ملخص
تصاعد العنف في مدينة الفاشر بعد إعلان الحركات المسلحة، التي كانت وقعت على اتفاق سلام تاريخي مع الحكومة السودانية في 2021 بجوبا، أنه "لا حياد بعد الآن"، مؤكدة أنها "ستقاتل مع حلفائها والوطنيين وقواتها المسلحة ضد ميليشيات الدعم السريع وأعوانها من المأجورين".
أعربت مسؤولة كبيرة في الأمم المتحدة ، فجر اليوم الأحد، عن قلقها حيال تقارير عن استخدام "أسلحة ثقيلة" في القتال الدائر بمدينة الفاشر السودانية.
وقالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان كليمنتين نكويتا سلامي، إن مدنيين أصيبوا بجروح نقلوا على أثرها إلى مستشفى الفاشر بينما "وجد مدنيون آخرون أنفسهم عالقين وسط معارك عنيفة عندما كانوا يحاولون الفرار" من المدينة الواقعة في إقليم دارفور.
وأضافت سلامي في بيان على منصة "إكس" أن "استخدام أسلحة ثقيلة وشن هجمات في المناطق المكتظة بالسكان وسط الفاشر ومحيطها" يتسببان في "سقوط كثير من الضحايا"، داعية "جميع الأطراف" إلى تجنيب المدينة القتال.
وشددت المسؤولة الأممية على أن أعمال العنف هذه "تهدد حياة أكثر من 800 ألف شخص يعيشون" في المدينة.
الحركات المسلحة
وتضم الفاشر مجموعتين رئيستين من حركات التمرد المسلحة وقد تعهدتا في بداية الحرب الوقوف على مسافة واحدة من طرفي النزاع، مما جنبها حتى الأمس القريب الانزلاق إلى القتال.
وتصاعد العنف في المدينة بعد إعلان الحركات المسلحة التي كانت وقعت على اتفاق سلام تاريخي مع الحكومة السودانية في 2021 بجوبا، في بيان أنه "لا حياد بعد الآن"، مؤكدة أنها "ستقاتل مع حلفائها والوطنيين وقواتها المسلحة ضد ميليشيات الدعم السريع وأعوانها من المأجورين".
ودفع تصاعد القتال في شمال دارفور مجلس الأمن الدولي إلى الإعراب عن "قلقه العميق" إزاء ما يجري بالفاشر.
واندلعت الحرب في السودان في 15 أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات "الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو.
والفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور تعتبر مركزاً رئيساً للمساعدات في الإقليم الواقع في غرب السودان، الذي يعيش فيه ربع سكان البلاد البالغ عددهم 48 مليون نسمة.
وتضم المدينة عدداً كبيراً من اللاجئين وقد بقيت حتى الآن، نسبياً، في منأى من المعارك، لكن القرى المحيطة بها تشهد معارك منذ منتصف أبريل.
والفاشر هي الوحيدة بين عواصم ولايات دارفور الخمس التي لا تسيطر عليها قوات "الدعم السريع".
"تطهير عرقي"
والخميس، اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قوات "الدعم السريع" في السودان بارتكاب "تطهير عرقي" وعمليات قتل "مما قد يشير إلى أن إبادة جماعية حدثت أو تحدث" ضد جماعة المساليت العرقية الأفريقية في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور.
ونشرت المنظمة الحقوقية ومقرها في نيويورك تقريراً من 186 صفحة بعنوان "المساليت لن يعودوا إلى ديارهم: التطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية في الجنينة"، في إشارة إلى ما تتعرض له المجموعة العرقية غير العربية الأبرز في غرب دارفور التي تتخذ من مدينة الجنينة عاصمتها التاريخية.
ويوثق التقرير، وفقاً لـ"هيومن رايتس ووتش"، "استهداف قوات "الدعم السريع" مع الميليشيات العربية لأحياء الجنينة التي تسكنها غالبية من المساليت، في موجات متواصلة من الهجمات في الفترة من أبريل (نيسان) إلى يونيو (حزيران)، وتصاعد الانتهاكات مرة أخرى في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني)".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب التقرير، فإن "الهجمات التي شنتها قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور السودانية أدت إلى مقتل ما لا يقل عن آلاف الأشخاص وتركت مئات الآلاف لاجئين"، مشيرة إلى فرار أكثر من نصف مليون لاجئ من غرب دارفور إلى تشاد بين أبريل وأواخر أكتوبر (تشرين الأول) 2023، "75 في المئة منهم من الجنينة".
وأكدت المنظمة غير الحكومية أن "استهداف المساليت وغيرهم من المجتمعات غير العربية بهدف واضح هو دفعهم إلى مغادرة المنطقة بشكل دائم، يشكل تطهيراً عرقياً".
ونقل التقرير عن المديرة التنفيذية للمنظمة الحقوقية، تيرانا حسن قولها "إن السياق الخاص الذي وقعت فيه عمليات القتل الواسعة النطاق يثير أيضاً احتمال أن تكون لدى قوات الدعم السريع وحلفائها نية تدمير المساليت كلياً أو جزئياً في غرب دارفور في الأقل، مما قد يشير إلى أن إبادة جماعية حدثت أو تحدث هناك".
وأضافت المنظمة في تقريرها أن "احتمال ارتكاب جرائم إبادة جماعية في دارفور يتطلب تحركاً عاجلاً من جميع الحكومات والمؤسسات الدولية لحماية المدنيين، وينبغي لها ضمان التحقيق في ما إذا كانت الوقائع تظهر نية محددة من جانب قيادة قوات الدعم السريع وحلفائها لتدمير المساليت وغيرهم من المجتمعات العرقية غير العربية في غرب دارفور".
وناشدت حسن "الحكومات والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة التحرك الآن لحماية المدنيين".
خطر متصاعد
وفي السياق نفسه حذرت منظمة "يونيسف" التابعة للأمم المتحدة من أن الهجوم على الفاشر سيعرض مئات الآلاف من الأطفال للخطر.
وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة كاثرين راسل، في بيان الأسبوع الماضي، إن "تصاعد القتال في ولاية شمال دارفور بالسودان أدى إلى خسائر بشرية مميتة بين الأطفال في الأسابيع الأخيرة". وأضافت أن "التهديد الوشيك بشن هجوم عسكري على الفاشر يهدد بتصعيد كارثي، ما يعرض حياة ورفاهية 750 ألف طفل وربما ملايين آخرين للخطر".
وأفادت راسل بأن "تطويق الفاشر من قبل الجماعات المسلحة والقيود المفروضة على الحركة على الطرق الرئيسة خارج المدينة تمنع العائلات من المغادرة"، مشيرة إلى "تقارير تفيد بأن أكثر من 330 ألف شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد" في عاصمة شمال دارفور.
وكانت المحكمة الجنائية الدولية باشرت في 14 يوليو (تموز) 2023 تحقيقاً حول جرائم حرب محتملة في دارفور لا سيما أعمال عنف جنسية واستهداف مدنيين استناداً إلى انتمائهم العرقي.