ملخص
خرج مستشفى الأمل من الخدمة وتوقف عن العمل بشكل كامل، بعد إجبار الجيش الإسرائيلي طواقم المستشفى والجرحى على إخلائه وإغلاق مداخله بالسواتر الترابية
قضى سكان قطاع غزة ليلة أخرى على وقع غارات الطائرات الحربية والقصف المدفعي التي خلفت عشرات الضحايا فيما يواصل الجيش الإسرائيلي عملياته حول ثلاثة مستشفيات على رغم الدعوة لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس".
ويتبادل الطرفان الاتهامات بتعثر المفاوضات الجارية عبر وسطاء في الدوحة حول إقرار هدنة وتبادل الرهائن المحتجزين في غزة بمعتقلين فلسطينيين في إسرائيل.
وتصاعد التوتر بين إسرائيل وحليفتها واشنطن بسبب ارتفاع عدد القتلى المدنيين والمجاعة الوشيكة في غزة والإعداد لشن هجوم بري على مدينة رفح الجنوبية التي لم تسلم من القصف على رغم أن 1.5 مليون شخص يتكدسون فيها ومعظمهم نزحوا من شمال القطاع المحاصر.
وفي اليوم الثالث والسبعين بعد المئة للحرب التي خلفت أكبر عدد من الضحايا في هذا النزاع، أكدت وزارة الصحة التابعة لـ"حماس" وصول أكثر من 66 قتيلاً إلى المستشفيات خلال الليل "أكثر من نصفهم من الأطفال والنساء"، متحدثة عن "عشرات المفقودين بينهم أطفال تحت الأنقاض".
وأحصى الإعلام الحكومي التابع لـ"حماس" "أكثر من 50 غارة خلال 24 ساعة" ترافقت مع قصف مدفعي كثيف "واستهدفت منازل مدنيين" بدءاً من جباليا وبيت حانون ومدينة غزة في الشمال وصولاً إلى المواصي ورفح وخان يونس في الجنوب.
وفي غارة واحدة قتل في المواصي 12 شخصاً بينهم أطفال عندما استهدفت خيمة عائلة نازحة، وفق وزارة الصحة.
وقال مراسل الصحافة الفرنسية إن الطائرات الحربية نفذت سبع غارات ليلية على رفح وحدها، حيث شوهدت كتلة نارية متوهجة في ليل المدينة.
"أرجوكم لا تصدروا قرارات بوقف إطلاق النار"
قال موسى ضهير (31 سنة) وهو من سكان رفح وتعرض منزله لغارة دمرته عند الثالثة والنصف فجراً وقتل فيها أفراد عائلته ونازحون لجأوا إليهم "كنت في البيت عندما ضربوه، حضنت ابنتي الصغيرة وتركتها تنام ورأيت المكان كله رماد، خرجت وجدت أن البيت كله وقع، كما ترون... لا يوجد شيء هنا، في الطابق الأرضي بنات أخي وابن أخي الصغير وزوجة أخي فقط، وفي الوسط أبي وأمي فقط، أبي عمره 75 سنة وأمي 63 سنة. لا علاقة لنا بالفصائل ولا بالمقاومة. إنه ضرب عشوائي. أبي وأمي بسطاء الله يرحمهما".
وأضاف "أجواء موت. الجيش غير قادر على دخول رفح فيقصف المدنيين. هذه هي الحرب الجديدة. أين العالم أين الأمة أين العرب؟ حسبي الله ونعم الوكيل. لا نقدر أن نمشي في الشوارع من الرعب والقصف. أنا لا أستوعب ما يجري. أبي وأمي وأصدقاؤهم النازحون كلهم راحوا. هربوا من الموت إلى الموت".
وقال "بعد قرار مجلس الأمن زاد القصف. أرجو ألا يصدروا قرارات لوقف النار، كلما أصدروا قرارات ضربونا أكثر".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكد الجيش الإسرائيلي أن طائراته قصفت "عشرات الأهداف" التي وصفها بأنها "أنفاق ومجمعات عسكرية وبنية تحتية إرهابية". وقال إنه يواصل عملياته في خان يونس ولا سيما منطقة مستشفى الأمل الذي أغلقه بعد إخلائه من الموظفين والمرضى.
وقالت وزارة الصحة إن الجيش اقتحم مجمع ناصر الطبي الذي تحاصره الدبابات في خان يونس وطلب عبر مكبرات الصوت من مئات النازحين والكوادر الطبية مغادرة المستشفى باتجاه رفح، "وسط إطلاق النار والغارات الجوية".
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني إن الآلاف محاصرون في أكبر مجمع طبي في جنوب القطاع و"حياتهم في خطر"، لكن الجيش لم يعلق بعد على ذلك.
وفي شمال غزة، يواصل الجيش لليوم العاشر محاصرة مجمع الشفاء الطبي ويخوض اشتباكات في محيطه. ومنذ اقتحام المجمع في 18 مارس (آذار) يؤكد الجيش أنه ينفذ "عمليات دقيقة" فيه وفي محيطه، مؤكداً "منع إلحاق الضرر بالمدنيين والمرضى والفرق والمعدات الطبية".
وقال الجيش إنه اعتقل حتى الآن المئات وقتل العشرات ممن وصفهم بأنهم "إرهابيون".
ولا يعرف بعد عدد ضحايا العملية ولا مصير النازحين والجرحى والكادر الطبي داخل المجمع وفي الأحياء المحيطة حيث تحدث سكان عن مشاهدة عديد من الجثث في الشوارع وعن قصف وهدم عديد من المنازل.
وقال الإعلام الحكومي إن الجيش "قصف بالمدفعية مبنيي الجراحات والطوارئ والاستقبال في المجمع ما أسفر عن إحراقهما، واعتقل عشرات المدنيين".
ونقل عن شهود عيان أن الجيش نسف مباني في شارع فلسطين في حي الرمال المجاور وأن اشتباكات تدور حول المجمع الطبي في حيي الرمال وتل الهوى ومخيم الشاطئ القريب منه.
مجاعة داهمة
يعيش سكان غزة الذين تحول معظمهم إلى نازحين منذ نحو ستة أشهر أهوال الحرب والحصار اللذين أسفرا عن تدمير البنية التحتية وحرمانهم من الغذاء والماء والوقود والكهرباء. وتقول الأمم المتحدة إن سكان القطاع البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة مهددون بمجاعة بات يصعب تلافيها.
ومنذ اندلاع الحرب لا تسمح إسرائيل التي تسيطر على المعابر سوى بدخول عدد محدود من شاحنات المساعدة التي تخضعها لعمليات تفتيش مطولة.
وبهدف تخفيف المعاناة لا سيما عن سكان الشمال الأكثر حرماناً، لجأت بعض الدول إلى إسقاط المواد الغذائية جواً، لكن "حماس" دعت إلى وقف عمليات الإنزال بعد مقتل ما لا يقل عن 18 شخصاً، غرق منهم 12 في البحر بعد سقوط المظلات فيه، وقتل الباقون بسبب التدافع.
لكن واشنطن قالت إنها ستواصل إسقاط المساعدات جواً وكذلك ضغوطها لإدخال مزيد من الشاحنات.
حصيلة القتلى "بالغة الارتفاع"
تبنى مجلس الأمن الدولي أول من أمس الإثنين أول قرار يدعو إلى "وقف فوري لإطلاق النار" في غزة وإطلاق سراح الرهائن، عندما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت، الأمر الذي أثار غضب رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو الذي ألغى زيارة مقررة لوفد إسرائيلي إلى واشنطن التي يزورها وزير الدفاع يوآف غالانت.
وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إن "عدد الضحايا المدنيين بالغ الارتفاع، وكمية المساعدات الإنسانية متدنية جداً".
وعلى رغم التوتر الذي يشوب العلاقات بين تل أبيب وواشنطن، قال المتحدث الإسرائيلي هاغاري إن التعاون الأمني بينهما أوثق من أي وقت مضى، "ويشمل الجيش الأميركي بأكمله وأجهزة الاستخبارات الأميركية".
على مسار التفاوض، يسهل الوسطاء منذ أسابيع محادثات غير مباشرة بين إسرائيل و"حماس" بهدف وقف المعارك، لكن الجانبين قالا إنها متعثرة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري إنه على رغم مغادرة رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والموساد الدوحة، إلا أن المحادثات "مستمرة" على مستوى اللجان.
وقال القيادي في "حماس" غازي حمد الأربعاء إن "الموقف الإسرائيلي متعنت وحكومة الاحتلال تريد استمرار الحرب. ضاربة بعرض الحائط قرار مجلس الأمن لوقف إطلاق النار في شهر رمضان، وحتى الآن لا يوجد أي تقدم في مفاوضات وقف النار وتبادل الأسرى، ومماطلة الاحتلال تهدف لكسب الوقت لمواصلة عدوانه".
قتلى في جنين
قالت وزارة الصحة الفلسطينية، اليوم الأربعاء، إن ثلاثة فلسطينيين قتلوا وأصيب أربعة بنيران إسرائيلية في مداهمة بمدينة جنين بالضفة الغربية أثناء الليل، بينما أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة "حماس" في قطاع غزة أن دبابات وآليات عسكرية إسرائيلية فرضت حصاراً على مجمع ناصر الطبي في مدينة خان يونس جنوبي القطاع.
وقالت الوزارة في بيان، أمس الثلاثاء، إن "الجيش الإسرائيلي يحاصر مجمع ناصر الطبي ويطلق النار والقذائف وغارات عنيفة في محيطه".
وأضافت أن "الكوادر الطبية والفنية والإدارية وآلاف النازحين لا يزالون داخل المستشفى، وليست لديهم كميات كافية من مياه الشرب والطعام وحليب الاطفال، وحياتهم في خطر".
وكان الهلال الأحمر الفلسطيني أفاد، الأحد الماضي، عن تحركات لدبابات إسرائيلية في محيط هذا المستشفى.
ولم يرد الجيش الإسرائيلي في الحال في شأن هذه الأنشطة العسكرية في محيط المستشفى.
ومنذ بدأت الحرب بين إسرائيل وحماس في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) إثر هجوم غير مسبوق شنته حركة "حماس" على جنوب إسرائيل، تنفذ القوات الإسرائيلية باستمرار عمليات عسكرية داخل مستشفيات في القطاع بحثاً عن مقاتلين فلسطينيين، بحسب ما تقول.
ومن بين هذه العمليات تلك التي انطلقت في 18 مارس (آذار) في محيط مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، المستشفى الأكبر على الإطلاق في القطاع. ويقول الجيش الإسرائيلي إنه قتل خلال تلك العملية 170 مقاتلاً فلسطينياً.
خيبة أمل
وفي خان يونس، بدأ الجيش الإسرائيلي، الأحد، عملية في مستشفى الأمل الذي يبعد كيلومتراً واحداً فقط عن مستشفى ناصر لكنه أصغر منه حجماً.
وأمس الثلاثاء، أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني "خروج مستشفى الأمل عن الخدمة وتوقفه عن العمل بشكل كامل، بعد إجبار قوات الاحتلال طواقم المستشفى والجرحى على إخلائه وإغلاق مداخله بالسواتر الترابية".
وعبر الهلال الأحمر في بيان عن "خيبة أمله" بعد أن فشل المجتمع الدولي في توفير الحماية اللازمة لطواقمه ومرضاه ونازحيه".
وأكد الهلال الأحمر أن الجيش الإسرائيلي أطلق النار باتجاه المستشفى، الأحد، مما أدى لسقوط قتيلين أحدهما مريض والآخر عضو في الطاقم الطبي.
وفي بيان أصدره، الثلاثاء، حذر "الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر" من التداعيات "الكارثية" لـ"توقف الخدمات في معظم المستشفيات شمالي القطاع، بسبب النقص الحاد في الوقود، وغياب الأدوية والمعدات الطبية، إلى جانب عدم إمكانية الوصول الآمن".
وأضاف البيان أن "الإغلاق القسري لمستشفى الأمل، وهو أحد المرافق الطبية القليلة المتبقية في الجنوب، له آثار إنسانية وخيمة، مما يعرض حياة عدد لا يحصى من الأشخاص للخطر".
ودعا الاتحاد "جميع الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي الإنساني، وضمان حماية المدنيين، والعاملين في مجال الرعاية الصحية، والمرافق الصحية".