تتجه أنظار الجزائريين إلى مداخل عاصمة بلادهم، بعد التعليمات التي وجهها قائد الأركان قايد صالح، بحجز الحافلات والمركبات التي تستعمل في نقل المتظاهرين من مدن أخرى إلى العاصمة للتظاهر، في إطار الحراك، وهي الخطوة التي أشعلت فئة من الشعب التي اعتبرتها تجاوزاً للحقوق.
خطاب يكشف المستور
أماط قائد أركان الجيش الجزائري اللثام على ما يحدث في البلاد، بعد أن وجه اتهامات صريحة لأطراف تعمل على عرقلة السير الحسن لمؤسسات الدولة وإثارة البلبلة والقلق بين أوساط المواطنين، خدمة لمخطط العصابة وبرعاية جهات خارجية معادية.
وقال في خطابه إنه "لاحظنا ميدانياً أن هناك أطرافاً من أذناب العصابة ذات النوايا السيئة، تعمل على جعل حرية التنقل ذريعة لتبرير سلوكها الخطير"، موضحاً أن "عدداً من المواطنين يحضرون من مختلف ولايات الوطن إلى العاصمة لتضخيم الأعداد البشرية في الساحات العامة التي ترفع شعارات مغرضة وغير بريئة تتبناها هذه الأطراف"، وأبرز أن الهدف الحقيقي من وراء كل ذلك تغليط الرأي العام لتصور نفسها أبواقاً ناطقة باسم الشعب الجزائري.
انتقادات وتخوفات من الجمعة الـ31
علق نائب رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، سعيد صالحي، أن "ما جرى صادم حقاً، فبعدما استنكرنا مراراً إغلاق الوصول إلى العاصمة، يعلن أنه أعطى تعليمات بمنع الوصول إلى العاصمة".
وأضاف أن هذا القرار "غير قانوني"، ويكفل الدستور للمواطنين الجزائريين المساواة في ما بينهم وحرية التنقل. وقال إن القرار يفتح الباب أمام التمييز بين الجزائريين استناداً إلى لوحات مركباتهم.
في المقابل، يتخوف الشعب الجزائري من استغلال أطراف معادية للوضع "المتأزم" لإشعال فتيل المواجهات ونار الفوضى، من خلال تأويل تصريحات قائد الأركان، وهو الوضع الذي تسعى جهات داخلية وأطراف خارجية للوصول إليه، لإعادة البلاد إلى ما كانت عليه سابقاً، وإنقاذ العصابة وأذنابها، وإعادة ترتيب الأمور وفق أجندتها ومخططاتها.
وهوما بدأت ملامحه تظهر بعد ترويج أخبار عن غضب شعبي مرتقب في الجمعة الـ 31، للرد على قائد الأركان، بينما راحت مواقع إلكترونية محسوبة على العصابة، تدفع إلى المواجهة بين الشعب والأمن، برفعها عنوان "لا خوف في سبيل الحرية"، و "البلد بلدنا ونعمل ما يحلو لنا"، فيما حركت قنوات فضائية خارجية أدواتها لتحميس الشباب على تجاهل التحذيرات.
التيار النافذ في منطقة القبائل؟
يعتبر البرلماني السابق والناشط السياسي خوجة الأرقم، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن المقصود واضح في خطاب قائد الأركان، وهو التيار النافذ في منطقة القبائل.
ويقول إن الأمر ذاته، شهدته الجزائر العاصمة مع المسيرة الشهيرة التي نظمتها حركة العروش بتاريخ 14 يونيو (حزيران) 2001، مبرزاً أن الصراع على أشده بين قيادة المؤسسة العسكرية وغرمائها النافذين بمنطقة القبائل.
أما بخصوص رد الفعل، فتوقع الأرقم، أن يقل عدد المشاركين من منطقة القبائل، بيد أن زخم الحراك سيتصاعد، لا سيما بحواضر المنطقة، و"لكن آمل ألا يتطور التجاذب إلى ما لا يحمد عقباه، وهي الفرصة التي ينتظرها عدو الأمس واليوم، ليدخل على خط التعفين، لا سيما أنه أحس بخطر تقلص نفوذه في كاليفورنيا أفريقيا أي الجزائر".
وأشار إلى أن المسألة ليست بسيطة، فالتيار يشعر بوجود تهديد خطير لنفوذه في الإدارة وقطاعي المال والإعلام، لذلك يتوقع أن يصعد الوضع، وعلى قدر رد فعل الغريم النافذ اليوم، ستحدد ملامح النزال، آملاً بـ"ألا يتطور التجاذب ليتخذ مسارات عنيفة".
وخلص الأرقم إلى أن هذا اللون من العصابة عزز نفوذها وزادت سطوتها في غفلة من الجزائريين، أي حين كانوا منشغلين بالتبعات الكارثية لسنوات الجمر والجنون خلال التسعينيات، و"لولا بعض التحولات التي لم تكن في الحسبان، لأطبقت سيطرتها على الجزائر بالكامل".
قتلى في مواجهات غرب البلاد
ارتفعت حدة المخاوف بعد مقتل شخصين في صدامات وقعت ليل أمس، بين محتجين وقوات الأمن بمنطقة غليزان غرب الجزائر، حيث دفعت وفاة مراهق وجرح آخر في حادث مرور مع سيارة للشرطة، السكان إلى قطع الطرق بالحجارة والمتاريس وإشعال العجلات المطاطية، ما أدى بقوات الأمن إلى التدخل لمنع عرقلة حركة السير، لتندلع مواجهات عنيفة أدت إلى تسجيل جرحى في الطرفين.
وأعلنت وزارة الداخلية، إيفاد لجنة تحقيق من قبل المديرية العامة للأمن بغية التقصي "حول الظروف وملابسات الحادث إلى جانب تحديد المسؤوليات".