ملخص
مفاوضات دؤوبة تستهدف تشكيل حكومة كفاءات فلسطينية بعد انضمام "حماس" إلى منظمة التحرير الفلسطينية لكن بعد إتمام صفقة الأسرى وترتيبات الوضع الأمني والانسحاب الإسرائيلي من غزة
كشفت مصادر فلسطينية في حديث لـ"اندبندنت عربية" عن تقدم في جهود إقناع حركة "حماس" بالانضمام لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتخليها عن حكمها في قطاع غزة لصالح حكومة كفاءات وطنية تحظى بدعم الحركتين.
ويقود أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والقيادي المفصول في حركة "فتح" محمد دحلان تلك الجهود المتواصلة منذ أسابيع، وفقاً للمصادر.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد التقى الأسبوع الماضي في العاصمة القطرية الدوحة أمير قطر الذي "رحب بجهود حل الانقسام"، معبراً عن "أمله في أن تتكلل بالنجاح، وبما يخدم الشعب الفلسطيني ومصالحه الوطنية".
كما بحث دحلان مع رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية خلال لقائهما في الدوحة "التنازل عن السلطة لصالح حكومة فلسطينية جديدة، ضمن حزمة أوسع تقود إلى إنشاء دولة فلسطينية".
شروط الحركتين
وقال مسؤول فلسطيني في تصريح خاص إن منظمة التحرير الفلسطينية "تنتظر رد حركة (حماس) النهائي على موافقتها للانضمام للمنظمة، والاعتراف بها ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، وببرنامجها السياسي، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية".
وكشف المسؤول الفلسطيني عن "تعهد قطري بالضغط على حركة (حماس) للانضمام إلى منظمة التحرير"، مشيراً إلى وجود "سعي قطري محموم إلى إتمام ذلك".
وأشار المسؤول إلى أن الرئيس عباس رفض اللقاء مع قيادة حركة "حماس" في قطر، وعلى رأسها رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية.
إلا أن عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" موسى أبو مرزوق نفى وجود وساطة قطرية، لكنه أوضح في الوقت نفسه أن الحركة "في صورة الجهد القطري".
وقال أبو مرزوق في حديث لـ"اندبندنت عربية" إن قيادة (حماس)، "لا تريد اللقاء مع عباس وفريقه لتحريضهم المستمر على غزة ومواقفهم السلبية تجاه كل ما يحدث فيها"، موضحاً أن حركته "منفتحة على تشكيل حكومة كفاءات فلسطينية مستقلة على أن تكون بمهام ومدة محددتين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح أن "حركة (حماس) لا تمانع بأن تكون منظمة التحرير مرجعية تلك الحكومة"، إلا أنه شدد على أن المنظمة يجب أن "تجمع الكل الفلسطيني، وأن تتم إعادة بنائها، دون شروط مسبقة على أي فصيل فلسطيني".
ويتمسك الرئيس عباس الذي يتزعم حركة "فتح" ومنظمة التحرير بضرورة التزام "حماس" بالمنظمة ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني، وببرنامجها السياسي القائم على قرارات الشرعية الدولية.
وشدد الرئيس الفلسطيني على أنه لا يمكن "إدخال أي طرف داخل المنظمة يرفض الشرعية الدولية"، مطالباً في الوقت نفسه حركة "حماس" بالموافقة على اعتبار "المقاومة الشعبية" هي الأنسب في الفترة الحالية بدل "المقاومة المسلحة".
موافقة "حماس"
بدوره، أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رمزي رباح موافقة حركة "حماس" على الانضمام للمنظمة، واعترافها بها ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني وببرنامجها السياسي، مشيراً إلى أن أمير قطر نقل موافقة "حماس" تلك إلى الرئيس الفلسطيني خلال لقائهما في الدوحة.
ووفق رباح فإن الحكومة الفلسطينية المنتظرة "لا يمكن تشكيلها والقيام بدورها دون إتمام صفقة الأسرى، وفتح الطريق على وقف إطلاق نار مستدام، وتفاهمات حول الوضع الأمني، وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة". وأضاف أن تلك الحكومة يجب أن "تعمل وفق إطار سياسي محدد يربط بين مسؤولياتها الداخلية، ومسار سياسي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي".
وبحسب رباح فإن "حماس" وافقت على عدم الانضمام لتلك الحكومة، وعلى إقامة دولة فلسطينية على حدود 67، وعاصمتها القدس، مشيراً إلى أن الحركة "تريد أن تكون جزءاً من النظام السياسي الفلسطيني ومنظمة التحرير".
ونبه عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى أن الظروف السياسية والميدانية تغيرت بعد الحرب الحالية على قطاع غزة، في إشارة إلى تبدل موقف "حماس" الحالي عما كان عليه قبل الحرب. واستكمل كلماته بقوله "قبل الحرب كان الصراع على السلطة والوضع الآن يختلف".
وطالب بـ"فتح حوار فوري بين حركتي (حماس) و(فتح) وكسر الرفض الأميركي على ذلك، بدل التفاوض بوساطة قطرية".
