Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مواد أفيونية خطيرة تسقط ضحايا في سجون بريطانية

حصري: ثمة "أمر شديد الخطورة يحدث" وتشير التجربة إلى أننا "نتحرك ببطء" بحسب تحذير إحدى هيئات الخدمات الرئيسة المعنية بعلاج تعاطي المخدرات

لم يتبين وجود مادة النيتازين في الهيروين فحسب بل أيضاً في السجائر الإلكترونية غير المشروعة وأقراص "الديازيبام" و"الكوديين" (آي ستوك)

ملخص

مواد مخدرة جديدة تغزو السجون البريطانية وعدد الضحايا يزيد.

كشفت صحيفة "اندبندنت" أن مواد أفيونية اصطناعية جديدة ذات مفعول يفوق مفعول الهيروين بـ250 مرة قد أودت فعلاً بعدد من السجناء في سجون بريطانية، فيما يحذر خبراء من أن هذه المؤسسات الإصلاحية تقف عاجزة عن لجم دخول كميات مهولة ومخيفة من هذه المخدرات القاتلة إليها.

منذ أشهر مضت، دقت الهيئات التي تقدم خدمات العلاج من تعاطي المخدرات في المملكة المتحدة ناقوس الخطر من أن تغرق هذه المواد القوية المفعول، المعروفة باسم "النيتازين" nitazenes، أسواق المخدرات في بريطانيا فيما يضيق الحظر الذي فرضته حركة "طالبان" على [زراعة وتجارة خشخاش] الأفيون opium الخناق على الإمدادات من الهيروين، مما يتسبب في ارتفاع إضافي في أعداد الوفيات الناجمة عن تعاطي المخدرات، التي سبق أن بلغت مستويات قياسية.

ومع تحذير مفتشي السجون وأعضاء في البرلمان البريطاني من "حتمية" أن تجد المخدرات طريقها إلى السجون إذا كانت منتشرة أصلاً في المجتمعات خارج القضبان، علمت "اندبندنت" من خبراء يقفون عند الخطوط الأمامية لمواجهة هذه الآفة أنه على رغم أن سوق الاتجار بالمخدرات في أقسام السجون حالياً "أسوأ مما قد تكون عليه"، فإنه من شأن مخدر "النيتازين" أن "ينتشر بسرعة كبيرة" في هذه المؤسسات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وإذ حث هؤلاء الخبراء الحكومة البريطانية على وضع خطط سريعة تحمي السجناء من تدفق هذه المخدرات إلى داخل السجون، حذروا من أننا "ربما تحركنا فعلاً ببطء شديد"، إذ تكشف بيانات حصلت عليها صحيفة "اندبندنت" أن المواد المخدرة قد تسللت فعلاً إلى السجون حاملة معها عواقب وخيمة.

 وكشفت الأرقام أنه من بين 15 وفاة غير متعمدة تأكد أنها تعزى إلى تعاطي المخدرات في سجون إنجلترا وويلز في عام 2022، حدثت حالتا وفاة في يونيو (حزيران) في "سجن أتش أم بي لويس" HMP Lewes الكائن في شرق ساسكس بسبب جرعات زائدة من "الأيزوتونيتازين" isotonitazene، علماً أنها مادة أقوى 250 مرة من الهيروين، وذلك وفق بيانات حصلنا عليها بموجب قانون حرية الوصول إلى المعلومات.

في حين أننا إزاء أولى حالات الوفاة التي تأكد بصورة علنية أنها حدثت خلف القضبان بسبب "النيتازين"، إلا أن أمين المظالم في السجون ما زال في انتظار الاطلاع على وثيقة الوفاة الخاصة بست من تسع حالات وفاة كانت المخدرات السبب الأكيد وراءها وتعود إلى عام 2023، ويحذر خبراء من أن معظم محققي الوفيات ما زالوا لا يجرون تحاليل المواد الأفيونية الجديدة القوية المفعول. وما زالت 19 حالة وفاة أخرى قيد التصنيف.

وإذ تطرح تساؤلات حول كفاءة الجهود التي تبذلها الحكومة البريطانية في مراقبة تفشي المخدرات في السجون، تكشف "اندبندنت" أيضاً أن حيازة المخدرات قد رصدت مرة واحدة فقط خلف هذه الجدران، وكان ذلك في نوفمبر (تشرين الثاني)، منذ تسليم شركة خاصة مبلغ 4.7 مليون جنيه استرليني في أبريل (نيسان) كي تتفحص جنائياً ما إذا كانت مضبوطات السجون تشتمل على "النيتازين" ومخدرات أخرى في أبريل.

وكان ذلك كله على رغم أن "الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة" في بريطانيا قد أبلغت عن حدوث 65 وفاة مرتبطة بمادة "النيتازين" في أوساط المجتمع الأوسع نطاقاً في الأشهر الستة الأخيرة من عام 2023 وحده، وعلمت صحيفة "اندبندنت" من تشارلي تايلور، كبير مفتشي السجون التابعة لجلالة الملك، أن المخدرات "لا ريب" ستجد طريقها إلى السجون إذا كانت منتشرة أصلاً في المجتمعات.

"السجون مثقلة بأعباء كثيرة، وتترنح فعلاً على حافة الهاوية بسبب النقص في أعداد الموظفين والضغوط المهولة الواقعة أساساً على كاهل الخدمات الصحية المقدمة داخل السجون، إلى درجة أنه تبدو معدومة تقريباً احتمالية أن يتمكنوا من الاستعداد للتدفق المفاجئ من مادة "النيتازين" إلى السجون وحالات الوفاة المتزايدة بسببها"، وأن ينجحوا في التعامل معها، قال مارتن باول، من المؤسسة الخيرية "ترانسفورم دروغس".

وإذ توجه إلى الحكومة محذراً من أن "خطباً خطراً جداً ربما تشهده هذه السجون [و] أن على عاتقنا تقع مسؤولية الرد السريع الآن"، قال مايك تريس، الرئيس التنفيذي لدى مؤسسة "فوروورد ترست"، التي تقدم خدمات التعافي من المخدرات والكحول في 25 سجناً، مضيفاً أن "التجارب السابقة تشير إلى أننا قد تحركنا ببطء شديد" من أجل معالجة هذه المشكلات.

وقال تريس، الذي أصدرت المنظمة حيث يعمل تنبيهاً وطنياً لموظفيها في شأن هذه المواد الشهر الماضي، إن "النيتازين" يدخل السجون عندما تكون سوق المخدرات فيها عند أعلى مستوياتها على الأرجح. النمط السائد في كل قسم من السجن: من هم التجار، وما المواد التي يجلبونها؟ والغالبية العظمى من الأشخاص في هذا المجتمع متورطون بشكل ما".

"من ثم إذا ظهرت مادة مخدرة جديدة، ونظراً إلى طغيان هذا النمط من تعاطي المخدرات والاتجار بها، فإنه سيفرض وجوده بسرعة كبيرة"، بحسب ما شرح تريس.

وإذ حث تريس المسؤولين على القيام "بتدابير تمهيدية مستعجلة" بغرض تعزيز الكفاءات في مجالي فحوص المخدرات والإنذار المبكر، أضاف أنه في العادة مع الاتجاهات الجديدة من الاتجار بالمخدرات وتعاطيها في السجون، نجد أن المسؤولين يعلمون في شأنها بعد فوات الأوان. لذا عندما نعلم أن مادة قد تحصد أعداداً كثيرة من الوفيات، علينا أن نتبع العملية المعتادة في كشف الأمور".

وخدمة السجون جزء من مجموعة عمل جديدة مؤلفة من مختلف الهيئات الحكومية البريطانية، تجتمع مرة شهرياً بهدف محاربة المواد الأفيونية الاصطناعية، وتعتزم وزارة العدل طرح أجهزة مسح ضوئي قادرة على اكتشاف حتى الآثار الصغيرة من المخدرات في جميع السجون العامة بحلول أبريل المقبل.

ولكن مع ذلك، يحذر الخبراء من أن أزمة النقص في الموظفين في السجون تحول دون تنفيذ العمليات الأمنية أحياناً، وحينها يتقصد بعض الموظفين الفاسدين تهريب كميات من المخدرات إلى السجون بأنفسهم. في العام الماضي، شهدت السجون عدداً قليلاً جداً من الفحوص الإلزامية للكشف عن تعاطي المخدرات، لذا حذفت الحكومة الأرقام الخاصة بهذا الإجراء من الإصدار السنوي لبياناتها.

جزء من الخطر الذي يشكله "النيتازين" أنه لم يرصد في الهيروين فحسب بل أيضاً في السجائر الإلكترونية غير المشروعة وأقراص "الديازيبام"diazepam و"الكوديين" codeine، ولكن في الحالة الوحيدة التي تبين فيها وجود مادة "النيتازين" في مضبوطات من السجن العام الماضي، زعمت الحكومة أن العينة اعتبرت خطرة جداً إلى حد أنه يتعذر تحليلها في المختبر الخاص، من ثم لم تخضع للتحليل بحثاً عن أي مواد أخرى.

