Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سكان الخرطوم أمام "جوع مدقع" مع توقف وجبات المطابخ الخيرية

اعتمد أهالي المنطقة في الفترة الأخيرة على مبادرات الطعام التي تقام في الأحياء السكنية

توقف المطابخ الخيرية في الخرطوم يفاقم معاناة سكانها (اندبندنت عربية – حسن حامد)

ملخص

ساءت أحوال سكان الخرطوم المعيشية عقب توقف الأعمال اليومية وعدم صرف رواتب العاملين في القطاعين العام والخاص لأكثر من 10 أشهر، وغالبية المواطنين باتوا في حاجة إلى الطعام والشراب والدواء

"تفاقمت الأزمة المعيشية والإنسانية في الخرطوم وانحدرت نحو الكارثة، وبات شبح الجوع يحاصر السكان يوماً بعد آخر، وتحولت حياة الناس اليومية إلى جحيم لا يطاق ومعاناة بدرجة يصعب وصفها"، بحسب سكان العاصمة.

وتسبب انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت بصورة شبه كاملة في العاصمة بتوقف عمل المطابخ الخيرية الجماعية التي ظلت تقدم وجبات يومية للمواطنين الموجودين في الخرطوم، مما يهدد بأزمة غذائية وصحية ووضع إنساني تغيب فيه أبسط الحقوق ومقومات الحياة.

حلول الأزمة

وفي ظل استمرار الحرب، فقد 80 في المئة من سكان الخرطوم الموجودين حالياً ويقدر عددهم بنحو ثلاثة ملايين شخص مصدر دخلهم، وساءت أحوالهم المعيشية عقب توقف الأعمال اليومية وعدم صرف رواتب العاملين في القطاعين العام والخاص لأكثر من 10 أشهر، وغالبية المواطنين باتوا في حاجة إلى الطعام والشراب والدواء.

وإزاء هذا الوضع، نشطت مبادرات عدة من بينها المطابخ الخيرية التي تتوزع في العاصمة بمدنها الثلاث الخرطوم وبحري وأم درمان، لتوفير وجبات رئيسة وسريعة التحضير تسد حاجة آلاف الأسر، فضلاً عن تقديم مياه الشرب والأدوية مجاناً. ويتطوع شباب الأحياء في جلب المواد الغذائية من مناطق بعيدة لسد حاجات اليومية. وأسهمت هذه المبادرات في تخفيف العبء عن غالبية السكان خصوصاً من لا يملكون قوت يومهم، وحتى من استطاع يعاني انقطاع إمداد السلع الاستهلاكية.

أوضاع كارثية

وصف أيمن جمال المتطوع في مطبخ ضاحية الجريف، أحد أحياء الخرطوم الشرقية، الوضع الإنساني بـ"الكارثي"، نظراً إلى توقف المطابخ الخيرية في مدن العاصمة كافة بسبب انقطاع خدمات اتصالات شبكات "سوداني" و"زين"، ما ترتب عليه توقف خدمة الإنترنت. وتعتبر شبكة "أم تي أن" الوحيدة التي تعمل في الوقت الحالي، "لكنها لا تكفي لمعالجة الأزمات اليومية بخاصة أن معظم المواطنين يتعاملون بتطبيقات تحويل النقود، لا سيما بعد توقف الخدمات البنكية وعدم توفر السيولة، لذلك أدى انقطاع شبكات الاتصال إلى شل حركة المتطوعين في خدمات المطابخ الخيرية في الحصول على حاجاتهم اليومية".

وأضاف جمال أن "خدمة الاتصالات كانت تلعب دوراً فاعلاً في عمليات تنسيق انسياب المساعدات من أسواق المناطق البعيدة، وتحديد الأحياء التي توزع فيها وجبات الفطور والغداء بشكل يومي، والتواصل مع المغتربين الذين يدعمون مشاريع الأطعمة ومياه الشرب والأدوية بشكل مجاني".

وأشار المتطوع في خدمات الأطعمة المجانية إلى "عجز العاملين في المطابخ الخيرية عن تقديم الخدمات اليومية، وهو ما يهدد بأزمة غذائية ستفاقم من أوضاع آلاف المواطنين".

ظروف معقدة

صدام الدخري، أحد الموجودين داخل الخرطوم من منطقة شرق النيل، قال إنهم يواجهون ظروفاً إنسانية غاية الصعوبة منذ انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت نظراً إلى اعتمادهم عليها في تحويلات التطبيقات البنكية، ويتناولون وجبة واحدة في اليوم هي "البليلة"، عبارة عن حبوب وبقوليات مسلوقة.

وأوضح الدخري أن "غالبية سكان الحي كانوا يعتمدون على وجبات المطابخ الخيرية بصورة يومية في الحصول على الطعام، من ثم فإن توقف الخدمات فاقم من المعاناة وبات يهدد حياة عدد سكان المنطقة، ويتزامن كل ذلك مع انعدام السيولة النقدية وقطع الكهرباء والمياه وندرة الغاز".

وتابع المتحدث "صمدنا كثيراً بقوة إيماننا، لكن قدرتنا على التحمل تتضاءل كل يوم، وسينهار كل شيء قريباً إذا ما تواصلت تلك الظروف البائسة والأوضاع المعيشية المتردية، وكذلك الموت المحدق كل لحظة جراء تصاعد القتال".

شبح الجوع

إلى ذلك، أعلنت غرفة طوارئ مدينة بحري توقف كافة المطابخ الجماعية عن العمل بسبب انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت التي كانت تيسر تنسيق انسياب المساعدات، فضلاً عن انعدام المواد التموينية واستحالة توفرها في وضع الإظلام الكامل للتواصل الذي يعيشه السودان بأكمله منذ مطلع فبراير (شباط) الحالي، إلى جانب عجز متطوعي الغرف عن الاستمرار في إبقاء عمل تلك المطابخ.

وأشارت الغرفة في بيان لها، الإثنين، إلى أن "توقف عمل هذه المطابخ يهدد مئات الآلاف من المدنيين المحاصرين في أتون الحرب بمدينة بحري، ومعظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن بالجوع المدقع، الذي أدى إلى وفيات عدة وسط المواطنين في أماكن متفرقة من العاصمة في الفترة الماضية".

وناشد البيان منظمات الأمم المتحدة العاملة في السودان بضرورة الانتباه لخطورة الوضع الحالي والتدخل العاجل لتوفير الإغاثة الإنسانية والمواد الغذائية بشكل خاص للمواطنين المحاصرين، والضغط على طرفي الصراع من أجل إبقاء قطاع الاتصالات خارج مجال أعمالهم الحربية".

وتعهدت غرفة طوارئ مدينة بحري "ببذل جهود مضاعفة لاستعادة عمل وأنشطة المطابخ الجماعية بأسرع ما يمكن حالما تتوفر الإمكانات لذلك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أمراض سوء التغذية

يقول المواطن أمجد صالح أحد سكان مدينة بحري، إن "الوضع الإنساني كارثي للغاية، فالمواد الغذائية نفدت من الأسواق تماماً، والأمر المؤسف تصاعد أسعار السلع لأعلى معدل على رغم انعدام النقود لدى غالبية الموجودين في الخرطوم، الذين يعتصرهم الجوع نتيجة الحصار القصري في المنازل وعدم انخراطهم في العمل منذ أشهر عدة".

ونوه صالح إلى أن "كثيراً من سكان المنطقة ظلوا يعتمدون في الفترة الأخيرة على المطابخ الخيرية ومبادرات الطعام التي تنتظم الأحياء، وأسهم توقف عملها في تردي الوضع المعيشي لمستويات غير مسبوقة، وفي حال استمرار المعاناة سيموت الناس جوعاً".

وواصل "لا يمكن لأي إنسان أن يتحمل هذا الوضع المؤلم لأكثر من ثلاثة أسابيع، فلا أكل ولا نوم أو راحة بال، نحن نصبح ونمسي تحت هذه الضغوط المتواصلة، وأغلب الأيام نتناول وجبة واحدة، وأحياناً كثيرة لا نجدها، ونخشى على الأطفال وكبار السن من تفشي أمراض سوء التغذية".

طلبات متزايدة

بدوره، توقع المهدي الطيب المتطوع في مطابخ مدينة أم درمان، ارتفاعاً متزايداً في طلبات المساعدة من قبل الأسر المتعثرة، والتي لا تملك قوت يومها في حال عودة خدمات الاتصالات والإنترنت بصورة طبيعية، ما لم تصل المساعدات الإنسانية للمواطنين وتوسع السلطات في المحليات نطاق دعمها للسكان لاعتبارات الأمان في المنطقة وسهولة الحركة في الطرقات، فضلاً عن انسياب خدمات وأعمال حكومة ولاية الخرطوم في محلية كرري بأم درمان".

وأوضح الطيب أن "عدد الأسر التي تحتاج إلى تقديم خدمات الطعام المجانية تزايد بشكل ملحوظ بسبب نفاد المدخرات المالية وتوقف الأعمال اليومية وعدم صرف الرواتب، ونحن في الحقيقة أمام واقع معقد للغاية".

ولفت المتطوع في المطابخ الخيرية إلى أنهم يواجهون تحديات تتعلق بتدبير موازنة كبيرة من أجل الإيفاء بالالتزامات اليومية، في وقت يعتمدون فيه على "المغتربين بشكل رئيس في تقديم خدمات الطعام، وحتى الخيرين أنفسهم لديهم التزامات أسرية تتطلب تحويلات مالية مستمرة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير