ملخص
على رغم إصرار ترمب وكينيدي على وجود علاقة بين اللقاحات والتوحد، يؤكد الخبراء أن الدراسات العلمية تنفي ذلك تماماً، مرجحين أن زيادة التشخيصات تعود لتحسن أدوات الكشف وليس بسبب اللقاحات، في ظل استمرار الغموض حول الأسباب الدقيقة لاضطراب طيف التوحد.
في اجتماعه مع وزير الصحة والخدمات الإنسانية روبرت كينيدي وأعضاء آخرين في إدارته، أعرب الرئيس دونالد ترمب الخميس الماضي عن اعتقاده بوجود "سبب ما" وراء الزيادة في حالات التوحد داخل الولايات المتحدة، وربما تكون اللقاحات أحد هذه الأسباب، على رغم أن هذه النظرية دحضت علمياً.
وتسائل ترمب قائلاً "قد تتوقف عن تناول شيء ما، أو تتوقف عن أمر آخر، أو ربما يكون اللقاح هو السبب. ولكن هناك شيئاً ما وراء ذلك".
وكان ربط ترمب بين اللقاحات والإعاقات النمائية ليس جديداً عليه. ففي عام 2014، غرد قائلاً "طفل سليم يذهب إلى الطبيب، يتلقى جرعة كبيرة من اللقاحات، ثم يشعر بتغيرات صحية ويصاب بالتوحد. هناك عدد من الحالات المشابهة".
وأصدر كينيدي أمر بإعادة دراسة الرابط الذي دُحض بين اللقاحات والتوحد، وأخبر الرئيس أن العلماء سيكونون قادرين على تحديد سبب "زيادة حالات التوحد" بحلول سبتمبر (أيلول) المقبل. وأكد قائلاً "سنتمكن من القضاء على تلك العوامل المسببة".
وربط كينيدي سابقاً بين التوحد واللقاحات دون أي دليل، مما أثار قلقاً قبل تثبيته في منصب وزير الصحة. ومع ذلك، وفي ظل تفشي الحصبة القاتلة داخل الولايات المتحدة، أيد الأسبوع الماضي لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية، ووصفه بأنه "أكثر وسيلة فعالة لمنع انتشار الحصبة".
وعلى رغم دراسة الباحثين عن أسباب التوحد منذ الأربعينيات، فإنهم لم يتمكنوا من تحديد سبب واضح. والآن، يزعم كينيدي أنه سيحصل على إجابة خلال خمسة أشهر فحسب.
وسبق أن لفت كل من كينيدي والرئيس إلى ارتفاع معدلات التوحد.
وقال كينيدي لترمب "كما تعلم، معدلات التوحد ارتفعت وفقاً لأحدث الأرقام المتوافرة لدينا، ونعتقد أنها ستصل إلى واحد من كل 31 طفلاً"، مضيفاً "إذاً، هي في ارتفاع مجدداً".
وتشير أحدث البيانات إلى أن واحداً من كل 36 طفلاً في الولايات المتحدة مصاب بالتوحد، بعد أن كانت النسبة واحداً من كل 44، وذلك وفقاً لمنظمة "أوتيزم سبيكس" Autism Speaks غير الربحية ومراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها الأميركية.
وشهدت معدلات اضطراب طيف التوحد زيادة كبيرة، إذ ارتفع عدد الأطفال والبالغين الذين شخصوا بالمرض بنسبة 175 في المئة بين عامي 2011 و2022. وتقلص الفارق بين الذكور والإناث المصابين بالتوحد، على رغم أن الباحثين لا يعرفون السبب حتى الآن.
ويقول الخبراء إن التحسن في تشخيص الاضطراب لربما أسهم جزئياً في تقليص الفارق هذا.
وأفادت منظمة "أوتيزم سبيكس" خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بأن "الزيادة في التشخيصات [بالتوحد] بين البالغين الشباب تشير إلى أن كثراً لم يشخصوا خلال مرحلة الطفولة، وأن التشخيص يتم غالباً في مرحلة البلوغ المبكر عندما تصبح تحديات الحياة اليومية صعبة للغاية".
ومن جانبه، قال لوك غروسبنور من مؤسسة "كايزر بيرمانينته" Kaiser Permanente، الذي قاد الدراسة "من المحتمل أن يكون التحسن والتوسع في فحوصات التطور الشاملة هو السبب في الزيادة التي رصدناها في معدلات التشخيص".
ويحدث اضطراب طيف التوحد نتيجة لاختلافات في الدماغ، بينما يعرف بعض من المصابين بالتوحد سبباً محدداً مثل حالات وراثية، فإن الأسباب الأخرى ما زالت غير معروفة، وفقاً لمركز مكافحة الأمراض والوقاية منها. ويقدر أن نحو 5.4 مليون بالغ في الولايات المتحدة يعانون التوحد.
بعد طرح عدد من الأسئلة حول الأسباب، يؤكد الخبراء أن اللقاحات ليست سبباً للتوحد.
والدراسة التي استشهد بها كينيدي سابقاً سُحبت، ومنذ ذلك الحين،أظهر عدد من الدراسات الأخرى أن اللقاحات ليست السبب باضطراب طيف التوحد.
وتوضح منظمة "أوتيزم سبيكس" أن "التوحد يشخص عادة خلال الفترة نفسها التي يتلقى فيها الأطفال اللقاحات الروتينية، مما أدى إلى ظهور تساؤلات حول وجود علاقة بينهما. ومع ذلك، أكدت أعوام من البحث العلمي أن اللقاحات لا تسبب التوحد".
© The Independent