"ما نريده تجنبه هو أن يكون تسجيل عدد مهول من الوفيات السبيل إلى [اكتشاف أن النيتازين] يمثل مشكلة فعلية. ولكنها الطريقة الوحيدة التي نعرفها الآن"، قال مارتن بلاكبورو الرئيس التنفيذي لدى شركة "كاليدوسكوب" التي تقدم العلاج لمتعاطي المخدرات.

وعلمت صحيفة "اندبندنت" من "جمعية محافظي السجون" Prison Governors Association أنه فيما يعي مديرو السجون الخطر الذي يمثله "النيتازين"، تبقى المواد الأفيونية الاصطناعية واحدة من الأخطار الكثيرة والأولويات المتنافسة التي يتعين عليهم التصدي لها بشكل يومي.

وإذ وصف التهديد الذي يطرحه "النيتازين" بأنه "مثال آخر على ضرورة توظيف استثمارات مستدامة في السجون"، حذر رئيس "لجنة العدالة" في حزب المحافظين، السير بوب نيل، من أن الرعاية الصحية "غير المنتظمة" في السجون تتفاقم بسبب الاكتظاظ و"الظروف السيئة جداً في الغالب". وأضاف أن "ظهور أي شيء من هذا القبيل [النيتازين] سيزيد الحال سوءاً".

وإذا بدأت كميات كبيرة من المخدرات تتسلل إلى السجون، لا بد من توفر مادة بالغة الأهمية تتمثل في عقار "النالوكسون" naloxone المعروف أنه ينقذ الأرواح عبر عكس مفعول الجرعات الزائدة من المخدرات. أعلنت الحكومة أنها ستدرب المتطوعين من موظفي السجون على استخدام بخاخات النالوكسون الأنفية، ولكن من دون أي أجور مدفوعة. وفي النتيجة، كما ذكرت صحيفة "إنسايد تايم" الخاصة بالسجناء والمحتجزين هذا الأسبوع أن "جمعية موظفي السجون" حثت أعضاءها على عدم التطوع لهذه "المهمة الإضافية، التي تنطوي على أخطار تضر بحياتهم المهنية"، محذرة من أن القبول بتوليها من دون أجر يتهدد المفاوضات حول الأجور.

ولكن بلاكبورو أشار إلى أنه يمكن تدريب السجناء أنفسهم على إعطاء رذاذ "النالوكسون" عبر الأنف بغية حماية زملائهم في الزنزانات من الجرعة الزائدة، في ظل الاكتظاظ الذي يترك السجناء محشورين معاً في زنزانات فردية وما تنطوي عليه هذه الحال من منفعة غير مقصودة.

"لا نريد من السجناء أن يحقنوا أنفسهم بالمخدرات، ولكن لا فائدة من وجود شخص برفقتهم إنما يعجز عن المساعدة لأن وقت رد الفعل بطيء جداً"، قال بلاكبورو متسائلاً: "هل ستشي بشريكك في الزنزانة لأنه أخذ حقنة من المخدرات؟ لا، ليس قبل أن يتحول إلى اللون الأزرق، وحتى عندها، ستشعر بالضيق نتيجة هذا التصرف".

في رأي بلاكبورو، "لا بد من أن تجري السجون مناقشات بين البالغين. في مقدورنا أن نزور كل سجن ونوفر هذا التدريب للسجناء الذين يتعاطون المخدرات، ولا يحتاج هذا التدبير حتى إلى حراس السجون لتنفيذه".

 "عليهم أن يتخذوا خطوة ما الآن. دعونا ننظر في أمر "النالوكسون" الآن، ونعمل على تدريب السجناء الآن. الحال أشبه نوعاً ما بالتأهب لفيروس "كورونا"، لقد بلغنا تلك المرحلة، ولا مفر منها. لذا دعونا نتأكد من جعل السجون آمنة قدر الإمكان"، أضاف بلاكبورو.

وقال "نعي التهديد الذي تمثله المواد الأفيونية الاصطناعية، ولهذا السبب نحن جزء من مجموعة عمل مؤلفة من مختلف الهيئات الحكومية البريطانية تشكلت من أجل التصدي لانتشار هذه المواد في مؤسسات المجتمع، من بينها السجون".

"كذلك نعكف على إيجاد أقسام خالية من المخدرات في السجون، ونعين موظفين متخصصين لمساعدة أعداد أكبر من السجناء في التغلب على الإدمان والنجاح في التعافي، في حين تساعد حملتنا الأمنية التي تبلغ موازنتها 100 مليون جنيه استرليني في الحيلولة دون دخول كميات أخرى من المخدرات إلى سجوننا"، ختم بلاكبورو.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير