ملخص
مطالب "حماس" الوهمية بالنسبة إلى نتنياهو، ويسانده الرأي نواب ووزراء في "الكابينت" الأمني الموسع، هي عدد الأسرى الفلسطينيين الذين تطالب الحركة بالإفراج عنهم، خصوصاً ما يتعلق بكبار الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ومطلب عودة الفلسطينيين إلى شمال غزة ووقف النار
اختار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الإعلان عن مصادقته على خطة اجتياح رفح تزامناً مع بحث "الكابينت الحربي" و"الكابينت الموسع" للحكومة الإسرائيلية شروط حركة "حماس" لإتمام صفقة الأسرى التي تعترض إسرائيل على بنود مركزية فيها، لكنها وافقت على إرسال وفد التفاوض المشارك في مفاوضات القاهرة، المتوقعة الأسبوع المقبل.
وليس صدفة الإعلان المفاجئ لنتنياهو حول رفح، حيث يسعى إلى أن يشكل هذا الملف ضغطاً على الوسطاء لمواصلة تكثيف الجهود وضمان تراجع حركة حماس عن شروطها التي تعدها إسرائيل مبالغاً فيها ووهمية وفي مركزها إطلاق عدد كبير من الأسرى الأمنيين المحكومين لسنوات طويلة ومؤبدات من السجون الإسرائيلية.
وفي مضمون بيان نتنياهو لا يوجد أي حديث عن تنفيذ خطة رفح، بل المصادقة عليها، وبحسب الخطوات التي يجب على الجيش اتخاذها لتنفيذ الحملة على رفح، فسيكون من الصعب تنفيذها خلال شهر رمضان.
أما وفق الجيش فإن قواته ستتدرب في الوقت الحالي على الخطة، وفي موازاة ذلك يتم التخطيط لإجلاء مليون و400 ألف فلسطيني من رفح. وحتى اللحظة لم تقرر إسرائيل إلى أي مناطق سيتم نقل الفلسطينيين، كما أن الجيش لن يتمكن من التخطيط في شأن المناطق التي سيتم نقل السكان إليها من دون إنهاء عملياته في خان يونس وغيرها من البلدات. كما تتطلب عملية الاجتياح استدعاء قوات نظامية كبيرة، لا قوات احتياط، التي تم تسريح معظم جنودها إلى بيوتهم. والأهم من هذا، وفق ما نقل عن مصدر عسكري مسؤول، فإن عملية اجلاء السكان وحدها تتطلب ما بين أسبوعين وثلاثة.
الجيش غير جاهز، ولكن...
وفي مقابل كل هذا، أشار تقرير إسرائيلي إلى أن الجيش غير جاهز لتنفيذ اجتياح رفح ومعظم عناصره غير مدربة بما فيه الكفاية لخطة الاجتياح، التي لم يطلع عليها قادة الوحدات العسكرية والجنود بعد.
في مثل هذه الوضعية يستبعد عسكريون أن ينجح الجيش الإسرائيلي في الدخول إلى رفح وتنفيذ عمليات، ولكن ووفق ما كشفت مصادر عسكرية فإن الجيش لن يغيب عن رفح وإذا لم ينفذ اجتياحاً فسيقوم بعمليات، في الأقل في هذه الفترة، تقتصر على أهداف محددة وضد شخصيات كبيرة في قيادة "حماس"، ولكن تضيف هذه المصادر "من شأن التوصل إلى صفقة أسرى تشمل ستة أسابيع من الهدنة أن تغير حسابات متخذي القرارات من سياسيين وعسكريين". واعتبرت صحيفة "هآرتس" أن نتنياهو يسعى إلى تحقيق هدفين من خلال الإعلان عن المصادقة على خطة رفح، أولهما متعلق بصفقة الأسرى، "فإذا كانت مصر والولايات المتحدة والفلسطينيون يتخوفون من اجتياح الجيش الإسرائيلي لرفح، فإن المصادقة على الخطة قد يدفع الوسطاء إلى تصعيد ضغوطهم على (حماس)".
أما الهدف الثاني، فإن نتنياهو يحاول كسب الوقت من خلال الانشغال في مسألة الاجتياح المحتمل لرفح لإبعاد نهاية الحرب ويؤخر النقاش العام والسياسي حول التحقيق في إخفاقات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 التي يعد هو المتهم الأول فيها.
من جهتها، طلبت الولايات المتحدة، التي تواجه انتقادات واسعة لدعمها إسرائيل من خلال تزويدها بالأسلحة، من وزير الدفاع يوآف غالانت، التوقيع على رسالة موجهة إلى الإدارة الأميركية تتعهد فيها إسرائيل استخدام السلاح الأميركي بموجب القانون الدولي. وجاء هذا الطلب الأميركي في اعقاب ضغوط مارسها سيناتورات ديمقراطيون عبروا عن قلقهم حيال استخدام إسرائيل للسلاح الأميركي في قطاع غزة، والذي تسبب في عدد كبير جداً من الضحايا المدنيين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"ضغوط غير مسبوقة على قطر"
وبحث "الكابينت الحربي" في إسرائيل شروط "حماس" وسط خلافات ونقاشات ما بين عدم الخضوع لـ"حماس" ومطالبها وبين تفضيل ملف الأسرى في غزة على أي هدف آخر. واستبق نتنياهو بحث شروط "حماس"، وكرر ما سبق ووصف فيها شروط الحركة بأنها "وهمية". وأضاف أن الحركة "تتحصن خلف مطالب لا أساس لها ومن الصعب المصادقة عليها".
المطالب الوهمية بالنسبة إلى نتنياهو، ويسانده الرأي نواب ووزراء في "الكابينت الأمني الموسع"، هي عدد الأسرى الفلسطينيين الذين تطالب "حماس" بالإفراج عنهم، خصوصاً ما يتعلق بكبار الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ومطلب عودة الفلسطينيين إلى شمال غزة ووقف النار.
وضمن مطالب "حماس" الإفراج عما بين 700 و1000 أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية مقابل الأسرى المسنين والأطفال والنساء. ورفضت "حماس" ضم المجندات لمعادلة التبادل مع المدنيين الإسرائيليين وطالبت بالإفراج عن 100 أسير ممن يقضون سنوات طويلة ومؤبدات داخل السجون الإسرائيلية مقابل جميع المجندات، فيما فترة الهدنة تستمر لستة أسابيع، وبحسب إسرائيل سيبقى الجيش منتشراً في مختلف المناطق في غزة.
ورأى المتخصص العسكري جاكي خوجي أن "المفاوضات المتوقعة قريبا ستكون صعبة للغاية وتتطلب تنازلات من الطرفين". وقال "طالما بقيت موازين القوى بين الطرفين كما هي، ولم يبد أي منهما مرونة، فإن الفرصة لصفقة واسعة تقل. وربما أمام تفاعل الأحداث يتم الحديث عن صفقة صغيرة، إنسانية، لبضعة أيام على الأكثر". وأضاف خوجي أن "إسرائيل وصلت إلى لحظة الحقيقة التي حاولت الفرار منها من بداية الحرب، بأن تتخذ قراراً حاسماً باختيارها ما هو الأهم؟ تحرير مخطوفين أم إبادة (حماس)؟ في هذه النقطة الزمنية، يتصادم الهدفان الواحد بالآخر أكثر من أي وقت مضى".
وبحسب ما نقل عن مسؤولين مطلعين على سير المفاوضات يشكك خوجي "بإمكانية أن تتراجع (حماس) أو تلين في مواقفها". ويتابع "كل الضغوط التي يمكن أن يستخدمها عليهم الوسطاء وإسرائيل استخدمت منذ الآن. عسكرياً ومالياً وسياسياً واجتماعياً. بالنسبة لهم، وقف الحرب هي مسألة حياة أو موت. وعليه فإذا كانت إسرائيل تريد أن تضمن عودة المخطوفين إلى بيوتهم سالمين ومعافين في أقرب وقت ممكن فإن عليها أن توقف الحرب. أما إذا كانت ترى أنها تريد أن تواصلها، فستدفع ثمناً باهظاً، (حماس) تخوض حرب وجود، وورقة المخطوفين بالنسبة لها بمثابة الهواء للتنفس. وعليه فإن الضغط العسكري لا يدفعها لأن تحرر المخطوفين لديها مقابل سجناء فقط أو مساعدات إنسانية، مهما كانت كثيرة".
وفي إسرائيل يجدون أن بإمكان قطر من خلال ضغطها على "حماس" أن تساعد في تراجع الحركة عن شروطها، ويقول القنصل الإسرائيلي السابق لدى لوس أنجليس ياكي ديان "إن الأميركيين وضعوا هدفاً بالتوصل إلى صفقة أسرى حتى شهر رمضان، وعلى هذا الأساس عملوا طوال الفترة الأخيرة حتى عندما توقفت المفاوضات، واليوم وبعد عرض شروط (حماس) ستكون مهمتهم الضغط على قطر أكثر من أي وقت مضى حتى تضغط بدورها على (حماس)". ويشير ديان إلى أن "واشنطن وضعت خطوطاً حمراء على قطر في حال عرقلة (حماس) الصفقة بينها طرد قيادة (حماس) من الدوحة، وكذلك وضع قيود على كل ما يتعلق بالدعم المالي الذي تقدمه قطر لـ(حماس)، وهذا قد يسهم في تقدم المفاوضات".