Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عندما رفض الموارنة إملاءات حافظ الأسد فاشتعلت الفوضى في لبنان

ديفيد هيل في كتاب جديد: الرئيس السوري الراحل قدم للأميركيين اسماً واحداً يقبل به لرئاسة لبنان هو مخايل الضاهر

الرئيس السوري حافظ الأسد في مكتبه بدمشق عام 1972 (أ ف ب)

قدم وكيل وزارة الخارجية الأميركية السابق للشؤون السياسية ديفيد هيل، أخيراً تقييماً لسياسة بلاده تجاه لبنان، متوقفاً عند إخفاقاتها ونجاحاتها، علماً أن تجربته اللبنانية بدأت منذ أن كان في أسفل السلك الدبلوماسي، قبل أن يتولى منصب السفير لدى لبنان، ولاحقاً منصب وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية.

يبدأ هيل تقييمه في كتابه الجديد "الدبلوماسية الأميركية تجاه لبنان: ست محطات وأمثولاتها"، الذي نشرت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية تقريراً عنه في الثاني من مارس (آذار) الجاري، من أول مرة وضع فيها قدميه في لبنان. يقول هيل، "كان ذلك في سبتمبر (أيلول) 1988، بعمر 27 سنة، وكان ديك (ريتشارد) مورفي، مساعد وزير الخارجية، في مهمة إنقاذية ترمي إلى تسهيل عملية اختيار رئيس لبناني مقبول من الرئيس السوري حافظ الأسد والقيادات اللبنانية. وكان مفتاح الحل هو قبول المسيحيين الموارنة بمن سيقع عليه الاختيار من بينهم بموجب الميثاق الوطني غير المكتوب. كانت تلك الرحلة الفصل الأخير من مسرحية دبلوماسية أميركية استمرت لمدة عام، تسابق الموعد النهائي لانتهاء ولاية الرئيس آنذاك أمين الجميل".

لحفظ ماء الوجوه

بحسب هيل، أعطى الاحتلال السوري لجزء كبير من لبنان الأسد معظم الأوراق، لكن مورفي أراد منه أسماء مرشحين أو ثلاثة وسطيين للرئاسة لإعطاء اللبنانيين المسيحيين الموارنة خياراً يحفظ لهم ماء الوجه من قائمة الأسماء التي اختارها الأسد.

 

 

ويكمل هيل، "بعدما تركه ينتظر لمدة أسبوع في دمشق، استدعى الأسد مورفي في إحدى الأمسيات، وأعطاه اسم مرشح واحد (مخايل الضاهر). كان الضاهر محامياً وعضواً في البرلمان من منطقة شمالية متاخمة لسوريا وخاضعة لنفوذها، ومتحالفاً مع عائلة فرنجية النافذة. عاد مورفي من القصر الرئاسي، وجمع فريقه في حديقة بيت السفير الأخير تجنباً للتنصت. ودار نقاش ساخن. لم يكن ما ينقله مورفي خياراً، بل كان إنذاراً نهائياً للقادة الموارنة، وكنا نعلم أنهم سيرفضونه. وبالنظر إلى اقتراب الموعد النهائي لخروج الجميل من القصر، قرر مورفي أن لا خيار أمامه سوى التوجه إلى بيروت في اليوم التالي، والاستفادة القصوى مما قدمه له الأسد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما بالنسبة إلى الصورة الكبرى، وفقاً لهيل، فقد اختصرت الرسالة التي حملها مورفي إلى اللبنانيين بأنها "الضاهر أو الفوضى". لم يكن مورفي يميل إلى مثل هذه العبارات الفاقعة، لكنها كانت جوهر رسالته. كما توقعنا. رفض الموارنة إملاءات الأسد، ولكن من دون أن يكون لديهم بديل. غادر الجميل منصبه في الوقت المحدد، وسلم المفاتيح إلى قائد الجيش اللبناني ميشال عون. وسقط البلد بالفعل في حال من الفوضى، مزقت أزمة دستورية الحكومة، وولدت مضماراً جديداً للقتال، ليس بين المسلمين والمسيحيين فحسب، بل بين المسيحيين أنفسهم. وفي نهاية المطاف، جثا اللبنانيون على ركبهم واكتملت السيطرة السورية.

