Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رمال مقالع المغرب ثروات من ذهب ودعوات إلى حمايتها

دقت هيئات حقوقية وبيئية ناقوس الخطر جراء أعمال النهب التي تتعرض لها هذه الثروة

تتوالى الشكاوى الحقوقية من نهب الرمال في عدد من المقالع الموجودة في نواحي مدينة العرائش (مواقع التواصل الاجتماعي)

ملخص

تفيد معطيات رسمية للمجلس الأعلى للحسابات (مؤسسة رسمية) بأن عدد مقالع الرمال المصرح بها في المغرب يناهز 2920 مقلعاً

"نعيش في هذه القرية المهمشة بضواحي مدينة مراكش في ضنك العيش، ليس بسبب الحاجة أو الفقر، ولكن جراء مقلع رمال يتسبب في أضرار كثيرة لنا"، هكذا لخص الخمسيني الوافي حيضر وضع ومعاناة أبناء هذه القرية الصغيرة مع أحد مقالع الرمال، من تخريب للطرق، والإضرار بالمزارع المجاورة، فضلاً عن أضرار بيئية واجتماعية أخرى.

 

شكوى

شكوى هذا المواطن الخمسيني عززتها مراسلة حديثة وجهتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أكبر جمعيات حقوق الإنسان في المغرب، إلى السلطات والوزارات المعنية بخصوص ما يقع في المقلع المذكور من ارتكابات، ووفق المراسلة الحقوقية، فإن مقلع الرمال يتسبب في قطع أرزاق المزارعين، داعية إلى إجراء تحقيق شفاف وترتيب الآثار القانونية عن احتمال وجود خرق للقانون.

وفي السياق، تتوالى الشكاوى الحقوقية من نهب الرمال في عدد من المقالع الموجودة في نواحي مدينة العرائش (شمال)، منها التنسيقية المحلية للعرائش التي دعت الجهات المسؤولة إلى تشديد المراقبة على مقالع الرمال في المنطقة، من خلال مراقبة كمية وجودة الرمال، وتحديد الأماكن المرخص باستغلالها كمقالع.

ودقت هيئات حقوقية وبيئية ناقوس الخطر في شأن أوضاع مقالع يتم نهب رمالها في منطقة المخاليف، بضواحي مدينة الصويرة (مدينة ساحلية)، وهو النهب الذي أدى، بحسب فعاليات محلية، إلى تخريب البيئة، فضلاً عن تكدس الثروات بين أيدي الناهبين، سواء كانوا أشخاصاً أو شركات.

وتفيد معطيات رسمية للمجلس الأعلى للحسابات (مؤسسة رسمية) بأن عدد مقالع الرمال المصرح بها في المغرب يناهز 2920 مقلعاً.

القانون

وإذا كانت مقالع الرمال المصرح بها تعمل وفق القانون، فإن هناك مقالع لا يعرف أحد عددها تعمل خلافاً للقانون، "إنه تواطؤ يحصل بين شركات وبين منتخبين محليين (سلطات محلية) لتنفيذ جريمة نهب الرمال" قال أحمد بنرامي، وهو عامل محلي في مدينة العرائش، مضيفاً أنه لا يمكن لجريمة مثل نهب الرمال أن تتم من دون تواطؤ فعلي بين المستفيدين من هذا الأمر.

أحد ممثلي السلطات المحلية في العرائش رد على "تهمة التواطؤ" في نهب الرمال قائلاً "إنها مجرد اتهامات لا أساس لها من الصحة، بدليل ضبط وتوقيف كثر من ناهبي الرمال في حالات تلبس، أو جر شركات إلى القضاء من دون أن يمنع هذا حصول بعض الاختلالات".

ذهب

وقال الباحث في التنمية المستدامة ورئيس جمعية "أوكسجين للبيئة" أيوب كرير" إن الرمال ذهب من نوع مختلف تدر أموالاً طائلة جداً على مجموعة من الشركات والمستثمرين فيما لا تستفيد الدولة من هذه الأموال، "معظم الأشخاص الذين يسيرون المقالع يحظون بمسؤوليات سياسية ويعملون في أجهزة الدولة، مما يعقد ضبط هذا المجال ومراقبته والتحكم فيه". ولفت الناشط البيئي إلى مشكلة غياب خرائط لتتبع الوعاء العقاري للمقالع، كما أن نظام تتبع الكميات المستخرجة تعتريه اختلالات كبيرة، بدليل المعطيات الرسمية التي وردت في تقرير سابق للمجلس الأعلى للحسابات، وتفيد المعطيات بأن المعدل السنوي لكميات الرمال المستخرجة غير المصرح بها يبلغ 9.5 مليون متر مكعب، أي 79 في المئة من كميات الرمال المستهلكة، مما يتسبب بخسائر مالية كبيرة للدولة.

