ملخص
اعتقال نحو 300 في جامعة كولومبيا ورئيس بلدية نيويورك يقول إن أشخاصاً من خارج الجامعة يقودون احتجاجاتها.
انتشرت الشرطة بأعداد كبيرة داخل حرم جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس صباح اليوم الأربعاء، بعد أن هاجم مناصرون لإسرائيل اعتصاماً لمحتجين مؤيدين للفلسطينيين، بينما قال رئيس بلدية نيويورك إن احتجاجاً مؤيداً للفلسطينيين في جامعة كولومبيا تفضه الشرطة يقوده أناس من غير المنتسبين إلى الجامعة.
وأظهرت مقاطع سجلها شهود وتحققت "رويترز" من صحتها أشخاصاً يلوحون بهراوات وعصي ويهجمون على حواجز موقتة من الألواح الخشبية وضعت لحماية المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين الذين حمل بعضهم لافتات أو مظلات.
وعلى جانب آخر اعتقلت الشرطة في نيويورك عشرات المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين كانوا تحصنوا في مبنى داخل جامعة كولومبيا، وفضت اعتصاماً فيها مساء أمس الثلاثاء.
وقال رئيس بلدية نيويورك إريك آدامز اليوم إن شرطة مدينة نيويورك ألقت القبض على نحو 300 شخص في وقت متأخر من مساء أمس خلال احتجاجات، محملاً محرضين لا ينتسبون إلى لجامعة مسؤولية الاحتجاجات، من دون أن يقدم دليلاً ملموساً.
وفجّر هجوم حركة "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب إسرائيل والعملية الإسرائيلية التي أعقبته على قطاع غزة أكبر موجة من التظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة منذ الاحتجاجات المناهضة للعنصرية عام 2020.
وبعد أن امتدت احتجاجات الطلاب إلى عشرات الجامعات في مختلف أنحاء الولايات المتحدة خلال الأيام القليلة الماضية للتعبير عن معارضتهم للحرب الإسرائيلية على غزة، استدعيت الشرطة لقمع الاحتجاجات أو فضها.
وأبلغ مسؤولو الجامعة المتظاهرين أمس الثلاثاء بأن الاعتصام غير قانوني وينتهك سياسة الجامعة، وقال مستشار جامعة كاليفورنيا جين بروك إن المتظاهرين ضموا أشخاصاً "غير منتسبين إلى حرمنا الجامعي"، على رغم أنه لم يقدم أي دليل على ذلك.
وأظهرت مقاطع خلال الساعات الأولى من الصباح متظاهرين مناهضين معظمهم من الرجال وكثير منهم ملثمون وبعضهم أكبر سناً من الطلاب على ما يبدو، وهم يلقون أشياء ويحاولون تحطيم أو هدم الحواجز الخشبية والحديدية التي تحمي الاعتصام، وردد بعضهم تعليقات مؤيدة لليهود بينما حاول المتظاهرون المؤيدون للفلسطينيين التصدي لهم.
وقالت المتظاهرة المؤيدة للفلسطينيين والباحثة في جامعة كاليفورنيا كايا شاه "جاءوا إلى هنا وهاجمونا بعنف، ولم أتصور أنهم سيفعلون ذلك ويصعدون إلى هذا المستوى، وأن يقابل احتجاجنا متظاهرون مناهضون يؤذوننا بعنف ويسببون الألم لنا، بينما لم نفعل أي شيء لهم"، بينما تبادل المتظاهرون من الجانبين رش رذاذ الفلفل قبل اندلاع اشتباكات.
وقالت طالبة أخرى مؤيدة للفلسطينيين وتدعى صوفيا ساندينو "وجدنا أشخاصاً يرشوننا برذاذ الفلفل ويضربوننا بالهراوات والعصي ويلقون علينا كل ما يمكن حمله، ولم توجد قوات إنفاذ القانون على الإطلاق، لذا فإن النظر إلينا باعتبارنا الجناة أمر محبط".
وذكرت إدارة شرطة لوس أنجليس أنها استجابت لطلب "جامعة كاليفورنيا" بسبب وقوع عدد من أعمال العنف داخل الاعتصام الكبير في الحرم الجامعي، لاستعادة النظام والحفاظ على السلامة العامة.
وأظهرت لقطات بثت في وقت لاحق طوقاً للشرطة يقوم بإخلاء ساحة رئيسة إلى جانب موقع الاعتصام، وبحلول الساعة الـ 12:00 بتوقيت غرينتش أقامت الشرطة حاجزاً معدنياً أمام الموقع، وكانت المنطقة هادئة.
وكتبت عضو مجلس بلدية لوس أنجليس كاتي ياروسلافسكي، والتي تضم منطقتها "جامعة كاليفورنيا"، عبر منصة "إكس" أن "لكل شخص الحق في حرية التعبير والاحتجاج، لكن الوضع في حرم جامعة كاليفورنيا خرج عن السيطرة ولم يعد آمناً".
اعتقال متظاهرين في "جامعة كولومبيا"
وبموازاة ذلك ألقت شرطة مدينة نيويورك ليل الثلاثاء القبض على عشرات المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين المتحصنين داخل مبنى في جامعة كولومبيا، كما فضت اعتصاماً تسعى إدارة الجامعة إلى إنهائه منذ نحو أسبوعين.
وقال رئيس البلدية آدامز للصحافيين اليوم الأربعاء إنه اعتقل نحو 300 شخص، لكنه لم يحدد عدد المحرضين الخارجيين وإن كان لهم وجود، مضيفاً "في حين أن أولئك الذين اقتحموا المبنى شملوا طلاباً فقد كان يقودهم أفراد لا ينتسبون إلى الجامعة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح أن "للطلاب الحق في الاحتجاج، وحرية التعبير هي حجر الزاوية في مجتمعنا، وكانت الجهات الفاعلة الخارجية هي التي خطفت الاحتجاجات السلمية وأثرت في الطلاب للتصعيد".
ووجهت رئيسة "جامعة كولومبيا" نعمت شفيق رسالة طلبت فيها من الشرطة البقاء في الحرم الجامعي حتى الـ 17 من مايو (أيار) الجاري، أي يومين بعد مراسم حفل التخرج، وذلك "للحفاظ على النظام وضمان عدم عودة الاعتصامات".
وبينما اقتحمت الشرطة المكان فقد وقف الطلاب خارج المبنى الذي شهد اعتصامات طلابية منذ الستينيات، وهتفوا ضد الشرطة مرددين "عار.. عار".
وشوهدت الشرطة وهي تقتاد عشرات المعتقلين إلى حافلة بينما كانت أيديهم مقيدة خلف ظهورهم، في مشهد أضاءه الوميض الأحمر والأزرق الصادر عن مركبات الشرطة، وهتف المتظاهرون خارج المبنى "الحرية لفلسطين"، بينما صرخ آخرون "اتركوا الطلاب".
وقالت سويدا بولات من تحالف القضاء على الفصل العنصري في جامعة كولومبيا، وهو ائتلاف من الجماعات الطلابية التي نظمت الاحتجاجات، إن المتظاهرين لا يمثلون خطراً.
وشكك الباحث الفلسطيني الذي يدرس في كلية الشؤون الدولية والعامة بجامعة كولومبيا وأحد قادة الاحتجاج الطلابي، محمود خليل، في مزاعم بأن أطرافاً خارجية تقود الاحتجاج، واتخذ عدد من الطلاب الآخرين الموقف نفسه.
ومع ذلك نشر طلاب مقاطع فيديو لزيارات للمخيم من مؤيدين ونشطاء غير منتسبين للجامعة أو موظفين في "كولومبيا"، وقالوا إنهم اتصلوا بخريجين كانوا شاركوا في الاحتجاجات الكبرى بالجامعة عام 1968 للتعرف على إستراتيجياتهم.
وذكرت شفيق أن الطلاب الذين احتلوا هاملتون هول انتهكوا حرم الجامعة وخربوا ممتلكاتها، وكانت الجامعة حذرت في وقت سابق من أن الطلاب المشاركين في هذا الاحتجاج ربما يتعرضون للفصل.
واستُدعيت الشرطة أيضاً لفض اعتصامات والقبض على محتجين في "جامعة تولين" في نيو أورلينز و"جامعة ستي كوليدج" نيويورك الواقعة في حي هارلم، وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن عشرات المتظاهرين جرى القبض عليهم.
أول اتفاق من نوعه
من جانبها، أعلنت جامعة "براون"، أمس الثلاثاء، أنها توصلت إلى اتفاق مع مجموعة من طلابها مناهضة للحرب في غزة ينص على أن يزيل الطلاب المحتجون مخيمهم من الحرم الجامعي مقابل وعد بأن تعيد الجامعة النظر بعلاقاتها مع شركات مرتبطة بإسرائيل، في أول اتفاق من نوعه بين جامعة أميركية مرموقة والحراك الطالبي الداعم للفلسطينيين.
وقالت كريستينا باكسون، رئيسة الجامعة الواقعة في مدينة بروفيدنس بولاية رود آيلاند (شمال شرقي الولايات المتحدة)، إن الطلاب المحتجين وافقوا على إنهاء احتجاجهم وتفكيك مخيمهم بحلول الساعة 17:00 بالتوقيت المحلي من عصر الثلاثاء.
وأوضحت في بيان أن الطلاب وافقوا أيضاً على "أن يمتنعوا حتى نهاية العام الدراسي عن القيام بأي أفعال أخرى من شأنها أن تنتهك قواعد السلوك الخاصة بجامعة براون".
وأضاف البيان أنه في المقابل "ستتم دعوة خمسة طلاب للقاء خمسة أعضاء من مؤسسة جامعة براون في مايو (أيار) لتقديم حججهم في شأن سحب استثمارات براون من شركات تسهل وتستفيد من (الإبادة الجماعية) في غزة".
ويمثل هذا الاتفاق أول تنازل كبير من جانب إدارة جامعة أميركية مرموقة إزاء الحركة الطالبية الاحتجاجية التي لا تنفك تتسع نطاقاً في الولايات المتحدة. وتسببت هذه الاحتجاجات في توقيف مئات الطلاب وفي شلل جامعات عدة وبانقسام حاد في الرأي العام الأميركي.
ويمثل قطع العلاقات بين كبريات الجامعات الأميركية الخاصة ورعاة وشركات مرتبطة بإسرائيل أحد مطالب الحركة الطالبية التي تدافع عن القضية الفلسطينية وتدعو لوقف الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة "حماس" في قطاع غزة.
وخلال الأسبوعين الماضيين امتدت الاحتجاجات الطالبية المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات تتوزع في سائر أنحاء الولايات المتحدة، من كاليفورنيا غرباً (جامعة كاليفورنيا-لوس أنجليس، جامعة جنوب كاليفورنيا...) إلى الولايات الشمالية الشرقية (كولومبيا، ييل، هارفرد، يوبين) مروراً بالولايات الوسطى والجنوبية مثل تكساس وأريزونا.
ولا يزال يتعين على طلاب جامعة براون وإدارتها مناقشة الخطوط العريضة لهذا الاتفاق خلال الفترة الممتدة من مايو وحتى أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وفي المخيم الاحتجاجي الذي بنوه في حديقة الجامعة، قفز طلاب فرحاً بالاتفاق وعانق بعضهم بعضاً وهم يغنون، بحسب "وكالة الصحافة الفرنسية".
وقال الطالب ليو كورزو كلارك، إن الاتفاق هو "انتصار كبير لهذه الحركة الدولية ولشعب فلسطين".