ملخص
كانت الحكومة المصرية تعلق آمالها على أن تتسبب إجراءات توحيد أسعار صرف الدولار والقضاء على السوق الموازية للعملة وتوقيف المضاربين وتجار العملة، في توقف ارتفاعات الأسعار وعودتها إلى معدلاتها الطبيعية
في محاولة للسيطرة على جنون أسعار السلع، تستعد الحكومة المصرية لحصر جميع السلع المسؤولة عن ارتفاع معدلات التضخم، إذ تشهد البلاد موجة غير مسبوقة من ارتفاعات أسعار جميع السلع والخدمات والتي كان يربطها بعض التجار بأزمة شح الدولار وارتفاع أسعار الصرف بنسب غير منطقية في السوق السوداء.
وكانت الحكومة المصرية تعلق آمالها على أن تتسبب إجراءات توحيد أسعار صرف الدولار والقضاء على السوق الموازية للعملة وتوقيف المضاربين وتجار العملة، في توقف ارتفاعات الأسعار وعودتها إلى معدلاتها الطبيعية، لكن منذ القرار الأخير في السادس من مارس (آذار) الماضي بخفض قيمة الجنيه مقابل الدولار والعملات الأجنبية والعربية، وعلى رغم استقرار أسعار صرف الدولار عند مستوى 47 إلى 48 جنيهاً، فلم تشهد أسواق التجزئة تراجعات كبيرة في الأسعار، مما دفع الحكومة المصرية إلى البحث عن السلع التي تقود معدلات التضخم إلى الارتفاع.
وتشير البيانات الرسمية إلى انخفاض المعدل السنوي للتضخم العام في الحضر المصري ليسجل مستوى 32.5 في المئة خلال شهر أبريل (نيسان) 2024، مقابل 33.3 في المئة خلال شهر مارس السابق عليه.
ويعود التباطؤ إلى انكسار النمط التصاعدي لمعدل تضخم السلع الغذائية الذي لوحظ منذ عام 2021، إضافة إلى الأثر الإيجابي لفترة الأساس.
ما السلع التي تتحمل مسؤولية ارتفاع معدل التضخم؟
وخلال اجتماع لجنة ضبط الأسواق وأسعار السلع بالحكومة المصرية، أكد وزير التموين والتجارة الداخلية علي المصيلحي، حرص وزارته على المتابعة الدورية لملف ضبط الأسواق وأسعار السلع، لما يمثله من أهمية كبيرة.
أضاف "أتابع بانتظام مع الزملاء من الحكومة والأمانة الفنية الجهود المبذولة لخفض أسعار مختلف السلع على مستوى الجمهورية، بعد الإجراءات التي اتخذتها الدولة في الفترة الأخيرة، وتضمنت توفير النقد الأجنبي والإفراج عن مزيد من السلع والبضائع من الجمارك".
وجدد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي تأكيد المتابعة المستمرة للملف من جانب مختلف جهات وأجهزة الدولة المعنية، للتأكد من توفير السلع والبضائع بكميات وأسعار مخفضة، تلبية لحاجات المواطنين، مشيراً إلى التكليف الصادر لمختلف الجهات الرقابية لمتابعة الأسواق بصورة يومية، واتخاذ الإجراءات ضد أي مخالفات يتم رصدها.
وأشار رئيس الحكومة إلى أنه طلب من وزيرة التخطيط تحديد السلع التي من شأنها أن تسهم في ارتفاع معدلات التضخم، بهدف التعامل مع هذه السلع، قائلاً "هدفنا جميعاً هو انخفاض معدلات التضخم، وهذا في مصلحتنا جميعاً". وقال إن الفترة المقبلة ستشهد عقد مزيد من الاجتماعات واللقاءات مع مسؤولي اتحاد الدواجن، بهدف الوصول إلى تخفيضات حقيقية في هذا القطاع، ومسؤولي قطاع الخضراوات والفواكه، مؤكداً الاستمرار في جهود زيادة منافذ البيع لمختلف تلك المنتجات والسلع، حتى لا يتم رفع الأسعار من خلال السلاسل الوسيطة.
وخلال الاجتماع أشارت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية هالة السعيد إلى المتابعة المستمرة لمؤشرات التضخم، موضحة أن هذه المؤشرات سجلت لأول مرة هذا الشهر انخفاضاً بصورة بسيطة. واستعرضت تطور معدلات التضخم العام والأساس، وتناولت أبرز العوامل المؤثرة في معدلات التضخم السنوية، إذ أشارت في هذا الصدد إلى أهم المجموعات السلعية التي أسهمت في التضخم السنوي خلال شهر أبريل 2024 مقارنة بالشهر المناظر من العام الماضي.
وأشارت الوزيرة إلى أن الوزن النسبي لهذه المجموعات السلعية مجتمعة بلغ نحو 57.7 في المئة في الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين، من ثم فإن معدلات الارتفاع الشهرية التي شهدتها تلك المجموعات السلعية كانت الأكثر تأثيراً في معدل التضخم الشهري، فيما أشار وزير التموين إلى أن مختلف التقارير وأعمال الرصد الميداني تؤكد أن هناك إتاحة ووفرة للسلع بمختلف الأسواق، وحدوث مزيد من الانخفاض في أسعار السلع، ضارباً المثل بأسعار عدد من السلع التي شهدت انخفاضاً أخيراً.
