Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البريطانيون أكثر تقبلا من السياسيين بكثير لدفع مزيد من الضرائب

هيئة الخدمات الصحية الوطنية مفلسة، والجيش بلا ذخيرة، ومياه الصرف الصحي تغزو نهر التايمز. كيف يفترض بنا إذاً جمع الأموال لإصلاح هذه الخدمات العامة الحيوية؟

كيف يمكن زيادة المداخيل عبر الضرائب لتعزيز الخدمات المتداعية في البلد؟ (أسوشيتد برس)

ملخص

يبدو أن المواطن العادي في بريطانيا لديه تصور أفضل حيال إيجاد مصدر لتمويل الخدمات الحيوية المعطلة حالياً في البلد مقارنة بالنواب.

قلة قليلة منا تعتقد أن هيئة الخدمات الصحية الوطنية تعمل. ولا يملك الجيش ما يكفي من الذخيرة لحماية بريطانيا. وتسربت مياه الصرف الصحي في إنجلترا لـ4 ملايين ساعة عام 2023. تعد القضايا المتراكمة في محاكمنا خطرة للغاية إلى درجة أن كبير قضاتنا يفكر في إلغاء المحاكمات أمام هيئات للمحلفين في بعض القضايا. تشوب ثغرات "مروعة" الأمن القومي في المطارات. تبحث "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي) بيأس عن طرق جديدة لتمويل الخدمات الحالية.

احتوى عدد واحد من صحيفة "تايمز" الأسبوع الماضي هذه القصص المقلقة كلها. واستدعت القصص قراءة رصينة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بعد بضع صفحات في العدد نفسه، علمنا أن رجلاً يدعى أليكس بيرد، الرئيس السابق لقطاع النفط في شركة "غلينكور" العملاقة للتعدين واستخراج الوقود، خسر معركة خاضها بهدف دفع ضرائب أقل على مدفوعات قدرها 150 مليون جنيه استرليني (190 مليون دولار) كان محظوظاً بما يكفي لتلقيها على مدى خمس سنوات – إضافة إلى راتبه. ودارت القضية حول ما إذا كانت المدفوعات تخضع في المملكة المتحدة إلى ضريبة الدخل أو ضريبة الأرباح الرأسمالية. وأوردت صحيفة "فايننشال تايمز" أن السيد بيرد كان يدير عملية وقدرها 5 ملايين برميل يومياً من منطقة مايفير في لندن بدلاً من زوغ، وهي بلدة سويسرية هادئة حيث يقع المقر الرئيس للشركة.

من منا ليس لديه بعض التعاطف الخفي مع السيد بيرد الذي يرغب، على رغم ثروته المقدرة بـ2.1 مليار دولار، في خفض مبلغ الضريبة المستحقة على مكاسبه التي حصل عليها بشق النفس للسلطات الضريبية البريطانية؟ إذا كان هناك بعض الإيمان بالحياة السياسية البريطانية على مدى السنوات الـ40 الماضية فمفاده بأننا يجب أن ندفع ضرائب أقل. فنحن كأفراد، ننفق أموالنا بحكمة أكبر من الدولة المسرفة، كما تعرفون. وستلاحظون أن أياً من الحزبين الرئيسين لن يخوض الانتخابات المقبلة ويعرض فرض مزيد من الضرائب.

على رغم ذلك، سيكون من الجيد، أليس كذلك، أن تتوفر خدمة صحية ممولة وتعمل في شكل صحيح؟ وربما سننام نوماً أكثر سلامة في أسرتنا إذا حصل الجيش على الذخيرة التي يحتاج إليها. ومن الصادم إلى حد ما أن أكثر من 66 ألف قضية مكدسة في المحاكم البريطانية، التي تنظر فقط في أخطر الجرائم. لا يسعكم إلا أن تشعروا بأن القوة الحدودية قد تقوم بعمل أفضل في مراقبة الرحلات المقبلة إذا توفر لها مزيد من المال. ألا يرغب الجميع في تمويل مناسب لمكتب الخدمات المائية؟ وربما يبدو في وقت لاحق أن الانخفاض بنسبة 30 في المئة في إيرادات "بي بي سي" على مدى 10 سنوات حاداً بعض الشيء؟

لكن بالعودة للسيد بيرد، المعروف بمودة باسم "ملك النفط". احتفت نبذة عنه نشرتها "تايمز" عام 2011 – يقال إنه لا يحب الدعاية – بـ"نهجه الخفي في جمع الثروة" الذي مكنه من إنفاق 10 ملايين جنيه تقريباً على بيت في لندن يضم حمام سباحة وغرفة بخار وسينما تقع في الطابق السفلي.

كنت أحاول أن أتخيل لماذا يختار العمل من مايفير القريبة بدلاً من المقر الرئيس للشركة في زوغ. ثم تذكرت أنني أرسلت ذات مرة مراسلاً، هو جون هوبر، إلى زوغ لأنها، بطريقتها الخاصة، مكان رائع إلى حد ما.

اكتشف هوبر شيئاً غريباً – أن هذه البلدة السويسرية النائمة (27 ألف نسمة) لديها 27 ألف شركة في سجلها التجاري وهو رقم مذهل – أي شركة واحدة في مقابل كل فرد – رجل أو امرأة أو طفل.

عام 2008، جرى تداول حوالي ثلاثة في المئة من البنزين في العالم عبر زوغ وبلدة بار المجاورة لها.

