ملخص
الحكومة اليمنية تناشد العالم مساعدتها وتشكل خلية أزمة بمشاركة خبراء أجانب لمحاصرة كارثة "روبيمار"
حالة من الانعقاد الطارئ تجريها الحكومة اليمنية لمواجهة تداعيات غرق السفينة البريطانية "روبيمار" التي نتج منها تسرب نفطي شكل بقعة زيتية وكيماوية على نحو 18 ميلاً بحرياً مهدداً بكارثة غير مسبوقة تهدد للحياة البيئية البحرية في الشواطئ الواقعة على البحر الأحمر.
وفي إطار المعالجات الطارئة قال رئيس الهيئة اليمينة للبيئة فيصل الثعالبي إن فريق خلية الأزمة الذي شكله رئيس الوزراء يعكف الآن على تداعيات هذه الكارثة.
وأوضح الثعالبي الذي يعد عضواً في هذه الخلية إن الفريق المكلف في حالة انعقاد دائم لتدارس مستوى الأخطار البيئية وتحديد الخطط اللازمة لمواجهتها بالتعاون مع منظمات دولية وخبراء دوليين.
واستهدفت ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران السفينة بالصواريخ في الـ18 من فبراير (شباط) الماضي في إطار استهدافهم السفن المارة عبر البحر الأحمر وخليج نتج منه تدفق المياه إلى مؤخرة السفينة المحملة بشحنة ضخمة من المواد النفطية والكيماوية، وهو ما تسبب في غرقها.
خلية أزمة
عن جملة الإجراءات المتخذة الطارئة قال إن "هناك لقاءات متواصلة مع المنظمات الدولية وحددت المشكلة عبر اللقاءات الإلكترونية كما نعقد لقاءات متواصلة مع خبراء في مجال الانسكابات النفطية كون لديهم خبرة في مواجهة مثل هذه الحوادث، وننتظر تحديد خطة معالجة طارئة لمواجهة هذه الكارثة التي منها سرعة سحب السفينة".
وفي تفصيل عن خطة المعالجات أوضح الثعالبي أن الخلية قسمت "المهام إلى أجزاء منها لمراقبة الشواطئ وجزء للدعم الفني وجزء آخر يختص بإمداد المواد اللازمة لمواجهة التلوث البحري الطارئ وجزء للتواصل الدولي، ووضعنا خططاً لكل جهة". ويضيف "نحن الآن في اجتماع ضمن حالة الانعقاد الدائم بوزارة المياه والبيئة نراقب الشواطئ لمعرفة نسبة التلوث وتحديد المهام أولاً بأول للمعالجات وتحديد الإمكانات بهذا الشأن".
خلل فادح في كيمياء البحر
في شأن ما يتعلق بالعواقب البيئية التي سيخلفها التلوث النفطي الناجم عن غرق السفينة، يؤكد الثعالبي أن الأخطار تنحصر في حمولة السفينة المكونة من المشتقات النفطية المقدرة بنحو 200 طن و80 طن من مادة الديزل واحتواء الشحنة على سماد غير عضوي مكون من فوسفات الأمونيوم الكبريتية التي لها تأثيرات كبيرة في بيئة البحر الأحمر والمنطقة الشاطئية بصورة عامة، وستؤثر في التنوع البيولوجي والمواد الحساسة بيئياً، إضافة لمواقع ارتياد الطيور خلال فترة الشتاء المقبل من أوروبا وأفريقيا في خط سير هجرتها الموسمي لأن البحر الأحمر يشكل ملاذاً آمناً للراحة والتكاثر بالنسبة لها".
أما على الصعيد الاقتصادي فهناك "أخطار مخيفة على بيئة البحر الأحمر باعتبار هذه المنطقة مصدر عيش وارتزاق لمئات الآلاف من الصيادين الذين سيتأثرون بتأثر التنوع الحيوي فيها ناهيك بتأثر مصادر المياه في المناطق المجاورة لها ومحطات تحلية مياه البحر، وبخاصة المناطق التي تعتمد على مياه البحر كمصدر للمياه العذبة".
يشير الثعالبي إلى خطورة السماد غير العضوي المتسرب بكميات اعتبرها كارثية في البيئة البحرية كونه يتكون من "نيتروجين وفوسفور وكبريتات ودخول هذه العناصر للبيئة البحرية يحدث خللاً فادحاً في كيمياء البحر". ويوضح أن "سيؤثر بصورة غير عادية على تكوين البيئية البحرية وصحة التنوع الحيوي ناهيك بتسبب هذه المواد على انتشار الطحالب التي تغطي مساحات شاسعة من مياه البحر وتحجب الأوكسجين وأشعة الشمس عن كثير من النباتات والأحياء الدقيقة".
تحشيد دولي
وفي إطار ردود الفعل الرسمية حذر رئيس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك في تصريحات خلال لقائه في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاجن من كارثة بيئية كبرى مع إعلان خلية الأزمة التي شكلتها الحكومة عن غرق السفينة.
ودعا ابن مبارك المجتمع الدولي إلى التحرك العملي والعاجل وتشكيل خلية طوارئ دولية لإنقاذ البحر الأحمر ومعالجة الكارثة البيئية الناجمة عن غرق السفينة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جهته قال وزير النقل عبدالسلام حميد إن وزارته ممثلة بالهيئة العامة للشؤون البحرية على تواصل مستمر مع الجهات المتخصصة الإقليمية والدولية للتعاطي مع الآثار البيئية التي سيخلفها غرق السفينة. وأوضح أن الهيئة البحرية وجهت رسالة عاجلة لرئيس المنظمة البحرية الدولية والهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن، ومقرها في جدة، جرى إبلاغهم بغرق السفينة، وطلب المساعدة لتلافي الآثار البيئية التي ستخلفها تلك المواد الخطرة التي كانت على متن السفينة، وعلى أمل في أن يحدث التجاوب في أسرع وقت ممكن.
وعلى الصعيد الحقوقي أشار الوزير اليمني إلى اتخاذهم إجراءات قانونية ستقوم بها وزارته عبر الهيئة العامة للشؤون البحرية لتفويض محامٍ دولي للضغط على ملاك السفينة للمساعدة للتخلص من الكارثة البحرية المترتبة على غرق السفينة وحمولتها التي ستؤثر في الثروة السمكية.
صاروخ باليستي
وفي وقت مبكر صباح اليوم الأحد قالت القيادة المركزية الأميركية إن السفينة غرقت " بعد أن أصابها صاروخ باليستي مضاد للسفن من قبل الإرهابيين الحوثيين المدعومين من إيران في الـ18 من فبراير.
وذكرت في بيان عبر منصة التواصل الاجتماعي "إكس"، أن المياه كانت تتسلل إلى باطن السفينة ببطء منذ الهجوم غير المبرر، وأن "ما يقارب 21 ألف طن متري من سماد كبريتات فوسفات الأمونيوم التي كانت تحملها السفينة تشكل خطراً بيئياً في البحر الأحمر. كما أن غرق السفينة يمثل خطراً تحت سطح الماء على السفن الأخرى التي تبحر في مسارات الشحن المزدحمة عبر الممر المائي".
إغراق المزيد
وفي حين يبحث العالم خطة إنقاذ تداعيات الكارثة البيئية المحتملة، تعهدت ميليشيات الحوثي، يوم الأحد، بمواصلة إغراق السفن البريطانية في خليج عدن في أعقاب غرق السفينة "روبيمار".
وقال القيادي في المليشيات حسين العزي في منشور على "إكس"، "إنهم سيواصلون إغراق مزيد من السفن البريطانية، وأي تداعيات أو أضرار أخرى ستضاف لفاتورة بريطانيا باعتبارها دولة مارقة".
وعلى رغم توعد الميليشيات بمهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر، فإن عديداً من السفن التي تعرضت للهجمات الحوثية ليس لها أي صلة بإسرائيل.
ويقول الحوثيون إنهم يريدون إيقاف الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي أعقبت الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة "حماس" الفلسطينية.
وبسبب هجمات الحوثيين المستمرة، تتجنب شركات الشحن الكبرى بصورة متزايدة أقصر طريق بحري بين آسيا وأوروبا وتبحر حول رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا.
وأطلقت دول عدة غربية، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا، عمليات لحماية السفن في المنطقة رداً على هجمات الحوثيين. كما أطلق الاتحاد الأوروبي عملية عسكرية لتأمين الشحن التجاري في البحر الأحمر تشارك فيها ألمانيا بالفرقاطة "هيسن".