ملخص
"القتال في رفح في غاية الصعوبة بكل المقاييس"، وفق زيف، الذي أضاف "لا شك لديَّ أن (حماس) تجهز لنا مكمناً استراتيجياً من خلال إحداث كارثة ستقع مسؤوليتها على إسرائيل... العملية في رفح ستكون أخطر بكثير من جميع العمليات"
التكتيك الذي اتبعته الحكومة الإسرائيلية ورئيسها بنيامين نتنياهو خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة تجاه استمرار القتال في غزة كان يهدف بالأساس إلى تأجيل اجتياح رفح قدر الإمكان، ليس لأن نتنياهو يسعى إلى إطالة فترة الحرب لمصالحه الشخصية ومستقبله السياسي، إنما خشية من صعوبة وتعقيدات رفح التي تحدث عنها أمنيون وعسكريون سابقون من ذوي التجربة الكبيرة، وقدموا توصيات إلى متخذي القرارات في إسرائيل.
والأهم بالنسبة لهم أن تنفيذ عملية كهذه تشكل خطراً على حياة من تبقى من الأسرى، والتي بحسب مسؤولين في "الشاباك" (جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي)، فإن المدنيين من نساء وأطفال الذي تشملهم المرحلة الأولى من صفقة الأسرى، وما زالوا على قيد الحياة، هم 33 أسيراً وأسيرة في حين كانت الصفقة السابقة تشمل 40 أسيراً في مرحلتها الأولى، ثم قبل نحو شهرين، أعلنت حركة "حماس" أنها مستعدة لتنفيذ صفقة تشمل 20 أسيراً إسرائيلياً فحسب، ما فسره إسرائيليون بأن عدد الأسرى الأحياء لا يتجاوز الـ20.
بين الأسرى ورفح
الاحتجاجات التي سادت إسرائيل من قبل عائلات الأسرى والجمهور الواسع الذين لم يتوقفوا عن التظاهرات للضغط على القيادة للإفراج عن الأسرى، أسهمت في إثارة النقاش حول عملية رفح، بعد أن نجحت هذه الاحتجاجات في تجنيد قاعدة واسعة للتضامن معها من أجل إعادة الأسرى، مما أسهم في ارتفاع الصوت المحذر من عملية في رفح.
الجنرال المتقاعد إسحاق بريك الذي دعاه نتنياهو لحضور جلسات عدة في أول شهرين من الحرب للتشاور حول مختلف الجوانب المتعلقة في القتال في غزة، وكذلك صفقة الأسرى، اعتبر أن دخول الجيش الإسرائيلي إلى رفح، ليس فقط لن يؤدي إلى انهيار "حماس"، وإنما سيورط إسرائيل مع العالم كله ومع دول عربية وقعت على اتفاقات سلام مع إسرائيل، محذراً من أن "هذا الوضع سيلغي كلياً قدرة إسرائيل على التخلص من الرمال المتحركة". ولفت إلى أن القرارات التي تتخذها القيادة ستجلب الكارثة "إنها تطلق النار، في الوقت نفسه في جميع الاتجاهات: (حماس) و(حزب الله) وإيران، لكنها لن تنجح في تحقيق الأهداف حتى التي قررتها في جبهة واحدة، لسبب بسيط أن القيادة غير مؤهلة لقيادة حرب ولا لقيادة دولة".
بريك وغيره من الأمنيين حذروا من خطورة ما تكون حركة "حماس" قد أعدته من مكامن في غزة، بعد أكثر من شهر من انسحاب معظم الوحدات العسكرية من القطاع، مؤكدين أن دخول رفح لن يؤدي، ليس فقط إلى انهيار "حماس"، وإنما سيلغي كلياً قدرة إسرائيل على التخلص من قيادتها. وهذا أمر أكده أيضاً القائد السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية يسرائيل زيف الذي دعا القيادة إلى عدم دخول غزة بغض النظر عما إذا نجحت المفاوضات التي يجريها الوفد المصري برئاسة رئيس الاستخبارات المصرية عباس كامل الذي وصل إلى تل أبيب أمس الجمعة.
"القتال في رفح في غاية الصعوبة بكل المقاييس"، وفق زيف الذي أضاف "لا شك لديَّ أن (حماس) تجهز لنا مكمناً استراتيجياً، من خلال إحداث كارثة ستقع مسؤوليتها على إسرائيل. العملية في رفح ستكون أخطر بكثير من جميع العمليات".
مقترح مصري لمنع عملية رفح
ومع بدء الجيش الإسرائيلي العد التنازلي لعملية رفح التي ستكون مرحلتها الأولى ما بين أربعة وخمسة أسابيع، لإخلاء مليون و400 ألف فلسطيني من رفح، خرجت مصر بمقترح لصفقة الأسرى عرضته على رئيس "الموساد" ديفيد برنياع، وناقشه "الكابينت" الحربي، الخميس، قبل وصول الوفد المصري إلى تل أبيب لمناقشته.
المقترح عارضه عدد من الوزراء الذين يرفضون التراجع عن عملية رفح وتقديم تنازلات للتوصل إلى صفقة، ووضعت إسرائيل مسودة اقتراح لبنود أساس للصفقة ناقشها الوفدان المصري والإسرائيلي، الجمعة، في تل أبيب إلى جانب المقترح المصري الذي تسعى القاهرة من خلاله إلى تأجيل عملية رفح وتمهيد الطريق لتنفيذ خطوات لإقامة الدولة الفلسطينية في غضون سنة. ولم يحدد المقترح المصري عدد الأسرى، وجاء فيه أنه سيطلق جميع الأسرى الإسرائيليين مقابل مئات الأسرى الفلسطينيين، ويتكون من ثلاثة بنود مترابطة:
- التزام إسرائيلي بوقف الاستعدادات لاجتياح رفح.
- إطلاق جميع الأسرى الإسرائيليين على مرحلتين بفاصل زمني بمدة 10 أسابيع.
- أما بموجب البند الثالث فيتم وقف كامل لإطلاق النار لمدة عام، مع التزام إسرائيل و"حماس" بعدم إطلاق النار أو استخدام الأسلحة على الأرض أو في الجو. وسيتم خلال وقف إطلاق النار الإعلان عن تنفيذ إجراءات لإقامة دولة الفلسطينية.
في مقابل هذا المقترح عرض الإسرائيليون اقتراحاً لصفقة مقلقة تشمل الإفراج عن 20 أسيراً مقابل السماح للنازحين بالعودة إلى شمال قطاع غزة، من دون التزام إنهاء الحرب على قطاع غزة.
وفيما أبدى مسؤولون إسرائيليون استعداد تل أبيب لتقديم تنازلات في موضوعي الأسرى الأمنيين الفلسطينيين المحكومين بالمؤبدات، وعودة سكان شمال غزة إلى بيوتهم، أكد أكثر من مسؤول أمني عدم قبول وقف للنار لمدة سنة مشيرين إلى أن "حماس"، من جهتها، ترفض التنازل عن مطلب انسحاب الجيش ووقف القتال.
استمرار الاستعداد لرفح
وبينما كان الوفد المصري يبحث في تل أبيب اتفاق صفقة أسرى، واصل الجيش الإسرائيلي تهديداته باقتحام رفح معلناً أنه يواصل خطة استعداده ليكون جاهزاً، في غضون أيام قليلة، في حال لم يتم التوصل إلى صفقة. وحتى الثلاثاء المقبل، المتوقع فيه وصول وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن إلى إسرائيل، تبذل الجهود لدى الأطراف كافة لتذليل العقبات في طريق الصفقة المصرية، لكن إسرائيل تواصل استخدام رفح وسيلة للضغط على "حماس" للتنازل والموافقة على الصفقة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
3 بدائل أمام متخذي القرار
الاجتماعات الماراثونية التي عقدها "الكابينت" الحربي والمجلس الوزاري الأمني المصغر، خلال الأسبوع الأخير، في ظل الضغط الإسرائيلي الداخلي للتوصل إلى صفقة أسرى ووقف القتال، طرحت إمكانات عدة متوقعة أبرزها صفقة بدل رفح أو رفح بدل صفقة أو الإمكانية الثالثة وهي الأسوأ، بحسب مطلعين على الأبحاث، المراوحة بين صفقة ومن دون رفح، ويعد البعض أن نتنياهو يقود النقاش نحو الإمكانية الثالثة.
جاء الإعلان في إسرائيل عن احتمال تنفيذ عملية رفح بعد انتهاء عيد الفصح اليهودي، تزامناً مع تهديدات نتنياهو لـ"حماس"، وتنفيذ عملية رفح، وقوله إن تل أبيب على مسافة خطوة من النصر، وتحول الأمر في ما بعد إلى موضوع نقاش إسرائيلي تخلله استهتار بنتنياهو.
الخبير العسكري الإسرائيلي أفرايم غانور اعتبر حديث نتنياهو نكتة، وحذر من سياسة نتنياهو قائلاً إن الدخول إلى رفح، المعقل المحصن الأخير لـ"حماس"، ومكان جمع مخطوفينا، يرفع بقدر كبير الخوف من أنه في أثناء مناورة الجيش الإسرائيلي في داخلها سيتعرض المخطوفون لخطر كبير، "ومن يوهم نفسه بأن رفح ستكون اللحظة الأخيرة لهذه الحرب، والتي ستؤدي إلى تقويض حماس فهو مخطئ".
التحذيرات من دخول رفح ليس فقط بسبب الكثافة السكانية، إنما بسبب تعقيد المنطقة من الناحية الجغرافية ووجود كميات كبيرة من الأنفاق، وبحسب غانور فإن "الأنفاق والمكامن المتوقعة ستشكل رأساً متفجراً خطراً".