ملخص
انهالت الانتقادات على أصحاب الأغنية بسبب تضمنها كلمات نابية تخدش الحياء العام، فضلاً عن كونها تحث على التدخين وتعاطي الممنوعات وهتك عرض القاصرات.
أجمعت هيئات حقوقية ومنظمات تعنى بحماية الطفولة من الاعتداءات الجنسية على إدانة أغنية راب جديدة في المغرب، كما جرت صاحبها الرابور "يوسف 45"، إلى القضاء بتهمة التحريض الصريح على اغتصاب القاصرات.
وفي وقت احتلت فيه "أغنية كبي أتاي" (اسكبي الشاي) صدارة الترند في المغرب، حيث شاهدها أكثر من 7 ملايين شخص خلال أيام، قدمت منظمات حقوقية دعاوى قضائية ضد أصحاب الأغنية بسبب كلماتها الخادشة للحياء، و"التحريض على استغلال القاصرات جنسياً واغتصابهن".
بذاءة أم واقعية؟
وصدم كثيرون في المغرب من حدة الكلمات النابية التي تضمنتها أغنية الرابور الشاب "يوسف 45"، ومن الحمولة الجنسية العنيفة التي وردت فيها، خصوصاً تشجيعه على "ممارسة الجنس الشاذ مع قاصر".
وانهالت الانتقادات من كل حدب وصوب على أصحاب هذه الأغنية بسبب تضمنها كلمات نابية وتعبيرات قاسية تخدش الحياء العام، فضلاً عن كونها تحث على التدخين وتعاطي الممنوعات وهتك عرض القاصرات.
وثمة قليلون من دافعوا عن الأغنية وكلماتها، خصوصاً من جمهور "الراب"، باعتبار أن تلك الكلمات ليست سوى تعبير عن واقع عدد من الشباب في المغرب، وأن ما ورد ليس تحريضاً على اغتصاب القصر بل نقل لواقع معاش.
وخرج صاحب الأغنية "يوسف 45"، وهو من مواليد عام 1993، في تصريحات بعد الضجة المثارة للدفاع عن نفسه، وبأنه "لم يقصد التحريض وليس مسؤولاً عن فهم الآخرين"، كما انتقد والده شكاوى المنظمات الحقوقية المرفوعة إلى القضاء، داعياً إياها إلى مقاضاة أصحاب النوادي الليلية وأماكن الرذيلة وليس ابنه، وفق تعبيره.
مطالب حقوقية
ودخلت منظمات حقوقية عدة على خط هذه الأغنية ومنها منظمة "ما تقيش ولدي" (لا تلمس ابني) التي باشرت التدابير القانونية اللازمة بهدف متابعة من يقومون بالتحريض على استغلال الأطفال واغتصاب القاصرات من طريق بث ونشر الأغاني.
ووضعت الناشطة الحقوقية نجاة أنور، رئيسة منظمة "ما تقيش ولدي"، شكاية في مكتب رئاسة النيابة العامة ضد مؤلفي الأغنية المذكورة جراء مضمونها الخادش للحياء، ونزوعها نحو التحريض على استغلال القاصرات جنسياً واغتصابهن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأبدت المنظمة تخوفها من مشاهدة الأطفال لهذه الأغاني والفيديوهات في وسائل التواصل الاجتماعي، ولا سيما أنها "أغان لا يراعي أصحابها أخلاقيات الفن والموسيقى، في وقت يكافح المجتمع ظاهرة اغتصاب الأطفال والقاصرين".
من جهتها راسلت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد بشكل استعجالي النيابة العامة والمدير العام للأمن الوطني من أجل التدخل العاجل في شأن جريمة التحريض على اغتصاب القاصرات التي تضمنتها كلمات الأغنية المعنية، وطالبت السلطات المسؤولة بحماية الطفولة المغربية وتطبيق القانون على الذين أصدروا هذه الأغنية "غير الأخلاقية وغير المقبولة والتي تتعارض جملة وتفصيلاً مع رسالة الفن النبيلة"، وفق بلاغ لها.
حماية الأطفال والقصر
رئيس المركز الوطني لمناهضة العنف والاعتداءات على الأطفال خالد الشرقاوي السموني اعتبر أن أغنية الراب المذكورة تحرض صراحة على اغتصاب القاصرات، وهي جريمة يعاقب عليها القانون المغربي.
ويتفق السموني مع مختلف مواقف الجمعيات الحقوقية باعتبار مضامين هذه الأغنية "تشير بصورة واضحة إلى التحريض على اغتصاب القاصرات واستغلالهن جنسياً، وبالتالي فهي لا تمت بأية صلة للفن والأغنية الهادفة".
وتحسر الحقوقي نفسه على أن هذا النوع من المحتوى، بما فيه من إساءة للفتيات القاصرات وللمرأة بصفة عامة، حدث تداوله بسرعة وعلى نطاق واسع بين الأطفال والقاصرين، مناشداً الجهات التي تعمل على إنفاذ القانون بوقف بث مثل هذه المحتويات ومساءلة أصحابها، نظراً إلى ما تشكله من خطورة على المجتمع وكرامة القاصرات.
وخلص السموني إلى أن "الفن يجب أن يكون أداة للترفيه وتوعية المجتمع والحفاظ على استقراره من دون أن يتجاوز ذلك ليصبح خطراً على المجتمع وعلى حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية"، مورداً أنه "يجب حماية الأطفال والقاصرين الذين ينتمون إلى الفئات الهشة من أي عنف أو اعتداء لفظي أو نفسي أو جسدي".
الزجر هو الحل
من جهتها شددت رئيسة جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة" بشرى عبدو على رفض الترويج لبعض أغاني الراب التي تحرض على استغلال القاصرات بشتى الطرق، أو تلك التي تتضمن كلاما فاحشاً وساقطاً.
ولفتت عبدو إلى أن "الشكاوى المرفوعة ضد الأغنية المذكورة من طرف المنظمات الحقوقية تعتبر خطوة مهمة، إذ يتعين متابعة فناني السوق وتشديد العقوبات ضدهم، لأنه من دون زجرهم قد يأتي آخرون ويقترفون ما هو أشنع".
ويبدو أن أغنية الراب "كبي أتاي" لن تكون الأخيرة في "ريبرتوار" أغاني الراب المغربية التي تثير جدلاً واسعاً بسبب كلماتها المشحونة بالكلام البذيء أو مضامينها المليئة بالإيحاءات الجنسية.
وكانت أغنية "البرتوش" لصاحبها يوسف أقديم المعروف فنياً بلقب "لاغتيست" فجرت جدلاً قبل أسابيع خلت، إذ انقسم الجمهور حيال كلمة "البرتوش"، فاعتبرها فريق أغنية تحث على "ممارسة الفاحشة"، وآخر دافع عن اختيارات كلمات الأغنية الواقعية.
وتعني كلمة "البرتوش" في اللهجة المغربية المتداولة لدى الشباب خصوصاً، الغرفة أو البيت الذي يتخذه الشاب مكاناً لنزواته الجنسية والعاطفية، أو حتى لتناول المخدرات وغيرها من الممنوعات.
وفي المقابل تحظى بعض أغني الراب المغربية باستحسان الجمهور والنقاد أيضاً لكونها تتناول الواقع الاجتماعي والسياسي للبلاد عبر الانتقاد بطريقة فنية، من قبيل أغنية "عاش الشعب" التي رسمت صورة رمادية لأوضاع البلاد، أو أغنية "مع لعشران" لمغني الراب ديزي دروس التي وجه فيها انتقادات لاذعة إلى الطبقة السياسية المغربية.