ضرورة خفض التضخم لضبط أسعار الفائدة
وأكد رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية أحمد الوكيل أن الجميع يتفق على أهمية العمل على خفض معدلات التضخم، لما لذلك من مصلحة لمختلف الأطراف، حتى يتم خفض الفوائد في البنوك، مشيراً إلى أن معظم رأس المال العامل ممول من البنوك، لافتاً إلى استمرار تنفيذ الاتفاق مع الشعبة العامة للمخابز باتحاد الغرف التجارية على خفض أسعار الخبز السياحي بنسبة من 30 إلى 45 في المئة.
وخلال الاجتماع، شدد الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية علاء عز على أن هناك وفرة واضحة لجميع السلع الأساسية وغيرها، وذلك بعد ما شهدناه أخيراً من إفراجات جمركية تجاوزت ثمانية مليارات دولار، لافتاً إلى المنافسة التي بدأت بين المنتجين والمستوردين والسلاسل التجارية سواء من خلال خفض الأسعار أو الإعلانات، مضيفاً استمرار انخفاض أسعار الجملة لمختلف السلع الأساسية، الذي تجاوز 40 في المئة في المتوسط، وهو ما أدى إلى استمرار انخفاض أسعار التجزئة، وبدأت كل أسواق التجزئة الصغرى (البقالين) في الانخفاض مع انتهاء الأرصدة بالأسعار السابقة، ومتوقع استمرار الانخفاض لتتماشى مع السلاسل التجارية واستمرار التخفيض من المنتجين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأظهر الرصد الميداني لأسعار السلع الاستراتيجية وتطورها بالمقارنة بمستويات الأسعار قبل إطلاق المبادرة، إلى تخفيضات سعرية واضحة على مستوى السلاسل التجارية منذ إطلاق المبادرة، تراوحت ما بين 14.4 و26.4 في المئة بما انعكس نسبياً على أسعار محال التجزئة، التي سجلت السلع الاستراتيجية بها انخفاضات تراوحت نسبتها ما بين 4.7 و25.3 في المئة.
وبلغت المتوسطات العامة لانخفاض أسعار السلع نحو 20.5 في المئة للسكر المعبأ، و20.1 في المئة للرز المعبأ، و19.1 في المئة للفول المعبأ، و26.4 في المئة لزيت الطعام، و17 في المئة للمعكرونة المعبأة، و14.4 في المئة للبن المعبأ، في حين بلغ فيما يخص الجبن الأبيض 21.7 في المئة.
كيف تحركت معدلات التضخم في أبريل؟
وقبل أيام أعلن البنك المركزي المصري انخفاض المعدل السنوي للتضخم العام في الحضر ليسجل 32.5 في المئة خلال شهر أبريل 2024، مقابل 33.3 في المئة خلال مارس 2024، ويعود التباطؤ إلى انكسار النمط التصاعدي لمعدل تضخم السلع الغذائية الذي لوحظ منذ عام 2021، إضافة إلى الأثر الإيجابي لفترة الأساس. وأشار إلى انخفاض التضخم السنوي للسلع الغذائية ليسجل 40.5 في المئة خلال أبريل 2024، مدفوعاً بانخفاض أسعار السلع الغذائية الأساسية ويعتبر ذلك أقل معدل له منذ ديسمبر 2022، بعد بلوغ ذروته خلال سبتمبر (أيلول) 2023 عند 73.6 في المئة.
وارتفع المعدل السنوي لتضخم السلع غير الغذائية ليسجل 27.3 في المئة خلال أبريل 2024 مقابل نحو 25.7 في المئة خلال مارس 2024، ويأتي الارتفاع في المعدل السنوي لتضخم السلع غير الغذائية تزامناً مع إعلان لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية عن رفع أسعار منتجات الوقود خلال اجتماعها في الـ22 من مارس 2024.
وشهد المعدل السنوي للتضخم الأساس تباطؤاً في أبريل 2024 ليسجل 31.8 في المئة مقابل 33.7 في المئة خلال شهر مارس 2024، وهو ما يعكس انخفاض إسهام السلع الغذائية الأساسية في التضخم الأساس، ويأتي ذلك متسقاً مع المعدل الشهري للتضخم الأساس الذي سجل 0.3 في المئة خلال أبريل 2024 مقابل 1.7 في المئة خلال الشهر ذاته من العام الماضي.
وسجل المعدل الشهري للتضخم العام نحو 1.1 في المئة خلال أبريل 2024 مقابل 1.7 في المئة خلال الشهر ذاته من العام الماضي و1 في المئة خلال مارس 2024، ويشير تراجع وتيرة الزيادة الشهرية في معدلات التضخم خلال شهري مارس وأبريل 2024 مقارنة بفبراير (شباط) 2024 (11.4 في المئة) إلى عودة تطورات التضخم إلى معدلاتها المعتادة، ويأتي ذلك متسقا مع تسجيل أسعار السلع الغذائية الأساسية أقوي تراجع لها خلال الأربع سنوات الماضية مما يفسر الإسهام السالب في معدل التضخم الشهري.