ملخص
التوحد إعاقة تطورية تستمر مدى الحياة وتؤثر سلباً في تواصل وتفاعل المرضى مع العالم من حولهم.
مع بداية "الأسبوع العالمي للقبول باضطراب التوحد" World Autism Acceptance Week، ما زال الناس يصدقون خرافات شائعة كثيرة حول الأطفال المصابين بالتوحد.
والتوحد إعاقة تطورية تستمر مدى الحياة وتؤثر سلباً في تواصل وتفاعل المرضى مع العالم من حولهم.
لذا فإن الأطفال الذين شخصت الفحوص الطبية إصابتهم بهذا "التنوع العصبي" neurodiversity [مصطلح ظهر في تسعينيات القرن الـ20 ويراد به التنبيه إلى وجود أشخاص يفكرون ويتفاعلون مع العالم من حولهم بطرق مختلفة] الخاص ربما يحللون المعلومات حول البيئة المحيطة بهم على نحو مختلف عن الأشخاص أصحاب التركيب أو النمط العصبي السائد.
وفق تقديرات "الجمعية الوطنية للمصابين بالتوحد"، يكابد طفل واحد في أقل تقدير من كل 100 طفل وبالغ حول العالم اضطراب التوحد، وبناءً عليه تلازم هذه الحالة أكثر من 700 ألف شخص في المملكة المتحدة، مع وجود أكثر من 200 ألف تلميذ مصاب بالتوحد في إنجلترا وحدها.
تحدثت في هذا الشأن الرئيسة التنفيذية لمنظمة "تشايلد أوتيزم يو كي" (التوحد عند الأطفال في المملكة المتحدة)، سوزي ياردلي، فقالت إن التوحد أحد الاضطرابات التابعة لمجموعة من اضطرابات التطور المسماة باللغة الطبية اضطرابات الطيف، مما يعني أن الأطفال المصابين يتأثرون به بدرجات مختلفة [وجود تباين كبير في نمط الحالة وأعراضها بين مصاب وآخر]. ولكن مع ذلك، نجد أن غالبية أطفال التوحد يواجهون صعوبات كبيرة في المجالات التي تتطلب تواصلاً وتفاعلاً اجتماعيين وخيالاً (أي المرونة في التفكير) [التي تعمل على توسيع المدارك وانتهاج آليات تتسم بالرغبة في الإبداع والخروج عن الفكر المألوف].
"من المهم الإشارة إلى أن كثراً من المصابين بالتوحد لا يحتاجون إلى أي دعم محدد، خصوصاً في حال وجودهم ضمن بيئات صديقة لذوي التوحد"، أضافت ياردلي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إذاً، ما هو أصغر عمر يظهر فيه التوحد لدى الأطفال؟ عدد من الخبراء في الصحة يقدمون لك في السطور التالية كل ما تحتاج إلى معرفته.
ما أصغر سن يظهر فيها التوحد لدى الأطفال؟
في الغالب، ينتبه الآباء والأمهات أولاً إلى وجود اختلافات في النمو لدى أطفالهم مقارنة بأقرانهم.
"في المستطاع تشخيص إصابة الأطفال بالتوحد في سن صغيرة جداً، وفي بعض الحالات من عمر الثانية. ولكن لا يحصل جميع المصابين على تشخيص في وقت مبكر من الحياة. في هذا السياق، قال جوي مدير قسم السياسات والشؤون العامة في "الجمعية الوطنية للمصابين بالتوحد"، نيتلتون بوروز، إنه "من الشائع جداً ألا يحصل الطفل على تشخيص لحالته قبل بلوغه سناً أكبر، أو عندما يصبح بالغاً حتى".
أي مؤشرات يتعين على أمهات وآباء الأطفال الصغار جداً التنبه إليها؟
تتنوع العلامات التي تؤشر إلى أن الطفل ربما يعاني اضطراب طيف التوحد.
"من بين تلك الأعراض أن أطفال التوحد لا يلفتون الآباء والأمهات أو الآخرين إلى أي أغراض أو أحداث معينة، كعدم الإشارة إلى لعبة أو كتاب، أو إلى أمر يحدث في مكان قريب (أو ربما يفعل الطفل ذلك في النهاية، ولكن في مرحلة متأخرة عمرياً عما كان متوقعاً)، كذلك يقوم هؤلاء بالأنشطة بطريقة متكررة، كأن يلعب الطفل نفسه اللعبة دائماً بالطريقة عينها، أو تراهم يرتبون الألعاب مراراً بصورة معينة من دون تغيير"، قال نيتلتون بوروز.