لبنان الحقائق المحزنة

يقول وكيل الخارجية الأميركية السابق، "لقد اعتادت كل فئة لبنانية أن تستغل وتستغل من قبل القوى الخارجية، حرصت على أن تكون لها علاقاتها الخاصة مع سفارات القوى العظمى. في تلك المرحلة، بعد الحرب الأهلية مباشرة، كان الاتصال بوزارة الخارجية اللبنانية مجرد علاقة من علاقات لا تحصى ولا تعد حافظت عليها سفارتنا مع صناع القرار اللبنانيين. كانت تلك العلاقة أبعد ما يكون عن كونها الأكثر أهمية بين علاقاتنا، إنها حقيقة محزنة بالنسبة إلى الدبلوماسيين اللبنانيين الموهوبين، الذين كانوا يمثلون دولة عاجزة، وليس بالضرورة ممن كانوا يمثلون قادة الفصائل النافذة في البلد".

 

 

ويتابع هيل، "واصلت بعد جولتي الأولى في بيروت مواجهة القضايا اللبنانية، سواء بصفتي مستشاراً سياسياً أميركياً في مجلس الأمن من خلال مناقشة مسألة قانا عام 1996، أو ضمن طاقم الوزيرة مادلين أولبرايت أثناء قيامها برفع الحظر المفروض على سفر المواطنين الأميركيين إلى لبنان. وبصفتي رقم اثنين في السفارة، شاهدت الانسحاب الإسرائيلي الأحادي الجانب عام 2000، وفشلنا في بذل جهد لإعداد الدولة اللبنانية، أو الجيش اللبناني، لتلك اللحظة. وبصفتي سفيراً بعد 12 سنة، أسهمت في الجهود المبذولة لحماية لبنان من التطرف التكفيري من خلال تأمين دعم قوي للجيش اللبناني". ويستطرد، "كانت زيارتي الأخيرة إلى بيروت خلال إدارة ترمب، بصفتي مساعداً لوزير الخارجية للشؤون السياسية، في الـ13 من أغسطس (آب) 2020، بعد انفجار المرفأ في الرابع منه. كنت مهيأ للدمار المادي، بعد أن رأيت المدينة في أسوأ أحوالها إثر نهاية الحرب الأهلية قبل 30 عاماً. ما لم أكن متأكداً منه هو رد فعل الناس، بخاصة اللبنانيين العاديين الذين تعرضوا للخيانة مرة جديدة بسبب فساد قادتهم وإهمالهم. وجاء الانفجار في سياق أسوأ انهيار اقتصادي ومالي عرفته دولة في العصر الحديث، مع تفش لوباء كورونا، واستمرار لتدفق اللاجئين من سوريا، زادا الوضع الإنساني بؤساً".

 

 

ويواصل هيل، "كانت رحلة ليلية طويلة من واشنطن في طائرة صغيرة محملة بإمدادات إغاثية لمواجهة كورونا، تخللتها محطتان للتزود بالوقود. عند الهبوط، توجهت أنا والفريق مباشرة إلى موقع قرب المرفأ أقام فيه المتطوعون مخيماً للإغاثة. لم يجرؤ أي سياسي أو مسؤول حكومي لبناني على الظهور هناك في الأسبوع الذي تلا الانفجار، ولم أكن متأكداً مما عليَّ توقعه. إن رؤية بعض أبناء وبنات أصدقاء قدامى في هذا التجمع، إضافة إلى بضعة أشخاص أعرفهم من المنظمات غير الحكومية، جعلتني فخوراً بهم. وكان الاستماع إلى شروحات عن العمل الجاري – من دون أدنى مساعدة من الحكومة اللبنانية – ملهماً، والكرم الذي عايناه استثنائياً، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المبادرات اللبنانية المكرسة لمساعدة المشردين الجدد على استعادة حياتهم من خلال تقديم الغذاء والماء والدواء لهم، وأعمال الإصلاح السريع لمنازلهم، ووضع استراتيجيات إغاثة طويلة الأجل".

ترياق لسنوات المحنة

ويقول السفير الأميركي السابق لدى لبنان، "كان هناك عدد من أفضل المهندسين وعباقرة الكمبيوتر والمنظمين والعاملين المحترفين في مجال الصحة الشباب في لبنان، الذين تركوا وظائفهم اليومية لمساعدة جيرانهم. أعرب الحشد عن تقديره للاهتمام الأميركي بعملهم، لكن كان هناك نوع من احتجاج صغير: في طريق العودة إلى سيارتي كانت هناك مجموعة تحمل لافتات وتهتف (No Bailout)، كانوا يخشون أن أكون هناك لأتعهد إنقاذ التركيبة الحكومية اللبنانية المفلسة بكل معنى الكلمة، أو التي كان ينظر إليها على أنها متواطئة بشدة في التفجير الحاصل. طمأنتهم برفع إبهامي، ورددت في كل فرصة متاحة خلال الأيام التالية عبارة (لا إنقاذ) من دون إصلاحات ملموسة. وحتى ذلك الحين، فإن مساعدتنا الاقتصادية ستذهب، كما في العقود الماضية، مباشرة إلى الشعب اللبناني".

 

 

ويتابع هيل، "كان هذا التجمع بمثابة ترياق لسنوات من التحليل العبثي الساخر حول الطبيعة الوحشية للنظام الطائفي في لبنان. كان من الصعب ألا نشعر بالتأثر، سواء بسبب الدمار المحيط بنا، أو من جراء العزم والمستوى العالي من الإنسانية والكرامة. وسرعان ما تبدد هذا المزاج الملهم لدى الاجتماع بالمسؤولين الحكوميين والنخبة السياسية في البلد. إنهم جميعاً أصدقاء محترمون، لكن غياب القيادة، والرغبة في التنصل من اللوم، وعدم القدرة على تنحية خلافاتهم جانباً حتى لفترة وجيزة لمعالجة الأزمة، كان مخيباً للآمال، وإن كان متوقعاً، بخلاف ما رأيته في محطتي الأولى. وبينما كنت أتجول في المرفأ في اليوم التالي، أذهلتني أيضاً مفارقة. خلال الحرب الأهلية، دمرت بيروت بصورة منتظمة عبر الاستخدام المتعمد للعنف. في هذه الحال، كان الانفجار - وهو أحد أكبر الانفجارات غير النووية المسجلة - حادثاً واضحاً ناجماً عن كمية غير عادية من نيترات الأمونيوم المخزنة هناك لأسباب غامضة، من دون ضوابط كافية. إن التحقيقات القضائية اللبنانية في الجرائم ذات البعد السياسي لها تاريخ من عدم الوصول إلى كشف الحقيقة. وبعد مرور عام، أعطت جهود (حزب الله) لترهيب المحققين وإيقاف عملهم في حد ذاتها دليلاً كافياً على أنها للتستر على أمر ما".

ويعلق هيل، "بالنسبة إلى الأميركيين، كثيراً ما ينظر إلى لبنان على أنه سلسلة من المشكلات المحيرة التي تثير قلقنا، لكنها لا تشكل شاغلاً حيوياً لنا. لقد انجذبت أميركا إلى لبنان بصورة عرضية فقط لأسباب أكبر من ذلك البلد. بحكم مكانته الجغرافية وتركيبته الطائفية. قدره أن يكون مسرحاً للصراعات الأوسع نطاقاً التي يمكن أن تعصف بالشرق الأوسط في أي وقت من الأوقات".

 

 

لقد حددت المصالح الأميركية المتصورة في تلك الصراعات والمشكلات الإقليمية سياسة الولايات المتحدة تجاه لبنان. ومع ذلك، فإن لبنان ليس مجرد مجموعة من المصالح الإقليمية، إنه مكان يسكنه أشخاص مميزون هم في آن واحد ضحايا ومستفيدون من تلك الشؤون الإقليمية وكيفية تعامل قادتهم معها. وعديد منهم لديهم ارتباطات قوية بالقيم الأميركية التي لا علاقة لها بالشؤون الجيواستراتيجية".

تجنب الاشتباك السوري – الإسرائيلي

بالعودة إلى الحقب التاريخية التي عايشها في لبنان يروي هيل بحسب ما جاء في "الشرق الأوسط" أنه بعد توقيع اتفاق فض الاشتباك الثاني في سيناء بين مصر وإسرائيل في سبتمبر 1975 (أيلول) تسارعت وتيرة القتال في الحرب الأهلية التي كانت جارية في لبنان، وكان هم الأميركيين "منع وقوع اشتباك سوري - إسرائيلي في لبنان، مما يعني منع أي من الجانبين من نشر قوات نظامية"، وهي مسألة ناقشها الدبلوماسيون الأميركيون مع قادة البلدين. ويقول هيل، "أبلغ السفير الأميركي ريتشارد مورفي (...) الأسد أن الولايات المتحدة لا تدعم موقف المتشددين المسيحيين، وتحث إسرائيل على ضبط النفس، لكن إسرائيل قد تتحرك بأي حال ضد تدخل الجيش السوري". ويضيف "استأنف (عبدالحليم) خدام (وزير الخارجية السوري) المفاوضات بين اللبنانيين، التي أفضت في فبراير (شباط) 1976 إلى (الوثيقة الدستورية) التي وافق عليها الرئيس فرنجية ورئيس الوزراء كرامي، ودعمتها الكتائب (الميليشيات المسيحية الرئيسة)... أرسلت الولايات المتحدة إشارة إلى القادة اللبنانيين، تؤكد دعمها للجهود السورية للإصلاح. رفضها جنبلاط والفلسطينيون وحلفاؤهم بعدها غير كافية، وانهار التحالف بين دمشق وحلفائها الفلسطينيين واللبنانيين، فحول الأسد شحنات الأسلحة من عرفات إلى ميليشيات عائلة فرنجية. أبلغ رابين فورد أنه في حال دخول القوات السورية لبنان، فإن الجيش الإسرائيلي سيتقدم إلى الليطاني".

ويتابع هيل، "في الـ23 من مارس أبلغ خدام الولايات المتحدة أن فرنجية (طلب رسمياً من سوريا إرسال قوات للفصل بين الأطراف المتحاربة في لبنان". وفي الـ24 من مارس رسم مسؤولون إسرائيليون بعض "الخطوط الحمراء" لواشنطن، ما عنى ضمناً أن ما كان مرفوضاً، لم يعد مرفوضاً"، وفهم الأميركيون أن إسرائيل سترد على أي تحرك عسكري واضح أو علني أو كبير للقوات السورية في لبنان، بالاستيلاء على نقاط استراتيجية في الجنوب. في المقابل، طمأن المسؤولون السوريون الولايات المتحدة و"قال الأسد إنه سيبقى خارج الجنوب، لكنه طلب من الولايات المتحدة أن تبقي إسرائيل خارجاً أيضاً".

وبحسب هيل، "عد كيسنجر مصالح الولايات المتحدة تقتضي (أننا لا نستطيع السماح لإسرائيل بالدخول إلى جنوب لبنان)، لأن ذلك يعرض للخطر مقاربته الشاملة لـ(الشرق الأوسط)، المبنية على التقدم المتدرج في ملف السلام العربي - الإسرائيلي، واحتواء النفوذ السوفياتي. كما بقي معارضاً للاحتلال السوري المباشر للبنان". ويضيف "أعطى كيسنجر توجيهاته إلى براون في الـ31 من مارس. كان عليه أن يساعد في وقف إطلاق النار، ويدعم الخطة السياسية السورية مع إبقاء قواتهم خارج لبنان، ويتصل بمنظمة التحرير الفلسطينية ويحاول كسر تحالفها مع جنبلاط، ويحول دون الانهيار المسيحي. كلف براون أيضاً بإقناع جنبلاط بالتوصل إلى تسوية، وقبول رزمة الإصلاحات السورية" كخيار وحيد لتجنب التدخل السوري.

 

ومع انتشار مزيد من القوات السورية في لبنان في أبريل (نيسان) 1976، نقلت واشنطن إلى دمشق الموقف الإسرائيلي بأن "هذا العمل تجاوز الخط الذي يستوجب من إسرائيل اتخاذ إجراءات خاصة بها. رفض السوريون الإنذار"، حسب هيل. ويضيف "اشتكى كيسنجر من أن إسرائيل تريد أن يسيطر السوريون على الفلسطينيين في الجنوب من دون السماح لهم بالانتشار هناك للقيام بذلك... لم ينتشر السوريون في الجنوب. وكان أحد التداعيات غير المقصودة لهذا الأمر خلق فراغ أمني طويل الأمد في جنوب لبنان، سيملؤه لاحقاً (حزب الله) المدعوم من إيران".

ويقول هيل إنه بعد فوز حزب "الليكود" اليميني في إسرائيل بالانتخابات في مايو (أيار) 1977 وتولي مناحيم بيغن رئاسة الحكومة، أصبحت تل أبيب أكثر عدوانية تجاه لبنان. وبعد عملية لـ"فتح" في 11 مارس (آذار) ضد حيفا قتل فيها 34 إسرائيلياً وأميركياً، شنت إسرائيل هجوماً في جنوب لبنان لتدمير قواعد منظمة التحرير الفلسطينية وأمنت منطقة عازلة بعمق يراوح بين 5 و20 كيلومتراً. وهي عملية يقول هيل إنها أثارت غضب الرئيس جيمي كارتر الذي اعتبر أنها "رد فعل مبالغ فيه رهيب"، أسفر عن مقتل 1000 مدني وتشريد 100 ألف شخص. إثر ذلك، يروي هيل أن الولايات المتحدة استصدرت قراراً من مجلس الأمن الدولي في 19 مارس دعا إلى إنهاء فوري لعمل الجيش الإسرائيلي والانسحاب الكامل، وإنشاء القوات الدولية العاملة في لبنان (يونيفيل). قبل الإسرائيليون تنفيذ انسحاب بطيء شرط إنشاء حزام أمني على طول الحدود لجيش لبنان الجنوبي المدعوم من تل أبيب.

يقول هيل في كتابه "تميزت هذه الفترة بالتلاقي الأول بين المصالح الأميركية والسورية في لبنان. كانت تعليمات براون بتسهيل التسوية السياسية السورية لدى اللبنانيين والفلسطينيين من أجل تفادي نشر القوات السورية التي قد تؤدي إلى غزو إسرائيلي، وحرب أوسع نطاقاً. حققت هذه المقاربة نجاحات قصيرة الأجل في تحقيق الاستقرار في لبنان وإضعاف منظمة التحرير الفلسطينية. بأي حال، احتلت سوريا جزءاً كبيراً من لبنان، ما أنهى على المدى الطويل سيادة لبنان، لكن ليس حربه الأهلية. أدى هذا العنف وعدم الاستقرار إلى مشكلات أمنية وطنية لعقود عدة لإسرائيل والولايات المتحدة، وخلق وكيل إيراني على المتوسط بعد ست سنوات فقط من مهمة براون، كما لاحظ أحد الباحثين (عدم معالجة صلب القضايا التي يعانيها لبنان، وبدلاً من محاولة احتوائها عبر القوة السورية، ربما تكون إدارة فورد قد فاقمت من مشكلات طويلة الأجل في الشرق الأوسط)".

ويقول هيل إنه "بينما تم تجنب الاشتباك الإسرائيلي - السوري، قبلت إدارة فورد بالاحتلال السوري للبنان بعدما انكشف هذا التدخل. تحقق الاستقرار على المدى القصير، لكن المشكلات التي بقيت بلا حلول تفاقمت على المدى الطويل، لا سيما مصير الحركة الفلسطينية، ومطالب المسلمين واليساريين اللبنانيين بالإصلاح. لم تستطع إدارة فورد الضعيفة إقناع المسؤولين الإسرائيليين بالسماح للجيش السوري بتطهير جنوب لبنان من المسلحين الفلسطينيين، فاستمرت حالة انعدام الأمن هناك إلى حين لم يعد القادة الإسرائيليون قادرين على تحملها بحلول أوائل الثمانينيات".

المزيد من تقارير