وكانت حركة "حماس" كشفت وفي وثيقة لها بعد مرور 100 يوم على الحرب الحالية عن موافقتها على إقامة دولة فلسطينية"، موضحة أن هجومها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) جاء كخطوة طبيعية في إطار التخلص من الحصار الإسرائيلي.
وأشارت الحركة في وثيقتها إلى أنها تعمل على "استعادة الحقوق الوطنية، وإنجاز الاستقلال والحرية كباقي شعوب العالم، وحق تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس".
وبحسب تلك الوثيقة فإن الهجوم كان "خطوة ضرورية، لمواجهة ما يحاك من مخططات إسرائيلية تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، والسيطرة على الأرض وتهويدها، وحسم السيادة على المسجد الأقصى".
لقاء هنية ودحلان
ومع أن حركة "حماس" كانت تعتبر محمد دحلان خصماً سياسياً لها، إلا أن الجانبين تواصلاً إلى تفاهمات قبل سنوات عدة على تقديم دحلان مساعدات لأهالي قطاع غزة.
وأشار ديمتري دلياني المتحدث باسم التيار الديمقراطي في حركة "فتح" الذي يتزعمه دحلان إلى أن اللقاء بين هنية ودحلان يأتي "ضمن اللقاءات الدورية بين الجانبين، والتي تكثفت بعد الحرب".
وبحسب دلياني فإن تلك اللقاءات كانت تجري على مستويات أقل بين الجانبين في الماضي، لكن "الحاجة الآن تقتضي لقاءً على أعلى مستوى"، مضيفاً أن اللقاء حصل في العاصمة القطرية الدوحة.
ويأتي لقاء هنية مع دحلان عقب كشف الأخير عن مبادرة "لتشكيل حكومة كفاءات فلسطينية مستقلة تكون مرجعيتها منظمة التحرير، وتتسلم كافة صلاحيات الرئيس عباس". وذكر أن تلك الحكومة ستكون موقتة، وستعمل على إعادة إعمار قطاع غزة، والتحضير لإجراء انتخابات تشريعية وللمجلس الوطني الفلسطيني، مؤكداً أن مبادرة دحلان "تحظى بدعم فلسطيني ومن ضمنه حركة (حماس)، ودول عربية فاعلة مثل السعودية ومصر والإمارات". ولفت الانتباه إلى أن "المبادرة هي الخطوة الواقعية الوحيدة الموجودة لما بعد الحرب، فإسرائيل ليس لديها خطة، ولا الرئيس عباس".
التصرف بمسؤولية
ويرى المحلل السياسي جهاد حرب أن تشكيل حكومة كفاءات بتوافق وطني فلسطيني "يشكل مخرجاً لحركة (حماس) غير القادرة بعد الآن على حكم قطاع غزة، ومدخلاً للسلطة الفلسطينية للعودة للقطاع، والتي لا تستطيع العودة إليه وحيدة".
ووفق حرب فإن وثيقة حركة "حماس" الأخيرة تشير إلى "تغير جدي في موقف الحركة من خيار حل الدولتين"، مضيفاً أن وجودها في قطر أسهم بمساعدتها على النضج السياسي، والاقتراب من الحلول السياسية". وقال إن "الوقت قد حان لكي تتخذ (حماس) موقفاً واضحاً من حل الدولتين، ومن الانضمام لمنظمة التحرير"، مضيفاً "لا تستطيع الحركة حكم غزة وإعادة بنائها بسبب رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ذلك، والذي يعارض أيضاً عودة السلطة الفلسطينية".
وأوضح أن السلطة الفلسطينية لديها "برنامج سياسي يحظى بدعم دولي، وهو ما يشكل معضلة لنتنياهو الذي يرفض إقامة دولة فلسطينية".
واعتبر أستاذ الفلسفة والقانون رائف زريف أن "المأزق الذي يقع فيه الفلسطينيين هو وجود حركة مقاومة (حماس) غير قادرة على طرح مشروع سياسي، وسلطة فلسطينية تمتلك مشروعاً سياسياً، لكنها غير قادرة على النضال لتحقيقه".
ووفق زريف فإن "من لديه برنامجاً ليس لديه مشروعاً واضحاً للنضال، ومن يناضل فهو بلا برنامج"، مشيراً إلى أن "تلاقي حركتي (حماس) و(فتح) يمكن أن يمنح قوة هائلة للشعب الفلسطيني للحصول على حقوقه المشروعة التي يدعمها العالم"، لكن زريف أوضح أن الشعب الفلسطيني لا "يستطيع مراكمة إنجازاته، إذ تذهب تضحياته سدى"، مشيراً إلى أن "موقف الحركة يراوح بين مطالبتها بتحرير فلسطين كاملة، وبين وحل الدولتين".
وأشار زريف إلى "أن موافقة (حماس) على إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل يحتم عليها التصرف بمسؤولية وبما يتلاءم مع هدفها، لا أن تعادي كل الإسرائيليين وتوحدهم على ذلك".