسي نافالني الذي توفي أمس الجمعة، وكان أقوى المعارضين المحليين للرئيس فلاديمير بوتين.
وأعلنت السلطات أن نافالني، وهو محامٍ سابق عمره 47 سنة، سقط مغشياً عليه، وتوفي بعد جولة سير في مستعمرة بولار وولف العقابية بالقطب الشمالي، إذ كان يقضي عقوبة بالسجن لمدة 30 سنة.
وقالت "أو في دي - إنفو"، المعنية بحرية التجمع في روسيا، إن أكثر من 110 أشخاص اعتقلوا في 13 مدينة بأنحاء روسيا خلال مسيرات عفوية حتى الساعة 0736 بتوقيت غرينتش، اليوم السبت. وأضافت أن 69 في الأقل اعتقلوا في سان بطرسبورغ. كما قالت "في كل مركز شرطة يحتمل أن يكون هناك عدد من المعتقلين أكبر من الموجودين في القوائم المنشورة. ننشر فقط أسماء من نملك في شأنهم معلومات موثوقة ويمكننا نشر أسمائهم". ولم يتسن لـ"رويترز" التحقق بعد من العدد.
وتمت إزالة مئات الزهور والشموع التي وضعت في موسكو، أمس الجمعة، لتكريم نافالني وجمعها في أكياس سوداء خلال الليل. وعبر الروس الذين أبدوا احترامهم لنافالني عن اليأس الذي أصابهم بعد وفاته.
مطالب بتسليم رفات نافالني "فوراً"
طالب فريق المعارض الروسي أليكسي نافالني، السبت، بتسلم رفاته "فوراً"، بعد إبلاغ والدته رسمياً بوفاته في السجن.
وقالت المتحدثة باسم المعارض كيرا إيارميش، إن "أحد موظفي المعتقل قال إن جثة أليكسي نافالني موجودة في سالخارد"، البلدة الواقعة في منطقة القطب الشمالي في روسيا حيث معتقله، ونقلها "محققون لإجراء أبحاث". وأضافت "نطالب بتسليم جثة أليكسي نافالني على الفور إلى عائلته"، موضحة أن سلطات السجن سلمت والدته ليودميلا نافالانايا وثيقة "رسمية" تؤكد الوفاة.
بريطانيا تستدعي الدبلوماسيين الروس
استدعت الحكومة البريطانية الدبلوماسيين في السفارة الروسية مساء الجمعة لإعلامهم بأن السلطات الروسية "تتحمل المسؤولية الكاملة" عن وفاة المعارض الأول للكرملين أليكسي نافالني.
وقالت وزارة الخارجية البريطانية في بيان إن وفاة نافالني في سجنه يجب "التحقيق فيها بشكل كامل وشفاف".
وصرح متحدث باسمها بأنه "في السنوات الأخيرة، سجنته السلطات بتهم ملفقة، وسممته بغاز أعصاب محظور، وأرسلته إلى مستعمرة عقابية في القطب الشمالي. لا ينبغي لأحد أن يشك في الطبيعة الوحشية للنظام الروسي".
وبالتالي استدعت وزارة الخارجية البريطانية الجمعة الدبلوماسيين الروس "لإيضاح أننا نحمل السلطات الروسية المسؤولية الكاملة" حسب ما جاء في البيان.
وفي وقت سابق الجمعة، حذر وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يجب أن "يحاسب" على وفاة نافالني الذي أشاد بـ"شجاعته".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في العاصمة البريطانية، تجمع العشرات أمام السفارة الروسية خلف حواجز، حاملين لافتات باللغة الإنجليزية والروسية كتبت عليها عبارات "بوتين قاتل" و"القتلة" و"نافالني بطلنا" و"روسيا مسجونة" و"لا تستسلموا" و"نحن نافالني".
وتوفي زعيم المعارضة الروسية والعدو الأول للكرملين نافالني أمس الجمعة في سجن الدائرة القطبية الشمالية حيث كان يقضي عقوبة مدتها 19 عاماً، وفق ما أعلنت سلطات السجون الفيدرالية الروسية.