يوصف طفل التوحد بـ"مقاومة التغيير أو الأعراض عن إنجاز الأمور بطريقة مختلفة، وظهور صعوبات في التفاعل والتواصل الاجتماعيين"، كما يشرح نيتلتون بوروز.
ياردلي وافقت نيتلتون بوروز رأيه مضيفة أن "كل الأطفال مختلفون بعضهم عن بعض، وليس كل الأطفال الذين تظهر عليهم العلامات الموضحة هنا سيكونون مصابين بالتوحد بالضرورة. يعتمد ذلك على مدى تكرارها، وشدتها، وما إذا كانت تمثل حاجزاً أمام التعلم أو نوعية الحياة. في الحقيقة، كثير من الناس لديهم "سمات التوحد".
"ولكن مع ذلك، تشمل العلامات الشائعة للإصابة بالتوحد قول الكلمات أو العبارات عينها على نحو متكرر وفي غير موضعها، وفهم الكلام بصورة حرفية للغاية، واختيار الطفل اللعب بمفرده في غالب الأحيان، ومواجهة صعوبة في تكوين صداقات، وعدم فهم أفكار الآخرين وعواطفهم، إضافة إلى وجود سلوكيات متكررة أو سلوكيات مقيدة [بمعنى الاهتمامات الثابتة وتتضمن التركيز المكثف على نشاط أو كائن أو موضوع معين]، ومواجهة خلل في التنسيق الحركي"، بحسب كلام ياردلي.
كذلك تشمل العلامات الأخرى وفق ياردلي، "البحث عن تجارب بصرية أو سمعية محددة، مثل تدوير العجلات في قطار لعبة، والنظر إلى قضبان السياج، والاستماع إلى أغاني وموسيقى البرامج المفضلة".
علاوة على ذلك نلاحظ أن المصاب بالتوحد يتقيد بممارسات معينة من قبيل تناول الطعام الأصفر اللون فقط، أو مشاهدة البرنامج التلفزيوني نفسه مراراً وتكراراً، أو ارتداء البلوزة المفضلة فحسب من دون غيرها"، تقول ياردلي.
"ربما يكون لدى المصابين بالتوحد، أو لا يكون لديهم، اهتمام استثنائي بالتفاصيل واختلافات في الاستجابة الحسية، وتبدو هذه السمة أكثر وضوحاً إذا كان الأطفال حساسين جداً تجاه المحفزات، من قبيل الشعور بالضيق والانزعاج في أجواء الضوضاء العالية، ومواجهة مشكلات في التنسيق الحركي، وصعوبات إضافية في التعلم."
كيف يمكن للأم والأب أن يساعدا طفلهما بعد تشخيص إصابته بالتوحد؟
في رأي ياردلي، يتبين دائماً أن التدخل المبكر خطوة بالغة الأهمية في تقديم الدعم المناسب ومن ثم تحقيق أفضل النتائج.
"ولكن مع ذلك، يحدث التشخيص في المتوسط حالياً في عمر ثماني سنوات، في حين يبلغ متوسط فترة الانتظار قبل تقييم الإصابة بالتوحد ثلاث سنوات"، كما توضح ياردلي.
ولكن، وفق ياردلي، "يختلف متوسط عمر التشخيص باختلاف مناطق العيش، مثل الأسر المحرومة ذات الدخل المنخفض (إذ تعجز عن دفع كلف التقييمات الصحية ضمن المرافق الصحية الخاصة)، والأسر ذات التحصيل التعليمي المتدني، أو من يتحدثون الإنجليزية كلغة ثانية، إذ تكون عملية الحصول على المساعدة معقدة جداً، وتتطلب المواجهة في غالب الأحيان".
"اسألا طبيب الصحة العامة مساعدتكما في التواصل مع المجموعات المحلية، واطلبا منه أو من المدرسة الشروع في الإجراءات التي تسمح لكما الاستفادة من "خطة التعليم والصحة والرعاية" (اختصاراً EHCP) المعمول بها في المملكة المتحدة، والتي تبدأ بعملية تقييم يتولاها فريق متخصص في التوحد منوطة به مسؤولية تحديد التدبير الصحي الملزم قانوناً الذي يجب أن يتلقاه طفلكما".