ملخص
هتف إسرائيليون في تحرك وسط القدس، "مجموعة من الكسالى"، "طفيليون"، أمام نحو 20 يهودياً متشدداً بلحاهم الطويلة يرتدون الزي التقليدي الأسود
تسببت الحرب في قطاع غزة بتصاعد الغضب في إسرائيل حيال اليهود المتشددين "الحريديم" المعفيين من الخدمة العسكرية في الجيش، على عكس غالبية مواطني الدولة.
واكتسب الجدل حول إعفاء هؤلاء من الخدمة زخماً إضافياً خلال الأيام الأخيرة بعد خروج تظاهرات عدة في شأن قضية تهدد بزعزعة الائتلاف الهش لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ودعا المحتجون نتنياهو الذي تضم حكومته ممثلين لليمين المتطرف، إلى التحرك باسم "العدالة الاجتماعية" ووضع حد لهذا الإعفاء، في وقت استدعى الجيش مئات آلاف جنود الاحتياط إلى صفوفه بعد اندلاع الحرب مع حركة "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
"الموت أفضل من الجيش"
وهتف إسرائيليون الإثنين الماضي في تحرك وسط القدس "مجموعة من الكسالى"، "طفيليون"، أمام نحو 20 يهودياً متشدداً بلحاهم الطويلة ويرتدون الزي التقليدي الأسود، حضروا للتشويش على تظاهراتهم وهم يؤدون الصلاة ويرقصون ويرددون بأعلى صوت "الموت أفضل من الالتحاق بالجيش".
غير بعيد من ذلك، تجمع حوالى ألف شخص رافعين الأعلام الإسرائيلية لمطالبة الحكومة بإلزام اليهود المتشددين الذين يعتمدون إجمالاً أسلوب حياة مختلفاً عن الحياة العامة للمجتمع، أداء الخدمة العسكرية.
من بين هؤلاء عدد من جنود الاحتياط مثل أورين شفيل، وهو مهندس يبلغ 52 سنة، ويقيم في مستوطنة بالضفة الغربية. وبعيد الهجوم غير المسبوق الذي شنته "حماس" على إسرائيل في السابع من أكتوبر، التحق مجدداً بوحدته العسكرية، على غرار حوالى 340 ألف جندي احتياط.
وقال إن "زوجتي لا تستطيع النوم. هكذا يكون الأمر عندما تكون إسرائيلياً. يجب على المجتمع بأكمله أن يشارك".
إعفاء تاريخي
وبموجب اتفاق يعود لمرحلة إقامة دولة إسرائيل عام 1948، يحظى الرجال اليهود الذين يختارون الدراسة التلمودية بدوام كامل في مدرسة دينية تأجيلاً سنوياً للخدمة العسكرية حتى عمر 26 سنة حين ينالون إعفاء كاملاً.
في ذلك الوقت، كان الهدف تمكين نخبة مكونة من 400 شاب من الحفاظ على عالم دراسات النصوص المقدسة الذي اندثر إلى حد كبير خلال المحرقة.
ولكن عدد "الحريديم" بلغ الآن 1.3 مليون، مع معدل ولادة ستة أطفال لكل امرأة، مقارنة بـ 2.5 وسطياً في البلاد، والعام الماضي أعفي 66 ألفاً منهم تراوح أعمارهم ما بين 18 و26 سنة من الخدمة العسكرية.
ويخصهّم نتنياهو بمعاملة خاصة، إذ يضم ائتلافه الحكومي الحزبَين المتشددين الأساسيين في إسرائيل، أي "شاس" و"يهدوت هتوراة"، مما يهدد بإسقاط الحكومة في حال انسحابهما منها.
الجدل حول الخدمة العسكرية
وعاد الجدل حول الخدمة العسكرية مع الصدمة التي تسبب بها هجوم "حماس"، ولاحقاً مع إعلان الجيش تمديد مدة الخدمة (من 32 إلى 36 شهراً للرجال) ومدة الاحتفاظ بالجنود الاحتياط، من أجل تأمين مزيد من القوات للحرب، ووصل الجدل الى أروقة الحكومة.
وأثارت دعوة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الأربعاء الماضي إلى إلحاق اليهود المتشددين بالخدمة العسكرية، في ما بدا تحدياً لرئيس الوزراء، الخشية من أزمة سياسية.
لكن غالانت أكد أن على الحكومة بأكملها دعم طلب كهذا للمضي فيه، وقال "علينا جميعاً تحمل العبء".
وأبدى نتنياهو ثقته بـ"التوصل إلى اتفاق" حول التحاق المتشددين بالجيش من دون أن يؤدي ذلك إلى انهيار الائتلاف والذهاب لانتخابات جديدة في خضم حرب تقترب من إتمام شهرها الخامس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
فقدان "النقاء"
ويخشى "الحريديم" الذين يحاذرون الاختلاط خارج مجتمعاتهم أن يفقد أطفالهم "نقاءهم" الديني وأن ينصرفوا عن قيمهم الدينية والتقليدية من خلال مخالطة آخرين في الجيش، وهم يتوجسون خصوصاً من اختلاط الرجال والنساء في الأماكن العامة، مما "تحظره التوراة"، بحسب شموئيل (23 سنة)، وهو طالب في مدرسة تلمودية بالقدس.
وأكد يهودا تشين، وهو متشدد آخر من القدس أنه "سنحارب ذلك بأي ثمن. إخراج صبي من المدرسة الدينية أمر مستحيل، إنه مثل إخراج سمكة من الماء، سيموت خلال دقيقة".
إلا أن ما يناهز ألف من "الحريديم" باتوا يلتحقون بالجيش كل عام، مما يعرّضهم للنبذ من مجتمعاتهم، وارتفع عدد طلبات الانضمام بعد هجوم السابع من أكتوبر، ولكن من دون أن يتحول ذلك إلى إقبال واسع.
ولا تضغط مؤسسة الجيش لتحقيق ذلك.
"أهداف معقولة"
وقال ضابط سابق رفيع "هم ليسوا مقاتلين جيدين، وليس لدينا الوقت في خضم الحرب لتمضية أشهر من أجل تدريب أشخاص لم يتلقوا أي تعليم" باستثناء الديني.
ويدعو الحاخام بتسلئيل كوهين إلى الاتفاق على "أهداف معقولة" وتدريجية لدمج الشباب في الجيش الذي يجب بدوره أن يتنازل، كأن يوافق على إحداث وحدات غير مختلطة بين الجنسين.
ويستبعد تومر بيرسيكو، الباحث الديني في معهد "شالوم هارتمان" في القدس، حصول تغيير جذري على المدى القصير.
وتوقع أن "تحصل الحكومة على مهلة إضافية أو ستكسب الوقت من خلال إيجاد شكل من أشكال الخدمة المدنية" يقبل بها اليهود المتشددون.