وسجل تقرير المجلس الأعلى للحسابات وجود انتشار كبير للمقالع غير القانونية، مما يعني استشراء الاستخراج غير المرخص.

كوارث بيئية وصحية

نهب الرمال لا يؤدي فقط إلى كوارث اقتصادية أساسها هدر الأموال التي تذهب إلى جيوب المستفيدين من شركات وشخصيات من دون أن تستفيد منها خزانة الدولة، ولكن هذه الجريمة تؤدي أيضاً إلى كوارث بيئية وصحية متعددة.

وحذر الناشط البيئي أيوب كرير من أن أبرز تداعيات نهب الرمال يتمثل في فقدان التنوع البيولوجي في عدد من المناطق التي يتم استغلال الرمال فيها استغلالاً بشعاً، خصوصاً في المناطق الساحلية التي تتآكل بصورة رهيبة "هناك خطر اختفاء مجموعة من السواحل المغربية بسبب هذا الاستغلال غير المعقلن لمقالع الرمال".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كذلك، هناك كوارث صحية تسببها جريمة نهب الرمال تتمثل، بحسب طبيب الجهاز التنفسي والحساسية سعد الساكت، في الأمراض التنفسية المختلفة جراء الغبار الناتج من هذه المقالع، ووفق الساكت، فإن عدداً من سكان بعض القرى يعانون أمراض الربو والحساسية، والتي تتطور مع الوقت لتصبح أمراضاً مزمنة خطرة، علاوة على مشكلات صحية أخرى بسبب الضجيج الناجم عن العمل في هذه المقالع لفترات طويلة.

البرلمان على الخط

ودخل البرلمان المغربي على خط حجم الخسائر الاقتصادية والصحية والبيئية التي تتسبب فيها مقالع الرمال غير القانونية، من خلال أسئلة وجهها نواب إلى الحكومة والوزارات المعنية، بخاصة وزارة التجهيز.

البرلمانية عن حزب "التجمع الوطني للأحرار" مريم الرميلي، وهو الحزب الذي يقود الحكومة، اعتبرت أن مقالع الرمال تعد ثروة وطنية يجب تثمينها والمحافظة عليها واستغلالها وتدبيرها تدبيراً معقلناً ومستداماً، إلا أن استغلالها العشوائي يهدد بكوارث بيئية وإنسانية خطرة، داعية الحكومة إلى اتخاذ التدابير لمواجهة الاستغلال المفرط لمقالع الرمال، والإجراءات المتخذة للحد من سرقة هذه الثروة الاقتصادية.

من جهته قال سعيد بعزيز البرلماني عن حزب" الاتحاد الاشتراكي" (المعارض) إن الآثار السلبية للمقالع متعددة، سواء على البيئة أو على الإنسان، بخاصة بالنسبة للقرى المجاورة، وطالب بإلزام مستغلي هذه المقالع بإقرار نظام لمراقبة مدى احترامها وملاءمتها مع مقتضيات القانون.

ويحيط القانون استغلال مقالع الرمال بعديد من الشروط، منها ما ورد في المادة الـ27 "نصب لوحات في كل مسلك من المسالك المؤدية إلى المقلع تبين بحروف بارزة هوية المستغل ومرجع رخصة الاستغلال، ووضع أنصاب التسوية والأنصاب اللازمة لتحديد المقالع المكشوفة، وإعداد المسالك المؤدية إلى الطريق العام".

شرطة مقالع

ولم تفلح القوانين المرصودة ولا التقارير الرسمية التي تكشف حجم نهب رمال المقالع، ولا حتى اعتقال وسجن الناهبين المتلبسين بالنهب، في وقف نزف سرقة ثروة الرمال، مما دفع إلى التفكير في حلول جديدة لمكافحة هذا الأمر، ومن هذه الحلول التي اقترحتها الحكومة في شخص نزار بركة، وزير التجهيز والماء، اللجوء إلى التكنولوجيا بإحداث نظام معلوماتي لتدبير المقالع، يقوم أساساً على مراقبة هذه المقالع بواسطة طائرات من دون طيار، ووفق الوزير المغربي، سيتم إرساء "استراتيجية وطنية للمقالع بهدف تكييف الرؤية الأولية المعتمدة أساساً على تعزيز المراقبة وتثمين وإعادة تدوير المواد وإضفاء الطابع المهني على القطاع".

من جانبه، قال أيوب كرير إنه يتعين لمواجهة نزف نهب الرمال، تفعيل شرطة المقالع، باعتبار أن الترسانة القانونية موجودة، لكنها تظل غير مفعلة، مشدداً على ضرورة إعادة تدبير المقالع التي تتخبط في عشوائية خطرة، "إذ يجب ضبط وإعداد خرائط دقيقة لأماكن وجود هذه المقالع حتى تتم مراقبتها، بصورة يومية، وينفتح عليها الرأي العام والإعلام".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي