ملخص
اسمه ثناء غفاري، ويعرف باسم شهاب المهاجر، ويوصف في بعض الأحيان أنه عضو في "شبكة حقاني"، وقد سبق ونشرت بطاقة هوية مزورة تعرفه بأنه عضو حماية مساعد الرئيس الأفغاني السابق، ووردت إشاعات أخيراً في الإعلام الدولي تحدثت عن عضويته في الجيش الأفغاني السابق، لكن من هو ثناء الله غفاري الحقيقي؟ وأين ترعرع؟ وكيف وصل إلى قيادة فرع خراسان لتنظيم "داعش"؟
بعد الهجوم الدامي الذي نفذته "داعش خراسان" في قاعة "كروكوس" وسط موسكو وقتل أكثر من 140 شخصاً وجرح العشرات، تناولت وسائل الإعلام مرة أخرى اسم القائد الشاب لهذا التنظيم الإرهابي، وكانت وسائل الإعلام نشرت تقارير ومعلومات متناقضة عن الهوية الحقيقية لهذا الشاب، لكن هذه المرة حصلت "اندبندنت فارسية" على معلومات حصرية من خلال الحديث إلى بعض أقاربه ومصادر استخباراتية على صلة بملفه، وهذه المعلومات تسلط الضوء على مسار حياته الخاصة والطريق الذي سلكه حتى قيادة هذه الشبكة الإرهابية المرعبة.
اسمه ثناء غفاري، ويعرف باسم شهاب المهاجر، ويوصف في بعض الأحيان أنه عضو في "شبكة حقاني"، وقد سبق ونشرت بطاقة هوية مزورة تعرفه بأنه عضو حماية مساعد الرئيس الأفغاني السابق، ووردت إشاعات أخيراً في الإعلام الدولي تحدثت عن عضويته في الجيش الأفغاني السابق، لكن من هو ثناء الله غفاري الحقيقي؟ وأين ترعرع؟ وكيف وصل إلى قيادة فرع خراسان لتنظيم "داعش"؟
يعد فرع خراسان لـ "داعش" الشبكة النشطة الوحيدة في آسيا الوسطى ومركزها أفغانستان، وقد نفذت خلال العام الماضي عدداً من الهجمات الدامية خارج أفغانستان، وتحول قائد هذه المجموعة إلى تهديد حقيقي ضد الأمن في المنطقة، ويتولى قيادتها شاب اسمه ثناء الله غفاري من مدينة "ميربجه كوت" التابعة لكابول.
وكشفت مصادر من أقربائه لـ "اندبندنت فارسية" أن والده اسمه عبدالجبار وكان عضواً سابقاً في "الحزب الإسلامي" بقيادة قلب الدين حكمتيار، ويعود نسبه لقبيلة خروتي من قوم البشتون، ويعيش أعضاء أسرته، وهم من الأسر المتشددة من المذهب الحنفي، في قرية خروتي الواقعة بين مدينتي "ميربجه كون" و"شكر دره" في كابول.
وطبقاً لمعلومات هذه المصادر فإن أسرته وعلى رغم التشدد الديني لم تتبن نهجاً متشدداً، أما ثناء الله غفاري فأعجب بالأفكار المتشددة منذ دراسته في الجامعة بين عامي 2012 و2014 في جامعة كابول إلى أن انضم إلى مجموعات إرهابية.
وأكدت وكالة "رويترز" في تقرير نقلاً عن مصادر في "طالبان" أن هوية ثناء الله غفاري تعود لقوم الطاجيك وكان عضواً في الجيش الوطني السابق في أفغانستان، بينما تنفي المصادر المعتبرة في دائرة الأمن الوطني في الحكومة الأفغانية السابقة بشدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال ضابط كبير في دائرة الأمن الوطني الأفغاني الذي كان خلال عضويته في تلك الدائرة مسؤولاً عن ملف ثناء الله غفاري لـ "اندبندنت فارسية" إن غفاري لم يكن عضواً في الأمن الوطني في الحكومة الأفغانية، وقد انضم إلى صفوف المجموعات المتشددة خلال دراسته في جامعة كابول، ثم أرسلته شبكة حقاني إلى منطقة وزيرستان في باكستان بسبب كفاءته في التوعية الدينية بين الطلبة.
وذكر المصدر أن "غفاري اجتاز مع شبكة حقاني في وزيرستان التدريب العسكري وعمل مع الشبكة لفترة مستخدماً خبرته في برامج الكومبيوتر والتصميم والتصوير ومونتاج الصور والفيديو".
ولم تمض فترة طويلة حتى تولى مسؤولية تصميم الهجمات الإرهابية لشبكة حقاني وعمل في الخفاء وبعيداً من الأضواء والشهرة، وسرعان ما تحول إلى عنصر مهم في شبكة حقاني.
تغيير الاسم وتوليه قيادة "داعش خراسان"
كذلك تناولت وسائل الإعلام معلومات متناقضة عن كيفية انضمام ثناء الله غفاري إلى مجموعة "داعش" الإرهابية، وذكر بعضها أنه كان مسؤول اتصال بين شبكة حقاني ومجموعة "داعش"، وذكر بعضها أن سراج الدين حقاني أرغمه على الانضمام إلى "داعش"، فيما لم ترد أدلة محكمة تثبت هذه الادعاءات.
لكن الضابط الكبير في الأمن الوطني السابق في أفغانستان كشف أسرار عضوية ثناء الله غفاري في "داعش" بقوله إنه "من الأساليب التي اتخذها هذا الشخص تغيير الأسماء في المواقع المختلفة، وقد عمل ثناء الله غفاري على النهج نفسه خلال عضويته في شبكة حقاني، إذ قام بتغيير اسمه خلال التخطيط وتنفيذ هجمات، ولم يقدم اسماً موحداً لمجموعتين أو أكثر، وكان يرتبط مع الشبكات التنفيذية مستخدماً آلاف الأسماء".
وأضاف هذا الضابط أنه خلال عام 2014 عندما ظهرت "داعش خراسان" في أفغانستان تقرب إليها بسبب هذه العلاقات الواسعة مع الشبكات الإرهابية مستخدماً أسماء مختلفة إلى أن ترك شبكة حقاني وارتمى في أحضان "داعش"، كما ذكر هذا الضابط الكبير في الأمن الوطني السابق أنه "عندما ارتفعت وتيرة هجمات ’داعش‘ في أفغانستان واعتقلنا أحد أعضائها وسألناه عن أمرائهم ذكروا أسماء مختلفة، لكن عندما كنا نطلب منهم شرح تفاصيل قائدهم كان جميعهم يذكرون تفاصيل صورة معينة، وعندما عملنا على تطبيق الرسومات التي نفذت على أساس وصف هؤلاء المعتقلين توصلنا إلى هذه النتيجة وأن جميع الأسماء تعود لثناء الله غفاري".
نشاطه من دون اسم ساعد في تجنب الوقوع في يد الشبكات الأمنية
وأعلنت الولايات المتحدة الأميركية عام 2022 مكافئة قدرها 10 ملايين دولار للمعلومات التي تؤدي إلى معرفة واعتقال قائد "داعش خراسان"، ونشرت عدد من الصور له، وقد أكدت وزارة الخارجية الأميركية صحتها وأعلنت أنه عمره 29 سنة، لكن مصادر أمنية في الحكومة الأفغانية السابقة قالت لـ "اندبندنت فارسية" إن هذه الصورة تعود لما قبل 10 أعوام، وأنه كان خلال عام 2014 في سن الـ 24، وفي الوقت الحالي يبلغ 34 أو 35 سنة.
وقال أحد زملاء ثناء الله غفاري في جامعة كابول لـ "اندبندنت فارسية" إنه كان قبل 10 أعوام طالباً في الجامعة وكان عمره وقتها 22 عاماً، وأكد المصدر صحة ما ورد عن تخصصه الجامعي، وأوضح أنه درس في كلية الاقتصاد في جامعة كابول، وكانت بعض وسائل الإعلام ادعت أنه درس الهندسة في الجامعة الصناعية في كابول، وذكر بعضها أنه درس العلوم الدينية في جامعة كابول.
وكشفت مصادر أمنية عن بعض المعلومات وعن السبل التي سلكها قائد "داعش خراسان" للاختفاء والهرب من القبضة الأمنية، وذكر مصدر أمني في الحكومة السابقة أن ثناء الله غفاري يحاول النشاط من دون أن يترك أثراً، ولذلك لم يستخدم أي نوع من الهواتف المحمولة ولا يشاهد حوله فريق حماية خاص، كما ذكر المصدر أنه استطاع الهرب مرات عدة خلال محاولة دائرة الأمن الوطني اعتقاله، وقال إن الدائرة الأمنية الوطنية سعت عام 2018 إلى تنفيذ هجومين بهدف اعتقال أو قتل ثناء الله غفاري في قرية "كوجين" التابعة لمدينة "شكر دره" في كابول، لكنه نجا من الهجومين.