كان أسوأ سكان البلدة سمعة مارك ريتش، مؤسس الشركة التي ستعرف بعد وقت قصير باسم "غلينكور"، فهو فر إلى زوغ بعد اتهامه بالتهرب الضريبي والاحتيال عبر وسائل تواصل إلكترونية، والخداع في ما كان آنذاك أكبر قضية تهرب ضريبي في تاريخ الولايات المتحدة.

في إعادة صياغة لعبارة تعود للسيدة ميرتون [مقدمة برنامج حواري تلفزيوني ساخر]، ما الذي جذب "غلينكور" للمرة الأولى إلى زوغ؟ هل يمكن أن يكون معدل الضريبة البالغ 8.5 في المئة؟ حسناً، إذا كان الأمر كذلك، من سيلومها؟ العام الماضي، حققت الشركة التي تتخذ من زوغ مقراً لها أرباحاً قدرها 34 مليار دولار، وتمكنت من دفع 7 مليارات دولار إلى المستثمرين. لماذا يدفع المرء إلى السلطات الضريبية مبلغاً أكبر من المبلغ الممكن دفعه، ولاسيما إذا لم يكن مضطراً بالفعل إلى العيش والعمل في زوغ؟ هي تبدو مكاناً جميلاً جداً، لكن هذا ليس مبرراً.

يحتوي عدد حديث من صحيفة "نيويوركر" على مقالة تعرض صورة صارخة إلى حد ما عن أحوال بريطانيا على مدى السنوات الـ14 الماضية بقلم الكاتب سام نايت. جورج أوزبورن، الذي فضل خفض الإنفاق العام بدلاً من زيادة الضرائب من عام 2010 فصاعداً، أخبر نايت أن التقشف كان "عاملاً مدمراً سياسياً".

ويلاحظ نايت قائلاً: "يتلخص الأمر في أن الآثار كانت مروعة للغاية. بين عامي 2010 و2018، انخفض تمويل قوات الشرطة في إنجلترا بما يصل إلى الربع. وتوقف الضباط عن التحقيق في عمليات السطو. ولا ينتهي الآن بالمقاضاة سوى أربعة في المئة منها. عام 2021، بلغ متوسط الوقت بين وقوع جريمة اغتصاب والانتهاء من المحاكمة فيها أكثر من سنتين ونصف سنة. الخريف الماضي، كان لا بد من إغلاق مئات المباني المدرسية لإجراء إصلاحات طارئة، لأن موازنة بناء المدارس في البلاد خفضت بنسبة 46 في المئة بين عامي 2009 و2022. وهكذا دواليك.

ثم هناك هيئة الخدمات الصحية البريطانية. تقرير صحيفة "تايمز" الذي يفيد بأن ربعنا فقط يعتقدون بأن الهيئة تعمل استند إلى استطلاع للمواقف الاجتماعية البريطانية، كشف عن أن الجمهور البريطاني لديه فكرة واضحة عن الأسباب. الأسباب الثلاثة الأولى: أوقات الانتظار، وعدم وجود عدد كاف من الموظفين، وعدم كفاية الاستثمار.

ووجد الاستطلاع أيضاً أن ما يقرب من نصفنا سيدعم زيادة الضرائب لدفع تكاليف الهيئة – في فجوة بنسبة 42 في المئة تفصل هؤلاء عن أولئك الذين يريدون ضرائب أقل وإنفاقاً أقل.

هل من الممكن أن يكون الجمهور متقدماً على السياسيين في هذا الشأن؟

نشر الناشط الضريبي المخضرم ريتشارد مورفي الجمعة تقريراً بعنوان "تقرير الضرائب على الثروات 2024"، يزعم أنه يظهر أن الحكومة الجديدة، من خلال إجراء ما يصل إلى 30 تغييراً بسيطاً نسبياً في الضرائب الحالية المفروضة في المملكة المتحدة، يمكنها أن تجمع ما يصل إلى 90 مليار جنيه – كلها من أولئك الميسورين أو الأثرياء تماماً.

اقتراحه الأول هو جعل نسبة الضريبة على المكاسب رأس المال مساوية لمعدل ضريبة الدخل نفسها – وهو الشيء نفسه الذي كان صديقنا أليكس بيرد يجادل حوله في ما يتعلق بأرباحه البالغة 150 مليون جنيه. هذا، يقول مورفي، من شأنه أن يجمع 12 مليار جنيه من الضرائب الإضافية سنوياً. وهذا مبلغ يكفي لمساعدة عدد غير قليل من المستشفيات المتعثرة، أو شراء ذخيرة إضافية لقواتنا، أو تمويل هيئة منظمة مناسبة لقطاع المياه.

ويقدر أن 12 مليار جنيه أخرى يمكن جمعها من خلال استثمار مليار جنيه في الهيئة الملكية للعوائد والرسوم الجمركية، ما سيمكنها من ملاحقة ما يقدر بنحو 30 في المئة من الضرائب التي لا تدفع حالياً.

هل هو على حق؟ لست خبيراً في الضرائب لكنه في الأقل يبدأ مناقشة قد يكون الجمهور مستعداً لها.

ماذا عن أولئك الذين يريدون مغادرة البلاد بسبب ذلك؟ يقال إن زوغ لطيفة للغاية. لم يبلغ عن تراكم للقضايا في المحاكم أو حالات تسرب لمياه الصرف الصحي هناك. ويمكن للمرء التفكير في حظه الجيد وهو يشرب نصف لتر لذيذ من بيرة "فولرز لندن برايد" في مقصف "مستر بيكويك". وتنتفي الحاجة إلى مايفير.

 

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات