ملخص
يتعين على الحكومة الإسرائيلية تقديم موقفها من تجنيد "الحريديم" حتى نهاية الأسبوع الجاري وإلا فستكون ملزمة بفرض التجنيد الإلزامي عليهم من أول أبريل المقبل
في محاولة منه لمنع تفكيك حكومته وضمان إبقاء الأحزاب الدينية في الائتلاف الحكومي قرر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو تأجيل جلسة الحكومة، أمس الثلاثاء، التي خصصت لبحث قانون إعفاء المتدينين والحريديم (المتشددين دينياً) من الخدمة العسكرية الإلزامية في الجيش، بعد أن هدد رؤساء الأحزاب بالانسحاب من الحكومة، اذا ما تمت المصادقة على قانون يلزمهم التجنيد.
وبتهديد الأحزاب الدينية تصبح حكومة نتنياهو منقسمة بين ثلاثة معسكرات داخلية أمام هذا القانون: الأحزاب الدينية، إضافة إلى بيني غانتس وغادي ايزنكوت، اللذين هددا بالانسحاب إذا ما أعفى القانون المتدينين من الخدمة إلى جانب وزير الأمن يوآف غلانت الذي رفض بشكل قاطع المصادقة على قانون يعفي المتدينين من الخدمة بل أمر موظفي وزارته ومساعديه، من حيث يوجد في واشنطن، بعدم التعاون مع بنيامين نتنياهو ورجاله بأي مسألة متعلقة بالقانون.
ومع انسحاب الوزيرين غدعون ساعر ويفعات شاشا بيطون من الحكومة يصبح انسحاب كل طرف تهديداً لتماسك الحكومة، والتأثير الأكبر والأخطر من الأحزاب المتدينة.
الأمر الذي اضطر معه نتنياهو إلى تأجيل جلسة الحكومة، صباح الثلاثاء، وعقد اجتماعاً عاجلاً مع المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا في محاولة لإقناعها بصيغة معينة ترضي المتدينين لكن الاجتماع انتهى بعد نقاش مطول من دون أي توافق في شأن القانون.
فقد رفضت المستشارة المصادقة على نص اقترحه نتنياهو ليشكل بديلاً للقانون الذي يتعين على وزير الأمن يوآف غالانت تقديمه، كما هددت ميارا بعدم تمثيل الحكومة في جلسات أمام المحكمة العليا لبحث التماسات القانون.
وإذا ما استمر هذا الوضع يتعين على الحكومة تقديم موقفها من تجنيد "الحريديم" حتى نهاية الأسبوع الحالي، وإلا فستكون ملزمة بفرض التجنيد الإلزامي عليهم بدءاً من الأول من أبريل (نيسان).
وكانت المستشار القضائية أوضحت في رسالة بعثت بها إلى نتنياهو أن خطته "فارغة من مضمون وأي قرار سيصادق عليه ينبغي أن يشمل خطوات جوهرية يتم التعبير عنها على أرض الواقع".
مسودة القانون
تنص مسودة القانون الذي يطرحه نتنياهو رفع سن إعفاء الشباب المتدينين والمتشددين دينياً من التجنيد من 26 إلى 35 سنة. ولا تحدد المسودة عدد المجندين بينهم، وتقضي بأن إنفاذ القانون في شأنهم سيبدأ بعد ثلاث سنوات.
نتنياهو استبدل اسم القانون من "قانون التجنيد" إلى "قانون إعفاء الحريديين". وأثارت جهوده لبلورة قانون يتوافق ومصالحه مع أحزاب الائتلاف معارضة واسعة شملت أحزاب المعارضة وحركات الاحتجاج ضد خطة "الإصلاح القضائي".
ودعا رؤساء الأحزاب إلى رفض أي قرار يتضمن عدم التجنيد وطالبوا بيني غانتس وغادي إيزنكوت إلى الانسحاب من الحكومة والعمل معاً لضمان حل الحكومة والتوجه إلى انتخابات.
فإلى جانب أن اقتراح نتنياهو لا يضمن المساواة في تقاسم العبء فهو يكلف الخزينة المالية مبالغ طائلة. فبموجبه سيرتفع سن الإعفاء من 26 إلى 35 سنة، ولن يتضمن القانون أهداف التجنيد وبتفسير عسكريين وقانونيين فإن القانون يضمن عدم تجنيد الحريديين، وفي المقابل عدم انخراطهم في الاقتصاد، كما أن سن الإعفاء العادي سيحفز الحريديين للتعلم في المدرسة الدينية حتى سن 35 على حساب الدولة.
التأثير الاقتصادي
في أعقاب عدم مشاركة المستوى المهني بوزارة المالية في نقاش وصياغة قانون التجنيد قدم المسؤول عن الميزانيات في الوزارة يوغاف غردوس الموقف المالي من القانون، الذي يشكل في تقديره عبئاً كبيراً على الميزانية، كما يعتبر معارضو إعفاء الحريديين عنصراً مركزياً وضرورياً لتجنيد حوالى 65 ألف شاب من بين الحريديين والمتدينين.
وتبين من تفسير ومعطيات القانون أن مخصصات المدارس الدينية تتجاوز 1.7 مليار شيكل سنوياً (464 مليون دولار) ومشروع القانون يرفع سن الإعفاء من. الأمر الذي يعني مضاعفة طلاب المدارس الدينية بثلاثة أضعاف.
وفي حال لم تتغير ميزانيات المدارس الدينية فسيكون على طلاب هذه المدارس تقاسم نفس الميزانية، أي الحصول على ثلث المخصص الذي يحصلون عليه الآن. ويتوقع سياسيون أن يدفع رفع سن الإعفاء برؤساء المدارس الدينية للمطالبة بزيادة ميزانيات المدارس الدينية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحذر تقرير نشره الملحق الاقتصادي لصحيفة "هآرتس" "ذي ماركر" من تداعيات القانون على العبء الاقتصادي في إسرائيل، التي تعاني بالأساس أزمة اقتصادية بسبب حرب السابع من أكتوبر (تشرين الأول) مع "حماس" في غزة.
ووفق الصحيفة فإن الضرر الاقتصادي الكبير هو إخراج الحريديين نهائياً من سوق العمل، وأضافت أن "الإشارات الأولية على دمجهم في سوق العمل (مع وصول نسبة مشاركتهم فيها إلى رقم قياسي جديد هو 55 في المئة) ستموت في مهدها عندما يرسلون إلى السجن في المدارس الدينية من دون القدرة على التجنيد أو الخروج إلى سوق العمل حتى عمر 35 سنة".
بحسب الإحصاءات الرسمية فإن المجتمع الحريدي يمكن أن يتكاثر ويصل إلى 32 في المئة من إجمالي عدد سكان إسرائيل حتى عام 2065، "وإذا لم يذهب الرجال الحريديون إلى العمل حتى ذلك الحين، في أعمال ذات جدوى مرتفعة، فإن اقتصاد إسرائيل لن يستطيع تمويل الثلث الذي لا يعمل. واقتصاد الدولة ببساطة سينهار".
ومن ناحية القوى البشرية في الجيش الذي يعاني عجزاً بالعدد فهناك حاجة كبيرة لتجنيد الحريديين، فمن دون تجنيدهم سيضطر الجيش إلى استخدام الاحتياط بشكل أكبر.
وبحسب تحليل للوضع أجرته شركة "بي دي أو" تبين أن تكلفة تجنيد الاحتياط في أعقاب احتياجات الحرب ستكون ستة مليارات شيكل في السنة (مليار و636 مليون دولار)، وأن تجنيد تسعة آلاف حريدي في الجيش النظامي سيوفر 60 في المئة من هذه النفقات.
الحديث لا يدور فقط عن مسألة الميزانية، بل عن قيد مادي حقيقي، إذ ذكر التقرير "ببساطة لا يوجد جنود من أجل احتياجات إسرائيل الأمنية من دون الـ9 آلاف حريدي آخر".
ويشير تقرير ملحق "ذي ماركر" إلى أنه "لا توجد، وفق القانون، أهداف للتجنيد وغير واضح ما هي المحفزات الاقتصادية التي سيتم استخدامها من أجل أن تؤدي إلى تحقيق هذه الأهداف".
يضيف "المنطق وراء البند الأكثر إشكالية في مشروع القرار، رفع سن الإعفاء إلى 35 سنة، لم يتم شرحه. كما أن تأخير سن الإعفاء إلى هذه السن يهدف إلى أن يكون حافزاً للخدمة العسكرية أو المدنية قبل الذهاب إلى سوق العمل، ولتقليص عدم المساواة في الخدمة".