وأضاف، "لقائد ’داعش‘ مساعد خاص اسمه صلاح الدين، ويبدو أنه كان زميلاً له من أيام الجامعة، ويعمل حالياً كمساعد عمليات في ’داعش خراسان‘ ويحضر دائماً إلى جانب ثناء الله غفاري".
وحول مكان قائد "داعش خراسان" يقال إنه تردد إلى باكستان، لكن مصادر أمنية قالت لـ "اندبندنت فارسية" إنه عدا فترة قصيرة للتدريب العسكري في وزيرستان الشمالية لدى شبكة حقاني، يقضي ثناء الله غفاري جل وقته في أفغانستان ويعيش حالياً في هذا البلد".
تغلغل داعش داخل "طالبان"
ادعت "طالبان" خلال العامين الماضية عندما هيمنت على الحكم أنها قمعت "داعش خراسان"، وأن هذه المجموعة لم تشكل تهديداً في أفغانستان، وقال المتحدث باسم "طالبان" ذبيح الله مجاهد للإذاعة والتلفزيون في أفغانستان إن داعش فقدت قدرتها التنفيذية داخل بلاده.
لكن المعلومات الأمنية الواردة من الحكومة الأفغانية السابقة تنفي هذه الادعاءات، وتقول هذه المصادر إن الهجمات الأمنية التي تنفذها حركة "طالبان" بذريعة القضاء على مراكز "داعش" تؤدي في كثير من الأحيان إلى قتل مدنيين، وأن أعضاء "داعش" يوجدون في مقارهم السرية، كما أنهم يتغلغلون في صفوف "طالبان".
وأشار المصدر على سبيل المثال إلى قتل عبدالرحيم حقاني العقل المدبر لشبكة حقاني خلال هجوم انتحاري في كابول، وقال إن "مخطط قتل عبدالرحيم حقاني الذي كان عضواً في شبكة حقاني جاء من شخص اسمه حاجي بشير التحق بالمجموعات المشددة خلال وجوده في السجن وانضم بعدها إلى ’داعش‘".
وقال أيضاً إن "حاجي بشير عمل على إغراء سائق عبدالرحيم حقاني، وبواسطته استطاع منفذ الهجوم الانتحاري الدخول إلى محيط مدرسة دينية كان حقاني مسؤولاً فيها".
وذكر المصدر الأمني أن عدداً كبيراً من أعضاء "طالبان" انضموا خلال وجودهم في السجن إلى المجموعات المتشددة، وبعد خروجهم من السجون انضموا إلى "داعش".
ويثبت هذا المثال أنه خلافاً لادعاءات "طالبان" فإن "داعش خراسان" تتغلغل في صفوف أجهزة الحركة، وأن الهجمات الدامية التي نفذها "داعش خراسان" في إيران وباكستان وروسيا حظيت برضى بعض مديري الحركة.
وأكدت بعض التقارير الواردة من مجلس الأمن الدولي أن "داعش خراسان" لديها ما بين 4 آلاف و6 آلاف مقاتل مع عائلاتهم، وعدد من هؤلاء الإرهابيين كانوا من أعضاء "طالبان" وانضم عدد منهم إلى "داعش" بعد العبور من تركيا وإيران، وانتقلوا إلى أفغانستان للانضمام إلى التنظيم.
وتثبت المعلومات الأمنية أن بعض أعضاء "داعش" الذين هربوا من العراق وسوريا إلى تركيا يستقرون في هذا البلد كقوات احتياط، وأنهم ينتقلون إلى أفغانستان كلما استدعت الحاجة بصورة غير شرعية عبر إيران.
هل يمكن احتواء تهديدات "داعش" في أفغانستان؟
بعد انسحاب القوات الأميركية وحلف شمال الأطلسي من أفغانستان ادعت أميركا أنها تستمر في محاربة الإرهاب عبر العمليات الجوية، لكن هذه العمليات تعتمد على تعاون "طالبان" من خلال إرسال معلومات من الأرض عن الأهداف التي تشكل تهديداً في البلد، وقالت المصادر الأمنية في الحكومة السابقة إن "طالبان" ليس لديها حالياً إمكان جمع معلومات وإرسالها إلى القوات الأميركية، وإذا لم توفر مثل هذه الإمكانات فلا يمكن إجراء أي نوع من هذه العمليات الجوية، ولذلك يبدو أنه لا يوجد أي تهديد ضد "داعش" في أفغانستان، ولذلك تعمل هذه المجموعة بحريّة وتخطط وتنفذ هجمات معقدة داخل وخارج أفغانستان.
نقلاً عن "اندبندنت فارسية"