ملخص
كان باول واضحاً عندما قال إن الأمر سيستغرق على الأرجح وقتاً أطول حتى يكتسب محافظو البنوك المركزية ثقة كافية في المسار الهبوطي للتضخم للنظر في سياسة تخفيف الفائدة
شهدت "وول ستريت" تداولات متذبذبة بعد تصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول التي أعقبت قرار المجلس بتثبيت الفائدة للمرة السادسة على التوالي، التي أكد فيها أنه لا يتوقع زيادة وشيكة في أسعار الفائدة على رغم الضغوط التضخمية.
وتركت تصريحات باول وضوحاً من النادر أن تحصل عليه "وول ستريت"، عندما قال إنه لا يتوقع أن التكون الخطوة التالية لسعر الفائدة هي الرفع. وقفزت "وول ستريت" سريعاً بعد هذه التوضيحات، لكن سرعان ما انعكس هذا التفاؤل بشكل مفاجئ في الأسهم لتهبط مرة أخرى.
هبوط "وول ستريت"
وجاء الهبوط بعد أن ترك باول احتمالية خفض الفائدة في هذه السنة عائمة، وهذا أمر مقلق للمستثمرين الذي يتوقعون خفضين على الأقل للفائدة في هذه السنة.
وكان باول واضحاً عندما قال إن الأمر سيستغرق على الأرجح وقتاً أطول حتى يكتسب محافظو البنوك المركزية ثقة كافية في المسار الهبوطي للتضخم للنظر في سياسة تخفيف الفائدة.
وأضاف أن توقعاته لا تزال قائمة في شأن انخفاض التضخم على مدار العام، لكن "ثقتي في ذلك أقل مما كانت عليه".
تحول "المركزي"
ويعتبر ذلك تحولاً كبيراً في سياسة "المركزي الأميركي" الذي كان يتوقع قبل أشهر قليلة وجود ثلاثة تخفيضات هذه السنة، ويؤسس ذلك لمرحلة جديدة عنوانها "فائدة مرتفعة لفترة طويلة".
وقد سلط جيروم باول الضوء على الأخطار التي يواجهها المستثمرون عندما قال، إنه في حين أنه يعتقد أن سياسة سعر الفائدة الحالية "مقيدة" حالياً، فقد تستمر مقيدة لبعض الوقت، وإن أي تغيير في ذلك سيكون مبنياً على البيانات.
مخاوف الركود
وكانت "وول ستريت" قد هوت بشكل كبير في الجلسة السابقة بعد أن ازدادت المخاوف من دخول الاقتصاد في مرحلة ركود تضخمي نتيجة البيانات الاقتصادية السلبية التي ظهرت هذا الأسبوع والأسبوع الماضي بشكل مفاجئ، وأبرزها بيانات النمو الاقتصادي. النمو الذي سجله الاقتصاد الأميركي في الربع الأول عند 1.6 في المئة كان أقل من توقعات الاقتصاديين عند 2.4 في المئة، وأقل بكثير من نسبة 3.4 في المئة في الربع الرابع من العام الماضي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى رغم أن هذا التراجع يعني أن رفع الفائدة وتثبيتها عند مستويات 5.5 في المئة منذ يوليو (تموز) الماضي بدأ يضغط على الاقتصاد الأميركي، فإن قرار "الفيدرالي" بمواصلة تثبيت الفائدة يؤكد أن الأولوية لدى مجلس الاحتياطي الفيدرالي هي محاربة التضخم وليس تحفيز الاقتصاد.
توقعات الفائدة
وقبل تصريحات باول، كانت أسواق المال تسعر تخفيضاً في أسعار الفائدة بنحو 31 نقطة أساس أو 0.31 في المئة فقط هذا العام، انخفاضاً نحو 150 نقطة أساس أو 1.5 في المئة المقدرة في بداية عام 2024، وفقاً لبيانات شركة لندن للأسواق المالية. وفي ظل تصريحات رئيس الفيدرالي الجديدة، فإن احتمال خفض الفائدة يتضاءل هذا العام، وهو أمر شائك ويفتح باباً لكل السيناريوهات المقبلة، من إفلاس شركات إلى انهيار أسواق الأسهم وغيرها من التداعيات السلبية على الاقتصاد.
بيانات متوقعة
ولا تزال هناك بيانات محورية قد تلعب دوراً في قراءة الواقع الاقتصادي: فمن المتوقع أن يظهر تقرير الوظائف لشهر أبريل (نيسان) الصادر، الجمعة، نمواً قوياً في الوظائف، بينما من المقرر صدور مزيد من تقارير التضخم في الأسابيع المقبلة. وسيتعين على محافظي البنوك المركزية أن يقدروا كل ذلك لكي يتخذوا قراراتهم بخصوص الفائدة.
وعلى رغم ذلك، يقول الباحثون في بنك "سيتي غروب"، إن مسؤولي "الفيدرالي" "لن يسمحوا للسوق بالابتعاد كثيراً عن الحالة الأساسية للاقتصاد المتمثلة في النمو القوي والتضخم الثابت والتخفيض في وقت لاحق من هذا العام".
بيانات التضخم الصادمة
وكان بيانات التضخم هي الصدمة الأكبر في الأشهر الثلاثة الماضية عندما استمرت في تسجيل ارتفاعات على رغم تثبيت الفائدة عند مستويات 5.5 في المئة، وهي الأعلى منذ 20 عاماً.
وقال جيروم باول، إنه بعد بدء عام 2024 بثلاثة أشهر من الزيادات في الأسعار بشكل أسرع من المتوقع، "سيستغرق الأمر وقتاً أطول مما كان متوقعاً في السابق" حتى يشعر صناع السياسات بالارتياح.
وحتى مع اعتراف باول بعدم إحراز تقدم في الآونة الأخيرة نحو هدف التضخم الذي حدده بنك الاحتياطي الفيدرالي بنسبة في المئة هذا العام، فإن إشاراته إلى أن عدم وجود رفع للفائدة مطمئنة إلى حد ما للأسواق، لكنها غير كافية إذا لم تتم معرفة كيف سيتعامل مع التضخم ومع أسعار الفائدة المرتفعة.
وقال باول، إن محافظي البنوك المركزية الأميركية ما زالوا يعتقدون أن سعر الفائدة الحالي يفرض ضغوطاً كافية على النشاط الاقتصادي للسيطرة على التضخم، وسيكونون راضين بالانتظار طالما لزم الأمر حتى يصبح ذلك واضحاً، حتى لو كان التضخم ببساطة "يتحرك بشكل جانبي" في هذه الأثناء. وكان مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي، مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، ارتفع بمعدل سنوي 2.7 في المئة في مارس (آذار)، وهو تسارع عن الشهر السابق.