وأفادت سلطات السجون لمنطقة يامال في القطب الشمالي بروسيا في بيان "في الـ16 من فبراير (شباط) 2024، شعر السجين نافالني أ أ بوعكة بعد نزهة وغاب عن الوعي بشكل شبه فوري".
أضافت "كل إجراءات الإنعاش اتخذت لكن لم تعط نتائج إيجابية. وأكد أطباء الطوارئ وفاة السجين ويجري التثبت من أسباب الوفاة".
تحقيق إجرائي
من جانبها، أعلنت لجنة التحقيق الروسية الجمعة أنها أطلقت تحقيقاً إجرائياً في ملابسات وفاة نافالني.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن مصلحة السجون الروسية تتحرى للوقوف على جميع ملابسات وفاة نافالني، لكنه ليست لديه معلومات حول الأمر.
ونقلت وكالة "تاس" الروسية للأنباء عن الكرملين القول إنه تم إبلاغ الرئيس فلاديمير بوتين بوفاة السياسي المعارض.
وكان الناشط البالغ (47 سنة) يمضي عقوبة بالسجن 19 عاماً بعد إدانته بتهمة "التطرف" في سجن ناء في المنطقة القطبية الشمالية من روسيا في ظروف بالغة الصعوبة. واعتبرت محاكماته الكثيرة ذات دوافع سياسية ووسيلة لمعاقبته لمعارضته بوتين.
وقال فريق نافالني إنه لم يبلغ رسمياً بوفاته وإن محاميه في طريقه إلى السجن، وكتبت المتحدثة باسمه عبر منصة "إكس" "سنتواصل ما إن تتوفر لدينا معلومات".
لكن والدة نافالني، ليوميلا نافالنايا، أشارت إلى أنها لا ترغب بتلقي "أي تعازٍ". وقالت "رأيت ابني في الـ12 من الشهر الجاري في المستعمرة (الجزائية)، والتقينا. كان حياً وبصحة جيدة وبشوشاً"، وفق ما كتبت على "فيسبوك" بحسب صحيفة "نوفايا غازيتا".
الموقف الأميركي
زوجة نافالني أكدت من جهتها ضرورة "معاقبة" بوتين و"محاسبته شخصياً على الفظائع" التي ارتكبت في حق المعارض الروسي. وقالت يوليا نافالنايا في مؤتمر ميونيخ للأمن، "أود أن يعلم بوتين وجميع موظفيه... أنهم سيعاقبون على ما فعلوه ببلدنا وبعائلتي وبزوجي"، مضيفة "علينا محاربة هذا النظام المروع في روسيا اليوم. يجب محاسبة فلاديمير بوتين شخصياً على كل الفظائع المرتكبة في بلدنا في السنوات الأخيرة".
والتقت نافالنايا في ميونيخ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي قدم لها تعازيه، وشدد على أن روسيا "مسؤولة" عن وفاته. وأضاف بلينكن أنه إذا صح خبر الوفاة فهذا يؤكد "ضعف وتعفن" روسيا. وتابع "سنتحدث مع عديد من الدول الأخرى المعنية في شأن أليكسي نافالني، خصوصاً إذا ثبتت صحة هذه التقارير".
وقالت نائبة الرئيس الأميركي كمالا هاريس، إن وفاة الروسي المعارض إذا تأكدت ستكون علامة أخرى على وحشية بوتين. وشككت هاريس في التفسير الرسمي الروسي الذي أفاد بأن نافالني توفي بعد سقوطه في المعتقل. وأضافت "لنكن واضحين، روسيا هي المسؤولة"، وأن تأكيد الوفاة سيكون "علامة أخرى على وحشية بوتين". وقال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان لإذاعة "أن بي آر"، إن الولايات المتحدة تعمل على التحقق من الوفاة.
ولاحقاً، حمل الرئيس الأميركي جو بايدن نظيره الروسي مسؤولية مباشرة عن وفاة نافالني واصفاً المعارض البارز بأنه "صوت قوي من أجل الحقيقة". وبينما أعرب الرئيس الأميركي عن "غضبه" لوفاة نافالني، أقر بأنه لا يعرف بعد ما حصل بالضبط، محملاً بوتين و"زمرته" المسؤولية في جميع الأحوال.
وقال بايدن في تصريحات متلفزة من البيت الأبيض "بوتين هو المسؤول عن وفاة نافالني". وأضاف "ما حصل لنافالني هو دليل آخر على وحشية بوتين. على أحد ألا يخدع". وأكد أنه "يدرس عدداً كبيراً من الخيارات" للرد، من دون الإفصاح عن تفاصيل إضافية. وأشاد بايدن بإنجازات نافالني وقدم تعازيه لزوجة المعارض الروسي وولديه.
واستذكر بايدن عملية التسميم التي تعرض لها نافالني وعودة المعارض إلى روسيا على رغم الأخطار التي كانت تتهدد سلامته. وقال "حتى في السجن، كان صوتاً قوياً من أجل الحقيقة... شجاعته لن تنسى". وشدد على أن موت نافالني يبين ضرورة إقلاع الجمهوريين عن عرقلة حزمة مساعدات بمليارات الدولارات لأوكرانيا.
وقال إن "هذه المأساة تذكرنا بأخطار هذه اللحظة"، مضيفاً "علينا أن نوفر التمويل لكي تتمكن أوكرانيا من مواصلة الدفاع عن نفسها في مواجهة هجوم بوتين الشرس وجرائم الحرب". وقلل من شأن مخاوف على صلة بسلاح روسي مضاد للأقمار الاصطناعية قال البيت الأبيض هذا الأسبوع إن موسكو بصدد تطويره. واعتبر الرئيس الأميركي أن هذا السلاح لا يشكل "تهديداً نووياً" لا للولايات المتحدة أو أي بلد آخر.
ردود فعل سريعة
وتوالت ردود الفعل سريعاً على وفاة نافالني، فاعتبر رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال أن "النظام الروسي هو المسؤول الوحيد" عن وفاة المعارض.
وكتب ميشال على منصة "إكس"، "ناضل أليكسي نافالني من أجل قيم الحرية والديمقراطية. ومن أجل مثله، قدم التضحية القصوى. أرسل تعازيَّ الصادقة إلى عائلته وإلى أولئك الذين يناضلون من أجل الديمقراطية في كل أنحاء العالم. المناضلون يموتون، لكن النضال من أجل الحرية لا يتوقف أبداً".
وقالت الناطقة باسم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ليز ثروسيل إن المنظمة تشعر بـ"الهلع" حيال نبأ وفاة نافالني، داعية السلطات الروسية إلى "وضع حد للاضطهاد". وأضافت أن "جميع من اعتقلوا أو صدرت في حقهم أحكام مختلفة بالسجن بسبب الممارسة المشروعة لحقوقهم، وخصوصاً الحق في حرية التعبير والتجمع أو التعبير السلمي، يجب الإفراج عنهم فوراً وإسقاط كل التهم المساقة في حقهم". وأوضحت ثروسيل "إذا توفي شخص ما أثناء احتجازه لدى الدولة، فيفترض بأن الدولة هي المسؤولة، وهي مسؤولية لا يمكن دحضها إلا من خلال تحقيق محايد وشامل وشفاف تجريه هيئة مستقلة"، مطالبة السلطات الروسية بـ"السهر على إجراء تحقيق مماثل".
وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إن وفاة نافالني أمر "مزعج" ويمثل تحذيراً للعالم بأسره.
فيما أكد رئيس لاتفيا أدغارس رينكفيكس عبر منصة "إكس"، "مهما كان الموقف من أليكسي نافالني كرجل سياسي، لقد اغتيل بطريقة وحشية من الكرملين".
ورأى وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيغورنيه أن نافالني "دفع حياته ثمناً لمقاومته نظاماً قمعياً. يذكرنا موته بطبيعة نظام فلاديمير بوتين الحقيقية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورأت الإدارة الرئاسية الأوكرانية تعليقاً على وفاة نافالني أن بوتين "يخشى أية منافسة".
وقالت الخارجية النرويجية إن موسكو "تتحمل مسؤولية كبيرة" عن موته.
فيما قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ إنه يشعر بحزن عميق وانزعاج إزاء التقارير المتعلقة بوفاة المعارض الروسي البارز، مضيفاً "نحن في حاجة إلى عرض كل الحقائق، وعلى روسيا أن تجيب عن جميع الأسئلة الجدية حول ملابسات وفاته".
انتقاد روسي للغرب
أمام الهجوم الأوروبي أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن "اتهامات الغرب" في شأن وفاة نافالني "تكشف عما بداخله".
وأضافت زاخاروفا في بيان على "تيليغرام" أن نتائج الطب الشرعي في شأن وفاة نافالني لم تخرج بعد، لكن الغرب توصل بالفعل إلى استنتاجاته الخاصة.
واعتبر الكرملين أن الاتهامات الغربية لموسكو في شأن وفاة نافالني "غير مقبولة إطلاقاً"، مؤكداً أنه يجهل حتى الآن سبب وفاته. وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، كما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسية، "ليس هناك أي معلومة عن سبب الوفاة، وعلى رغم ذلك فإن تصريحات مماثلة تتوالى... نعتبر أن هذه التصريحات غير مقبولة إطلاقاً".
واتهمت الخارجية الروسية الولايات المتحدة بإلقاء "الاتهامات جزافاً" في شأن الجهة المسؤولة عن وفاة نافالني. وقالت إن "وفاة شخص ما هو أمر مأسوي دائماً... بدلاً من إلقاء الاتهامات جزافاً، يتعين إبداء ضبط النفس وانتظار النتائج الرسمية لفحص الطب الشرعي".
وحذرت سلطات موسكو سكان العاصمة الروسية من أي تظاهرات "غير مرخصة" بعد وفاة نافالني. وقالت النيابة العامة في موسكو إن "تنظيم أي تجمعات غير مرخصة والدعوات إلى أحداث مماثلة أو المشاركة فيها تشكل تجاوزاً إدارياً"، محذرة "من أي انتهاك للقانون".
مشكلات صحية
وكان نافالني يظهر في جلسات محاكمته التي يشارك فيها عبر تقنية الفيديو متعباً وفقد كثيراً من وزنه، وعانى مشكلات صحية متتالية بسبب إضراب عن الطعام نفذه وعملية تسميم تعرض لها في 2020 ونجا منها بأعجوبة.
دخوله السجن لم يقض على تصميمه الاستمرار في خط المعارضة، وخلال جلسات المحاكمة ورسائل بثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بواسطة محاميه استمر بالتنديد ببوتين، واصفاً إياه بأنه "مسن مختبئ في ملجأ محصن" لأن الرئيس الروسي نادراً ما يظهر للعلن.
خلال محاكمة بتهمة "التطرف" اعتبر العملية العسكرية الروسية ضد أوكرانيا "الحرب الأكثر جنونية في القرن الـ21".
وفي رسائله عبر الإنترنت كان يسخر من العقوبات التي تفرضها عليه إدارة السجون.
وفي رسالة في الأول من فبراير (شباط) الجاري بثها فريقه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، دعا إلى تظاهرات في كل أرجاء روسيا خلال الانتخابات الرئاسية المقررة من الـ15 من مارس (آذار) المقبل التي من شأنها السماح لبوتين الاستمرار في السلطة.
ويبدو فوز الرئيس الروسي مضموناً مع زج المعارضين مثل نافالني في السجن أو حملهم على مغادرة البلاد في السنوات الأخيرة، والقمع الذي تنامى منذ بدء الحرب الأوكرانية قبل عامين.