في الوقت الذي تتواصل فيه بالعاصمة المصرية القاهرة مفاوضات مكثفة لإبرام اتفاق للتهدئة، في ظل تمسك إسرائيل برفض إنهاء الحرب، وإصرارها على مواصلة حربها على قطاع غزة لتحقيق أهدافها، شدد عضو المكتب السياسي لـ"حماس" موسى أبومرزوق على أن الحركة تتمسك بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق "نار شامل وكامل"، وأنها لن تقع في "فخ الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين كافة قبل انتهاء الحرب".
وقال أبومرزوق لـ"اندبندنت عربية"، إن المفاوضات "وصلت إلى مرحلة متقدمة"، إلا أنه أشار إلى أن لدى الحركة "مجموعة من الاستيضاحات المطلوبة من أجل تمتين الاتفاق، وبأن يكون معبراً عما يريده الشعب الفلسطيني"، موضحاً أن تلك "الاستيضاحات تتعلق بصياغة اتفاق لوقف إطلاق نار شامل وكامل يضمن عدم استكمال إسرائيل حرب الإبادة على شعبنا، بعد استعادة الأسرى الإسرائيليين".
وشدد القيادي الحمساوي على أن "الحركة ترفض أي هدنة موقتة وتريد إنهاء الحرب"، مضيفاً أنه من "غير المعقول أن نذهب لاتفاق وكأنه وقت مستقطع، ومن ثم يستكمل الجيش الإسرائيلي إبادته الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، جميع الأطراف الدولية تؤيد موقفنا بالوصول إلى إنهاء للحرب وليس هدنة موقتة".
ووفق عضو المكتب السياسي لـ"حماس"، "فإنه من دون ذلك فلا يمكن الوصول إلى اتفاق"، وذلك بعد أكثر من سبعة أشهر من الحرب التي أدت إلى سقوط نحو 35 ألف فلسطيني، وإصابة 78 ألفاً آخرين بجروح.
فخ غير مقبول
وقال أبومرزوق، إن المقترح المعروض حالياً "يحمل موافقة إسرائيلية على قضايا كانت تل أبيب ترفضها بشكل قاطع، مثل عودة النازحين من جنوب القطاع إلى شماله وإلى مناطق سكناهم وليس إلى مخيمات للنازحين، والموافقة على الانسحاب الكامل من قطاع غزة"، مضيفاً "لا يوجد أي طرف يمتلك الحد الأدنى من العقلانية يتنازل عن الأسرى لديه قبل انتهاء الحرب".
ووصف إمكانية إفراج حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" عن الأسرى الإسرائيليين كافة مقابل وعود بإنهاء الحرب بـ"الفخ الذي لا يمكن لحماس قبوله"، لافتاً إلى إسرائيل اعتادت "عدم احترام الاتفاقات، وأن تغدر دوماً"، ومشيراً إلى "أن عمليات تبادل الأسرى تجري عادة بعد الحرب وليس خلالها".
وينص مشروع الاتفاق الذي تعمل مصر وقطر والولايات المتحدة الأميركية على التوصل إليه بين إسرائيل وحركة "حماس" على تبادل للأسرى بينهما، على أن يتم ذلك على مراحل، تمتد كل منها لنحو 42 يوماً، كما يشمل المشروع عودة النازحين إلى ديارهم في مرحلته الأولى، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة في المرحلة الثالثة.
وتقدر إسرائيل وجود نحو 134 أسيراً إسرائيلياً في قطاع غزة، اختطفتهم حركتا "حماس" و"الجهاد" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، فيما يبلغ عدد الأسرى الفلسطينيين أكثر من تسعة آلاف.
ويرى أبومرزوق أن مطالب "حماس" تعتبر "تطبيقاً عملياً لقرارات محكمة العدل الدولية، وقرار مجلس الأمن"، ونفى وجود أي طلب قطري من المكتب السياسي للحركة بمغادرة الدوحة، مضيفاً أن "ظن إسرائيل بأن تغيير واقع الحركة في دولة قطر سيؤثر في قرارها بالمفاوضات مجرد وهم، فهي مسألة لا تشكل ضغطاً علينا".
وعن فصل الجيش الإسرائيلي غزة إلى قسمين، شمالي وجنوبي عبر إقامة ممر "نتساريم"، قلل أبومرزوق من أهمية الأمر، قائلاً "كانت مسألة عملياتية تتعلق بالحرب الحالية، وتفكيكه مسألة محسومة وسيتم قريباً"، وذلك لأن إسرائيل "لن تتحمل ثمن وجوده، لأنه تحول إلى هدف للمقاومة".
إلقاء السلاح
ورداً على سؤال عن أسباب إعلان حركة "حماس" استعدادها إلقاء سلاحها، نفى أبومرزوق ذلك، "لن نلقي سلاحنا طالما بقيت فلسطين محتلة، والشعب الفلسطيني له الحق في المقاومة بجميع أشكالها إلى حين حصوله على حقوقه، وإقامة دولته المستقلة"، وأضاف "بعد ذلك سيكون سلاحنا ضمن الجيش الفلسطيني، لأننا نريد سلاحاً واحداً في البلاد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكانت الحركة أعلنت على لسان القيادي فيها خليل الحية أن مقاتليها سينضمون إلى "الجيش الفلسطيني" بعد إنشاء دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين ضمن القرارات الدولية.
ورفض أبومرزوق دعوة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للحركة بإلقاء سلاحها والاستسلام مقابل وقف الحرب، واصفاً إياها بـ"السخيفة" لأن "هذا السلاح تدافع به حماس عن الشعب الفلسطيني، ولو لم نحمل السلاح لأصبحنا هنوداً حمراً، ومن التاريخ".
استعادة غزة
وحول إمكانية استعادة حركة "حماس" سيطرتها على قطاع غزة، قال عضو المكتب السياسي، إن الجيش الإسرائيلي "لم يسقط حكم الحركة حتى تعمل على استعادته"، لكنه أشار إلى أن جميع المنشآت الحكومية في القطاع تعرضت إلى التدمير، حيث "أشاع الجيش الفوضى وسمح لبعض المتعاونين معه بسرقة بيوت المواطنين، لكن ذلك سينتهي قريباً".
وفي شأن عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، أوضح أبومرزوق أن حركة "حماس" مع تشكيل "حكومة وحدة وطنية موقتة غير فصائلية من متخصصين، وبمهام محددة من ضمنها التجهيز لانتخابات عامة"، مضيفاً أنه "لولا هجوم السابع من أكتوبر لكانت القضية الفلسطينية قد انتهت"، وأن الهجوم جاء بهدف "الحفاظ عليها، لأن الحكومة الإسرائيلية المتطرفة كانت لديها خطة لحسم الصراع"، ووصف الهجوم بأنه "صرخة وتمرد على الوهم والخداع والظلم والعدوان".
ويرى عضو المكتب السياسي لـ"حماس"، أن شن الهجوم كان منطقياً بسبب "استمرار جرائم الاحتلال ضد القدس والأسرى الفلسطينيين، وعمليات الاستيطان، وحصار غزة بحرياً وجوياً وبرياً، والتعامل مع القطاع باعتباره سجناً كبيراً يضم 2.5 مليون إنسان".
صاحب قرار الهجوم
وعن صاحب قرار شن هجوم السابع من أكتوبر، هل يعود للقيادة السياسية للحركة أم لجناحها العسكري؟ قال أبو مرزوق إن "سياسة حماس تقوم على الفصل بين العمل السياسي والعمل العسكري"، مشيراً إلى أن قيادة "كتائب القسام تدير عملها وفق رؤية الحركة".
وفي شأن اشتراط الرئيس الفلسطيني محمود عباس تبني حركة "حماس" التزامات منظمة التحرير قبل الانضمام إليها، رفض أبومرزوق الأمر، قائلاً إن تلك الالتزامات "لا تعبر عن شعبنا، ولو جرى استفتاء حولها لوجدت غالبية ضئيلة جداً هي من توافق عليها".
وتتعلق تلك الالتزامات باعتراف حركة "حماس" بقرارات الشرعية الدولية الخاصة بفلسطين، وإقامة دولة فلسطينية على حدود 67، ورفض المقاومة المسلحة.
وقال أبومرزوق، إن حركة فتح "لم تعلن التزامها بقرارات منظمة التحرير، وهي كحركة لم تعترف بإسرائيل، ولا يزال قانونها الأساس ينص على المقاومة المسلحة، فكيف تطلب منا ما لم تفرضه على نفسها؟".